قطارات «غولدن إيغل» البريطانية الفاخرة تصل إلى إيران

في رحلة عبر المدن الإيرانية وعلى متنها 63 مسافرا أجنبيا

قطار {غولدن إيغل دانوب إكسبريس} في رحلة تستمر أسبوعا كاملا عبر المدن الإيرانية
قطار {غولدن إيغل دانوب إكسبريس} في رحلة تستمر أسبوعا كاملا عبر المدن الإيرانية
TT

قطارات «غولدن إيغل» البريطانية الفاخرة تصل إلى إيران

قطار {غولدن إيغل دانوب إكسبريس} في رحلة تستمر أسبوعا كاملا عبر المدن الإيرانية
قطار {غولدن إيغل دانوب إكسبريس} في رحلة تستمر أسبوعا كاملا عبر المدن الإيرانية

لأول مرة يدخل قطار خاص الأراضي الإيرانية عبر محطة رازي الحدودية بين الإقليم الإيراني - الأذربيجاني الشرقي وتركيا. كان على متن القطار لحظة دخوله 63 مسافرا من أستراليا، والولايات المتحدة الأميركية، والاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى مواطنين كويتيين. توقف قطار «غولدن إيغل دانوب إكسبريس» خلال رحلته عبر نقطة الحدود الإيرانية في زنجان، وهي محل ضريح السلطانية، أحد مواقع التراث العالمية التابعة لمنظمة اليونيسكو.
وكانت الخطوة التالية هي السفر جنوبا إلى مدينة يزد في وسط إيران، وهي المدينة التي تعتبر ثاني أقدم مدينة في العالم، وهي مهد العقيدة الزرادشتية. وبعد زيارة مدينة يزد زار المسافرون مدينة أصفهان، التي كانت ذات يوم عاصمة فارس إبان حكم الإمبراطورية الصفوية، وتشتهر الآن بميدان نصف العالم الشهير، وبالمساجد والقصور. كانت شيراز وبرسيبوليس عاصمة الإمبراطورية الفارسية القديمة هي المحطة التالية للقطار الفاخر قبل التوجه شمالا نحو العاصمة طهران. وكان آخر يوم لرحلة القطار في مدينة طهران حيث بلغت ذروتها في جواهر التاج المجيدة وزيارة إلى قصر غلستان، الذي شهد تتويج شاه إيران الأخير. وفي نهاية الرحلة، في يوم 29 أكتوبر (تشرين الأول)، غادر المسافرون البلاد إلى أوطانهم بطريق الجو. وبالنسبة للتوجه غربا لزيارة المعالم الفارسية القديمة، وصل 62 مسافرا إلى مدينة طهران لركوب القطار لرحلة تستمر أسبوعا كاملا عبر المدن الإيرانية ثم مغادرة البلاد عبر دولة تركيا، وبلغاريا، وتنتهي الرحلة بهم في مدينة بودابست.
وقال تيم ليتلر، وهو مؤسس ومالك قطارات «غولدن إيغل» الفاخرة، لصحيفة «الشرق الأوسط» إن الرحلة سارت على خير ما يرام وبقدر علمه واطلاعه أن ذلك الشعور الإيجابي منتشر بين المسافرين.
وأضاف ليتلر معلقا على تلك الرحلة الافتتاحية: «تكلل تراثنا العريق بتلك الرحلة الجديدة من حيث تقديم رحلات القطارات الرائدة في جميع أنحاء أوروبا، وآسيا، وأفريقيا، وأميركا الشمالية عبر 125 عاما مضت. وكانت الأماكن دائما من اختيار المسافرين المغامرين الذين انجذبوا إلى الإثارة والمتعة في زيارة المواقع الثقافية الرائعة والأماكن البعيدة النائية، ولكن في رحلات أنيقة، وفاخرة، ومريحة، وآمنة».
وتابع ليتلر في حديث لصحيفة «الشرق الأوسط»، أثناء وجوده على متن قطاره بالقرب من مدينة مشهد الإيرانية في الجانب الشمالي الشرقي من البلاد، أن أكبر الصعوبات التي واجهها كانت حفلات الاستقبال غير الروتينية التي نظمتها السلطات المحلية للترحيب بالمسافرين من باب المجاملة، والتي أدت إلى المزيد من التضييق في الوقت المتاح لزيارات أماكن الجذب السياحي خلال التوقف في مدينة مشهد.
سوف تكون هناك 4 رحلات شرقية ومثلها غربية خلال عام 2015، وسوف تكون هناك رحلة «في قلب فارس» التي تصل إلى وجهات سياحية ظلت خارج الخارطة السياحية للكثير من السنوات ولم تكن متاحة للسائحين الغربيين من قبل. وقطارات «غولدن إيغل»، ومقرها في المملكة المتحدة، التي تبدأ رحلاتها وتنتهي في طهران، تشرف على قطارات خاصة كذلك في روسيا وجمهورياتها السابقة، وفي منغوليا، والصين.
جذبت «جوهرة الفرس» الكثير من الاهتمام الإعلامي داخل وخارج إيران في خضم الصراع الإقليمي فضلا عن حالة الجمود النووي الإيراني طويل الأجل مع الغرب. ومما يثير الدهشة أنه بعد يوم واحد من دخول قطار «غولدن إيغل» إلى إيران، أصدرت وزارة الخارجية البريطانية إرشادا سياحيا يثبط من عزيمة المواطنين البريطانيين عن السفر إلى إيران ما لم تكن هناك ضرورة. وقد أصدر الإرشاد المذكور بتاريخ 24 من أكتوبر 2014 ونصه: «يواجه المسافرون البريطانيون المتوجهون إلى إيران مخاطر أكبر بكثير من التي تواجه مواطني الدول الأخرى نظرا لمستويات الريبة المرتفعة حيال المملكة المتحدة وقدرة حكومة المملكة المتحدة المحدودة للتدخل والمساعدة في أية صعوبات».
ويستطرد البيان فيقول: «هناك خطر من تعرض المواطنين البريطانيين إلى الاعتقال التعسفي في إيران على الرغم من براءتهم التامة، على غرار ما حدث مؤخرا في عام 2011». ومع ذلك تؤكد شركة قطار «غولدن إيغل» أنه خلال الرحلة الشرقية الثامنة وأثناء الرحلة الغربية الـ22 الحالية كانت زيارة الرعايا الإنجليز لإيران في منتهى السلاسة وخالية من المتاعب تماما. وهناك كذلك 26 سائحا أميركيا سافروا إلى إيران على متن قطارات «غولدن إيغل».
فترة الإعداد لرحلة الجواهر الفارسية استغرقت 14 شهرا من شركة «غولدن إيغل» التي تعين عليها التواصل بشكل مكثف مع الكثير من الهيئات الحكومية في إيران والمملكة المتحدة. ولا تزال تواجه الشركة صعوبات في نقل الأموال نظرا للعقوبات الأميركية ضد أية تعاملات تجارية مع المصارف الإيرانية.
وأكدت شركة «غولدن إيغل» أيضا أن عددا من ضباط الجيش الإيراني قد رافقوا القطار لضمان سلامة وأمن المسافرين والموظفين طوال الرحلة.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».