القذائف العشوائية «موت مُنتظر» يهبط على رؤوس سكان طرابلس

TT

القذائف العشوائية «موت مُنتظر» يهبط على رؤوس سكان طرابلس

لم يبدِ كثير من الليبيين في العاصمة طرابلس، اهتماماً ملحوظاً بمجريات الحرب الدائرة على أطراف مدينتهم منذ نحو 10 أشهر، فهم يرون أن قواتهم قادرة على حسمها إذا ما توفر لها السلاح المطلوب، لكنهم باتوا يتخوفون من «الصواريخ العشوائية التي تقصف ديارهم بشكل عشوائي».
واحدة من هذه القذائف تسببت في مقتل طفلين ورجل، وجرح 6 آخرين، بمنطقتي صلاح الدين، والسواني جنوب العاصمة، نهاية الشهر الماضي، وسط تزايد حالة من الذعر بين المواطنين بسبب دوي انفجار الصواريخ، وفق تقارير أممية، وشكايات مواطنين.
وتحدثت عملية «بركان الغضب» التابعة لحكومة «الوفاق» عن سقوط 6 صواريخ في المنطقة التي يقطنها الرجل القتيل الذي أصيب 4 من أفراد أسرته. كما جاءت وفاة الطفلين نتيجة سقوط قذائف عشوائية بمحيط منزليهما بمنطقة السواني.
وقال المواطن الليبي رائف الميلودي، إنه «اضطر إلى مغادرة منزله بعد ما أصيب أطفاله الخمسة بحالة من الرعب منعتهم من النوم، وباتوا في حالة إعياء شديد»، مضيفاً: «أصوات الانفجارات كانت شديدة ومرعبة، ولا يمكن للشخص الكبير تحملها، ولم أجد مفراً إلا ترك المنزل بما فيه من أغراض، والنزوح إلى مدينة جنزور». وأوضح الميلودي لـ«الشرق الأوسط»: «كنا نسكن على أطراف منطقة عمارات صلاح الدين، وسعدنا بالهدنة التي توصلت إليها البعثة الأممية، مع الأطراف المتنازعة، لكن وقف إطلاق النار لم يدم غير 3 أيام، ليعود أعنف مما بدأ»، ولفت إلى أن كثيراً من العائلات تعاني في مناطق الاشتباكات، وتود الخروج بأبنائها، لكن غالبيتهم لم يجدوا مكاناً يأويهم بعد.
وتضج المقاهي والمتنزهات في العاصمة طرابلس، بالمواطنين في أوقات مختلفة طوال اليوم، رغم الأجواء العسكرية التي تحيط بهم، وهو ما دفع المفتي المعزول الصادق الغرياني في مناسبات عدة إلى انتقادهم، وحضّهم على المشاركة في القتال لصد هجمات «الجيش الوطني».
ومنذ اندلاع العملية العسكرية على طرابلس، أُعلن عن مقتل عشرات المدنيين والأطباء بقذائف عشوائية، كما تسببت الغارات الجوية والقذائف العشوائية في توقف العمل بمطار معيتيقة في العاصمة الليبية طرابلس.
ودعت حكومة «الوفاق» غير مرة المجتمع الدولي إلى حماية المدنيين في طرابلس، مما سموه القصف المتعمد لمناطقهم، وسط اتهامات لقيادات بـ«الجيش الوطني» بأن الميليشيات المسلحة الموالية لقوات «الوفاق» تتعمد قصف مناطق المدنيين لخلق قضية رأي عام. واتهم «الجيش الوطني» الميليشيات المسلحة بأنها تستخدم المدنيين دروعاً بشرية، بالإضافة إلى تخزين العتاد العسكري في المنازل ووسط البنايات، لكن قوات «الوفاق» تنفي ذلك، وتقول إن القوات «المعتدية» تبرر قصف المناطق المكتظة بالسكان، وإن حكومة «الوفاق» توثق هذه الجرائم لتتقدم بها إلى جهات تحقيق دولية.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.