نيويورك: مندوب فلسطين يصف خطة ترمب بأنها «زلزال» يبرر «الترانسفير»

TT

نيويورك: مندوب فلسطين يصف خطة ترمب بأنها «زلزال» يبرر «الترانسفير»

رفض المندوب الدائم لدولة فلسطين المراقبة لدى الأمم المتحدة رياض منصور دعوة من المندوبة الأميركية لدى المنظمة الدولية كيلي كرافت لمناقشة خطة السلام التي اقترحها الرئيس دونالد ترمب، متسائلاً عما إذا كانت الأمة العربية تقبل بالسيادة الإسرائيلية على كامل القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، بما فيها المسجد الأقصى.
وعقب اجتماعه مع رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة تيجاني محمد بندي، قال السفير الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط» إن الرئيس محمود عباس سيزور نيويورك في 10 فبراير (شباط) المقبل، على أن يخاطب أعضاء مجلس الأمن في اليوم التالي قبل أن يعود إلى رام الله. وكشف أن «المساعي جارية لإصدار قرار في مجلس الأمن يشدد على احترام القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ومبادئ التسوية الواردة فيها، بالإضافة إلى المرجعيات التي يجمع عليها المجتمع الدولي». وأشار إلى أن المواقف المعلنة «تجمع على المبادئ الرئيسية للتسوية على أساس حل الدولتين على حدود 4 يونيو (حزيران) 1967»، متوقعاً «مزيداً من البلورة لهذه المواقف بعد انتهاء الخبراء من درس تفاصيل ما تقترحه إدارة الرئيس الأميركي مع القيادة الإسرائيلية بقيادة (رئيس الوزراء) بنيامين نتنياهو، في تناقض واضح مع القوانين الدولية والإجماع الدولي». وحذّر منصور مما تتضمنه خطة ترمب من «عملية ترانسفير تعطي لإسرائيل الحق بنقل زهاء 300 ألف فلسطيني يحملون الجنسية الإسرائيلية من أم الفحم إلى كفرقاسم».
ورداً على إعلان منصور أن الرئيس محمود عباس سيأتي إلى مجلس الأمن للدفع في اتجاه إصدار قرار، قالت المندوبة الأميركية كيلي كرافت إنها «منفتحة على التحدث مع المندوب الفلسطيني»، معتبرة أن خطة ترمب «تشكل فرصة قوية للغاية لتحقيق السلام» في الشرق الأوسط، مضيفة أنه على الفلسطينيين أن «ينشدوا السلام بقدر ما نريده، بل أكثر». ودعت إلى «الابتعاد عن النقاش غير الطبيعي» الذي يجري منذ فترة طويلة في الأمم المتحدة، داعية إلى «التركيز على مستقبل الأطفال في الدولة الفلسطينية، وجعلهم مستقرين اقتصاديا، وإعطائهم خيارات تعليمية، والتأكد من أن رعايتهم الصحية مستقرة». وأوضحت أنها «لن تحكم مسبقاً على ما سنناقشه في مجلس الأمن» في الشأن الفلسطيني - الإسرائيلي.
وبعد اجتماعه مع رئيس مجلس الأمن للشهر الجاري المندوب الفيتنامي دانغ دينه كوي، عقد منصور اجتماعاً مع رئيس الجمعية العامة. ثم قال إنه لن يناقش خطة ترمب مع المندوبة الأميركية «ليس لسبب شخصي، بل لأن أي مسؤول فلسطيني لن يقبل بالاجتماع مع أي مسؤول أميركي لمناقشة خطة ترمب» التي وصفها بأنها «بمثابة زلزال بالنسبة إلى الفلسطينيين».
ونقل عن باندي أنه يؤيد «المواقف الواضحة» التي أعلنها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش حول «ضرورة التزام قرارات الشرعية الدولية والمرجعيات المعروفة للحل». وكرر أن الرئيس الفلسطيني «سيفصل موقف فلسطين من الخطة الأميركية - الإسرائيلية لتصفية القضية الفلسطينية». وأشار إلى أنه يعمل بالتعاون مع عدد من الدول الأعضاء على مشروع قرار أمام مجلس الأمن. ولفت إلى أن المشاورات متواصلة حول الخطوات الواجب اتخاذها في سياق اقتراح مشروع القرار المنشود. ولاحظ أن خطة ترمب لا تشمل أي سيادة للفلسطينيين.
وتحدث عن اجتماعات تعقد مع الجانب الأوروبي الذي «يرفض أي اقتراح لا يستند إلى المرجعيات الدولية وقرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن»، ومنها ضمناً «إنهاء الاحتلال وقيام دولة فلسطينية ذات سيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 على أن تكون عاصمتها القدس الشرقية، إضافة إلى حل قضية اللاجئين وحق العودة والتعويضات».
إلى ذلك، نقل الناطق باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك عن غوتيريش إن «موقف الأمم المتحدة في ما يخص حل الدولتين تم تحديده على مر السنين بحسب قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة ذات الصلة»، مضيفاً أن الأمم المتحدة «تبقى ملتزمة دعم الفلسطينيين والإسرائيليين لحل الصراع على أساس قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، والقانون الدولي والاتفاقيات الثنائية من أجل تحقيق رؤية حل الدولتين - إسرائيل وفلسطين - جنباً إلى جنب بسلام وأمن ضمن حدود دولية معترف بها على أساس حدود ما قبل خطوط 1967».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم