الحاجة إلى إعلام ثقافي

الحاجة إلى إعلام ثقافي
TT

الحاجة إلى إعلام ثقافي

الحاجة إلى إعلام ثقافي

نشهد اليوم طفرة هائلة في النشاط الثقافي والفني السعودي، ليس من المبالغة القول إن هذا عهد «الثقافة السعودية» بامتياز...! لكنّ هذا الحراك الثقافي غير المسبوق بحاجة إلى «إعلام» فاعل ونشيط وقادر ليس فقط على نقله، ولكن في إيصال رسالته التي قام عليها.
الرسالة هي: أن تصبح الثقافة محركاً للتغيير. وهي تستمد قوتها من «رؤية المملكة 2030»، التي تعد الثقافة أحد أهم محركات التحول الوطني نحو التنمية البشرية، وتنظر إلى الثقافة كأسلوب حياة ورافد مهم في الاقتصاد الوطني، وتسعى لتوفير منتج ثقافي مميز يساعد على رفع مستوى جودة الحياة في المملكة. ولذلك فهي تهدف إلى تأسيس مراكز حاضنة للإبداع، وتوفير منصات للمبدعين للتعبير عن أفكارهم وطموحاتهم، وخلق صناعة ثقافية تعنى بالفن والمسرح والسينما، والأنشطة الفنية والتشكيلية، وتحويل الثقافة إلى عنصر رئيسي للتواصل بين الناس، ورافد للاقتصاد.
أحدثت هذه الرؤية تحولات هائلة في المشهد الثقافي السعودي. عشرات الفعاليات التي كسرت النمط التقليدي الذي اعتاده الناس في الأنشطة الثقافية. أصبحت الثقافة قريبة جداً من الناس، ومعبّرة عن أحوالهم، وعن تطلعاتهم. استوعبت الفنون البصرية وفنون الأداء والموسيقى والمسرح والسينما، كما استوعبت ابتكارات الشباب، وخرجت من القوالب الصغيرة للمؤسسات الثقافية نحو الفضاء الواسع الذي يعبر زمانه ومكانه وآثاره وبقايا الذاكرة عن معين ثقافي لا ينضب. كل الأماكن في الجغرافيا السعودية تزخر برواد الأدب والتاريخ والفنّ، كما تزخر بالذاكرة الجماعية للشعوب والثقافات التي ما زالت نابضة ومؤثرة، وفي حركة الوعي الثقافي تعرّفنا من جديد على الفلكلور المحلي المتنوع، وعلى مبادرات الابتكار، والتراث الصناعي للمجتمعات المحلية، وهو تراث ضارب في جذور التاريخ ويمتد لآلاف السنين.
هذا الحراك الواسع لا بد له من إعلام فاعل ونشيط، يعالجه بالحوار والنقد والتقييم، لكي يحوّل بعض قضاياه إلى النقاش العام... وحتى هذا النقاش ينبغي أن يكسر نمطية الحوارات التقليدية ويستجيب لروح العصر. الإعلام مهم لأن من مسؤولياته أن يفتح مساحة حرة للنقد والتفاعل والمشاركة، والإعلام مهم لأن عليه أن يربط حراكنا الثقافي بحاجاتنا أولاً، وبرؤيتنا للمستقبل، وبالحراك الذي يموج به العالم، الإعلام أيضاً مهم لكيلا تصبح الأنشطة الثقافية محصورة في أماكنها المحدودة، والإعلام مهم حتى تتوسع قاعدة الحراك الثقافي ويتوسع تأثيره، والإعلام مهم لكي نتمكن من أن نفتح أعيننا على الطريق الذي نسير فيه... وهو أيضا مهم لكي يشعر المشتغلون بالشأن الثقافي بأنهم جزء من مجتمعات تشاركهم وتناقشهم وتنتقدهم كذلك...
قبل هذا الحراك الهائل كانت لدينا قناة ثقافية، تمّ تشييعها إلى مثواها في أبريل (نيسان) 2018، بعد نحو 8 سنوات من عملها، وهي على أي حال كانت ابنة مخلصة للتلفزيون السعودي، تحمل مواصفاته الوراثية، في قوته وضعفه. لكننا اليوم لا نتحدث بالضرورة عن عودة هذه القناة، أو استحداث قناة ثقافية أخرى بروح وفلسفة جديدة وآليات عمل مختلفة. نتحدث إذن عن أصل الحاجة إلى إعلام ثقافي قوي ومتنوع وحرّ ويمتلك الوسائل والإمكانيات لأداء مسؤولياته، إعلام قادر على أن يحوّل كل هذا الحراك من القاعات المغلقة إلى الفضاء المفتوح، يجتذب الأغلبية الصامتة لكي تشارك وتتفاعل وتصوغ الثقافة التي تسير بنا نحو المستقبل.
ما دمنا آمنّا بأن الثقافة أحد محركات التحول والتغيير والتنمية وتحسين جودة الحياة، فلا بد أن تخلق هذه الثقافة فضاءً حراً للمشاركة والتفاعل مع الجمهور... وهذا لا يتم إلى بوجود إعلام ثقافي مهني ولديه الوعي والقوة والإمكانات.



