أميركا غير معنية بإجراءات «أوبك +» وموسكو تواصل «التشاور»

شعلة تحترق في مصفاة «شل دير بارك» النفطية في دير بارك بتكساس بالولايات المتحدة الأميركية (أ.ب)
شعلة تحترق في مصفاة «شل دير بارك» النفطية في دير بارك بتكساس بالولايات المتحدة الأميركية (أ.ب)
TT

أميركا غير معنية بإجراءات «أوبك +» وموسكو تواصل «التشاور»

شعلة تحترق في مصفاة «شل دير بارك» النفطية في دير بارك بتكساس بالولايات المتحدة الأميركية (أ.ب)
شعلة تحترق في مصفاة «شل دير بارك» النفطية في دير بارك بتكساس بالولايات المتحدة الأميركية (أ.ب)

قال وزير الطاقة الأميركي دان برويليت، أمس (الثلاثاء)، إن الولايات المتحدة غير معنية بأي خطوات تدرسها «أوبك» وحلفاؤها لكبح إنتاج النفط بدرجة أكبر. مقللاً من تأثيراتها: «سيجتمعون وسيتوصلون إلى حُكم وقرار يناسبهم، لكن أعتقد أن قدرتهم في التأثير على أسعار النفط كما كانوا يفعلون، كما تعرفون، قبل ثلاثة عقود أو أربعة أو خمسة، إنما أصابها تغير جذري».
تطبق مجموعة المنتجين، المعروفة باسم «أوبك+»، تخفيضات قدرها 1.2 مليون برميل يومياً منذ يناير (كانون الثاني) 2019 لتقليص تخمة المعروض العالمي ودعم أسعار الخام. وتجتمع «أوبك» في فيينا الشهر المقبل.
وأبلغ برويليت الصحافيين على هامش مؤتمر بمقر الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا: «لسنا معنيين بالقرار الذي قد تأخذه (أوبك)، وأياً كان قرارهم فسوف يناسبهم، ونحن نقدر ما يقومون به».
كانت لجنة فنية تسدي المشورة لمنظمة البلدان المصدرة للبترول وحلفائها بقيادة روسيا قد اقترحت تعميق خفض الإنتاج 600 ألف برميل يومياً، الأسبوع الماضي، غير أن موسكو طلبت مزيداً من الوقت للتشاور والدراسة.
وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف للصحافيين، إن الرئيس فلاديمير بوتين والرئيس التنفيذي لشركة النفط العملاقة «روسنفت» إيجور سيتشن قد يبحثان اتفاق الإنتاج العالمي بين روسيا و«أوبك» وحلفائهما عند اجتماعهم أمس.
بينما نقلت وكالة «تاس» للأنباء نقلاً عن مصدرين، أن وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك سيجتمع بشركات النفط الروسية، اليوم (الأربعاء)؛ لبحث تطبيق اتفاق خفض الإنتاج بين روسيا و«أوبك» وحلفائهما.
وأضاف وزير الطاقة الأميركي، أنه في حين تقبع أسعار الغاز الطبيعي المسال عند أدنى مستوياتها في سنوات، فإن «المستقبل ما زال زاهياً للغاز المسال». وهوت أسعار الغاز المسال العالمية إلى مستويات قياسية منخفضة جديدة مع تراجع الطلب على الغاز في الصين بفعل تفشي فيروس كورونا وسط تخمة معروض.
وتنهار الأسعار منذ أشهر بفعل طقس معتدل في أوروبا وآسيا ومخزونات غاز قياسية في أوروبا وتباطؤ النمو الاقتصادي بفعل حرب التجارة الأميركية الصينية.
يعول منتجو الغاز الأميركيون على نمو باهر لصادرات الغاز المسال في الأعوام المقبلة لاستيعاب كميات الغاز القياسية المصاحبة لإنتاج النفط من التكوينات الصخرية مثل الحوض البرمي في غرب تكساس وحقل باكن في نورث داكوتا.
