نزوح 70 ألف مدني شمال سوريا خلال أسبوع

غارات روسية قتلت 23 مدنياً

مدنيون ينزحون من بلدة أورم الصغرى في ريف حلب أمس (أ.ف.ب)
مدنيون ينزحون من بلدة أورم الصغرى في ريف حلب أمس (أ.ف.ب)
TT

نزوح 70 ألف مدني شمال سوريا خلال أسبوع

مدنيون ينزحون من بلدة أورم الصغرى في ريف حلب أمس (أ.ف.ب)
مدنيون ينزحون من بلدة أورم الصغرى في ريف حلب أمس (أ.ف.ب)

أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أمس (الأربعاء)، بتواصل عملية نزوح المدنيين من مدن وبلدات وقرى بالقطاع الغربي من الريف الحلبي، على خلفية التصعيد الجديد للنظام السوري، و«الضامن» الروسي، مشيراً إلى نزوح أكثر 10000 عائلة يبلغ عددهم نحو 70 ألف مدني، أُجبروا على النزوح من المنطقة خلال التصعيد المتواصل منذ أسبوع.
وكان «المرصد» أشار إلى أن غارات جوية روسية أدّت إلى مقتل 23 مدنياً، أول من أمس (الثلاثاء)، شمال غربي سوريا، حيث تشدد الضربات المتجددة الخناق حول آخر معقل رئيسي لفصائل مسلحة في البلاد.
وقال «المرصد» الذي يتخذ من لندن مقراً له، في بيان صحافي، إن نسبة كبيرة جداً من الذين نزحوا خلال هذه الفترة هم في الأصل نازحون من إدلب وحماة ومناطق سورية أخرى إلى ريف حلب الغربي.
وأشار إلى أن عملية النزوح تجري أغلب الأحيان إلى ريف إدلب الشمالي الغربي بالقرب من الحدود السورية مع لواء إسكندرون التركي، لافتاً إلى أن أعداد النازحين منذ مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وحتى الآن، بلغت نحو 400 ألف مدني، نزحوا من أرياف إدلب الجنوبية والشرقية والجنوبية الشرقية بالإضافة لريف حلب الغربي.
ووفق «المرصد»، فإن قصفاً جويّاً هستيرياً تتعرض له مناطق متفرقة في ريفي حلب وإدلب، من قبل طائرات النظام وروسيا، منذ صباح اليوم، مشيراً إلى أن مقاتلات النظام الحربية استهدفت بأكثر من 110 غارات جوية مناطق في الراشدين وكفرناها وخان العسل والمنصورة ومحيط الأتارب بريف حلب الغربي وخلصة وبرنة وخان طومان والحميرة بريف حلب الجنوبي ومعرة النعمان وبزابور والغدفة ومعرشورين والدير شرقي ومعردبسة وقمحانة وبينين ومعصران بريف إدلب.
من جانبها، ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن الهجمات الصاروخية الانتقامية التي نسبتها للفصائل المسلحة أسفرت عن مقتل ثلاثة مدنيين آخرين، قرب مدينة حلب، التي تسيطر عليها الحكومة في شمال سوريا.
وأشار «المرصد» إلى مقتل عشرة مدنيين، بينهم عائلة كاملة من ثمانية، ضمنهم ستة أطفال، في غارات على غرب محافظة حلب، وهي منطقة متاخمة لمحافظة إدلب.
وأوضح مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أول من أمس، إن «إحدى الغارات استهدفت منزلاً على مشارف قرية كفرتعال، ما أدى إلى مقتل العائلة بأكملها، ضمنها ستة أطفال».
كما قتل مدنيان جراء الضربات الجوية في محافظة إدلب، بحسب «المرصد».
ولاحقاً، أعلن «المرصد»، مساء الثلاثاء، «مقتل 11 مدنياً في غارات روسية على مناطق غرب حلب وجنوب محافظة إدلب، ما يرفع الحصيلة إلى 23 قتيلاً، بينهم 13 طفلاً».
وتتعرض محافظة إدلب، الواقعة بمعظمها تحت سيطرة «هيئة تحرير الشام» («جبهة النصرة» سابقاً)، وتنتشر فيها فصائل مقاتلة أقل نفوذاً، منذ منتصف ديسمبر (كانون الأول) لتصعيد في القصف يتركز في ريف المحافظة الجنوبي والجنوبي الشرقي، حيث حققت قوات النظام تقدماً بسيطرتها على عشرات القرى والبلدات.
وأضاف عبد الرحمن أن «القصف منذ ثلاثة أيام، على محافظة إدلب وحولها، خصوصاً غرب مدينة حلب هو روسي حصراً». ولفت إلى «أنهم يريدون أن يبعدوا الجهاديين والفصائل عن حلب المدينة وطريق حلب - دمشق».
ورأى أن هذا القصف «قد يكون تمهيداً لعملية عسكرية» برية، خصوصاً أن «النظام أرسل حشوداً إلى أطراف مدينة حلب خلال الأسابيع الماضية».
ويأتي ذلك غداة مقتل سبعة مدنيين على الأقل، بينهم خمسة أطفال، في غارات شنتها طائراتها حربية روسية في محافظة حلب، وفق ما أفاد به المرصد.
وكانت قوات النظام وحليفتها روسيا قد صعّدت منذ ديسمبر (كانون الأول) عملياتها في المنطقة، وتحديداً في ريف إدلب الجنوبي، ما دفع نحو 350 ألف شخص إلى النزوح باتجاه مناطق شمالاً أكثر أمناً، وفق الأمم المتحدة.
وبعد أسابيع من القصف العنيف، أعلنت روسيا في التاسع من الشهر الحالي التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار أكدته تركيا لاحقاً.
إلا أن وقف إطلاق النار لم يستمر سوى بضعة أيام، قبل أن تعاود الطائرات الحربية منذ منتصف الأسبوع الماضي التصعيد في المنطقة. وتُكرر دمشق نيتها استعادة كامل إدلب ومحيطها.
وأكدت الوكالة السورية مقتل امرأتين وطفل في مدينة حلب. وتنشر روسيا قواتها في جميع أنحاء سوريا لدعم الجيش، في حين تعمل مجموعة من أفراد الأمن الخاص الروسي على الأرض.
وساعد تدخل موسكو العسكري خريف عام 2015، بعد أربع سنوات من النزاع السوري، في إبقاء الرئيس بشار الأسد في السلطة.
وتعاني محافظة إدلب من وضع إنساني خطير، مع تحذير مجموعات الإغاثة من موجة نزوح على نطاق غير مسبوق. ويسكنها ثلاثة ملايين شخص على الأقل، كثير منهم بحاجة لمساعدات إنسانية.
وقد حذّرت لجنة الإنقاذ الدولية من أن 650 ألف شخص آخرين، معظمهم من الأطفال والنساء، قد ينزحون أيضاً في حال استمرار العنف.
وقال «المرصد» إنه في أعلى حصيلة للقصف الجوي منذ يوليو (تموز) شنت القوات الروسية والسورية «نحو 370 ضربة جوية على ريفي إدلب وحلب منذ الصباح». وأفاد بـ«استمرار القصف الجوي بشكل هستيري من قبل طائرات النظام الحربية بشكل رئيسي والطائرات الروسية ومروحيات النظام، حيث ارتفع عدد الغارات التي شنتها مقاتلات النظام الحربية إلى غارة 239، استهدفت خلالها مناطق في الراشدين وكفرناها وخان العسل والمنصورة ومحيط الأتارب بريف حلب الغربي، وخلصة وبرنة وخان طومان والحميرة بريف حلب الجنوبي، ومعرة النعمان وبزابور والغدفة ومعرشورين والدير شرقي ومعردبسة وقمحانة وبينين ومعصران وحاس وسرجة وبابيلا وكرسيان والحامدية بريف إدلب. كما ارتفع إلى 66 عدد البراميل المتفجرة التي ألقتها مروحيات النظام على مناطق زيزون بريف حماة، وخان طومان وخلصة بريف حلب الجنوبي، والمنصورة وجبل شويحنة غرب حلب، ومعرة النعمان وأطرافها وكفروما والدير شرقي وخان السبل ومعصران بريف إدلب».
في موازاة ذلك، قال «المرصد» إنه «ارتفع عدد الغارات التي نفذتها الطائرات الروسية إلى 62، مستهدفة خلالها أماكن في جبل شويحنة وحيان وكفرحمرة شمال غربي حلب، وبشنطرة وكفرداعل والمنصورة والفوج 46 وبشقاتين ومحيط الأتارب وكفرناها والراشدين غرب حلب، وخان طومان والحميرة وبرنة بريف حلب الجنوبي، بالإضافة لخان السبل ومعرشورين ودير سنبل وسرجة والشيخ إدريس بريف إدلب».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.