ووهان بؤرة كورونا... من قلعة صناعية إلى الحجر الصحي

مدينة ووهان الصينية تعاني من نقص المواد الطبية (إ.ب.أ)
مدينة ووهان الصينية تعاني من نقص المواد الطبية (إ.ب.أ)
TT

ووهان بؤرة كورونا... من قلعة صناعية إلى الحجر الصحي

مدينة ووهان الصينية تعاني من نقص المواد الطبية (إ.ب.أ)
مدينة ووهان الصينية تعاني من نقص المواد الطبية (إ.ب.أ)

تعد مدينة ووهان الصينية التي تسلط عليها الأضواء حالياً لكونها بؤرة فيروس كورونا المستجد مدينة صناعية كبيرة تتمتع بموقع استراتيجي في وسط الصين وتقيم علاقات وثيقة مع فرنسا.
ووهان التي يبلغ عدد سكانها 11 مليون نسمة وظهر فيها الفيروس الجديد في ديسمبر (كانون الأول) الماضي هي عاصمة منطقة هوباي. لكنها باتت مقطوعة عن العالم منذ أن فرض عليها حجر صحّي الخميس.
ووهان هي نقطة التقاء محورين كبيرين هما يانغتسي أطول نهر في آسيا الذي يعبرها من الغرب إلى الشرق، والمحور الشمالي الجنوبي بكين - هونغ كونغ. وكانت عاصمة إقليم هوباي شهدت تدشين أول جسر على نهر يانغتسي في 1957. حسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وفي مؤشر على موقعها الاستراتيجي، تضم المدينة قنصليات عدد من الدول (فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة). وهي محطة ملاحية مهمة، إذ تربطها رحلات مباشرة مع أوروبا والشرق الأوسط والولايات المتحدة.
في أكتوبر (تشرين الأول) 1911. شكل تمرد في ثكنة في المدينة بداية الثورة التي أدت إلى سقوط آخر إمبراطور للصين، الطفل بويي (3 سنوات). وعرف عن سكان المنطقة أنهم أشداء.
وتعرف ووهان بمناخها الصيفي الحار. وهي تشكل، مع نانكين وشونغكينغ، واحدة من «ثلاث مناطق حارّة» مطلة على نهر يانغتسي.
بفضل موقعها في وسط الصين، استفادت المدينة في عهد ماو من استراتيجية نقل الصناعات إلى المناطق الداخلية التي تعتبر أكثر حصانة.
وهي اليوم بين مراكز الصناعات المعدنية إذ تصمم فيها ستون في المائة من سكك الحديد للقطارات السريعة في البلاد.
وتجذب مصانعها عدداً هائلاً من العمال. وقدر رئيس بلدية المدينة عددهم بنحو خمسة ملايين عامل.
ووهان رائدة في التقنيات الحديثة أيضاً. وصنفها مركز «ميلكن إنستيتيوت» في 2019 في المرتبة التاسعة على لائحة المدن الصينية «الأفضل أداء»، بقطاعات تتراوح بين صناعة الكومبيوترات والطب الحيوي.
وتضم المدينة نحو 160 شركة يابانية تعمل في العديد من القطاعات.
ووهان مركز كبير لصناعة السيارات أيضاً. ففيها تأسست شركة دونغ فينغ (رياح الشرق) ثاني شركة لصناعة السيارات في البلاد وشريكة المجموعات، اليابانيتين «نيسان» و«هوندا» والفرنسيتين «بيجو» و«رينو».
وتفيد أرقام نشرتها صحيفة «شانغليانغ ديلي» أنها تضم أكثر من عشرة مصانع لإنتاج السيارات ونحو 500 شركة لتجهيزات السيارات، في قطاع تقدر قيمته بنحو 400 مليار يوان (52.3 مليار يورو).
وبلغ إنتاج المدينة نحو 1.7 مليون سيارة في 2018.
ولدى «بيجو» ثلاثة مصانع في ووهان يعمل فيها نحو ألفي شخص. أما منافستها «رينو» ففتحت أول مصنع لها في الصين في هذه المدينة في بداية 2016. كما تتمركز فيها شركتا «فوريسيا» و«فاليو» لقطع السيارات.
إضافة إلى وجود الشركات الفرنسية، تربط علاقات تاريخية وثقافية بين المدينة وفرنسا.
وكان شطر من المدينة يحمل اسم هانكو استقبل في نهاية القرن التاسع عشر وتحت ضغط القوى الغربية، أول امتياز فرنسي شكل بداية التصنيع.
وتضم اللائحة القنصلية أسماء نحو 500 فرنسي بينما يؤمن معهد «أليانس فرانسيز» دورات في اللغة ونشاطات ثقافية فيها منذ عام 2000.
وتقيم جامعة ووهان المعروفة بقسم اللغة الفرنسية فيها، تعاونا مع جامعات باريس منذ ثمانينات القرن الماضي، وكذلك مع جامعتي ليون وليل.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

