إقبال جماهيري على معرض «أيتها الأرض» الفني بجدة

المعمار والفن يوجهان رسالة حب عاجلة واعتذار للبيئة

جانب من المعرض الفني «أينها الارض»
جانب من المعرض الفني «أينها الارض»
TT

إقبال جماهيري على معرض «أيتها الأرض» الفني بجدة

جانب من المعرض الفني «أينها الارض»
جانب من المعرض الفني «أينها الارض»

تحولت مدينة جدة ليلة أمس إلى معرض فنّي شامل مع افتتاح النسخة السابعة من معرض الفنون السنوي 21,39، الذي يأتي هذا العام محملا بهموم بيئية ورسالة حب واعتذار لكوكب الأرض. وتفاعل مع موضوع العام الحالي، وعنوانه "أيتها الأرض" عدد ضخم من الفنانين، قدم كلّ منهم تصوّره لقضايا البيئة مع نظرة محلية تحاول فهم دور الإنسان في إصلاح الضرر الذي وقع على البيئة وأيضا محاولة فهم العلاقات مع الكائنات التي تشاركنا الحياة على هذا الكوكب.
تجوّل الزوار بين المعروضات باهتمام واضح، ودارت المحادثات مع الفنانين حول رؤاهم وأعمالهم، وكان من اللافت أيضا الإقبال على حضور عروض الفيديو المشاركة التي تميّز منها عرض الفنان أيمن زيداني المعنون بـ"عودة القدماء 2020".
وخلال جولة خاصة بـ«الشرق الأوسط»، مع منسقة العرض مايا الخليل، التي استعرضت لنا الفكرة وراء العرض والمفهوم الذي استند إليه.
بداية الانطباع الذي يتركه المعرض لدى المشاهد هو الإحساس بالحب لهذه الأرض والحزن لمعاناتها، كما يخالطنا شعور بالحنين لأزمنة مضت ولطرق حياة تغيرت، أما الإحساس بالقلق من القادم فهو متغلغل في كل الآمال الموجودة. المعرض طموح وغني بالأفكار والتحليلات والتجليات المرئية وممتع على أكثر من مستوى.
لكل معرض محور ونقطة محددة ينطلق منها محملاً بالأفكار والمعاني، وفي معرض «أيتها الأرض» ننطلق من أعمال فراي أوتو الفنان والمصمم المعماري العالمي الحائز على جائزة بريتزكر للهندسة المعمارية (1925 - 2015)، وهو رائد هندسة وتصميم الهياكل الخفيفة والمحاكاة الحيوية. في جولة ممتعة جداً وموجعة في أحيان ولكن مليئة بالأفكار والتحليلات والاكتشافات، انطلق مع منسقة المعرض مايا خليل لاستعراض الأعمال المشاركة. تبدأ الحديث معي عن فراي أوتو وتأثيره على الكثيرين وأعماله التي نفذها في السعودية، بعض منها ما زال موجوداً وعدد آخر لم ير النور. «الفكرة من المعرض اعتمدت في الأساس على أعمال فراي أوتو، الذي نرى بعضاً من تصميماته المعمارية هنا في السعودية. أوتو يعد والد مذهب محاكاة الطبيعة (بيو ميميكري) وهو أسلوب معماري يبحث عن الحلول المستدامة في الطبيعة، وذلك عن طريق محاكاة الأشكال الطبيعية. التعريف الموسوعي للفلسفة التي قامت عليها فلسفة وطريقة عمل فراي أوتو يفتح لنا الباب لفهم الأعمال المختلفة التي شارك بها 60 فناناً في معرضنا هذا». وهو أيضاً ما تعبر عنه المنسقة مايا الخليل بقولها: «أوتو كان قريباً جداً من الطبيعة في أعماله»، وتستطرد: «أعتقد أنه أمر هام جداً أن نعيد التفكير في علاقتنا بالطبيعة في هذه المرحلة تحديداً».
كانت نقطة التواصل مع الفنانين نابعة من فلسفة فراي أوتو، تشرح لنا: «بدأت التواصل مع الفنانين على أساس مفهوم واضح ومحدد وهو التفاعل مع البيئة وتأثيرنا عليها، أدركت أن الموضوع كان بعيداً عن الممارسات الفنية التي قاموا بها حتى الآن. قررنا سوياً أننا نريد أن نقدم لمحة وفكرة مرتبطة بالقضية البيئية»، تشير إلى أن الوقت المتاح أمام الفنانين للبحث والقراءة وتكوين مفهوم فني متماش مع الموضوع كان محدوداً ولكن ذلك أمر يمكن تفهمه، «فقليل يعرفون عن أعمال أوتو في السعودية وبعض تلك الأعمال لم ير النور».
تقدم مايا الخليل مع جورج فراشليوتيس، أستاذ نظرية العمارة ومدير مجموعة الهندسة المعمارية في معهد كارلسروه للتكنولوجيا، فرصة للتأمل في رؤية المصمم فراي أوتو وكيف ساهمت في المشهد الحضري للمملكة العربية السعودية، التي أصبحت موطناً لبعض مشاريعه الأكثر ابتكاراً.
فرح بهبهاني... أغاني البحر وبلاستيك ملون على قاع المحيط
