شلل صيني وتهديد فائق للنمو

محاولات في بكين لتعويض الشركات المتضررة

مدينة ووهان الصينية تبدو في حالة انعزال تام مع إجراءات حكومية لحصار انتشار فيروس كورونا (أ.ف.ب)
مدينة ووهان الصينية تبدو في حالة انعزال تام مع إجراءات حكومية لحصار انتشار فيروس كورونا (أ.ف.ب)
TT

شلل صيني وتهديد فائق للنمو

مدينة ووهان الصينية تبدو في حالة انعزال تام مع إجراءات حكومية لحصار انتشار فيروس كورونا (أ.ف.ب)
مدينة ووهان الصينية تبدو في حالة انعزال تام مع إجراءات حكومية لحصار انتشار فيروس كورونا (أ.ف.ب)

ذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، أن الصين تواجه ضربة لنموها الاقتصادي خلال الربع الأول من العام الجاري، وذلك بسبب تأثير فيروس «كورونا» المتفشي في البلاد، بالسلب على الاستهلاك والسفر والصناعة، في الوقت الذي أعلنت فيه بعض المدن تمديد الاحتفالات برأس السنة الصينية إلى نحو أسبوع.
وأضافت الصحيفة أن تفشي الفيروس، الذي بدأ من مدينة يوهان بوسط الصين، قد أدى إلى إلغاء الاحتفالات برأس السنة الجديدة في كل أنحاء البلاد، كما عرض عمدة ووهان، تشو شيان وانغ، تقديم استقالته.
وأوضحت الصحيفة أنه حتى صباح الاثنين، تسبب فيروس كورونا في وفاة ما لا يقل عن 80 شخصاً وإصابة 2744 آخرين، مما دفع السلطات إلى فرض عزل غير مسبوق على 40 مليون شخص في مقاطعة هوبي بوسط الصين.
ومع تزايد القلق في أنحاء العالم، منعت هونغ كونغ التي تحكمها الصين دخول من زاروا هوبي خلال الأربعة عشر يوما الماضية. ولا يشمل الحظر سكان المدينة التي أكدت ثماني حالات إصابة. وفرضت مكاو القريبة، التي أكدت إصابة واحدة بالفيروس الشبيه بالإنفلونزا، حظرا مماثلا على القادمين من هوبي ما لم يثبتوا خلوهم من الفيروس.
وقالت مدينة هايكوو الواقعة بجزيرة هاينان في جنوب الصين إنه سيتم وضع السياح القادمين من هوبي في الحجر الصحي لمدة 14 يوما. وقال مسؤولو الصحة إن عدد الوفيات بسبب الفيروس في هوبي ارتفع إلى 76 من 56 فضلا عن خمس حالات وفاة بأجزاء أخرى من الصين. ولم تسجل أي حالات وفاة خارج الصين.
وبحسب الصحيفة، أجّلت مدينة شوزو الصينية عودة ملايين العمال المهاجرين إلى العمل بسبب تفشي الفيروس، وتعد هذه المدينة أحد أكبر مراكز الصناعة، حيث توجد بها مصانع لعدد من الشركات مثل «جونسون آند جونسون» و«سامسونغ».
وأكدت هذه الإجراءات قلق صناع القرار السياسي من التبعات الاقتصادية المترتبة على تفشي الفيروس، وأعلنت لجنة تنظيم المصارف والتأمين الصينية اتخاذ خطوات لمساعدة الشركات المتضررة من هذه الأزمة. من جهتها، أوضحت لجنة تنظيم المصارف في الصين أن هذه الشركات ستتلقى الدعم من خلال بعض الإجراءات مثل الحصول على تخفيض مناسب لأسعار الفائدة على القروض، وتحسين ترتيبات سياسات تجديد القروض، فضلاً عن زيادة قروض الائتمان والقروض متوسطة الأجل.
وفي السياق ذاته، لفتت الصحيفة إلى أن أسعار النفط تراجعت ليصل سعر برميل النفط إلى أقل من 60 دولارا لأول مرة في عام 2020، وذلك بعدما حذرت السلطات الصينية من زيادة تفشي فيروس كورونا المميت.
ويشكل توقيت تفشي كورونا تهديداً ذا شقين على قادة الصين، الذين يخضعون لضغط عالمي لمعالجة أزمة الفيروس بطريقة شفافة وفي وقت مناسب، فلم تتفجر هذه الأزمة خلال رأس السنة الصينية الجديدة عندما يزور المليارات الصين وحسب، بل تأتي أيضاً هذه الأزمة تزامناً مع تعرض الصين لأدنى معدلات في النمو الاقتصادي منذ نحو 30 عاماً.
ودعا الزعماء الصينيون إلى الشفافية في التعامل مع الأزمة، وذلك بعدما تسبب التستر على انتشار فيروس سارس، وهو سلالة أخرى من كورونا نشأت في الصين أيضا، في تقويض ثقة العامة. وقتل سارس نحو 800 شخص في أنحاء العالم في عامي 2002 و2003.
ولا يعرف الكثير عن الفيروس الجديد بما في ذلك مدى خطورته وسهولة انتشاره. ويمكن أن يسبب الالتهاب الرئوي الذي أودى بحياة أناس في بعض الحالات. وقال وزير لجنة الصحة الوطنية ما شياوي يوم الأحد إن فترة حضانة الفيروس تتراوح بين يوم واحد و14 يوما، كما يمكن أن تنتقل العدوى خلال فترة الحضانة، على العكس من سارس.
ومن جانبها، ذكرت وزارة النقل الصينية أن معدلات النقل بالسكك الحديدية هبطت بمقدار 42 يوم السبت مقارنة باليوم ذاته من العام الماضي، كما انخفضت رحلات الركاب بنحو 42 في المائة إلى جانب انخفاض حركة النقل بوجه عام في أنحاء البلاد بنحو 29 في المائة.
وقال مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم إنه سيزور بكين لإجراء محادثات مع المسؤولين وخبراء الصحة حول تفشي فيروس كورونا الجديد. وقالت كل من أستراليا وفرنسا وإيطاليا واليابان والولايات المتحدة إنها تعمل على إجلاء مواطنيها من ووهان.
وتأثرت بعض أكبر الشركات الصينية ومنها سلسلة مطاعم هايديلاو إنترناشونال التي أغلقت فروعها في أنحاء البلاد من الأحد حتى الجمعة. ونصحت شركة تينسنت القابضة المتخصصة في ألعاب الكومبيوتر موظفيها بالعمل من المنزل حتى السابع من فبراير (شباط). وأزالت شركة علي بابا، عملاق التجارة الإلكترونية، عروض الشركات على أقنعة الوجه المبالغ في أسعارها من على سوقها الإلكترونية تاوباو مع ارتفاع الأسعار.