مصر تدرس تطبيق نظام «البكالوريا» بدلاً من الثانوية العامة

وزير التعليم المصري في جولة تفقدية بإحدى المدارس (وزارة التربية والتعليم المصرية)
وزير التعليم المصري في جولة تفقدية بإحدى المدارس (وزارة التربية والتعليم المصرية)
TT

مصر تدرس تطبيق نظام «البكالوريا» بدلاً من الثانوية العامة

وزير التعليم المصري في جولة تفقدية بإحدى المدارس (وزارة التربية والتعليم المصرية)
وزير التعليم المصري في جولة تفقدية بإحدى المدارس (وزارة التربية والتعليم المصرية)

طرح وزير التربية والتعليم والتعليم الفني بمصر، محمد عبد اللطيف، مقترَحاً جديداً لتغيير نظام الثانوية العامة، واعتماد «شهادة البكالوريا المصرية» بدلاً منه، مقترِحاً تطبيق النظام الجديد بداية من العام المقبل على الطلاب الملتحقين بالصف الأول الثانوي.

وأوضح الوزير خلال اجتماع لمجلس الوزراء، الأربعاء، أبعاد النظام الجديد وتفاصيله، ووصفه بأنه «يعتمد على تنمية المهارات الفكرية والنقدية، بدلاً من الحفظ والتلقين»، كما يعتمد على التعلم متعدد التخصصات بدمج المواد العلمية والأدبية والفنية، والتقييم المستمر وتقسيم المواد على عامين، وفق بيان لمجلس الوزراء.

ووجَّه رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي بمناقشة آليات تنفيذ هذا النظام في المجموعة الوزارية للتنمية البشرية، والتوافق على صيغة نهائية تطرحها الحكومة للحوار المجتمعي قبل بدء التطبيق.

ويتكون هيكل «شهادة البكالوريا المصرية» المقترحة من مرحلتين، هما المرحلة التمهيدية (الصف الأول الثانوي)، والمرحلة الرئيسية (الصفان الثاني والثالث الثانوي)، وفق عبد اللطيف الذي يؤكد أنه يحظى بـ«اعتراف دولي» ويتيح فرصاً متعددة.

الوزير المصري قدَّم مقترحاً لتغيير نظام الثانوية العامة (وزارة التربية والتعليم المصرية)

وتتضمن المرحلة الأولى، ممثلة في الصف الأول الثانوي، عدداً من المواد الأساسية تدخل في المجموع الكلي، وتشمل مواد التربية الدينية، واللغة العربية، والتاريخ المصري، والرياضيات، والعلوم المتكاملة، والفلسفة والمنطق واللغة الأجنبية الأولى، بالإضافة إلى مواد خارج المجموع تشمل اللغة الأجنبية الثانية والبرمجة وعلوم الحاسب، وفق البيان.

وأضاف الوزير أن المرحلة الرئيسية (الصف الثاني الثانوي) ستتضمن المواد الأساسية في جميع التخصصات، وهي مواد اللغة العربية، والتاريخ المصري واللغة الأجنبية الأولى، بالإضافة إلى المواد التخصصية ويختار منها الطالب مادة واحدة، وهي الطب وعلوم الحياة تشمل «الرياضيات/ الفيزياء»، والهندسة وعلوم الحساب تشمل «الرياضيات (مستوى رفيع)» و«الفيزياء (مستوى رفيع)»، والأعمال تشمل «الاقتصاد (مستوى رفيع)» و«الرياضيات»، والآداب والفنون تشمل «الجغرافيا (مستوى رفيع)» و«الإحصاء».

