لا حديث للموضة حاليا سوى موضوع الاستدامة وتأثير الموضة على البيئة والمستقبل. فهي حسب بيانات الأمم المتحدة صناعة مسؤولة عن أكثر من 10 في المائة من انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية، كما أنها تستهلك طاقة أكثر من عمليات الطيران والشحن معا، فضلا عن مسؤولياتها في التلوث وما شابه من أمور.
ورغم تزايد الوعي بالمسؤولية والرغبة في إيجاد حلول، فإن الاصطلاحات الكثيرة بشأن الأزياء المستدامة تُسبب قدرا من الارتباك والالتباس. ولأن الأمر سيزيد من الحيرة في 2020، كونه عام الاستدامة بلا منازع، فإن هذه المصطلحات تحتاج إلى وقفة لفهمها. ما هو الفرق بين الأخلاقي والمستدام مثلا؟ وماذا تعني موضة رحيمة أو عادلة وما شابه من أمور؟ التفسيرات المتوفرة على الإنترنت والتي يُدلي بها الخبراء تتلخص في التالي:
- تشير لفظة الأخلاقي إلى أسلوب معاملة الناس. مثلا: هل يحصل العمال على أجور كافية لمتطلبات المعيشة؟ هل يحصلون على فترات راحة كافية أثناء العمل؟ هل أعمارهم تُخول لهم العمل؟ وأخيرا وليس آخرا: هل تساهم الشركة بشكل إيجابي في المجتمع الذي تعمل فيه بمعنى إن كانت تساعد على ازدهاره؟
يستخدم البعض مصطلح «أخلاقي» كذلك في الإشارة إلى موضة لا تستعمل في إنتاجها أساليب قاسية قد تعرض العمال للمرض بسببها.
ومن أفضل الطرق لمعرفة مدى أخلاقية العلامة التجارية من عدمها هي الوقوف على المعلومات التي تطرحها الشركة عن معاملة العمال الذين يعملون في إنتاج الملابس لديها.
- يعني مصطلح «لا يحتوي على أي منتجات حيوانية» أن مستحضرات التجميل والجمال لم تخضع لتجارب أو اختبارات على الحيوانات. لذا، إن كنت ترغبين في منتجات خالية تماما من العناصر الحيوانية، فلا بد من البحث عن ذات الأصول النباتية. وتجدر الإشارة إلى أن الأمر لا يقتصر على عالم التجميل فحسب. فالموضة هي الأخرى بدأت تطرح خيارات مماثلة تتمثل في جلود غير حيوانية، تم تطويرها من المنتجات الطبيعية مثل جلد الأناناس وغيره، وإن كانت لا تزال غير متوفرة على نطاق كبير.
- يشير مصطلح «عضوي» إلى الألياف الطبيعية التي تُزرع وتُنتج من دون الاستعانة بمواد سامة مثل المبيدات الكيميائية. ويعتبر القطن من أكثر الألياف العضوية لحد الآن، ولكن من الممكن أيضا العثور على القنب والحرير والجوت العضوي. ورغم أن القطن العضوي تعرض لعدد من الانتقادات بسبب تطلبه للكثير من المياه في الري مقارنة بالقطن التقليدي، فإنه يبقى أفضل نظرا لخلوه من المبيدات التي تدخل في زراعة القطن التقليدي وتُلحق الكثير من الأضرار بالبيئة، وبصحة الناس الذين يشربون من إمدادات المياه القريبة. الحل في رأي الخبراء، ليس في التقليل من إنتاج القطن العضوي وإنما في التقليل من استهلاك القطن من جانبنا جميعا.
- يُستخدم مصطلح «الأزياء الواعية» في وصف الأزياء الأخلاقية أو المستدامة أو الصديقة للبيئة. وهي شكل من أشكال الكلمات الجامعة التي تحظى بشعبية كبيرة لدى العلامات التجارية التي تتجه إلى المنتجات الخضراء (صديقة البيئة). وعموما فإن العلامات التجارية التي لا يوجد لديها ما تُخفيه تعرض بيانات الاستدامة بكل وضوح على منتجاتها.
- مصطلح التجارة المنصفة، يُشير إلى حصول المنتجين الصغار على أسعار عادلة لقاء منتجاتهم عند بيعها في البلدان الأكثر ثراء، بحيث لا يجب أن تقل عن أسعار السوق العادية. وهناك مبادئ تحكم التجارة المنصفة مثل السداد العادل، وضمان ظروف العمل الجيدة، الأمر الذي يشجع منتجي الملابس وفقا لهذه المبادئ على المواصلة والاستمرار.
المشكلة في التجارة المنصفة تكمن في أنها لا تعتبر حلا مثاليا لتنظيم صناعة الموضة والأزياء. فهناك الكثير من المواقع الإلكترونية تدعي أنها كذلك من دون أي دلائل على تطبيقها للأمر. وحتى مع حصول العلامة التجارية على كل شهادات الاعتماد في السوق، فهذا لا يعني أنها لن تكون مسببة للتلوث إن كانت تصنع 500 قطعة من الملابس كل دقيقة.
- يشير مصطلح الاستدامة إلى تأثير إنتاج الملابس على العالم من حولنا: كيف تُستغل المواد الطبيعية وكيف تعود إلى الأرض مرة أخرى. بمعنى ما مقدار النفايات المستعملة في عمليات التصنيع؟ في حال لم تتحلل بشكل جيد وطبيعي فإنها لا تُعتبر مستدامة. السبب حسب الخبراء أن كل ما يتم تصنيعه يعود إلى الأرض في صورة غذاء مفيد أو سُم. لهذا تميل العلامات التجارية المنادية بالمستدامة إلى الاستعانة بالألياف الطبيعية أو المُعاد تدويرها غالبا.
لكن الحل بالنسبة لكثيرين فهو تجنب الموضة السريعة، وتبني موضة عالية الجودة مصممة بطريقة تأخذ بعين الاعتبار أن تتمتع بدورة حياة طويلة الأجل. وهذا يعني أن يتوقف أكبر منتجي الأزياء السريعة في العالم عن صناعة ملابس بسرعة فائقة وكميات هائلة، وهو ما يُعتبر صعبا بالنظر إلى تأثيراته على الأرباح. لكن هذا لا يعني أن الكثير من هذه الشركات أعلنت أنها ستتبنى اتجاهات مستدامة في الأعوام المقبلة، من «زارا» إلى «إتش آند إم» السويدية، إما بمقاطعة استعمال الجلود الطبيعية مثل الفرو وإما بالبحث عن استراتيجيات مبتكرة. شركة «هينيس آند موريتز إيه
بي» (إتش آند إم) السويدية مثلا استحدثت تجربة خدمة لتأجير الملابس، حتى تقلص من المخلفات والتلوث، بحيث يمكن للمستهلكين تأجير الملابس مقابل 350 كرونة (37 دولارا) في الأسبوع من أحد متاجرها بالعاصمة السويدية استوكهولم، أسوة بشركتي «بانانا ريبابليك» و«إيربان آوتفيترز» اللتين أطلقتا خدمات مماثلة قبلها. وتقتصر الملابس المعروضة للإيجار في «إتش آند إم» على 50 قطعة لأعضاء برنامج الولاء بالشركة فقط. وتجدر الإشارة إلى أن التجربة خاضعة للتقييم قبل توسيعها.
الاستدامة... المصطلحات كثيرة والهدف واحد
الاستدامة... المصطلحات كثيرة والهدف واحد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة