الاستدامة... المصطلحات كثيرة والهدف واحد

المصمم البلجيكي سيباستيان دي نوبورغ مع مجموعة نظارات من مواد مدورة أعيد استعمالها
المصمم البلجيكي سيباستيان دي نوبورغ مع مجموعة نظارات من مواد مدورة أعيد استعمالها
TT

الاستدامة... المصطلحات كثيرة والهدف واحد

المصمم البلجيكي سيباستيان دي نوبورغ مع مجموعة نظارات من مواد مدورة أعيد استعمالها
المصمم البلجيكي سيباستيان دي نوبورغ مع مجموعة نظارات من مواد مدورة أعيد استعمالها

لا حديث للموضة حاليا سوى موضوع الاستدامة وتأثير الموضة على البيئة والمستقبل. فهي حسب بيانات الأمم المتحدة صناعة مسؤولة عن أكثر من 10 في المائة من انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية، كما أنها تستهلك طاقة أكثر من عمليات الطيران والشحن معا، فضلا عن مسؤولياتها في التلوث وما شابه من أمور.
ورغم تزايد الوعي بالمسؤولية والرغبة في إيجاد حلول، فإن الاصطلاحات الكثيرة بشأن الأزياء المستدامة تُسبب قدرا من الارتباك والالتباس. ولأن الأمر سيزيد من الحيرة في 2020، كونه عام الاستدامة بلا منازع، فإن هذه المصطلحات تحتاج إلى وقفة لفهمها. ما هو الفرق بين الأخلاقي والمستدام مثلا؟ وماذا تعني موضة رحيمة أو عادلة وما شابه من أمور؟ التفسيرات المتوفرة على الإنترنت والتي يُدلي بها الخبراء تتلخص في التالي:
- تشير لفظة الأخلاقي إلى أسلوب معاملة الناس. مثلا: هل يحصل العمال على أجور كافية لمتطلبات المعيشة؟ هل يحصلون على فترات راحة كافية أثناء العمل؟ هل أعمارهم تُخول لهم العمل؟ وأخيرا وليس آخرا: هل تساهم الشركة بشكل إيجابي في المجتمع الذي تعمل فيه بمعنى إن كانت تساعد على ازدهاره؟
يستخدم البعض مصطلح «أخلاقي» كذلك في الإشارة إلى موضة لا تستعمل في إنتاجها أساليب قاسية قد تعرض العمال للمرض بسببها.
ومن أفضل الطرق لمعرفة مدى أخلاقية العلامة التجارية من عدمها هي الوقوف على المعلومات التي تطرحها الشركة عن معاملة العمال الذين يعملون في إنتاج الملابس لديها.
- يعني مصطلح «لا يحتوي على أي منتجات حيوانية» أن مستحضرات التجميل والجمال لم تخضع لتجارب أو اختبارات على الحيوانات. لذا، إن كنت ترغبين في منتجات خالية تماما من العناصر الحيوانية، فلا بد من البحث عن ذات الأصول النباتية. وتجدر الإشارة إلى أن الأمر لا يقتصر على عالم التجميل فحسب. فالموضة هي الأخرى بدأت تطرح خيارات مماثلة تتمثل في جلود غير حيوانية، تم تطويرها من المنتجات الطبيعية مثل جلد الأناناس وغيره، وإن كانت لا تزال غير متوفرة على نطاق كبير.
- يشير مصطلح «عضوي» إلى الألياف الطبيعية التي تُزرع وتُنتج من دون الاستعانة بمواد سامة مثل المبيدات الكيميائية. ويعتبر القطن من أكثر الألياف العضوية لحد الآن، ولكن من الممكن أيضا العثور على القنب والحرير والجوت العضوي. ورغم أن القطن العضوي تعرض لعدد من الانتقادات بسبب تطلبه للكثير من المياه في الري مقارنة بالقطن التقليدي، فإنه يبقى أفضل نظرا لخلوه من المبيدات التي تدخل في زراعة القطن التقليدي وتُلحق الكثير من الأضرار بالبيئة، وبصحة الناس الذين يشربون من إمدادات المياه القريبة. الحل في رأي الخبراء، ليس في التقليل من إنتاج القطن العضوي وإنما في التقليل من استهلاك القطن من جانبنا جميعا.
