الاقتصاد البريطاني يرسل إشارات متناقضة في دوامات «بريكست»

مؤشرات سلبية تقابلها أخرى إيجابية على وقع اللايقين

راوح الاقتصاد البريطاني مكانه في الربع الأخير من 2019 مع استمرار حالة اللايقين بسبب «بريكست» (رويترز)
راوح الاقتصاد البريطاني مكانه في الربع الأخير من 2019 مع استمرار حالة اللايقين بسبب «بريكست» (رويترز)
TT

الاقتصاد البريطاني يرسل إشارات متناقضة في دوامات «بريكست»

راوح الاقتصاد البريطاني مكانه في الربع الأخير من 2019 مع استمرار حالة اللايقين بسبب «بريكست» (رويترز)
راوح الاقتصاد البريطاني مكانه في الربع الأخير من 2019 مع استمرار حالة اللايقين بسبب «بريكست» (رويترز)

تباطأ النمو الاقتصادي البريطاني مع نهاية عام 2019، والسبب الأول هو تراجع الإنتاج الصناعي، بفعل حالة اللايقين التي رافقت «أزمة» الخروج من الاتحاد الأوروبي، خصوصاً الأزمة الحكومية والسياسية التي سادت في الأشهر الأخيرة من العام، ولم تنقشع الرؤية قليلاً إلا بعد انتخابات منتصف ديسمبر (كانون الأول). لكن على مدار كامل عام 2019 تماسك الاقتصاد وقاوم نسبياً ليسجل نمواً بلغ 1.4%، أي بمعدل أعلى من معدل نمو الاتحاد الأوروبي.
فوفقاً للمكتب الوطني للإحصاءات، راوح الاقتصاد مكانه في الربع الرابع من 2019، بنمو شبه معدوم قريب من الصفر مقابل 0.5% في الربع الثالث. ومع ذلك أكد محللون أن تلك المراوحة في الأشهر الأخيرة من السنة كان يمكن أن تكون أسوأ من ذلك بكثير بسبب التقلبات والتجاذبات السياسية الحادة التي حصلت، وأوحت بأن الوضع اقترب من حد الهشاشة.
ويقول محلل في شركة «كريسمون بلاك كابيتال»: «في المحصلة، خرجنا بأقل الخسائر، لا بل حصل ما لم نتوقعه، وهو التماسك الاقتصادي النسبي في موازاة الهزات السياسية العنيفة». ويوافقه الرأي محلل في بنك «باركليز» يؤكد أن «التوقعات للنصف الثاني من العام الماضي كانت سيئة جداً، فإذا بالنتيجة أقل سوءاً مما توقعنا، وهذه مفاجأة لأن الاقتصاد البريطاني في خضم تداعيات (بريكست) وسيبقى كذلك لعدة سنوات مقبلة»... ومع ذلك، يرى المحللون أن الاقتصاد يرسل إشارات متناقضة، بين مؤشرات سلبية تقابلها أخرى إيجابية في مناخ لايقين عام!
وبين أسباب ذلك «التماسك» بنظر المحللين الإنفاق الحكومي الذي ارتفع 2.1% خلال فترة تحضير الانتخابات، علماً بأن ارتفاع ذلك الإنفاق كان على قدم وساق خلال كامل العام ليسجل نمواً نسبته 4.4%، ومع ذلك لم تحصل طفرة نمو اقتصادي توازي ذلك الإنفاق العام «السخي».
وفي التفاصيل الأخرى، فإن التراجع الحاصل في الإنتاج الصناعي لا سيما صناعة السيارات قابله صعود في أنشطة الخدمات والبناء والتشييد. وفي كامل عام 2019، كان النمو الاقتصادي الإجمالي مفاجأة أيضاً، وبمعدل أعلى من سابقه عام 2018 (1.4% مقابل 1.3%)، وهذا يعد إنجازاً بالنسبة إلى الاقتصاديين بالنظر إلى سنة كانت مليئة بالتوقعات السيئة المتصلة بمخارج قضية «بريكست». فمنذ بداية العام الماضي كان التشاؤم النسبي سيد الموقف، إذ أقدمت شركات في الفصل الأول من السنة على زيادة تخزين السلع والمواد الأولية، تحوطاً لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بلا أي اتفاق، كما كانت التوقعات في شهر مارس (آذار) الماضي. وذلك التخزين أعقبه انكماش في الربع الثاني من العام.
على صعيد الاستثمارات، فإن تردد الشركات كان مبرَّراً لأن «بريكست» تقلبت توقعاته بين الفترة من مارس إلى أكتوبر (تشرين الأول) 2019 ويناير (كانون الثاني) 020.... لكن المحللين يرون أن فوز بوريس جونسون بالانتخابات ودخول «بريكست» حيز التنفيذ اعتباراً من 31 يناير الماضي من المبررات التي تدعو إلى وضوح الرؤية أكثر وتراجع اللايقين، بحيث تعود الاستثمارات إلى واقع أكثر وضوحاً في الخيارات والقرارات ذات الصلة. لا بل هناك توقعات بانتعاش الاستثمار في بريطانيا هذه السنة، علماً بأن المفاوضات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، التي ستبدأ الشهر المقبل وتمتد حتى نهاية العام بحثاً عن «اتفاق تجاري ما»، تبدو غير محسومة النتائج، ولم يظهر أي مؤشر يدل حتى الآن على إمكان الخروج بنتائج مُرضية للطرفين.
إلى ذلك، هناك علامات ضعف أخرى، مثل تلك التي أشار إليها مكتب الإحصاءات الوطنية على صعيد إنفاق الأسر. فذلك الإنفاق الذي دعم الاقتصاد بعد استفتاء «بريكست» في يونيو (حزيران) عام 2016، عاد ليهبط إلى أدنى مستوى له منذ 4 سنوات. فلأول مرة منذ عقود باتت الأسر تدّخر أكثر مما تستهلك، علماً بأن سوق العمل ناشطة والأجور ترتفع نسبياً. وبرأي المحللين فإن هذا التراجع غير مبرَّر اقتصادياً وغير مفهوم على المستوى النفسي والاجتماعي، ولا يشير إلا إلى خوف كبير من المستقبل. وينتظر المحللون نهاية الفصل الأول من العام الحالي لمعرفة ما إذا كان الأمر عميقاً ومستداماً ومقلقاً؛ أم فصلياً موسمياً عابراً.
على صعيد آخر، فإن لجنة السياسات النقدية في بنك إنجلترا (المركزي البريطاني) تتوقع نمواً للاقتصاد البريطاني لا يتحاوز 1.1% سنوياً في المتوسط العام للسنوات الثلاث المقبلة، علماً بأن توقعات 2020 هي 0.8% بدلاً من 1.2%، وفي 2021 نحو 1.4%، وفي 2022 نحو 1.7%. وتعد هذه التوقعات الأسوأ لبنك إنجلترا المركزي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، ما يشير أيضاً إلى أن الاقتصاد البريطاني مستمر في خضم تداعيات «بريكست».



أميركا وأوروبا ودول أخرى ترفع التمويل المناخي للدول النامية إلى 300 مليار دولار

رجل يحمل حقيبة سفر بالقرب من مدخل مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP29 في باكو (رويترز)
رجل يحمل حقيبة سفر بالقرب من مدخل مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP29 في باكو (رويترز)
TT

أميركا وأوروبا ودول أخرى ترفع التمويل المناخي للدول النامية إلى 300 مليار دولار

رجل يحمل حقيبة سفر بالقرب من مدخل مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP29 في باكو (رويترز)
رجل يحمل حقيبة سفر بالقرب من مدخل مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP29 في باكو (رويترز)

وافق الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودولاً غنية أخرى، خلال قمة الأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ (كوب29) على زيادة عرضها لهدف التمويل العالمي إلى 300 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2035. وفق وكالة «رويترز» نقلاً عن مصادر مطلعة.

وكان من المقرر اختتام القمة الجمعة، لكنها امتدت لوقت إضافي مع سعي مفاوضين من نحو 200 دولة للتوصل إلى اتفاق بشأن خطة التمويل المناخي العالمية في العقد المقبل. ولا بد من حدوث توافق بين المفاوضين من أجل اعتماد أي اتفاق.

جاء هذا التحول في المواقف بعد أن رفضت الدول النامية يوم الجمعة اقتراحاً صاغته أذربيجان التي تستضيف المؤتمر لاتفاق ينص على تمويل قيمته 250 مليار دولار، ووصفته تلك الدول بأنه قليل بشكل مهين.

ولم يتضح بعد ما إذا كانت الدول النامية في مؤتمر (كوب29) قد أُبلغت بالموقف الجديد للدول الغنية، ولم يتضح كذلك ما إذا كان الموقف كافياً للفوز بدعم الدول النامية.

وقالت خمسة مصادر مطلعة على المناقشات المغلقة إن الاتحاد الأوروبي أبدى موافقته على قبول المبلغ الأعلى. وذكر مصدران أن الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا وافقت أيضاً.

وأحجم المتحدثان باسم المفوضية الأوروبية والحكومة الأسترالية عن التعليق على المفاوضات. ولم يرد وفد الولايات المتحدة في المؤتمر أو وزارة الطاقة البريطانية بعد على طلب للتعليق.

وتترقب الوفود المشاركة في (كوب29) في باكو بأذربيجان مسودة جديدة لاتفاق عالمي بشأن تمويل المناخ يوم السبت، بعد أن واصل المفاوضون العمل خلال ساعات الليل.

وكشفت محادثات (كوب29) عن الانقسامات بين الحكومات الغنية المقيدة بموازنات محلية صارمة وبين الدول النامية التي تعاني من خسائر مادية هائلة نتيجة العواصف والفيضانات والجفاف، وهي ظواهر ناجمة عن تغير المناخ.

ومن المزمع أن يحل الهدف الجديد محل تعهدات سابقة من الدول المتطورة بتقديم تمويل مناخي بقيمة 100 مليار دولار سنوياً للدول الفقيرة بحلول عام 2020. وتم تحقيق الهدف في 2022 بعد عامين من موعده وينتهي سريانه في 2025.