«ساعته وتاريخه» مسلسل مصري يجذب الاهتمام بدراما حول جرائم حقيقية

مريم الجندي في مشهد يجمعها بأحد أبطال المسلسل (لقطة من برومو العمل)
مريم الجندي في مشهد يجمعها بأحد أبطال المسلسل (لقطة من برومو العمل)
TT

«ساعته وتاريخه» مسلسل مصري يجذب الاهتمام بدراما حول جرائم حقيقية

مريم الجندي في مشهد يجمعها بأحد أبطال المسلسل (لقطة من برومو العمل)
مريم الجندي في مشهد يجمعها بأحد أبطال المسلسل (لقطة من برومو العمل)

في أجواء لا تخلو من التشويق والإثارة، جذب المسلسل المصري «ساعته وتاريخه» الاهتمام، مع الكشف عن «البرومو» الخاص به الذي تضمن أجزاء من مشاهد مشوقة، حيث تعتمد أحداثه على جرائم حقيقية شهدتها المحاكم المصرية، وأظهر البرومو لقطات لبعض أبطاله من الوجوه الجديدة وضيوف الشرف، من بينهم أحمد أمين، وأروى جودة، وحنان سليمان، ومايان السيد، وأحمد داش.

وتصدر «برومو» العمل «الترند» على «غوغل» بمصر، الاثنين، وأعلن المخرج عمرو سلامة عبر حسابه بـ«فيسبوك» أنه يقدم بكل فخر وحماس مسلسل «ساعته وتاريخه» للجمهور، موجهاً الشكر لـ«الشركة المتحدة» وزملائه من المخرجين المحترفين الذين قاموا على إخراج العمل وكل فريق المسلسل.

الجديد في هذا المسلسل ليس فقط في القضايا التي يطرحها وتنوع مخرجيه، حيث تدور أحداثه في حلقات منفصلة من خلال قضايا حقيقية شهدتها المحاكم المصرية وبرؤية قانونية للمستشار بهاء المُري، بل أيضاً لأن أبطاله من المواهب الجديدة التي خضعت لتجارب وتدريبات أداء مهمة، ودروس في التمثيل من خلال برنامج «كاستنج» ليقوموا بدور البطولة وليس بأدوار صغيرة، ويشاركهم نجوم وممثلون كبار محترفون ليظهروا بجوارهم ضيوف شرف، عكس ما يحدث عادة في الدراما المصرية؛ وفق سلامة.

