مصر تصعد إجراءات مكافحة الإرهاب وتقرر إشراك الجيش في حماية المنشآت العامة

تكثيف العمليات العسكرية في سيناء ومقتل أكثر من 20 «متطرفا»

جانب من تعزيزات الجيشين الثاني والثالث الميدانيين وعناصر التدخل السريع التي بدأت التحرك والانتشار في سيناء (موقع المتحدث العسكري المصري)
جانب من تعزيزات الجيشين الثاني والثالث الميدانيين وعناصر التدخل السريع التي بدأت التحرك والانتشار في سيناء (موقع المتحدث العسكري المصري)
TT

مصر تصعد إجراءات مكافحة الإرهاب وتقرر إشراك الجيش في حماية المنشآت العامة

جانب من تعزيزات الجيشين الثاني والثالث الميدانيين وعناصر التدخل السريع التي بدأت التحرك والانتشار في سيناء (موقع المتحدث العسكري المصري)
جانب من تعزيزات الجيشين الثاني والثالث الميدانيين وعناصر التدخل السريع التي بدأت التحرك والانتشار في سيناء (موقع المتحدث العسكري المصري)

بينما تتواصل عمليات قوات الجيش ضد معاقل الإرهاب في محافظة شمال سيناء، أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قرارا جمهوريا أمس يسمح للقوات المسلحة بمشاركة الشرطة في حماية وتأمين المنشآت العامة والحيوية بالدولة، وإحالة الجرائم المتعلقة بالتعدي على هذه المنشآت إلى القضاء العسكري، وذلك لمدة عامين.
وقالت مصادر مصرية مسؤولة لـ«الشرق الأوسط» أمس إن القرار يشمل الجامعات وشبكات الطرق والمياه والكهرباء والمواصلات، وهي المنشآت التي تعرض كثير منها خلال الفترة الماضية لتخريب عمدي أو استهداف إرهابي.
وشهد الأسبوع الماضي لقاءات مكثفة للجنة المشتركة للقوات المسلحة وهيئة الشرطة، وذلك تنفيذا لتوصيات وخطة المجلس الأعلى للقوات المسلحة الخاصة بمكافحة الإرهاب على كافة الأصعدة، على خلفية الحادث الذي شهد استهداف نقطة تمركز عسكرية في محافظة شمال سيناء، وأسفر عن مقتل نحو 30 عسكريا.
وبينما أسفرت تلك الاجتماعات عن خطوات تنفيذية تخص فرض حالة الطوارئ وحظر التجوال في المربع الشرقي لمحافظة شمال سيناء لمدة 3 أشهر، انتهت اللجان إلى إجراءات أخرى تخص مكافحة الإرهاب في باقي أرجاء مصر، منها توصيات بتوسيع نطاق عمل المحاكم العسكرية لتنظر في كل القضايا المتعلقة بالإرهاب.
وأعلن السفير علاء يوسف، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة أمس، أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أصدر قرارا بقانون بشأن تأمين وحماية المنشآت العامة والحيوية، يخول بموجبه للقوات المسلحة مشاركة جهاز الشرطة في حماية وتأمين المنشآت العامة والحيوية بالدولة، ويسري هذا القرار لمدة عامين، وتحال الجرائم التي ترتكب ضد هذه المنشآت إلى النيابة العسكرية توطئةً لعرضها على القضاء العسكري للبت فيها.
وقال السفير يوسف إن هذا القرار بقانون يستهدف حماية المنشآت العامة والحيوية للدولة ضد أي أعمال إرهابية، حيث يعتبر القرار بقانون أن هذه المنشآت في حكم المنشآت العسكرية طوال فترة تأمينها وحمايتها بمشاركة القوات المسلحة، والتي ستمتد لمدة عامين من تاريخ إصدار القرار. موضحا أن هذا القرار يأتي في إطار الحرص على تأمين المواطنين، وضمان إمدادهم بالخدمات الحيوية والحفاظ على مقدرات الدولة ومؤسساتها وممتلكاتها العامة التي هي بالأساس ملك للشعب. وأن القرار صدر بعد أخذ رأي مجلس الدفاع الوطني وموافقة مجلس الوزراء، وبناءً على ما ارتآه مجلس الدولة.
وأوضح مصدر مسؤول لـ«الشرق الأوسط» أن القرار يعطي حق «الضبطية القضائية للقوات العسكرية في مواجهة الخارجين على القانون وعناصر الإرهاب. كما أنه يسهل من عملية حماية المنشآت، نظرا لطبيعة تسليح وقدرات القوات العسكرية، والتي تفوق نظيرتها في الشرطة المدنية».
وحول إذا ما كان القرار سيطبق في نطاق الجامعات التي تشهد مظاهرات وأعمال شغب منذ بداية العام الدراسي، أفاد المصدر، الذي طلب حجب اسمه، بأن «القرار لا يتعلق بالتظاهر، ويوجد قانون ينظمه بالفعل، وسيبقى في نطاق المحاكم العادية.. لكنه يتعلق بعمليات الاعتداء على المنشآت العامة وتخريبها، ومن بينها الجامعات».
وبينما توجه العديد من المنظمات الحقوقية انتقادات لمحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، أوضح المصدر المسؤول أن «القضاء العسكري يتعامل بالقوانين الطبيعية وليس شيئا خارجا على حقوق الإنسان، فقط نهدف إلى السرعة والردع في التعامل مع مثل هذه الجرائم. ومن يتعدى على المنشآت أو يهدف لتهديد حياة المواطنين هو مخرب أو إرهابي، ويجب التعامل معه بما يحمي حقوق المواطنين الآمنين. الهدف من القرار الجمهوري هو الردع من جهة للعناصر التخريبية، وسرعة البت في القضايا من جهة أخرى.. ولا صحة إطلاقا لما يدعيه البعض من أن هناك أهدافا خفيه خلف القرار، أو سعي الدولة لعسكرة أركانها كما تقول بعض الأصوات المغرضة»، متسائلا: «ما الحل في مواجهة الترويع والإرهاب؟ هل نقف مكتوفي الأيدي أم نتخذ إجراءات من شأنها ردع تلك العناصر المخربة التي تستهدف تقويض أركان الوطن؟».
ويتزامن القرار مع تواصل العمليات الأمنية في المنطقة الشرقية لمحافظة شمال سيناء، حيث أشارت مصادر أمنية وتقارير محلية إلى أن مروحيات الأباتشي أغارت على مواقع لبؤر إرهابية، فيما تقوم القوات بمهاجمة مواقع وجود المتطرفين. مشيرة إلى أن تلك العناصر تقوم في أغلبها بالاشتباك مع القوات، مما يضطر القوات إلى مبادلتها إطلاق النار، وهو ما أسفر عن مقتل ما يفوق 20 متطرفا خلال اليومين الماضيين، إلى جانب توقيف نحو 50 مشتبها حتى الآن.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.