نمر في جولتنا على الفنانة الكويتية فرح بهبهاني التي تقدم عملاً مستوحى من الحياة قديماً في الكويت، من علاقة السكان بالبحر والمحيط، تختار بهبهاني مفرداتها الفنية بوعي وحساسية، تقول ملخصة في كلمات بليغة عملاً نراه أمامنا يحتل مساحة كبيرة ويطغى بحضوره على ما عداه: «عملي هنا يتعلق بحماية التنوع البيئي في الخليج العربي». عملها يبدو كموجة ضخمة من الورق الأبيض المطوي وكأنه موجة من البحر على طاولة سطحها زجاجي وتحدها حبال. هل هي المراكب التي كان السكان يستخدمونها لطلب الرزق في الخليج، وما هذه الأشكال المنتظمة على الأرض أسفل ذلك المجسم الورقي، الأشكال منتظمة وهندسية وملونة. تشير الفنانة إلى أن الأشكال المنتظمة أمامنا تكون كلمات لقصيدة لشاعر كويتي عنوانها «رحال». تشرح لنا أكثر: «ما فعلته هو التأمل في الأشكال الهندسية في الطبيعة، قرأت عن نوع من الحياة الفطرية البحرية متعدد الأشكال (4000 شكل)، هي أشكال ميكروسكوبية. ما أثار اهتمامي هنا هو الأشكال المتماثلة التي تتخذها، اخترت أحد هذه التشكيلات وبدأت العمل معها وتكوين عملي هنا، في ثنايا الورق أدخلت كلمات قصيدة «رحال» للشاعر بو رسلي، وذلك باستخدام أسلوب من التراث الإسلامي يطلق عليه «التأبير»، وهو عبارة عن إحداث ثقوب في الورق باستخدام الإبرة. القصيدة تتحدث عن تاريخ الكويت قبل اكتشاف النفط وأهمية الحياة البحرية لأهلها.
استخدمت الفنانة الخط الكوفي لتكون كلمات القصيدة باستخدام ثقوب الإبرة. «تأثير أسلوب التأبير بصرياً مذهل بالفعل، يخترق الضوء تلك الثقوب الصغيرة ويطرح الظلال على الأرضية تحتها»، تقول: «أردت أن أبدأ المحادثة حول التلوث والبحار». كلمات القصيدة نراها على الأرض وكأنما تسللت من الثقوب في موجة الورق الموضوعة أعلى، تقول كلماتها: «هيلي يلاا... يلاا... رحال يطوي البحور يبحر ليالي القوس يبني الحياة...». هل سيكون التأثير أكبر لو كان هناك صوت يؤدي تلك الكلمات ليغلف المشهد الفني ويحول الأمر إلى تجربة مكتملة؟ أتساءل وأترك سؤالي مع الفنانة وأنتقل مع المنسقة الخليل لجانب آخر من المعرض.
في عرض الفنانة دانية الصالح، تشير المنسقة إلى أن الفنانة تتناول فكرة تعتمد على العمل الجيد أو الفكرة الجيدة تحمل داخلها الطاقة للتكاثر، وتضيف: «الفنانة تستنسخ التواصل مع الطبيعة وكأنها تحمل رسالة تقول: (نحن متصلون ببعضنا، ما هي طبيعة التواصل الذي نريد أن يتكاثر ويتكرر؟)».
الرجل الأخضر يعود دائماً
الفنان مهند شونو يجلس منكباً على إكمال عمله الضخم والمعتمد على أسطورة عالمية هي «الرجل الأخضر»، أتحدث معه سريعاً عن النقوش والخطوط التي يخطها، ويقول: «حذرونا من الصغر من محاولة تقليد الكائنات الحية أو إعادة رسمها، كان الحل وقتها هو رسم خط بالعرض على رقبة الشخص أو الحيوان المرسوم حتى تنتفي شبهة تقليد الحياة». يلتقط الفنان فكرته الفنية من ذلك الخط، وتتطور الفكرة معه بشكل مبدع، أن ترسم خطاً على الرسم فكأنما تقطع رأسه. يربط بين الفكرة وبين شخصية موجودة في أدبيات وأساطير عالمية وهي شخصية «الرجل الأخضر» الذي يتعرض لتقطيع أجزائه ولكنه يستعيد حياته في كل مرة. هو أوزوريس وهو أيضاً الرجل الأخضر في قصة الملك آرثر. يرى الفنان في العودة الدائمة للرجل الأخضر بعد كل مرة يتم قطع رأسه، نوعاً من التحدي والانبعاث والتجديد.
معرض «أيتها الأرض» يحمل من الأعمال الكثير وكل عمل يستحق التوقف أمامه ومحاولة فك رموزه، أكتفي بجولتي الأولى وأخرج من المعرض محملة بالأفكار والصور والمعاني، ولكن المعرض يستحق العودة مرة ثانية لاستكمال ما أراد بقية الفنانين الـ60 قوله. وأستعيد جملة قالتها المنسقة مايا الخليل في المؤتمر الصحافي أمس: «قد انفصلنا عن الطبيعة، ببناء علاقة متزايدة من الهيمنة والاستغلال. نحن بحاجة إلى إعادة النظر في قيمة تربطنا ليس فقط مع الطبيعة ولكن مع بعضنا البعض. من خلال مراقبة ومحاكاة أنماط واستراتيجيات الطبيعة التي تم اختبارها عبر الزمن، لدينا بالفعل حلول لمستقبل مستدام».



بريجيت باردو خرجت من الصورة وبقيت في الزمن

زمنٌ بكامله انعكس على ملامح امرأة (أ.ب)
زمنٌ بكامله انعكس على ملامح امرأة (أ.ب)
TT

بريجيت باردو خرجت من الصورة وبقيت في الزمن

زمنٌ بكامله انعكس على ملامح امرأة (أ.ب)
زمنٌ بكامله انعكس على ملامح امرأة (أ.ب)

كانت بريجيت باردو أكثر من جسد أيقوني علَّق عليه القرن العشرون خيالاته وأسئلته. وكانت، قبل كلّ شيء، امرأة وُلدت في زمن لا يعرف كيف يتعامل مع أنثى لا تطلب الإذن. امرأة خرجت من الشاشة لتدخل الوعي الجماعي، وتحوّلت من ممثلة إلى مُحرِّكة لقلق المجتمع الذكوري ولمخاوفه من الجسد المُنطلِق، ومن المرأة التي لا يمكن ضبطها أو احتواؤها.

الجمال الذي لا يطلب الإذن غالباً ما يُساء فهمه (أ.ف.ب)

حين ظهرت باردو في خمسينات القرن الماضي، لم يكن العالم مهيّأً لها. كانت السينما لا تزال تبحث عن نساء جميلات «مروَّضات»، وأنوثة يمكن استهلاكها من دون أن تُهدّد البنية الأخلاقية القائمة. لكن باردو جاءت مختلفة. جسدها لم يكن خاضعاً، ونظرتها لم تكن مطيعة، وحضورها لم يكن استعطافياً. لم تؤدِّ دور المرأة المرغوبة فقط، وإنما المرأة الواعية بجاذبيتها، لا تتبرأ منها ولا تُبالغ باستعراضها. هنا تحديداً بدأ الارتباك.