وبخصوص مواد المرحلة الرئيسية (الصف الثالث الثانوي)، فإنها تتضمن في المواد الأساسية لجميع التخصصات مادة التربية الدينية، بالإضافة إلى المواد التخصصية وهي الطب وعلوم الحياة تشمل «الأحياء (مستوى رفيع)» و«الكيمياء (مستوى رفيع)»، والهندسة وعلوم الحساب تشمل «الرياضيات (مستوى رفيع)» و«الفيزياء (مستوى رفيع)»، والأعمال تشمل «الاقتصاد (مستوى رفيع)» و«الرياضيات»، والآداب والفنون تشمل «الجغرافيا (مستوى رفيع)» و«إحصاء».

وزير التربية والتعليم المصري خلال طرح النظام الجديد للثانوية العامة (رئاسة الوزراء)

وكان وزير التربية والتعليم المصري الذي تولى الحقيبة الوزارية في يوليو (تموز) الماضي، قد أعلن في أغسطس (آب) عن تغييرات في نظام الثانوية العامة بتخفيض عدد المواد للصف الأول الثانوي من 10 إلى 6 مواد، والصف الثاني الثانوي من 8 إلى 6 مواد، والصف الثالث الثانوي من 7 إلى 5 مواد؛ الأمر الذي أثار جدلاً وقتها.

وسرعان ما تعرَّض مقترح الوزير إلى انتقادات عدة عبر «السوسيال ميديا»؛ إذ اعتبر متابعون وأولياء أمور أن «التغييرات المتتالية خلال السنوات الماضية في نظام الثانوية العامة أضرت بمستقبل الطلاب ولم تفدهم، وأن تغيير استراتيجيات التعليم يتطلب سنوات طويلة».

وبخصوص نظام «البكالوريا» الجديد، أشار الوزير، إلى مجموعة من القواعد العامة التي تخصّ المرحلة الرئيسية (الصفين الثاني والثالث الثانوي)، تضمنت أن الامتحانات تتاح بفرصتين في كل عام دراسي خلال شهري مايو (أيار) ويوليو لمواد الصف الثاني الثانوي، وشهري يونيو (حزيران) وأغسطس لمواد الصف الثالث الثانوي، وأن دخول الامتحان للمرة الأولى يكون مجاناً، وبعد ذلك بمقابل 500 جنيه (الدولار يساوي 50.58 جنيه مصري) عن كل مادة، ويحتسب المجموع لكل مادة من مواد الثانوية السبع من 100 درجة.

الوزير يتابع العملية التعليمية بإحدى المدارس (وزارة التربية والتعليم المصرية)

وعدّت عضو لجنة التعليم بمجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المصري) الدكتورة جيهان البيومي «النظام الجديد مقبولاً إذا كان يستهدف الخروج من فكرة حشو عقول الطلبة بالمعلومات والاعتماد على الحفظ والتلقين فقط، وهو أمر انتهى عصره في كل الدول»، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «أما الفكرة وآلية تطبيقها فهما ما نحتاج إلى مراجعته ومعالجة أساليب التطبيق؛ وهو ما يستدعي مناقشته مع الوزير ولجنة التعليم وأيضاً الاستماع إلى المناقشات المجتمعية للوصول إلى أفضل الحلول وأفضل تطبيق».

وتعرّض نظام الثانوية العامة في مصر لتغييرات على مدى سنوات، من بينها تغيير النظام من عام واحد رئيسي (الصف الثالث الثانوي) إلى عامين هما «الصفان الثاني والثالث الثانوي»، ثم عودة النظام القديم واحتساب المجموع لعام واحد فقط.

وخاض امتحان الثانوية العامة في العام السابق 2024 أكثر من 750 ألف طالب وطالبة في الشعبتين الأدبية والعلمية بشعبتيها (العلوم والرياضة)، وتمثل شهادة الثانوية محطة مفصلية في المسار التعليمي للطلاب، وتحظى باهتمام شديد من معظم الأسر المصرية.

ويتوقع أن يثير المقترح الجديد جدلاً وسعاً في مصر بسبب أهميته لمئات الآلاف من الأسر في جميع المحافظات.