«النواب» المصري يرفض تعليق البرلمان الأوروبي حول احتجاز ناشط حقوقي

اعتبرها تدخلاً غير مقبول في الشأن الداخلي وطالبه بتحري الدقة

TT

«النواب» المصري يرفض تعليق البرلمان الأوروبي حول احتجاز ناشط حقوقي

رد مجلس النواب المصري (البرلمان) أمس، على تعليق البرلمان الأوروبي، حول احتجاز «مواطن مصري». وأعلن رئيس مجلس النواب المصري، الدكتور علي عبد العال، «رفضه الشديد للتصريحات الصادرة عن رئيس البرلمان الأوروبي، عن حالة أحد المواطنين المصريين»، معتبراً «التصريحات تدخلاً غير مقبول في الشأن الداخلي المصري، ويمثل اعتداء مرفوضاً شكلاً وموضوعاً على السلطة القضائية المصرية وعلى إجراءات سير العدالة».
وكانت وكالة الأنباء الرسمية المصرية، قد أفادت قبل أيام، بأن «النيابة العامة قررت حبس أحد النشطاء لمدة 15 يوماً». ونقلت الوكالة المصرية، عن مصدر أمني لم تسمه أن «المتهم يدعى باتريك زكي سليمان، مصري الجنسية، وتم إلقاء القبض عليه تنفيذاً لقرار النيابة العامة بضبطه وإحضاره». وذكرت «المبادرة المصرية للحقوق الشخصية»، وهي منظمة غير حكومية، حينها أن «باتريك يعمل معها، وتم توقيفه بعد عودته من إيطاليا، بناءً على مذكرة توقيف في سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، وكان حينها (خارج مصر)».
وقال الدكتور عبد العال في بيان له أمس، إن «مثل هذه التصريحات غير المبررة، وغير المقبولة، لا تُشجع على أي حوار بين المؤسستين البرلمانيتين»، مستنكراً «استباق البرلمان الأوروبي للأحداث والافتيات على سلطة النيابة العامة المصرية المستقلة»، مضيفاً أنه «من خلال متابعته لموقف المواطن المذكور، فقد تبين أنه سبق اتخاذ الإجراءات القانونية حياله من قبل النيابة العامة، في سبتمبر الماضي، في وقائع تشكل جرائم في القوانين العقابية المصرية، وأنه تم ضبطه في 8 فبراير (شباط) الحالي عند وصوله للبلاد، قادماً من إيطالياً، نفاذا لأمر قضائي، حيث تمت كفالة جميع الضمانات الدستورية والقانونية له، وقد اتخذت النيابة العامة قرارها تجاهه وفق السلطات المخولة لها».
وأكدت النائبة مارجريت عازر، وكيل لجنة «حقوق الإنسان» بمجلس النواب، أن «إجراءات التوقيف والاحتجاز في مصر تتم وفق الإجراءات القانونية، بتعاون كامل بين الشرطة المدنية والنيابة العامة، ولا توجد حالات احتجاز خارج إطار القانون»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط» أن «مثل هذه الادعاءات، لن تثني مصر عن المضي قدماً في طريق التنمية والتحول الديمقراطي».
وكان البرلمان الأوروبي قد أصدر قراراً في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، «انتقد فيه توقيف نشطاء» على خلفية مظاهرات محدودة وقعت في سبتمبر الماضي بمصر. داعياً حينها إلى «الإفراج الفوري عن جميع السجناء».
من جهته، أبدى رئيس مجلس النواب المصري أمس، تعجبه من أن «يكون مضمون التصريحات حثاً من رئيس البرلمان الأوروبي على عدم تطبيق القانون على كل من يرتكب جريمة من الجرائم - على حد وصفه -، بما يتناقض مع ما ينادي به الجانب الأوروبي دائماً بأهمية احترام سيادة القانون».
وعبر رئيس البرلمان المصري عن أسفه على «اعتماد رئيس البرلمان الأوروبي في تصريحه على أحاديث مرسلة، ومعلومات مغلوطة وغير صحيحة لمنظمات تفتقد للمصداقية، ولا تستند إلى دلائل واضحة»، موضحاً أن «مصر سبق أن أعلنت مراراً عن رفضها القاطع لادعاءات تلك المنظمات - التي وصفها بالمغرضة - التي تحركها مواقف سياسية، ولها مصلحة خاصة في تشويه صورة مصر»، مشدداً على أن «المتهم المذكور يتمتع بحقوقه كافة كسائر المتهمين الآخرين دون تمييز»، مؤكداً «التذكير باحترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، واحترام مبدأ استقلال السلطة القضائية، وعدم التدخل في شؤون العدالة وسير القضايا، وضرورة تحري الدقة الكاملة قبل إلقاء الاتهامات جزافاً، ومنح مساحة لتناول المسائل من منظور شامل يتضمن ما يتم تحقيقه من خطوات ملموسة في مجال تعزيز الحريات وحقوق الإنسان في البلاد».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.