البحث تشكيلياً عن «السَكينة» في معرض بالقاهرة

عبر 20 لوحة للفنان هادي برعي

البحث عن الهدوء النفسي بعيداً عن ضجيج الحياة
البحث عن الهدوء النفسي بعيداً عن ضجيج الحياة
TT

البحث تشكيلياً عن «السَكينة» في معرض بالقاهرة

البحث عن الهدوء النفسي بعيداً عن ضجيج الحياة
البحث عن الهدوء النفسي بعيداً عن ضجيج الحياة

إذا كان بعض الأدباء والفنانين والمتصوفين يسعون إلى السمو بالإنسان حتى يصبح جديراً بالجنة أو «المدينة الفاضلة» التي يتخيلونها له، فإن التشكيلي المصري هادي برعي، يقدم طرحاً فنياً هادئاً لحلم الوصول إلى الجنة في ذهن الإنسان المعاصر ووجدانه، وذلك عبر أحدث أعماله الفنية التي يضمها المعرض المقام حالياً تحت عنوان «خلف أبواب السماء» بغاليري «أرت توكس» والذي يستمر حتى 6 فبراير (شباط) المقبل بالقاهرة.
تبدو اللوحات في المعرض كما لو أنها فصل جديد من عمل مسرحي، أو حلقة من مسلسل درامي ذلك إذا ما قمت بالربط بينها وبين لوحاته في المعارض الثلاثة السابقة له، حتى أن الفنان يعتبر هذا المعرض هو «الفصل الرابع» من منتجه الإبداعي، في إشارة إلى أنه يمثل امتداداً لما قدمه من سرد بصري وتناول فكري في سلسلة معارضه المشار إليها، التي بدأت عام 2014 بمعرض «عند حدود الأرض» الذي تناول فيه مفهوم الأرض والهجرة، والاغتراب، وحلم الاستقرار.
ومن ثم قام باستكمال السياق ذاته في معرض «إلى شيء يعلمونه أو لا يعلمونه» عام 2016 حيث حلم السعادة، ومنه إلى معرض «الأمل المتنقل» عام 2018. وفيه تلتقي بالإنسان الذي يصبو إلى أن تتحول أحلامه إلى واقع انطلاقاً من رؤية فلسفية تقوم على أن الحياة رحلة سفر، وصولاً إلى معرضه الحالي الذي يجسد فيه حلم الإنسان بالفوز بالجنة، حيث «يحاول المرء رسم تصور لها في خياله. وهو أثناء ذلك يسعى أيضاً لأن يصل إلى السعادة في حياته» بحسب تعبير الفنان هادي برعي، الذي يضيف لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «في رحلته الأرضية المتعبة والمثقلة بالهموم يسعى الإنسان لتشكيل (جنته) الخاصة ليستمتع بها في حياته بالشكل الذي يتراءى له، دون أن يشغله ذلك عن هدفه الأهم وهو أن ينال دخول الجنة في الآخرة».
إلى هذا تكاد تختفي ملامح الأمكنة في اللوحات التي تزدحم بشخوص في حالة ترقب وانتظار وأمل وحلم، ورغم أن كل منهم ينظر في اتجاه مغاير، منشغلاً بهمومه وآماله ولحظاته المختلفة، فإن هناك رابطاً قوياً وواضحاً يجمع بينهم جميعاً وهو المشاعر الإنسانية الخالصة، المتطلعة إلى الجنة وحين تدقق النظر وتتنقل بين الأعمال فإنك تكاد ترى مفهوماً أو رؤية واحدة لهذا الحلم العظيم وهو التمتع بحالة السكون والسكينة والسلام الداخلي».
ومن الواضح تأثر الفنان بطفولته، عبر التأكيد على هذه الصورة قائلاً: «كنت أسمع جدتي دوماً تدعو لنا أن يمنحنا الله راحة البال، وهو ما لا نجده بسهولة في الأرض، ونتطلع إليه بشغف في الجنة، فبعد مرور أي إنسان بحزمة متنوعة من التجارب والنجاحات والإحباط والصراعات وتحقيق الأمنيات والسقوط في دائرة الإخفاقات يصل إلى حقيقة مفادها أنه ليس هناك ما هو أروع من الهدوء النفسي أو راحة البال، وذلك ما توصلت إليه الشخوص في لوحاتي في مرحلتها العمرية الراهنة أو في الفصل الرابع من تجربتي الفنية».
يضم المعرض نحو 20 عملاً مختلف الأحجام والتقنيات، وتتنوع ما بين التصوير الزيتي على توال والإكريلك على الخشب، وتتميز بمحاكاة الألوان للمشاعر التي تسيطر على الشخوص ففي حين يسود اللون الرمادي والظلال القاتمة المشاهد التي يظهرون فيها تحت ضغوط وتحديات وتراكمات واقع حياتهم اليومية بضجيجها المرتفع فإنه على العكس من ذلك استخدم ألوان مبهجة وباعثة على الأمل والصفاء والهدوء مثل الأزرق والوردي والأصفر في الأعمال التي يتجسد فيها حلم الجنة وسكونها.
ويظهر أيضاً في الأعمال تأثر هادي برعي، المدرس بقسم الغرافيك بكلية الفنون الجميلة (جامعة الإسكندرية)، بالفن المصري القديم في تجسيد ملامح شخوصه. كما يوجه احتفاء خاصاً بالمرأة اتساقاً مع موقفه الداعم لها ولدورها في المجتمع، حيث تميزت الوجوه النسائية بشموخ وثبات وثقة. إضافة إلى أن اللوحات تعد انعكاساً أيضاً لقصة آدم وحواء وخروجهما من الجنة والتطلع إليها مرة أخرى.
ورغم نجاح شخوصه في جذب المتلقي وتوصيل الأفكار المختلفة إليه فإن أكثر ما يشغل الفنان الآن هو تطوير تجربته وتقديم طرح فني جديد، يقول: «حلمي أن أنجح في نقل الشخوص إلى مرحلة جديدة، ذلك أن التحدي الحقيقي الذي يواجه أي فنان هو الخروج من بؤرة معينة إلى بؤرة أخرى برشاقة وسلاسة، بحيث يمكن للجمهور تمييز أعماله ونسبها إليه بمجرد مشاهدتها، وفي الوقت نفسه تتمتع بتناول جديد وسرد بصري مختلف وقيمة ظلية ولونية مغايرة».
شارك الفنان هادي برعي في عدّة معارض جماعية بدأت من «صالون الشباب» الذي حرص على المشاركة فيه سنوياً، ثُم انتقل بمعارضه إلى الخارج بدءً من 2009. حيث شارك في معارض بكل من (إيطاليا، وبريطانيا، وكندا، والأردن، وبولندا، والإمارات العربية المتحدة، واليونان، إلى جانب معارضه الفنية الفردية).