- يُستخدم مصطلح «الأزياء الواعية» في وصف الأزياء الأخلاقية أو المستدامة أو الصديقة للبيئة. وهي شكل من أشكال الكلمات الجامعة التي تحظى بشعبية كبيرة لدى العلامات التجارية التي تتجه إلى المنتجات الخضراء (صديقة البيئة). وعموما فإن العلامات التجارية التي لا يوجد لديها ما تُخفيه تعرض بيانات الاستدامة بكل وضوح على منتجاتها.
- مصطلح التجارة المنصفة، يُشير إلى حصول المنتجين الصغار على أسعار عادلة لقاء منتجاتهم عند بيعها في البلدان الأكثر ثراء، بحيث لا يجب أن تقل عن أسعار السوق العادية. وهناك مبادئ تحكم التجارة المنصفة مثل السداد العادل، وضمان ظروف العمل الجيدة، الأمر الذي يشجع منتجي الملابس وفقا لهذه المبادئ على المواصلة والاستمرار.
المشكلة في التجارة المنصفة تكمن في أنها لا تعتبر حلا مثاليا لتنظيم صناعة الموضة والأزياء. فهناك الكثير من المواقع الإلكترونية تدعي أنها كذلك من دون أي دلائل على تطبيقها للأمر. وحتى مع حصول العلامة التجارية على كل شهادات الاعتماد في السوق، فهذا لا يعني أنها لن تكون مسببة للتلوث إن كانت تصنع 500 قطعة من الملابس كل دقيقة.
- يشير مصطلح الاستدامة إلى تأثير إنتاج الملابس على العالم من حولنا: كيف تُستغل المواد الطبيعية وكيف تعود إلى الأرض مرة أخرى. بمعنى ما مقدار النفايات المستعملة في عمليات التصنيع؟ في حال لم تتحلل بشكل جيد وطبيعي فإنها لا تُعتبر مستدامة. السبب حسب الخبراء أن كل ما يتم تصنيعه يعود إلى الأرض في صورة غذاء مفيد أو سُم. لهذا تميل العلامات التجارية المنادية بالمستدامة إلى الاستعانة بالألياف الطبيعية أو المُعاد تدويرها غالبا.
لكن الحل بالنسبة لكثيرين فهو تجنب الموضة السريعة، وتبني موضة عالية الجودة مصممة بطريقة تأخذ بعين الاعتبار أن تتمتع بدورة حياة طويلة الأجل. وهذا يعني أن يتوقف أكبر منتجي الأزياء السريعة في العالم عن صناعة ملابس بسرعة فائقة وكميات هائلة، وهو ما يُعتبر صعبا بالنظر إلى تأثيراته على الأرباح. لكن هذا لا يعني أن الكثير من هذه الشركات أعلنت أنها ستتبنى اتجاهات مستدامة في الأعوام المقبلة، من «زارا» إلى «إتش آند إم» السويدية، إما بمقاطعة استعمال الجلود الطبيعية مثل الفرو وإما بالبحث عن استراتيجيات مبتكرة. شركة «هينيس آند موريتز إيه
بي» (إتش آند إم) السويدية مثلا استحدثت تجربة خدمة لتأجير الملابس، حتى تقلص من المخلفات والتلوث، بحيث يمكن للمستهلكين تأجير الملابس مقابل 350 كرونة (37 دولارا) في الأسبوع من أحد متاجرها بالعاصمة السويدية استوكهولم، أسوة بشركتي «بانانا ريبابليك» و«إيربان آوتفيترز» اللتين أطلقتا خدمات مماثلة قبلها. وتقتصر الملابس المعروضة للإيجار في «إتش آند إم» على 50 قطعة لأعضاء برنامج الولاء بالشركة فقط. وتجدر الإشارة إلى أن التجربة خاضعة للتقييم قبل توسيعها.


