اجتماع طارئ اليوم لـ«الصحة العالمية» حول «كورونا الجديد»

عدد الإصابات تجاوز حصيلة «سارس»... وخطوط طيران جمّدت رحلاتها إلى الصين

TT

اجتماع طارئ اليوم لـ«الصحة العالمية» حول «كورونا الجديد»

أعلن المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، بعد عودته من بكين، أنه سيدعو لجنة الطوارئ في المنظمة للانعقاد من جديد، اليوم، للتباحث بشأن فيروس كورونا الجديد الذي ظهر في الصين، وتحديد ما إذا كان الوضع يستدعي إعلان حالة طوارئ دولية.
وكتب المدير العام تادروس أدناهوم غيبرييسوس، في تغريدة: «قررت أن أعقد اجتماعاً جديداً غداً للجنة الطوارئ المعنية باللوائح الصحية الدولية حول فيروس كورونا الجديد لأخذ رأيهم حول ما إذا كان الفيروس يشكّل حالة طوارئ صحية ذات بعد دولي».

- إنذار عالمي
في الأثناء، دعا مدير برامج الطوارئ في منظمة الصحة العالمية مايكل راين، خلال مؤتمر صحافي في جنيف «العالم بأجمعه إلى التحرك» لمواجهة الفيروس، قائلاً: «إن العالم بأسره يجب أن يكون في حالة إنذار».
من جهته، أوضح تادروس أن «معظم حالات الإصابة التي تفوق الـ6 آلاف حالة موجودة في الصين، ونسبة 1% فقط، أي 68 إصابة من تلك الإصابات، سُجلت اليوم في 15 بلداً آخر. لكن سُجل انتقال العدوى من إنسان إلى آخر في 3 دول أخرى غير الصين»، موضحاً أن «خطر التفشي العالمي هو سبب دعوتي لانعقاد لجنة الطوارئ».
وهذه هي المرة الثانية التي يستدعي فيها المدير العام لمنظمة الصحة العالمية هذه اللجنة للانعقاد بشأن فيروس كورونا الجديد الذي أودى بحياة 132 شخصاً منذ ظهوره أواخر ديسمبر (كانون الأول) في الصين. وأعلن رئيس لجنة الطوارئ ديدييه حسين، لوسائل الإعلام أن خبراء اللجنة منقسمون بشكل كبير حيال الموضوع. ولم تلجأ المنظمة لاستخدام توصيف «حالة طوارئ صحة عامة ذات بعد دولي»، إلا في حالات نادرة استدعت رداً دولياً قوياً، كما في حالة انتشار إنفلونزا الخنازير (إتش 1 إن 1)، وفيروس زيكا في عام 2016، وحمى إيبولا التي اجتاحت جزءاً من غرب أفريقيا بين عامي 2014 و2016، وتنتشر في جمهورية الكونغو الديمقراطية منذ عام 2018.
ويأتي الإعلان عن الاجتماع في وقت تخطّى فيه عدد الحالات التي سُجلت حتى الآن عدد إصابات متلازمة سارس التنفسية النادرة في عامي 2002 و2003، الناتجة عن نوع آخر من فيروسات كورونا الذي أصاب 5327 شخصاً في الصين، وتسبب «سارس» في وفاة 774 شخصاً في العالم، بينهم 349 في الصين. وأعلنت السلطات الصحية الصينية، أمس (الأربعاء)، تسجيل 26 وفاة جديدة جراء فيروس كورونا الجديد منذ الثلاثاء، ما يرفع الحصيلة إلى 132 وفاة و5974 إصابة مثبتة في البر الصيني. ورغم تركز المرض في الصين، فإن إصابات سُجلت في 15 دولة أخرى، مثل الإمارات العربية المتحدة وهي أول دولة في الشرق الأوسط يظهر فيها الفيروس، وفرنسا وألمانيا وعدة دول آسيوية.
وأجرى المدير العام للمنظمة، الأحد، زيارة إلى الصين للقاء ممثلين عن الحكومة ومختصين بالطب. وأكد أنه «أجرى لقاءات صريحة مع الرئيس الصيني شي جينبينغ، الذي أطلق حملة وطنية واسعة للتصدي للمرض».

- إجلاء الأجانب
في هذا الوقت، قامت الولايات المتحدة واليابان، بإجلاء المئات من رعاياهما من ووهان، بؤرة انتشار فيروس كورونا الجديد في وسط الصين. وعزلت السلطات الصينية هذه المدينة ومحافظة هوبي بكاملها تقريباً عن باقي الصين، على أمل احتواء الوباء. ويشمل هذا الطوق الصحي 56 مليون نسمة وآلاف الأجانب، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.
وحطت طائرة يابانية تنقل نحو 200 مواطن ياباني من ووهان قبل الظهر في طوكيو. ولا تعتزم السلطات اليابانية فرض حجر صحي على المواطنين العائدين من يوان، بل تطلب منهم فقط لزوم منازلهم على مدى أسبوعين.
كذلك، أعلنت الولايات المتحدة أن طائرة أقلعت أمس، وعلى متنها نحو 200 شخص لإجلاء موظفي قنصليتها في ووهان ورعايا أميركيين أخرين. من جهتها، أعلنت باريس أن طائرة ستحط اليوم، في ووهان لإعادة أول دفعة من الرعايا الفرنسيين «الجمعة على الأرجح»، وقالت وزيرة الصحة أنييس بوزين، إن العائدين سيخضعون للحجر الصحي 14 يوماً لدى عودتهم.
وذكرت المفوضية الأوروبية أن طائرة فرنسية ثانية ستقلع «لاحقاً خلال الأسبوع»، وستتمكن الطائرتان معاً من إعادة ما لا يقل عن 350 أوروبياً، بينهم 250 فرنسياً من الصين. وتُعدّ كوريا الجنوبية لعملية إجلاء رعاياها، فيما تقول دول أخرى إنها تدرس مثل هذه العمليات، وبينها كندا وأستراليا التي تعتزم وضع مواطنيها العائدين في الحجر الصحي في جزيرة كريسماس في المحيط الهندي. ويواصل الوباء الانتشار خارج الصين مع تسجيل أربع إصابات جديدة بالفيروس في مقاطعة بافاريا بجنوب غربي ألمانيا، حيث رصد أول انتقال مباشر للعدوى على الأراضي الأوروبية. وكانت السلطات الفرنسية قد أفادت عن إصابة شخص خامس.