الفلسطينية سعاد العامري تحصد جائزة «نوابغ العرب» عن فئة العمارة والتصميم

جائزة «نوابغ العرب» تكرم العقول العربية المبدعة وتمنح فائزاً واحداً في كل فئة من فئاتها الست (الشرق الأوسط)
جائزة «نوابغ العرب» تكرم العقول العربية المبدعة وتمنح فائزاً واحداً في كل فئة من فئاتها الست (الشرق الأوسط)
TT

الفلسطينية سعاد العامري تحصد جائزة «نوابغ العرب» عن فئة العمارة والتصميم

جائزة «نوابغ العرب» تكرم العقول العربية المبدعة وتمنح فائزاً واحداً في كل فئة من فئاتها الست (الشرق الأوسط)
جائزة «نوابغ العرب» تكرم العقول العربية المبدعة وتمنح فائزاً واحداً في كل فئة من فئاتها الست (الشرق الأوسط)

حصدت المعمارية الفلسطينية الدكتورة سعاد العامري جائزة «نوابغ العرب 2025» عن فئة العمارة والتصميم، تقديراً لإسهاماتها الممتدة في صون التراث المعماري الفلسطيني وترميم المباني التاريخية وإعادة توظيفها بما يعزّز الهوية العمرانية، في تكريم يسلّط الضوء على دور العمارة بوصفها «ديواناً للتاريخ» وحافظةً للذاكرة.