في أفلامها، وخصوصاً «وخلق الله المرأة»، كانت المسألة في الجرأة الوجودية قبل المَشاهد الجريئة. باردو شكَّلت تجسيداً لامرأة تختار وتقتحم وترفض وتُغادر. امرأة لا تُعاقب نفسها كي تُطمئن المجتمع. ومنذ تلك اللحظة، أصبحت أكثر من نجمة. أصبحت سؤالاً أخلاقياً مُعلّقاً في الهواء.

امرأة صنعت حضورها ثم دفعت ثمنه (أ.ف.ب)

تحوّلت سريعاً إلى ظاهرة ثقافية تتجاوز الشاشة. شعرها الأشقر المنفلت، نظراتها التي لا تنحني، صارت جزءاً من خطاب اجتماعي كامل عن الحرّية والأنوثة غير المروَّضة. لكنها، في مقابل هذه الأيقونية، دفعت ثمناً باهظاً. فباردو التي رآها العالم رمزاً للانطلاق، كانت تعيش قلقاً دائماً واختناقاً من الضوء وشعوراً متنامياً بأنها صارت صورة أكثر مما هي إنسانة. تزوّجت أكثر من مرة، أحبَّت وجُرحت، ووجدت نفسها مُحاصرة بتوقّعات الآخرين، وبفكرة أنها «مُلكية عامة».

امرأة عَبَرَت الزمن بلا اعتذار وبلا محاولة لإرضائه (أ.ف.ب)

لكن المجتمع لا يكتفي بطرح الأسئلة، فيُسارع إلى معاقبة مَن يجرؤ على طرحها. فُتحت على باردو أبواب المجد كما تُفتح الأبواب على العاصفة. صُوّرت، كُتِب عنها، حوصرت بالكاميرات، اختُزلت في جسدها، ثم حُوسبت على هذا الجسد نفسه. أُعجِب بها العالم، لكنه لم يغفر لها أنها لم تطلب إعجابه بالطريقة «الصحيحة».

في عمق هذه المفارقة، عاشت باردو مأساة الأيقونات. حين تتحوّل المرأة إلى أيقونة، يُسلب منها حقّ التعب وحقّ التناقض وحقّ الشيخوخة. فالأيقونة يجب أن تبقى ثابتة، بينما يتغيَّر الإنسان. وبريجيت باردو تغيَّرت كثيراً.

انسحبت من السينما باكراً لتقول، بصيغة أو بأخرى، إنّ هذا العالم لا يُشبهها، ولم تُخلق لتُستَهلك إلى ما لا نهاية. انسحابها كان تمرّداً. كان قرار امرأة اختارت أن تُنقذ نفسها من صورة صنعتها ولم تعد تملكها.

خرج الجمال من القالب وصار موقفاً (أ.ب)

مع الزمن، تغيَّرت ملامحها وتبدَّلت نظرتها إلى العالم. لم تُحاول معاندة العمر، ولم تتصالح معه على الطريقة الرومانسية. كانت علاقتها بالزمن خشنة وصريحة وخالية من المجاملات. لم تُخفِ انزعاجها من الشيخوخة، ولا حنقها على عالم يُقدّس الشباب ثم يدير ظهره لمَن يتقدّم في السنّ. هنا أيضاً، كانت صادقة أكثر مما يحتمل الجمهور.

في مرحلة لاحقة، وجدت باردو في الحيوانات البراءة غير المشروطة والوفاء غير الملوَّث بالسلطة. تلك صفات لم تجدها في البشر. تحوَّل دفاعها عن حقوق الحيوان إلى قضية وجودية. أسَّست مؤسّستها، وكرَّست ما تبقّى من حياتها لمعركة ترى فيها شكلاً آخر من أشكال العدالة. قد يُختلف معها في حدّتها، أو في لغتها، أو في بعض مواقفها، لكن لا يمكن إنكار أنّ هذا الالتزام كان امتداداً لمنطقها نفسه القائم على رفض العنف أياً كان شكله، ورفض الهيمنة أياً كان مصدرها.

