الحراك الجزائري يتشبث في الجمعة الـ52 بـ«انسحاب الجيش من السياسة»

البرلمان وافق على مخطط حكومة جراد

جانب من المظاهرات الشعبية التي شهدتها شوارع العاصمة الجزائرية أمس (إ.ب.أ)
جانب من المظاهرات الشعبية التي شهدتها شوارع العاصمة الجزائرية أمس (إ.ب.أ)
TT

الحراك الجزائري يتشبث في الجمعة الـ52 بـ«انسحاب الجيش من السياسة»

جانب من المظاهرات الشعبية التي شهدتها شوارع العاصمة الجزائرية أمس (إ.ب.أ)
جانب من المظاهرات الشعبية التي شهدتها شوارع العاصمة الجزائرية أمس (إ.ب.أ)

شارك أمس آلاف الجزائريين في مسيرة الجمعة الـ52، بعد مرور عام على بدء الاحتجاجات الأسبوعية للمطالبة بإصلاح شامل للنخبة الحاكمة، ووضع حد للفساد وانسحاب الجيش من السياسة. ورغم الوجود الكثيف للشرطة، رددت الحشود في وسط العاصمة هتافات تؤكد استمرار الاحتجاجات.
وخلال العام المنصرم، غير المحتجون وجه السلطة في الجزائر، حيث أطاحوا بالرئيس المخضرم عبد العزيز بوتفليقة، وأعقب ذلك اعتقال عشرات الشخصيات البارزة، بمن فيهم رئيس جهاز المخابرات السابق بعدما كان لا يمكن المساس به من قبل. ورغم أن الرئيس الجديد أفرج عن أشخاص تم احتجازهم في الاحتجاجات، وأنشأ لجنة لتعديل الدستور، وعرض إجراء محادثات مع المعارضة، فلا يزال كثيرون من النخبة الحاكمة القديمة في مواقعهم.
وتطالب الاحتجاجات التي تعرف باسم الحراك ولا يوجد لها قائد محدد، بمزيد من التنازلات، بما في ذلك إطلاق سراح عدد أكبر من النشطاء، ورحيل مزيد من الشخصيات البارزة من السلطة.
وقال الطالب يزيد شابي خلال مشاركته أمس في مظاهرات العاصمة لوكالة «رويترز»: «حراكنا لا يكل. ونحن على استعداد لمواصلة المسيرات لعدة أشهر لأن الجزائريين لا يحصلون سوى على الوعود. لم يتحسن شيء في السنوات الأخيرة بسبب استمرار الفساد»». لكن مقارنة بأعداد المحتجين خلال الأسابيع الماضية، فإن عدد المتظاهرين الذين يواصلون المشاركة في المسيرات كل أسبوع انخفض بشكل ملحوظ.
وردد المتظاهرون في الجمعة الـ52، للحراك الشعبي الشعارات نفسها الداعية إلى رحيل رموز النظام المتورطين في الفساد السياسي والمالي، مع رفض أي مراوغات تحت شعار «ثورتنا ولدت لتنتصر»، مطالبين بإطلاق سراح جميع موقوفي الحراك.
وعلى غرار الجمعات السابقة تم تسجيل إجراءات أمنية مشددة، حيث تم غلق كل المنافذ المؤدية إلى البريد المركزي، وأقفلت جل الشوارع والساحات بواسطة عربات نقل ومدرعات الشرطة، وحاجز بشري مكثف من أفراد مكافحة الشغب، كما شهد حي بلوزداد إنزالا أمنيا غير مسبوق.
وشهدت احتجاجات أمس عودة ملحوظة لمختلف شرائح المجتمع، أطفالا وشيوخا وشبابا ونساء، حيث رفع المتظاهرون لافتات تعبر في مجملها عن رفض الوضع الحالي للمواطن على جميع الأصعدة، وتأييد واضح للحكم القاضي بـ15سنة للثلاثي السعيد توفيق، والجنرالين توفيق وطرطاق.
وفي تلمسان تواصل الحراك لجمعة جديدة، تضاف إلى جمعات متواصلة منذ ما يقارب العام، وكان جديد حراك أمس هو إطلاق سراح الموقوفين الذين تمّ تقديم موعد محاكماتهم ليوم الخميس، وطالب حراك تلمسان أمس بمزيد من الحريات.
كما جاب المتظاهرون شوارع عاصمة الحماديين بجاية، انطلاقا من دار الثقافة مرورا بساحة حرية التعبير «سعيد مقبل»، بشعار «أولاش السماح أولاش»، حيث أصر المشاركون، في مسيرة الجمعة 52 على ضرورة رحيل، ومحاسبة كل رموز النظام السابق، من صغيرهم إلى كبيرهم بشعار «الكل يحاسب».
ودعا المتظاهرون إلى محاسبة كل أفراد المنظومة الفاسدة، التي أنشأها الرئيس السابق طوال مدة حكمه، مع ضرورة الشروع في استرجاع الأموال المنهوبة، وحجز الممتلكات المشبوهة. كما أصر المشاركون في مسيرة بجاية على ضرورة إطلاق سراح موقوفي الحراك، وعلى بناء دولة الحق والقانون التي تضمن العدالة الاجتماعية للجميع.
من جهة ثانية، صادق المجلس الشعبي الوطني الجزائري مساء أول من أمس على مخطط عمل حكومة عبد العزيز جراد بعد ثلاثة أيام من المناقشة، في انتظار عرضها على مجلس الأمة الأحد المقبل، في الوقت الذي تحفظ فيه البعض على مدة مناقشته لكونه «غير كاف تماما نظرا لحساسية الوضع الذي تمر به الجزائر». وانعقد بمقر البرلمان الجزائري، أول من أمس، لقاء جمع رئيس المجلس الشعبي سليمان شنين، ورؤساء المجموعات البرلمانية مع الوزير الأول عبد العزيز جراد، قبيل انعقاد الجلسة الموسعة للمجلس الشعبي الوطني.
وحرص الوزير الأول خلال لقائه مع رؤساء المجموعات البرلمانية على إعطاء تطمينات لأخذ ثقة النواب خلال التصويت، تفاديا لسيناريو إسقاط الحكومة من خلال رفض مخطط عملها.
وللإشارة، يفرض دستور البلاد أن يقدم الوزير الأول مخطط عمل الحكومة إلى المجلس الشعبي الوطني لمناقشته والموافقة عليه. كما تنص المواد على أنه «في حال عدم موافقة المجلس الشعبي الوطني على مخطط عمل الحكومة، يرشح رئيس الجمهوريّة من جديد وزيرا أول حسب الكيفيات نفسها».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.