علاوي يستعد لتقديم حكومته إلى البرلمان العراقي الأسبوع المقبل

TT

علاوي يستعد لتقديم حكومته إلى البرلمان العراقي الأسبوع المقبل

أعلن رئيس كتلة «بيارق الخير» في البرلمان العراقي محمد الخالدي، أن «الكابينة الوزارية على وشك الاكتمال رغم كل ما يجري من تضارب مواقف سواء بين الكتل السياسية أو حتى المكونات». الخالدي وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط» كشف أن «رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي ينوي تقديم كابينته الوزارية إلى البرلمان في منتصف الأسبوع المقبل وربما يوم الاثنين». ورداً على سؤال بشأن تضارب المواقف بين الكتل السياسية التي لم يفصح بعضها بوضوح عن طبيعة دعمها لعلاوي من عدمه، قال الخالدي: «أستطيع القول إن معظم ما يعلَن عنه في وسائل الإعلام ليس صحيحاً، حيث إن الأمور ماضية بصورة تكاد تكون طبيعية باستثناء كتلة واحدة (لم يسمها) لا يزال موقفها غير واضح أو غير مساند».
وبموازاة ذلك أبلغ مصدر مطلع «الشرق الأوسط»، أن «مهمة محمد علاوي صعبة وبات يتعرض لضغوط مختلفة من جميع الكتل السياسية وحتى المكونات»، مبيناً أنهم «باتوا لا يستقبلون اقتراحاته وأفكاره حتى يقبل بشروطهم التي لا تكاد تخرج عن نفس الشروط التي تشكلت بموجبها حكومة سلفه عادل عبد المهدي التي أسقطها الحراك الجماهيري وهو لا يريد لهذا السيناريو أن يتكرر مع حكومته».
وفيما تعاني غالبية الكتل والقوى السياسية من خلافات حادة فيما بينها، فإنها تكاد تملك موقفاً شبه موحد حيال رئيس الوزراء المكلف خصوصاً بعد أن أدركت أنه يعتزم تهديم ما بنته من إمبراطوريات مال ونفوذ طوال السنوات الستة عشرة الماضية.
وبالعودة إلى المصدر المطلع، ورداً على سؤال حول مدى تأييد البرلمان له بعد أن جرى الحديث عن تواقيع لنحو 170 نائباً من كتل مختلفة أيّدت تكليف علاوي، يقول: «هناك خلط بين تواقيع الـ170 نائباً التي هي ليست تأييداً مفتوحاً لعلاوي بقدر ما هي تواقيع نواب قدموها إلى رئيس الجمهورية تحمل مواصفات الشخصية المقترحة وبين تواقيع شملت 56 نائباً أعلنوا تأييدهم لعلاوي».
لكنّ النائب محمد الخالدي، وهو أحد أبرز الداعمين لعلاوي وهو الذي تبنى تواقيع النواب الـ170 والـ56، يقول إن «التصويت سيكون مريحاً في كل الأحوال لأن قناعات الكثير من النواب لم تعد متطابقة مع قناعات زعامات كتلهم بالضرورة».
الشروط التي يواجهها علاوي تتراوح بين تأييد غير معلن لبعض الكتل الشيعية لحسابات تتعلق بطبيعة الكابينة والوزراء الذين سيختارهم، أو تحفُّظ غير واضح المعالم حتى من بعضها الآخر، وتأييد مشروط قوامه عدم الخضوع للمحاصصة وهو ما عبّر عنه بوضوح التيار الصدري. وأعلن القيادي في التيار الصدري حاكم الزاملي، أن تياره مستعد لإسقاط حكومة علاوي في حال التفاف «الأحزاب الفاسدة» عليها. وأضاف الزاملي في تصريح أمس، أن «قاعدتنا الجماهيرية وأعضاء مجلس النواب لديهم القدرة على إسقاط حكومة علاوي». وأوضح أن «تراكم المشكلات والأحداث الدامية والمظاهرات والاعتصامات كان سببه الفساد والمحاصصة وعلى أثرها تم إسقاط حكومة عبد المهدي وتقديم علاوي ليغيّر واقع البلاد». وأشار الزاملي إلى أن «الأحزاب الفاسدة وبعض الشخصيات تحاول الحصول على المغانم والمكاسب واستغلال دماء المتظاهرين»، لافتاً إلى أن «هذا الأمر يعد مخالفاً لما تم الاتفاق عليه في أثناء تكليف علاوي بتشكيل الحكومة». وبيّن أن «رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي، إذا جاء بشخصيات حزبية فاسدة في حكومته لن تستمر»، مشيراً إلى أن «التيار الصدري سيقف بوجه حكومته وسيُسقط أي حكومة لا تخدم مصالح العراق».
وعلى الجبهتين الكردية والسنية لا تزال تظهر اعتراضات من نوع آخر. ويجري الحديث عن انشقاق داخل الجبهة السنية بين كتل مؤيدة لعلاوي وأخرى معارضة له لأسباب يتعلق بعضها بطريقة الحصول على المناصب على عهد حكومة عادل عبد المهدي، فيما يتعلق بعضها الآخر بترحيل الخلاف السني - السني إلى الحكومة الجديد وربما إلى الانتخابات المقبلة بعد ما لم تتمكن الأطراف السنية من توحيد مواقفها حيال مثل هذه القضايا. في مقابل ذلك، يبدو الجانب الكردي موحداً حيال ما يعدونه استحقاقاً قومياً سواء على مستوى الحقائب السيادية وفي المقدمة منها حقيبة المالية التي يصر الكرد على الحصول عليها أو طريقة تمثيلهم في الحكومة عبر شخصيات تختارها الأحزاب الكردية وليس رئيس الوزراء المكلف نفسه.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.