الفنانة مايان السيد في أحد مشاهد مسلسل «ساعته وتاريخه» (لقطة من برومو العمل)

وكانت شقيقة طالبة جامعة المنصورة نيرة أشرف التي قتلها زميلها في يونيو (حزيران) 2022 أمام الجامعة، قد هددت برفع قضية على المسلسل بعدما تردد عن تناول سيرة شقيقتها بإحدى حلقاته، مثلما تردد أن الفنانة مايان السيد تجسد دور نيرة، ونفت مايان في تصريحات صحافية هذا الأمر، مؤكدة أنها تؤدي شخصية فتاة تعرضت للعنف والتهديد، مشيرة إلى أن القصة مستوحاة من قصص عدة فتيات تعرضن لذلك.

وأعلنت الشركة المتحدة المنتجة للمسلسل قبل شهور عن فتح الباب أمام كل موهبة حقيقية مهما كان سنها أو مكانها، مفعمة بالشغف والإصرار، للمشاركة في برنامج «كاستنج» لاختبارات الأداء وتطوير المواهب، الذي قدمه وأخرجه المخرج عمرو سلامة، وعرضته قناة «Dmc» التي تنفرد أيضاً بعرض المسلسل (بدءاً من الخميس 5 ديسمبر «كانون الأول» الجاري)، كما يُعرض أيضاً عبر منصة «Watch It».

وعلى مدى شهور، استضاف المخرج عمرو سلامة في البرنامج كبار المخرجين والممثلين والمؤلفين، من بينهم، المخرج يسري نصر الله، ومحمد دياب، والمنتج محمد حفظي، والدكتور مدحت العدل، وتامر حبيب، ومحمد شاكر خضير، والفنان أحمد أمين، الذين قدموا خلاصة تجاربهم للمواهب الجديدة، عبر مناقشات جادة حول كيفية التعامل مع السيناريو وإتقان تقمص الشخصية.

المخرج عمرو سلامة والسيناريست تامر حبيب والمواهب الجديدة في برنامج «كاستنج» (صفحة المخرج على فيسبوك)

وكتب الفنان أحمد أمين عبر حسابه بـ«فيسبوك» عن المسلسل: «من الحاجات التي تشعرني بأننا ما زلنا بخير، هو أن مواهب جديدة تظهر للنور من خلال مشروع متكامل، بدءاً من تدريب المواهب في برنامج (كاستنج)، وحتى إنتاج مسلسل (ساعته وتاريخه)، الذي أسندت بطولة كل حلقة فيه لموهبة من مواهب البرنامج مع ضيف شرف من النجوم»، وأعرب أمين عن أمنيته أن يشاهد هذه المواهب في أعمال مميزة خلال الموسم الرمضاني المقبل.

ويرى الناقد الفني المصري أحمد سعد الدين أن «برومو مسلسل (ساعته وتاريخه) جاء أشبه بأفلام الرعب؛ لأنه مأخوذ من جرائم حقيقية تنطوي على كثير من التشويق والإثارة، مع موسيقى موحية بالتوتر والقلق، وإضاءة خافتة تعكس أجواء الخوف»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «العمل جمع بين وجوه معروفة من الممثلين إضافة للوجوه الجديدة التي لم يُكشف عن أصحابها»، موضحاً أنه يعرض لقضايا حقيقية شهدتها المحاكم، لكنها لا تعتمد على حقيقة الشخصيات كاملة، وإنما يصيغها بشكل درامي عبر شخصيات وأحداث أخرى، مشيداً بفكرة اعتماد المسلسل على برنامج «كاستنج» الذي فتح باباً أمام المواهب؛ لأنه ليس كل موهبة باستطاعتها دراسة التمثيل في المعاهد الفنية، وقد اختار 13 وجهاً جديداً من بين 50 موهبة ليمنحها الفرصة في أدوار البطولة، وهو ما يعد تجربة جيدة جداً في الدراما، وفق قوله.

ويلفت الناقد المصري إلى «تشابه رسالة برنامج (كاستنج) مع تجربة الفنان محمد صبحي في مسرحية بـ(العربي الفصيح) عام 1991 التي اكتشف فيها وجوهاً صارت نجوماً، ومن بينهم، منى زكي، وهاني رمزي، وفتحي عبد الوهاب، ومصطفى شعبان».