«صندوق النفقة» السعودي في إطار عملي أكبر لتحقيق الاستقرار الأسري

TT

«صندوق النفقة» السعودي في إطار عملي أكبر لتحقيق الاستقرار الأسري

يدخل صندوق النفقة في السعودية مرحلة جديدة بعد أن وجه وزير العدل الدكتور وليد الصمعاني، أمس، بتعيين أول امرأة لتتولى منصباً قيادياً في الصندوق، وهي شروق الجدعان، التي أصبحت نائباً للمدير العام لشؤون النفقة في الصندوق.
ويعد صندوق النفقة أحد أبرز البرامج التي تقدمها وزارة العدل السعودية، بهدف تحقيق الحاجات الأساسية للأسرة التي امتنع فيها المنفق عن القيام بنفقتهم خلال فترة التقاضي لضمان الاستقرار الأسري. وقد حقق صندوق النفقة منذ إعلان إطلاقه أبريل (نيسان) العام الماضي، عدة نجاحات تتمثل في سرعة الاستجابة للطلبات والتفاعل مع المستفيدين بطلب استكمال الإجراءات غير المكتملة، وإتاحة التواصل المباشر عبر المنصة مع المستفيد لتقليل وقت معالجة واستكمال الطلبات. ويرى الدكتور أحمد الصقيه، المتحدث باسم الهيئة السعودية للمحامين، أنّه في ظل الحراك الوطني الرائد في تمكين المرأة السعودية وخلق الفرص لها: «عملُ الكوادر الإدارية المتمكنة من السيدات في مراكز قيادية في الصندوق نقلة مهمة تسهم عن كثب في ملامسة احتياجات المستفيدين من الصندوق، باعتبار أن النسبة العظمى للمستفيدين هن من السيدات».
ويوضح الصقيه أن الأرقام والتقارير الدولية المتعلقة في المجتمع تعكس حجم وأهمية الاستقرار الأسري، ومدى الحاجة إلى مساندة الأسرة التي تواجه صعوبات في تلبية احتياجاتها جراء امتناع المنفق عن القيام بالنفقة على أسرته، ويضيف: «هنا يكمن دور المبادرة الرائدة التي تصدت لمعالجة هذه المشكلة من خلال تبني مشروع (صندوق النفقة)، حيث يهدف الصندوق لتحقيق الاستقرار المادي الأسري من خلال توفير ضمان الاستدامة، وتنمية الموارد المالية، وسد الاحتياجات الأصلية بشكل فوري».
ويكمل الصقيه حديثه لـ«الشرق الأوسط»، بالقول «صندوق النفقة هو أحد المشروعات التي تهدف لتوفير الحاجات الأساسية للأسرة التي امتنع فيها المنفق عن القيام بنفقتهم، خلال فترة التقاضي، وعدم الاستقرار الأسري، أو بعد انتهاء التقاضي وعدم التزام المنفق بدفع النفقة الواجبة. ولذلك فإن الرسالة التي ينشد الصندوق إلى تحقيقها هي الإسهام في استقرار الأسرة والمجتمع من خلال إنجاز صرف النفقة فوراً لمن يستحق، وضمان استردادها لتعزيز المسؤولية».
كان الصندوق انتهى من مرحلة التشغيل التجريبي كمرحلة أولى خاصة بطلبات «النفقة الدائمة»، وهي موجهة لمن صدر لهم حكم قضائي نهائي مكتسب القطعية باستحقاق النفقة، ولم ينفذ من المحكوم عليه. وشهد شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي انطلاق المرحلة الثانية من مشروع صندوق النفقة، وهي التي تختص بـ«النفقة المؤقتة»، ويستفيد منها كل من صدر له حكم ابتدائي أو حكم معجل، صدر فيه قرار تنفيذي من محاكم التنفيذ ولم ينفذ لغير عذر الإعسار.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».