وهنّأ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الدكتورة العامري على فوزها، مؤكداً أن المعمار تجسيد لهوية الشعوب، وأن الحفاظ على التراث العمراني واجب حضاري يعكس احترام الأمم لماضيها ومستقبلها.

وقال في منشور على حسابه في منصة «إكس»، إن سعاد العامري، مؤسسة مركز المعمار الشعبي الفلسطيني «رِواق»، قدّمت إسهامات رائدة في الحفاظ على التراث المعماري الفلسطيني عبر ترميم المباني التاريخية وإعادة توظيفها بما يخدم المجتمع ويعزز الهوية العمرانية.

وأشار محمد بن راشد إلى مشاركة سعاد العامري في مشروع توثيق معماري يُعد من الأكبر في فلسطين، أفضى إلى سجل يضم أكثر من 50 ألف مبنى تاريخي، وإحياء 50 مركزاً تاريخياً، مع إشراك الأهالي والحرفيين في مشاريع ترميم القرى باستخدام المواد التقليدية في البناء.

وأضاف: «نبارك للدكتورة سعاد العامري فوزها وعطاءها الممتد لعقود، حفظ الله فلسطين، وأعاد لمبانيها وقراها التاريخية الحياة التي تستحق، ولتراثها امتداداً يبقى ما بقيت الذاكرة العربية».

ويأتي هذا التكريم ضمن مشروع «نوابغ العرب» الاستراتيجي الذي أطلقه الشيخ محمد بن راشد لتسليط الضوء على العقول العربية وتجاربها الإنسانية الملهمة للشباب في ميادين متعددة، من بينها العمارة والتصميم.

المعمارية الفلسطينية الدكتورة سعاد العامري

وتأسست تجربة العامري المهنية على الجمع بين البحث الميداني والعمل الترميمي والتدريب، إذ أسست مركز «رِواق» عام 1991، وكرّست جهداً متواصلاً لتوثيق العمران في فلسطين وتدريب أجيال من الحرفيين، مع إصدار دراسات ومراجع تسهم في حماية المعارف المعمارية بالتدوين الذي يوازي في أهميته الترميم. كما ساهمت في تسجيل البيوت الفلسطينية وتوثيق تفاصيلها كاملة، من أنواع البلاط والحجر والنقوش، وصولاً إلى المساقط والخرائط المعمارية الدقيقة.

ومن أبرز المشاريع التي قادتها إحياء القلب التاريخي لمدينة بيرزيت، ومشروع إعادة تأهيل 50 قرية فلسطينية الذي انطلق عام 2005 للحفاظ على الإرث التاريخي والتراث الثقافي للريف الفلسطيني. وعلى الصعيد الأكاديمي، حاضرت في قسم الهندسة المعمارية بجامعة بيرزيت بين عامي 1982 و1996، ودرست الهندسة المعمارية في الجامعة الأميركية في بيروت، ونالت الماجستير من جامعة «آن آربر» في ميشيغان، والدكتوراه من جامعة إدنبرة في اسكوتلندا.

وأجرى محمد القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء ورئيس اللجنة العليا لمبادرة «نوابغ العرب»، اتصالاً مرئياً بالدكتورة العامري أبلغها خلاله بفوزها، مشيداً بما حققته خلال أكثر من ثلاثة عقود في صون التراث المعماري العربي وتقديمه إلى الجمهور العالمي عبر المشاريع الإحيائية والبحثية.

وقال القرقاوي إن مبادرة «نوابغ العرب» التي أطلقها الشيخ محمد بن راشد تُعيد إحياء الشغف بالبناء والمعرفة، وتدفع نحو نقلة تنموية عربية نوعية عبر إبراز إنجازات المفكرين والمبتكرين والعلماء، مؤكداً أن نماذج ملهمة مثل الدكتورة سعاد العامري تشجّع الشباب على التمسك بالتراث وصناعة إنجازات جديدة، وتدعم عودة العقول العربية إلى بيئتها.