- جهود دولية لتطوير لقاح
بموازاة ذلك، يعمل باحثون من معاهد الصحة الوطنية الأميركية على تطوير لقاح ضد الفيروس، لكنّ العمل عليه قد يستغرق عدة أشهر، فيما أعلن علماء في معهد «دوهرتي» في ملبورن بأستراليا التوصل إلى استنساخ الفيروس في المختبر، في مرحلة تعد أساسية لمكافحته.
بدورها، قالت القنصلية الروسية في مدينة غوانشو الصينية أمس، إن روسيا والصين تعملان معاً لتطوير لقاح مضاد لفيروس كورونا، وإن بكين سلمت روسيا الشفرة الوراثية (الجينوم) للفيروس. وذكرت القنصلية في بيان على موقعها الإلكتروني: «بدأ خبراء روس وصينيون تطوير لقاح». ولم تؤكد روسيا أي حالات إصابة بالفيروس الجديد.
وحرصاً منها على احتواء انتشار الوباء، أوصت الصين مواطنيها بـ«تأجيل» رحلاتهم «غير الضرورية» خارج حدودها، بعدما علقت الرحلات الجماعية، فيما عززت دول عدة تدابير الوقاية.
وأعلنت هونغ كونغ أنها خفّضت إلى النصف الرحلات الآتية من الصين القارية وأغلقت ستّ نقاط عبور من أصل 14 على حدودها، فيما نصحت عدة دول منها ألمانيا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة رعاياها بعدم التوجه إلى الصين.

- شركات عالمية تعلّق أنشطتها
يُتوقع أن يكون تأثير هذا الفيروس وخيماً على الاقتصاد الصيني، بعد توقُّع تراجع النمو الاقتصادي إلى 5% في الربع الأول. وأعلنت شركة «ستاربكس» إغلاق 2000 من أصل 4300 فرع لها في الصين، ثاني أكبر سوق لها خارج الولايات المتحدة.
بدورها، أعلنت شركة «تويوتا موتور كورب» اليابانية لصناعة السيارات وقف أنشطتها في الصين حتى 9 فبراير (شباط) المقبل على الأقل لتنضم إلى قائمة متزايدة من الشركات التي قلصت أو أوقفت أنشطتها في الصين بسبب انتشار فيروس كورونا الجديد. كما أرجأت شركة «آبل» الأميركية العملاقة للإلكترونيات إعادة فتح مصانعها في الصين، السوق الأساسية لمنتجاتها، إلى 10 فبراير.
إلى ذلك، علقت ثلاث شركات طيران أمس، رحلاتها إلى الصين، بينها «الخطوط الجوية البريطانية»، والألمانية «لوفتهانزا»، والإندونيسية «ليون إير». وأعلنت شركات الطيران «كاثاي باسفيك» (هونغ كونغ)، والأميركية «يونايتد إيرلاينز»، والكندية «إير كندا»، نيتها تقليص رحلاتها إلى الصين.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: فيروس «إتش إم بي في» في الصين شائع ولا يشكل تهديداً

آسيا طفل يضع كمامة وينتظر دوره مع أسرته داخل مستشفى في شرق الصين (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: فيروس «إتش إم بي في» في الصين شائع ولا يشكل تهديداً

قدمت منظمة الصحة العالمية، اليوم، تطمينات بشأن فيروس «إتش إم بي في»، وهو عدوى تنفسية تنتشر في الصين، مؤكدةً أن الفيروس ليس جديداً أو خطيراً بشكل خاص.

«الشرق الأوسط» (جنيف - بكين)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك صورة ملتقطة بالمجهر الإلكتروني قدمتها مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها تُظهر مجموعة من فيروسات «نوروفيروس» (أ.ب)

وسط انتشاره بأميركا... ماذا نعرف عن «نوروفيروس»؟ وكيف نحمي أنفسنا؟

تشهد أميركا تزايداً في حالات الإصابة بفيروس «نوروفيروس»، المعروف أيضاً باسم إنفلونزا المعدة أو جرثومة المعدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهميةً الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

قبل خمس سنوات، أصيبت مجموعة من الناس في مدينة ووهان الصينية، بفيروس لم يعرفه العالم من قبل.

آسيا رجل أمن بلباس واقٍ أمام مستشفى يستقبل الإصابات بـ«كورونا» في مدينة ووهان الصينية (أرشيفية - رويترز)

الصين: شاركنا القدر الأكبر من بيانات كوفيد-19 مع مختلف الدول

قالت الصين إنها شاركت القدر الأكبر من البيانات ونتائج الأبحاث الخاصة بكوفيد-19 مع مختلف الدول وأضافت أن العمل على تتبع أصول فيروس كورونا يجب أن يتم في دول أخرى

«الشرق الأوسط» (بكين)

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