مقالات ذات صلة

سروال الساق الواحدة يقسم الباريسيين... هل ينجح مثل الجينز المثقوب؟

لمسات الموضة صرعات الموضة (آيماكستري)

سروال الساق الواحدة يقسم الباريسيين... هل ينجح مثل الجينز المثقوب؟

منذ ظهور تلك البدعة، تضاربت الآراء بين المُشتغلين بالتصميم بين مُعجب ومُستهجن. هل يكون الزيّ في خدمة مظهر المرأة أم يجعل منها مهرّجاً ومسخرة؟

«الشرق الأوسط» (باريس)
لمسات الموضة من عرض المصمم التركي الأصل إيرديم (تصوير: جايسون لويد إيفانس)

هل تنقذ محررة أزياء سابقة صناعة الموضة؟

في ظل التخبط، بين شح الإمكانات ومتطلبات الأسواق العالمية الجديدة وتغير سلوكيات تسوُّق جيل شاب من الزبائن، يأتي تعيين لورا مثيراً ومشوقاً.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة أساور من مجموعة «إيسانسييلي بولاري» مزيَّن بتعويذات (أتولييه في إم)

«أتولييه في إم» تحتفل بسنواتها الـ25 بعنوان مستقل

«أتولييه في إم» Atelier VM واحدة من علامات المجوهرات التي تأسست من أجل تلبية جوانب شخصية ونفسية وفنية في الوقت ذاته.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة جانب من جلسات العام الماضي في الرياض (هارودز)

«ذا هايف»... نافذة «هارودز» على السعودية

في ظل ما تمر به صناعة الترف من تباطؤ وركود مقلق أكدته عدة دراسات وأبحاث، كان لا بد لصناع الموضة من إعادة النظر في استراتيجيات قديمة لم تعد تواكب الأوضاع…

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة «موكا موس» له تأثير حسي دافئ ولذيذ من دون بهرجة (برونيللو كوتشينيللي)

درجة العام الجديد «موكا موس»… ما لها وما عليها

الألوان مثل العطور لها تأثيرات نفسية وعاطفية وحسية كثيرة، و«موكا موس» له تأثير حسي دافئ نابع من نعومته وإيحاءاته اللذيذة.

جميلة حلفيشي (لندن)

سروال الساق الواحدة يقسم الباريسيين... هل ينجح مثل الجينز المثقوب؟

صرعات الموضة (آيماكستري)
صرعات الموضة (آيماكستري)
TT

سروال الساق الواحدة يقسم الباريسيين... هل ينجح مثل الجينز المثقوب؟

صرعات الموضة (آيماكستري)
صرعات الموضة (آيماكستري)

لفتت النظر في عروض باريس لموضة الربيع والصيف المقبلين، عارضات يرتدين سراويل ذات ساق واحدة، وأيضاً بساق مغطَّاة وأخرى مكشوفة. ومنذ ظهور تلك البدعة، تضاربت الآراء وسط المُشتغلين بالتصميم بين مُعجب ومُستهجن. هل يكون الزيّ في خدمة مظهر المرأة أم يجعل منها مهرّجاً ومسخرة؟

لم يقتصر تقديم تلك الموضة على مجموعات المصمّمين الجدد والشباب، وإنما امتدّ إلى أسماء شهيرة، مثل عروض أزياء «لويس فويتون»، و«كوبرني»، و«فيكتوريا بيكام»، و«بوتيغا فينيتا». ففي حين يرى المعجبون بالسراويل غير المتناظرة أنها تعبّر عن اتجاه جريء يحمل تجديداً في التصميم، وجد كثيرون أنها خالية من الأناقة. فهل تلقى الموضة الجديدة قبولاً من النساء أم تموت في مهدها؟

طرحت مجلة «مدام فيغارو» الباريسية السؤال على محرّرتين من صفحات الأزياء فيها؛ الأولى ماتيلد كامب التي قالت: «أحبّ كثيراً المظهر الذي يعبّر عن القوة والمفاجأة التي نراها في هذا السروال. إنه يراوح بين زيّ المسرح وشكل البطلة المتفوّقة. وهو قطعة قوية وسهلة الارتداء شرط أن تترافق مع سترة كلاسيكية وتنسجم مع المظهر العام وبقية قطع الثياب. ثم إنّ هذا السروال يقدّم مقترحاً جديداً؛ بل غير مسبوق. وهو إضافة لخزانة المرأة، وليس مجرّد زيّ مكرَّر يأخذ مكانه مع سراويل مُتشابهة. صحيح أنه متطرّف، لكنه مثير في الوقت عينه، وأكثر جاذبية من سراويل الجينز الممزّقة والمثقوبة التي انتشرت بشكل واسع بين الشابات. ويجب الانتباه إلى أنّ هذا الزيّ يتطلّب سيقاناً مثالية وركباً جميلة ليكون مقبولاً في المكتب وفي السهرات».

أما رئيسة قسم الموضة كارول ماتري، فكان رأيها مخالفاً. تساءلت: «هل هو نقص في القماش؟»؛ وأضافت: «لم أفهم المبدأ، حيث ستشعر مرتدية هذا السروال بالدفء من جهة والبرد من الجهة الثانية. وهو بالنسبة إليّ موضة تجريبية، ولا أرى أي جانب تجاري فيها. هل هي قابلة للارتداء في الشارع وهل ستُباع في المتاجر؟». ولأنها عاملة في حقل الأزياء، فإن ماتري تحرص على التأكيد أنّ القطع المبتكرة الجريئة لا تخيفها، فهي تتقبل وضع ريشة فوق الرأس، أو ثوباً شفافاً أو بألوان صارخة؛ لكنها تقول «كلا» لهذا السروال، ولا تحبّ قطع الثياب غير المتناظرة مثل البلوزة ذات الذراع الواحدة. مع هذا؛ فإنها تتفهَّم ظهور هذه الصرعات على منصات العرض؛ لأنها تلفت النظر وتسلّي الحضور.