وضمت لجنة فئة العمارة والتصميم البروفسور هاشم سركيس رئيساً، وعضوية الدكتور أدريان لحود والبروفيسور علي ملكاوي.

وتُعد «نوابغ العرب» جائزة عربية لتكريم العقول المبدعة، وتمنح فائزاً واحداً في كل فئة من فئاتها الست، مع جائزة قدرها مليون درهم (272 ألف دولار) لكل فائز لتمويل الأبحاث والمشاريع وتوسيع أثرها عربياً وعالمياً.


مصر تنفي وجود عيوب في تصميم «المتحف الكبير»

تمثال رمسيس الثاني في بهو المتحف المصري الكبير (وزارة السياحة والآثار)
تمثال رمسيس الثاني في بهو المتحف المصري الكبير (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر تنفي وجود عيوب في تصميم «المتحف الكبير»

تمثال رمسيس الثاني في بهو المتحف المصري الكبير (وزارة السياحة والآثار)
تمثال رمسيس الثاني في بهو المتحف المصري الكبير (وزارة السياحة والآثار)

نفت الحكومة المصرية، السبت، وجود عيوب في تصميم المتحف المصري الكبير، بعد تسرب مياه الأمطار إلى بهو المتحف خلال الأيام الماضية، مؤكدة أن التصميم كان يتوقع حدوث ذلك، ويتوافق معه.

وانتشرت مقاطع فيديو لتساقط الأمطار داخل البهو الرئيسي للمتحف المصري الكبير عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وسط انتقادات لتراكم المياه في البهو، مما وصفه البعض بـ«غرق البهو»، في حين تخوف آخرون من أن تضر هذه المياه بالآثار الموجودة فيه، وفي مقدمتها تمثال رمسيس الثاني.

ورد المركز الإعلامي لمجلس الوزراء، في بيان اليوم، على هذه الانتقادات، قائلاً: «فيما أُثير بشأن تسرب مياه الأمطار إلى بهو المتحف المصري الكبير، فإن تصميم بهو المتحف جاء وفق رؤية معمارية تعتمد على وجود فتحات في السقف بشكل هندسي، يسمح باستدامة دخول الإضاءة والتهوية الطبيعية إلى البهو، وهو أحد العناصر الأساسية في التصميم المعماري للمتحف».

وبدأت فكرة إنشاء المتحف المصري الكبير عام 1992، ووُضع حجر الأساس في عام 2002؛ حيث أعلنت الدولة المصرية -وتحت رعاية منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو)، والاتحاد الدولي للمهندسين المعماريين- مسابقة معمارية دولية لأفضل تصميم للمتحف، وفاز التصميم الحالي المُقدّم من شركة «هينغهان بنغ» للمهندسين المعماريين في آيرلندا، الذي اعتمد على أن تُمثل أشعة الشمس الممتدة من قمم الأهرامات الثلاثة عند التقائها كتلة مخروطية هي المتحف المصري الكبير، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات».

وأضاف بيان مجلس الوزراء أن «تسرّب كميات محدودة من مياه الأمطار إلى البهو في أثناء هطولها أمر متوافق مع التصميم ومتوقع في مثل هذا الوقت من العام».

وافتتحت مصر المتحف الكبير مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بحفل ضخم حضره عديد من القادة والرؤساء. ويشهد المتحف منذ افتتاحه إقبالاً جماهيرياً كبيراً، مما دفع إدارته إلى تعديل نظام الحجز فيه ليصبح إلكترونياً حصرياً.

واستبعد خبير الآثار، عضو لجنة التاريخ والآثار في المجلس الأعلى للثقافة، الدكتور عبد الرحيم ريحان، أي ضرر متوقع على تمثال رمسيس الثاني، نتيجة تعرضه لمياه الأمطار، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «التمثال عمره 3200 عام، وهو مصنوع من الغرانيت، وتم اكتشافه في عام 1820، وأمر الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر بوضعه في ميدان باب الحديد (رمسيس حالياً) في عام 1955، ومن وقتها وهو معرّض لكل عوامل التعرية المختلفة، وتعرّض للأمطار سنوات طويلة، ولم تسبب أي ضرر له».

وكان الإعلامي عمرو أديب قد انتقد، خلال برنامجه «الحكاية»، الجمعة، الصمت الرسمي تجاه ما يُتداول عبر «السوشيال ميديا» من غرق المتحف المصري الكبير، مطالباً المسؤولين بتوضيح حقيقة الأمر.

وتراهن مصر على المتحف الكبير في تحقيق استراتيجيتها السياحية خلال السنوات الست المقبلة، حيث تهدف إلى استقبال نحو 30 مليون سائح بحلول عام 2031، مقابل 15 مليون سائح خلال العام الماضي.

ويضم المتحف المصري ما يزيد على 100 ألف قطعة أثرية تحكي حقباً مختلفة من التاريخ المصري القديم، في سيناريو عرض متحفي يعتمد أحدث التقنيات، وتوقعت تقديرات سابقة أعلنها وزير السياحة المصري، شريف فتحي، في تصريحات متلفزة، أن يزور المتحف يومياً نحو 15 ألف سائح.


«أيام قرطاج السينمائية» للتركيز على القضايا الإنسانية

يشارك الفيلم السعودي «هجرة» في المسابقة الرسمية (إدارة المهرجان)
يشارك الفيلم السعودي «هجرة» في المسابقة الرسمية (إدارة المهرجان)
TT

«أيام قرطاج السينمائية» للتركيز على القضايا الإنسانية

يشارك الفيلم السعودي «هجرة» في المسابقة الرسمية (إدارة المهرجان)
يشارك الفيلم السعودي «هجرة» في المسابقة الرسمية (إدارة المهرجان)

انطلقت السبت فعاليات الدورة الـ36 من «أيام قرطاج السينمائية»، والتي تحتفي بالسينما الأرمينية وتسلط الضوء عليها من خلال عروض عدة، مع التركيز على القضايا الإنسانية بالأفلام المختارة للمشاركة في المسابقة الدولية للمهرجان.

وتضم المسابقة الرسمية للمهرجان 14 فيلماً سينمائياً ترتكز معالجاتها حول القضايا الإنسانية بشكل أساسي، من بينها الفيلم السعودي «هجرة» للمخرجة شهد أمين، والذي تدور أحداثه في المملكة عند اختفاء طفلة من جدتها، وتبدأ رحلة البحث عنها، وتتكشف خلالها العديد من الأسرار العائلية. في حين يقدم المخرج التشادي أشيل رونايمو في فيلمه «ديا» قصة «داين» السائق لدى منظمة إنسانية، والذي يقتل عن طريق الخطأ صبياً صغيراً خلال قيادة السيارة.

ومن مصر، يوجد في المسابقة فيلم «كولونيا» للمخرج محمد صيام، وتدور أحداثه حول ليلة واحدة يقضيها أب بعد خروجه من المستشفى مع ابنه، وتكون مليئة بالتوترات قبل أن يرحل في صباح اليوم التالي. في حين يوجد المخرج أبو بكر شوقي بفيلمه «القصص» الذي تدور أحداثه في ستينات القرن الماضي برحلة ترصد مسيرة تستمر عقدين حول شاب مصري تنشأ بينه وبين فتاة نمساوية علاقة صداقة عبر المراسلة بالخطابات.

الملصق الدعائي لفيلم «القصص» (الشركة المنتجة)

وتحضر القضية الفلسطينية في المسابقة الرسمية بفيلمين هما «كان ياما كان في غزة» للمخرجين طرزان وعرب ناصر، وتدور أحداثه حول عالم الجريمة والفساد في غزة عام 2007، في حين تقدم المخرجة التونسية كوثر بن هنية فيلمها «صوت هند رجب» الذي يقدم مأساة الطفلة الفلسطينية التي قُتلت في غزة خلال الحرب، وهو العمل الذي حصد جائزة «الأسد الفضي» في النسخة الماضية من «مهرجان البندقية السينمائي».

ويوجد في المسابقة فيلمان تونسيان هما «سماء بلا أرض» للمخرجة آريج السحيري، وتدور أحداثه حول 3 مهاجرات أفريقيات جمعتهن الصدفة في تونس وسط آمال بحياة أفضل، لكن أحلامهن تصطدم بصعوبات الواقع المرير، ونال الفيلم مؤخراً «النجمة الذهبية» بالنسخة الماضية من «المهرجان الدولي للفيلم بمراكش».

كما تنافس المخرجة التونسية آمال القلاتي بفيلمها «وين ياخدنا الريح» الذي تدور أحداثه حول «عليسة» - المتمردة - ذات التسعة عشر عاماً، و«مهدي» الشاب الخجول، ذي الثلاثة والعشرين عاماً، حيث يستعين الثنائي بخيالهما للهروب من واقعهما، وعندما يكتشفان مسابقة تتيح لهما فرصة للهروب، ينطلقان في رحلة إلى جنوب تونس، متجاوزين العقبات التي تعترض طريقهما.

ومن الأردن، تقدم المخرجة زين دريعي تجربتها «غرق»، وهو الفيلم الذي يناقش العلاقة بين أُمّ ونجلها المراهق والصدمات التي تحدث بينهما. في حين يشارك المخرج الجزائري يانيس كوسيم بفيلمه «رقية» الذي عُرض للمرة الأولى عالمياً في النسخة الماضية من «مهرجان البندقية». ويُعرض في المسابقة فيلم «إركالا حلم كلكامش» للمخرج محمد الدراجي، وهو العمل الذي يمزج بين الواقع والخيال في أحداثه.

يُعرض الفيلم التونسي «وين ياخدنا الريح» في المسابقة الرسمية (إدارة المهرجان)

وتترأس لجنة تحكيم مسابقة «الأفلام الروائية الطويلة» الكاتبة والمخرجة الفلسطينية نجوى نجار، في حين تضم في عضويتها المخرج التونسي لطفي عاشور، والكاتبة والمخرجة الرواندية كانتاراما غاهيغيري، مع المخرج والمنتج الجزائري لطفي بوشوشي، والناقد السينمائي الفرنسي جون ميشيل فرودون.

ويحتفي المهرجان هذا العام بالسينما الأرمينية التي قدمت على مدار أكثر من 100 عام العديد من الأعمال التي ترسخ الهوية الثقافية الأرمينية، وقد جرى اختيار 11 فيلماً أرمينياً للعرض ضمن فعاليات المهرجان، تنوعت ما بين الوثائقي والروائي، من بينها فيلم «أشباحي الأرمينية» للمخرجة تامارا ستيبانيان الذي شارك أخيراً في عدد من المهرجانات السينمائية.

وقال الناقد الفني المصري طارق الشناوي، إن «أيام قرطاج السينمائية»، رغم إمكاناته المادية المحدودة نسبياً، يظل «مهرجاناً استثنائياً» تقوده رؤية فكرية واعية قبل أي حسابات أخرى، موضحاً أن «المهرجان يُقام في توقيت تسبقه فيه ثلاثة أو أربعة مهرجانات عربية كبرى، ومع ذلك لا يدخل في سباق (العرض الأول)، بل يراهن على الاختيار الجيد».

وأضاف أن «هذا الوعي يحوّل (قرطاج) إلى ما يشبه البوتقة التي تنصهر فيها حصيلة الأفلام العربية المعروضة على مدار العام، مع منح مساحة أوسع للأفلام غير العربية، وهو ما يمنحه قوة حقيقية واستمرارية ثقافية»، مشيراً إلى أن التركيز على الجانب الإنساني لا يمكن فصله عن جوهر السينما نفسها، فـ«أهم رسالة يمكن أن تقدمها السينما هي خلق هذا النوع من التعاطف الإيجابي مع البشر ومآسيهم؛ لأن الفن الحقيقي هو القادر على دفع المُشاهد إلى الفهم والمشاركة الوجدانية، لا الاكتفاء بالمشاهدة السطحية»، على حد تعبيره.