وقال برويليت: «هناك طلب هائل على الغاز المسال في أنحاء العالم. الحوارات مع الصين سارت على ما يرام... وأتوقع بقوة خلال الأشهر القليلة المقبلة أن تروا اتفاقيات جديدة، ليس في الصين فحسب، بل وفي أوروبا».
وتتوقع «ريستاد إنرجي للاستشارات»، أن يحد تفشي الفيروس بشكل كبير من نمو الطلب العالي على النفط هذا العام مقارنة مع توقعات سابقة. وقالت «ريستاد»، ومقرها أوسلو، أمس، إنها تتوقع الآن أن ينمو الطلب العالمي على النفط 820 ألف برميل يومياً في 2020، انخفاضاً من توقعات ديسمبر (كانون الأول) لنمو يبلغ 1.1 مليون برميل يومياً.
تراجعت أسعار النفط بشكل حاد منذ بداية تواتر الأنباء عن تفشي الفيروس في منتصف يناير. وقالت «ريستاد» في مذكرة بحثية، إن تفشي الفيروس يؤثر بالأساس على الطلب في أوائل العام، حيث أصبح من المتوقع ألا ينمو سوى 100 ألف برميل يومياً في الربع الأول من السنة، ليتعافى الاستهلاك في وقت لاحق.
أضافت: «تقييمنا الحالي هو أن تأثير الفيروس التاجي سيستمر على مدار فبراير (شباط) ومارس (آذار)، ثم ينحسر تدريجياً حتى يونيو (حزيران)».
لكن في أسوأ التصورات، وذلك إذا امتدت القيود المفروضة على السفر لفترة أطول، فإن التأثير الإجمالي على العام قد يصبح تباطؤ نمو الطلب في 2020، إلى 650 ألف برميل يومياً، حسبما ذكرت «ريستاد».
وارتفعت أسعار النفط نحو واحد في المائة أمس، اقتداءً بموجة صعود في أسواق الأسهم، لكن القلق ما زال يساور المستثمرين حيال فيروس ووهان الذي أودى بحياة أكثر من ألف شخص في الصين حتى الآن.
وبحلول الساعة 1500 بتوقيت غرينتش، كان خام برنت مرتفعاً نحو 2 في المائة إلى 54.37 دولار للبرميل. وتقدم الخام الأميركي غرب تكساس الوسيط 1.5 في المائة مسجلاً 50.36 دولار للبرميل. لكن كلا الخامين ما زال منخفضاً أكثر من 20 في المائة عن أعلى مستويات يناير.
وقالت مارجريت يانج، محللة السوق لدى «سي إم سي ماركتس»، متحدثة لـ«رويترز»: «يبدو أن معنويات إيجابية واسعة النطاق في شتى الأسواق الآسيوية قد رفعت أسعار النفط الخام». وتابعت: «التعافي فاتر وقد يكون قصير الأجل؛ إذ من المرجح أن يظل الطلب الصيني على الطاقة ضعيفاً في الأجل القريب بفعل تأثير الفيروس. سيكون من الضروري أن تخرج (أوبك+) وروسيا بخطة متماسكة لخفض الإنتاج من أجل دعم أسعار النفط».


مقالات ذات صلة

الزيادة الكبيرة في مخزونات الوقود الأميركية تخفّض أسعار النفط

الاقتصاد خزانات تخزين النفط الخام في منشأة «إينبريدج» في شيروود بارك في أفق مدينة إدمونتون في كندا (رويترز)

الزيادة الكبيرة في مخزونات الوقود الأميركية تخفّض أسعار النفط

انخفضت أسعار النفط لليوم الثاني على التوالي، يوم الخميس، بعد زيادة كبيرة في مخزونات الوقود في الولايات المتحدة أكبر مستخدم للنفط في العالم.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد شعار «شل» خلال المؤتمر والمعرض الأوروبي لطيران رجال الأعمال في جنيف (رويترز)

«شل» تحذر من ضعف تداول الغاز الطبيعي المسال والنفط في الربع الأخير من العام

قلّصت شركة شل توقعاتها لإنتاج الغاز الطبيعي المُسال للربع الأخير وقالت إن نتائج تداول النفط والغاز من المتوقع أن تكون أقل بكثير من الأشهر الـ3 الماضية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد سفن الشحن راسية قبالة الساحل وتتقاسم المساحة مع منصات النفط قبل التوجه إلى ميناء لوس أنجليس (أرشيفية - أ.ب)

النفط يرتفع بدعم تراجع المخزونات الأميركية

ارتفعت أسعار النفط، يوم الأربعاء، مع تقلص الإمدادات من روسيا وأعضاء منظمة «أوبك»، وبعد أن أشار تقرير إلى انخفاض آخر بمخزونات النفط الأميركية.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد ضباط تفتيش الهجرة يرتدون بدلات واقية يتفقدون ناقلة تحمل النفط الخام المستورد في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ في الصين (أرشيفية - رويترز)

أسعار النفط ترتفع وسط مخاوف متزايدة من تعطل الإمدادات

عكست أسعار النفط الانخفاضات المبكرة يوم الثلاثاء، مدعومةً بمخاوف من تقلص الإمدادات الروسية والإيرانية في مواجهة العقوبات الغربية المتصاعدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد منصة النفط والغاز البحرية «إستر» في المحيط الهادئ في سيل بيتش بكاليفورنيا (أ.ف.ب)

أسعار النفط تواصل التراجع في ظل توقعات وفرة المعروض وقوة الدولار

واصلت أسعار النفط خسائرها للجلسة الثانية على التوالي يوم الثلاثاء بفعل تصحيح فني بعد صعود الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)

نمو الوظائف الأميركية يفوق التوقعات والبطالة تتراجع إلى 4.1 %

شخص يقف بالقرب من نصب واشنطن التذكاري في واشنطن (رويترز)
شخص يقف بالقرب من نصب واشنطن التذكاري في واشنطن (رويترز)
TT

نمو الوظائف الأميركية يفوق التوقعات والبطالة تتراجع إلى 4.1 %

شخص يقف بالقرب من نصب واشنطن التذكاري في واشنطن (رويترز)
شخص يقف بالقرب من نصب واشنطن التذكاري في واشنطن (رويترز)

تسارع نمو الوظائف في الولايات المتحدة بشكل غير متوقع في ديسمبر (كانون الأول)، بينما انخفض معدل البطالة إلى 4.1 في المائة، مما يعكس قوة سوق العمل في نهاية العام ويعزز النهج الحذر الذي يتبعه بنك الاحتياطي الفيدرالي، فيما يتعلق بتخفيض أسعار الفائدة هذا العام.

وقالت وزارة العمل في تقريرها الخاص بالتوظيف، يوم الجمعة، إن الوظائف غير الزراعية زادت بنحو 256 ألف وظيفة في ديسمبر، بعد زيادة بنحو 212 ألف وظيفة في نوفمبر (تشرين الثاني). وكان خبراء اقتصاديون استطلعت «رويترز» آراءهم قد توقعوا زيادة في الوظائف بنحو 160 ألف وظيفة، بعد إضافة 227 ألف وظيفة في نوفمبر. وتراوحت التوقعات لعدد الوظائف في ديسمبر بين 120 ألفاً و200 ألف.

وعلى الرغم من تباطؤ التوظيف بعد رفع أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي الأميركي في 2022 و2023، فإن مرونة سوق العمل، التي تعكس في الغالب مستويات تسريح العمال المنخفضة تاريخياً، تستمر في دعم الاقتصاد من خلال تحفيز الإنفاق الاستهلاكي عبر الأجور الأعلى.

ويتوسع الاقتصاد بمعدل أعلى بكثير من وتيرة النمو غير التضخمي التي يبلغ 1.8 في المائة، وهي النسبة التي يعتبرها مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي الحد الأقصى للنمو المستدام. ومع ذلك، تتزايد المخاوف من أن تعهدات الرئيس المنتخب دونالد ترمب بفرض أو زيادة التعريفات الجمركية على الواردات وترحيل ملايين المهاجرين غير المسجلين قد تؤدي إلى عرقلة هذا الزخم.

وتجلى هذا القلق في محضر اجتماع السياسة الأخير لبنك الاحتياطي الفيدرالي في 17 و18 ديسمبر، الذي نُشر يوم الأربعاء؛ حيث أشار معظم المشاركين إلى أنه «يمكن للجنة تبني نهج حذر في النظر» في المزيد من التخفيضات.

وارتفع متوسط الدخل بالساعة بنسبة 0.3 في المائة خلال ديسمبر بعد زيادة بنسبة 0.4 في المائة في نوفمبر، فيما ارتفعت الأجور بنسبة 3.9 في المائة على مدار الـ12 شهراً حتى ديسمبر، مقارنة بزيادة قدرها 4 في المائة في نوفمبر.

ورغم تحسن معنويات الأعمال بعد فوز ترمب بالانتخابات في نوفمبر، وذلك بسبب التوقعات بتخفيضات ضريبية وبيئة تنظيمية أكثر مرونة، لا يتوقع الخبراء الاقتصاديون زيادة كبيرة في التوظيف على المدى القريب، ولم تظهر استطلاعات الأعمال أي مؤشرات على أن الشركات تخطط لزيادة أعداد الموظفين.

وقد انخفض معدل البطالة إلى 4.1 في المائة خلال ديسمبر، من 4.2 في المائة خلال نوفمبر. كما تم مراجعة بيانات مسح الأسر المعدلة موسمياً، التي يُشتق منها معدل البطالة، على مدار السنوات الخمس الماضية.

وقد تم تأكيد تخفيف ظروف سوق العمل من خلال الارتفاع التدريجي في عدد الأشخاص الذين فقدوا وظائفهم بشكل دائم، إلى جانب زيادة مدة البطالة التي وصلت إلى أعلى مستوى لها منذ 3 سنوات تقريباً؛ حيث بلغ متوسط مدة البطالة 10.5 أسبوع في نوفمبر.

ويتماشى هذا مع مسح الوظائف الشاغرة ودوران العمالة، الذي يُظهر أن معدل التوظيف يتراجع إلى المستويات التي كانت سائدة في وقت مبكر من جائحة كوفيد-19.

وفي هذا السياق، خفض الفيدرالي في الشهر الماضي سعر الفائدة القياسي بمقدار ربع نقطة مئوية أخرى إلى نطاق 4.25 في المائة -4.50 في المائة، ليصل إجمالي التخفيضات منذ بدء دورة التيسير في سبتمبر (أيلول) إلى 100 نقطة أساس. لكنه أشار إلى أنه يتوقع خفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية مرتين فقط هذا العام مقارنة بالـ4 التي كانت متوقعة في سبتمبر، وذلك في ضوء قدرة الاقتصاد على التحمل واستمرار التضخم المرتفع. وكان البنك قد رفع سعر الفائدة بمقدار 5.25 نقطة مئوية في عامي 2022 و2023.

وفي رد فعل على البيانات، ارتفع الدولار بنسبة 0.5 في المائة مقابل الين ليصل إلى 158.765 ين، في حين انخفض اليورو إلى أدنى مستوياته منذ نوفمبر 2022 مقابل الدولار الأميركي، مسجلاً انخفاضاً بنسبة 0.6 في المائة ليصل إلى 1.024 دولار.

كما قفزت عوائد سندات الخزانة الأميركية طويلة الأجل إلى أعلى مستوياتها منذ نوفمبر 2023. وارتفعت عوائد سندات الخزانة القياسية لأجل 10 سنوات إلى 4.786 في المائة، بينما قفزت عوائد سندات الـ30 عاماً إلى 5.005 في المائة، مسجلتين أعلى مستوى لهما منذ نوفمبر 2023.