باردو كانت دائماً امرأة «غير مريحة». لم تُتقن فنّ إرضاء الجميع، ولم تحاول. وهذا بالضبط ما جعلها أيقونة جدلية تتجاوز التمثال الجميل. فالأيقونة الحقيقية لا تُحَبّ بالإجماع. تُساءَل وتُقلِق. ولمّا لم يكُن الزمن رحيماً بها، لا في ملامحها ولا في صورتها العامة، ولمّا تغيّر وجهها وقسا أحياناً، انعكست تحوّلاتها الداخلية في تصريحات أدخلتها في صدام مع الرأي العام الفرنسي. امرأة كانت رمز التحرُّر، وجدت نفسها لاحقاً على هامش الإجماع، تقول الكلمات بصراحة، وتُقرأ مواقفها أحياناً بمعزل عن سياقها الإنساني المُعقّد. لم تحاول باردو أن تُجمّل صورتها أو تستعيد ودّ الجمهور. بقيت كما هي، حادَّة وصريحة وغير معنيّة بأن تُحَبّ.

ترحل بريجيت باردو وتبقى سيرة المرأة التي دفعت بخيارها ثمن حرّيتها، إلى جانب صورة المرأة الجميلة من زمن مضى. امرأة أحبَّها العالم حين كانت شابّة، وضيَّق عليها حين كبرت. امرأة كشفت، من دون تنظير، كيف يُحبّ المجتمع النساء طالما بقيْنَ ضمن صورته، وكيف يُعاقبهنّ حين يخرجْنَ منها.


قرية إيطالية تحتفل بأول مولود منذ 30 عاماً

الطفلة لارا بوسي ترابوكو هي أول مولودة في باغليارا دي مارسي منذ 30 عاماً (بيكسباي)
الطفلة لارا بوسي ترابوكو هي أول مولودة في باغليارا دي مارسي منذ 30 عاماً (بيكسباي)
TT

قرية إيطالية تحتفل بأول مولود منذ 30 عاماً

الطفلة لارا بوسي ترابوكو هي أول مولودة في باغليارا دي مارسي منذ 30 عاماً (بيكسباي)
الطفلة لارا بوسي ترابوكو هي أول مولودة في باغليارا دي مارسي منذ 30 عاماً (بيكسباي)

احتفلت قرية باغليارا دي مارسي، وهي قرية ريفية عريقة تقع على سفوح جبل غيريفالكو في منطقة أبروتسو الإيطالية، بولادة أول طفلة منذ 3 عقود.

وحسب صحيفة «الغارديان» البريطانية، فإن هذه الطفلة هي لارا بوسي ترابوكو، وقد ولدت في شهر مارس (آذار) الماضي، لتكون أول مولودة في باغليارا دي مارسي منذ ما يقرب من 30 عاماً.

وبولادتها، وصل عدد سكان القرية، التي يفوق عدد القطط فيها عدد السكان بكثير، إلى 20 شخصاً.

ونظراً لندرة الحدث بالقرية، أصبحت الطفلة الآن عامل الجذب السياحي الرئيسي بالمكان.

وقالت والدتها، سينزيا ترابوكو: «لقد حضر أشخاص لم يكونوا يعرفون حتى بوجود باغليارا دي مارسي، فقط لأنهم سمعوا عن لارا. لقد أصبحت مشهورة وهي لم تتجاوز التسعة أشهر من عمرها».

ويمثل قدوم لارا رمزاً للأمل، ولكنه أيضاً تذكيرٌ مؤلمٌ بتفاقم الأزمة الديمغرافية في إيطاليا.

وفي عام 2024، بلغ عدد المواليد في إيطاليا أدنى مستوى تاريخي له، حيث وصل إلى نحو 369 ألف مولود، مواصلاً بذلك اتجاهاً سلبياً استمر 16 عاماً، وفقاً لأرقام المعهد الوطني للإحصاء.

كما انخفض معدل الخصوبة إلى مستوى قياسي، حيث بلغ متوسط ​​عدد الأطفال المولودين للنساء في سن الإنجاب 1.18 طفل في عام 2024، وهو من أدنى المعدلات في الاتحاد الأوروبي.