مقالات ذات صلة

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

ناقش الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي هاتفياً مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو المستجدات الإقليمية والموضوعات المشتركة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تحليل إخباري الأمير محمد بن سلمان والرئيس إيمانويل ماكرون أمام قصر الإليزيه في يونيو 2023 (إ.ب.أ)

تحليل إخباري مساعٍ فرنسية لرفع العلاقة مع السعودية إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»

السعودية وفرنسا تسعيان لرفع علاقاتهما إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»، و«الإليزيه» يقول إن باريس تريد أن تكون «شريكاً موثوقاً به» للسعودية في «كل المجالات».

ميشال أبونجم (باريس)
الخليج الأمير خالد بن سلمان خلال استقباله سيباستيان ليكورنو في الرياض (واس)

وزير الدفاع السعودي ونظيره الفرنسي يبحثان في الرياض أفق التعاون العسكري

بحث الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي مع سيباستيان ليكورنو وزير القوات المسلحة الفرنسية، مستجدات الأوضاع الإقليمية وجهود إحلال السلام في المنطقة والعالم.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق أعضاء اللجنة الوزارية أعربوا عن رغبتهم في تعزيز التعاون بما يعكس الهوية الثقافية والتاريخية الفريدة للمنطقة (واس)

التزام سعودي - فرنسي للارتقاء بالشراكة الثنائية بشأن «العلا»

أكد أعضاء اللجنة الوزارية السعودية - الفرنسية بشأن تطوير «العلا»، السبت، التزامهم بالعمل للارتقاء بالشراكة الثنائية إلى مستويات أعلى.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الخليج وزير الخارجية السعودي مع نظيره الفرنسي خلال لقاء جمعهما على غداء عمل في باريس (واس)

وزير الخارجية السعودي يبحث مع نظيره الفرنسي تطورات غزة ولبنان

بحث الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي مع نظيره الفرنسي جان نويل، الجمعة، التطورات في قطاع غزة وعلى الساحة اللبنانية، والجهود المبذولة بشأنها.

«الشرق الأوسط» (باريس)

بورصة لندن تواجه أزمة تنافسية مع أكبر موجة هجرة منذ الأزمة المالية

رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
TT

بورصة لندن تواجه أزمة تنافسية مع أكبر موجة هجرة منذ الأزمة المالية

رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)

حذَّر الرئيس السابق لمجموعة بورصة لندن، من أنَّ بورصة لندن الرئيسية أصبحت «غير تنافسية للغاية»، وسط أكبر هجرة شهدتها منذ الأزمة المالية.

وقال كزافييه روليه، الذي ترأس مجموعة بورصة لندن بين عامَي 2009 و2017، إن التداول الضعيف في لندن يمثل «تهديداً حقيقياً» يدفع عدداً من الشركات البريطانية إلى التخلي عن إدراجها في العاصمة؛ بحثاً عن عوائد أفضل في أسواق أخرى.

وجاءت تعليقاته بعد أن أعلنت شركة تأجير المعدات «أشتيد» المدرجة في مؤشر «فوتسي 100» خططها لنقل إدراجها الرئيسي إلى الولايات المتحدة، استمراراً لاتجاه مماثل اتبعته مجموعة من الشركات الكبرى في السنوات الأخيرة.

ووفقاً لبيانات بورصة لندن، فقد ألغت أو نقلت 88 شركة إدراجها بعيداً عن السوق الرئيسية في لندن هذا العام، بينما انضمت 18 شركة فقط. وتشير هذه الأرقام، التي نشرتها صحيفة «فاينانشيال تايمز»، إلى أكبر تدفق صافي من الشركات خارج السوق منذ الأزمة المالية في 2009.

كما أن عدد الإدراجات الجديدة في لندن يتجه لأن يكون الأدنى في 15 عاماً، حيث تتجنب الشركات التي تفكر في الطرح العام الأولي (IPO) التقييمات المنخفضة نسبياً مقارنة بالأسواق المالية الأخرى.

وقد تجاوزت قيمة الشركات المدرجة التي تستعد لمغادرة سوق الأسهم في لندن هذا العام، 100 مليار جنيه إسترليني (126.24 مليار دولار) سواء من خلال صفقات استحواذ غالباً ما تتضمن علاوات مرتفعة، أو من خلال شطب إدراجها.

وأضاف روليه أن انخفاض أحجام التداول في لندن في السنوات الأخيرة، مقارنة مع الارتفاع الحاد في الولايات المتحدة، دفع الشركات إلى تسعير أسهمها بأسعار أقل في المملكة المتحدة لجذب المستثمرين.

وقال في تصريح لصحيفة «التليغراف»: «الحسابات البسيطة تشير إلى أن السوق ذات السيولة المنخفضة ستتطلب خصماً كبيراً في سعر الإصدار حتى بالنسبة للطروحات العامة الأولية العادية. كما أن السيولة المنخفضة نفسها ستؤثر في تقييم الأسهم بعد الاكتتاب. بمعنى آخر، فإن تكلفة رأس المال السهمي تجعل هذه السوق غير تنافسية بشكل كامل».

ووفقاً لتقديرات «غولدمان ساكس»، يتم تداول الأسهم في لندن الآن بخصم متوسط يبلغ 52 في المائة مقارنة بنظيراتها في الولايات المتحدة.

وتستمر معاناة سوق العاصمة البريطانية في توجيه ضربة لحكومة المملكة المتحدة، التي تسعى جاهدة لتبسيط القوانين التنظيمية، وإصلاح نظام المعاشات المحلي لتشجيع مزيد من الاستثمارات.

وأشار روليه إلى أن المملكة المتحدة بحاجة إلى التخلص من الإجراءات البيروقراطية المرتبطة بالاتحاد الأوروبي التي تمنع صناديق التقاعد من امتلاك الأسهم، بالإضافة إلى ضرورة خفض الضرائب على تداول الأسهم وتوزيعات الأرباح.

وأضاف: «قلقي اليوم لا يتعلق كثيراً بالطروحات العامة لشركات التكنولوجيا، فقد فات الأوان على ذلك. التهديد الحقيقي في رأيي انتقل إلى مكان آخر. إذا استمعنا بعناية لتصريحات كبار المديرين التنفيذيين في الشركات الأوروبية الكبرى، فسنجد أنهم أثاروا احتمال الانتقال إلى الولايات المتحدة للاستفادة من انخفاض تكلفة رأس المال والطاقة، والعوائد المرتفعة، والتعريفات التفضيلية».