وتتعدد أسباب هذا التراجع، من انعدام الأمن الوظيفي وموجة الهجرة الشبابية الهائلة إلى عدم كفاية الدعم المقدم للأمهات العاملات، وكما هي الحال في بلدان أخرى، ارتفاع معدلات العقم لدى الرجال. علاوة على ذلك، يختار عدد كبير من الناس ببساطة عدم إنجاب الأطفال.

وتشير البيانات الأولية الصادرة عن المعهد الوطني للإحصاء للأشهر السبعة الأولى من عام 2025 إلى مزيد من الانخفاض.

وشهدت منطقة أبروتسو، ذات الكثافة السكانية المنخفضة أصلاً، انخفاضاً بنسبة 10.2في المائة في عدد المواليد بين يناير (كانون الثاني) ويوليو (تموز) مقارنةً بالفترة نفسها من عام 2024.

وتُعدّ باغليارا دي مارسي قرية صغيرة، لكنها تمثل مشهداً يتكرر في أنحاء البلاد، حيث يزداد عدد كبار السنّ، وتتراجع أعداد الطلاب في المدارس، مما يضع ضغوطاً على المالية العامة، ويُشكل تحديات اقتصادية واجتماعية هائلة للقادة على المستويات المحلية والإقليمية والوطنية.

وقالت رئيسة البلدية، جوزيبينا بيروزي: «تعاني باغليارا دي مارسي من انخفاض حادّ في عدد السكان، تفاقم بسبب رحيل كثير من كبار السنّ، دون أيّ تغيير في الأجيال».

وأعربت بيروزي، التي تسكن على بُعد خطوات من منزل الطفلة لارا، عن امتنانها لترابوكو (42 عاماً)، وشريكها باولو بوسي (56 عاماً)، لتكوينهما أسرة، وتأمل أن يُلهم ذلك الآخرين لفعل الشيء نفسه.

ويُعدّ وضعهما غير مألوف. فترابوكو، مُدرّسة الموسيقى، وُلدت في فراسكاتي، بالقرب من روما، وعملت في العاصمة الإيطالية لسنوات قبل أن تُقرّر الانتقال إلى القرية التي وُلد فيها جدّها، لأنها لطالما رغبت في تربية أسرة بعيداً عن صخب المدينة. والتقت ببوسي، عامل البناء من المنطقة، قبل بضع سنوات.

واستفاد الزوجان من «منحة المولود» البالغة ألف يورو بعد ولادة لارا، وهي دفعة تُصرف لمرة واحدة عن كل طفل يُولد أو يتم تبنيه منذ يناير 2025، وقد أقرّتها حكومة جورجيا ميلوني اليمينية المتطرفة في جزء من تعهّدها بمعالجة ما وصفته رئيسة الوزراء بـ«الشتاء الديمغرافي» في إيطاليا. كما يتلقّيان أيضاً إعانة طفل تُقدّر بنحو 370 يورو شهرياً.

لكنّ معاناتهم الرئيسية تكمن في التوفيق بين رعاية الأطفال والعمل. فنظام دعم رعاية الأطفال في إيطاليا يعاني من نقص مزمن، وحكومة ميلوني، رغم تصويرها لأزمة انخفاض معدل المواليد على أنها معركة من أجل بقاء الأمة، لم تفِ حتى الآن بوعدها بزيادة عدد دور الحضانة. وتُجبر نساء حوامل على ترك العمل، ثم يواجهن صعوبة في العودة إليه لاحقاً.

كما يشعر الزوجان بالقلق حيال مستقبل لارا الدراسي. فآخر مرة كان فيها لحضانة باغليارا دي مارسي مُعلّمة - كان منزلها يُستخدم بوصفه مدرسة - كانت قبل عقود.

وتوجد مدرسة ابتدائية في كاستيلافيوم القريبة، ولكن بالنظر إلى إغلاق المدارس في جميع أنحاء إيطاليا بسبب انخفاض معدل المواليد، فإنه من غير المؤكد ما إذا كان سيكون هناك عدد كافٍ من الأطفال لدعم هذه المنشأة على المدى الطويل.

وقالت ترابوكو إن الحوافز المالية وحدها لا تكفي لوقف هذا التوجه. وأضافت: «يحتاج النظام بأكمله إلى ثورة. نحن بلد ذو ضرائب مرتفعة، لكن هذا لا يُترجم إلى جودة حياة جيدة أو خدمات اجتماعية جيدة».


وفاة الأسطورة الفرنسية بريجيت باردو عن 91 عاماً

النجمة الفرنسية بريجيت باردو لدى وصولها إلى مطار كينيدي في نيويورك عام 1965 (أ.ف.ب)
النجمة الفرنسية بريجيت باردو لدى وصولها إلى مطار كينيدي في نيويورك عام 1965 (أ.ف.ب)
TT

وفاة الأسطورة الفرنسية بريجيت باردو عن 91 عاماً

النجمة الفرنسية بريجيت باردو لدى وصولها إلى مطار كينيدي في نيويورك عام 1965 (أ.ف.ب)
النجمة الفرنسية بريجيت باردو لدى وصولها إلى مطار كينيدي في نيويورك عام 1965 (أ.ف.ب)

أعلنت مؤسسة بريجيت باردو، اليوم (الأحد)، عن وفاة أسطورة السينما الفرنسية بريجيت باردو عن عمر ناهز 91 عاماً، فيما نعاها الرئيس إيمانويل ماكرون معتبرا أنها "أسطورة" كانت "تجسّد حياة الحرية".

بريجيت باردو في قصر الإليزيه عام 2007 (أ.ف.ب)

وجاء في بيان أرسلته المؤسسة إلى وكالة الصحافة الفرنسية: «تعلن مؤسسة بريجيت باردو ببالغ الحزن والأسى وفاة مؤسستها ورئيستها، السيدة بريجيت باردو، الممثلة والمغنية العالمية الشهيرة، التي اختارت التخلي عن مسيرتها الفنية المرموقة لتكريس حياتها وجهودها لرعاية الحيوان ودعم مؤسستها».

ولم يحدد البيان وقت أو مكان الوفاة.

بريجيت باردو تقف في 11 مايو 1993 في باريس بجوار تمثالين نصفيين لماريان، رمز الجمهورية الفرنسية، والتي كانت باردو عارضةً لهما (أ.ف.ب)

وسطع نجم باردو عالميًا بعد ظهورها في فيلم «...وخلق الله المرأة» عام 1956، وشاركت في نحو 50 فيلماً آخر قبل أن تعتزل التمثيل لتتفرغ للدفاع عن حقوق الحيوان.

حضرت الممثلة الفرنسية والناشطة في مجال حقوق الحيوان، بريجيت باردو، نقاشًا ضد صيد الفقمة في المجلس الأوروبي بمدينة ستراسبورغ، شرق فرنسا، في 23 يناير 1978 (أ.ف.ب)

وقررت باردو أن تعتزل التمثيل في أوائل السبعينات بعد مسيرة حافلة بالنجاحات شاركت خلالها في نحو خمسين فيلما.

واستقرت باردو نهائيا بالقرب من مدينة سان تروبيه الساحلية على الريفييرا الفرنسية، حيث كرست نفسها للدفاع عن حقوق الحيوانات.

الممثلة الفرنسية والناشطة في مجال حقوق الحيوان، بريجيت باردو، تلهو مع كلب لدى وصولها إلى ملاجئ الكلاب في كابري (جنوب فرنسا) في 17 يناير 1989 (أ.ف.ب)

ونعى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون باردو، معتبرا أنها «أسطورة» كانت «تجسّد حياة الحرية». وكتب ماكرون على منصة إكس «أفلامها، صوتها، شهرتها الباهرة، أحرف اسمها الأولى، أحزانها، شغفها السخي بالدفاع عن الحيوانات، ووجهها الذي أصبح ماريان (شعار الجمهورية الفرنسية)، بريجيت باردو جسّدت حياة الحرية. وجود فرنسي وحضور عالمي. لقد لامستنا. نحن ننعى أسطورة من هذا القرن».

ونادرا ما شوهدت باردو في الأماكن العامة خلال الأشهر الأخيرة، لكنها نُقلت إلى المستشفى في أكتوبر (تشرين الأول)، وفي الشهر التالي أصدرت بيانا تنفي فيه شائعات وفاتها.