وزير التعليم السعودي: لا نفكر في إلغاء مجانية التعليم الجامعي وسنعزز مفهوم التسامح

أكد أن عملية الإصلاح داخل الوزارة ستطال الهياكل والأنظمة الإدارية والمناهج

الدكتور حمد آل الشيخ وزير التعليم السعودي
الدكتور حمد آل الشيخ وزير التعليم السعودي
TT

وزير التعليم السعودي: لا نفكر في إلغاء مجانية التعليم الجامعي وسنعزز مفهوم التسامح

الدكتور حمد آل الشيخ وزير التعليم السعودي
الدكتور حمد آل الشيخ وزير التعليم السعودي

شدد الدكتور حمد آل الشيخ وزير التعليم السعودي، على أنّ الوزارة لا تفكر إطلاقاً في إلغاء مجانية التعليم الجامعي أو قطع المكافآت عن الطلاب، مشيراً إلى أنّ عملية الإصلاح التي يقودها داخل الوزارة ستطال الهياكل والأنظمة الإدارية والمناهج وحوكمة العمليات الإدارية في المدارس وإدارات التعليم ومكاتبه. وأضاف أنّ هدف الوزارة بناء جيل المستقبل على ثوابت دينية ووطنية ومهارات خاصة لبناء المستقبل الواعد، مؤكداً أنّ التعليم في عهدة الدولة، وأنّه صناعة المستقبل لأي دولة ناجحة، مثمناً الدعم الكبير الذي يوليه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان في مجال التعليم، لافتاً إلى أنّ ذلك يعكس حجم التطلعات الكبيرة للقيادة من هذا القطاع.
وقال آل الشيخ، خلال استضافته، أول من أمس، في حلقة هذا الأسبوع من برنامج «في الصورة»، مع الإعلامي عبد الله المديفر، على «روتانا خليجية»، إنّ «الوزارة هي المسؤول الأول عن سياسات التعليم وإصلاحه وتطويره، وقطاع التعليم قطاع ضخم، وأصحاب المصلحة فيه هم نصف شعب المملكة، ويضم 7 ملايين طالب في التعليم العام والجامعي، و170 ألف في التدريب الفني والمهني، وعدد منسوبي هذا القطاع يصل إلى مليون موظف».
ولفت وزير التعليم إلى أنّ عملية الإصلاح التي يقودها داخل الوزارة ستطال الهياكل والأنظمة الإدارية والمناهج وحوكمة العمليات الإدارية في المدارس وإدارات التعليم ومكاتبه، مضيفاً أنّ الوزارة تهدف إلى رفع كفاءة أداء منظومة العمل بحيث تؤدي إلى رفع نواتج التعليم وترشيد استخدام الموارد ومنع أي هدر. وذكر أنّه وجد داخل الوزارة مقاومة للتّغيير، لذا شرع في اتخاذ عدة قرارات بتعيين قيادات جديدة في إدارات التعليم.
وعن تطوير المناهج التعليمية، قال آل الشيخ إنّ «تطوير المناهج من أهم أولوياتنا لتتناسب مع احتياجاتنا الوطنية، ولتؤهل الجيل القادم لمتطلبات المستقبل؛ لأنّ ما نحتاجه في المستقبل أصبح مختلفاً عمّا كنا نحتاجه منذ 20 عاماً. ولا نحتاج إلى أكثر من عامين لتطوير المناهج وتحقيق نتائج حقيقية في مستوى الطلاب، ونجحنا في المرحلة الأولى من تطوير المناهج، وهي تغييرها لتعزيز الشخصية الوطنية، وفي الدورة الثانية لتطوير المناهج تحاول الوزارة تعزيز مفهوم التسامح، وإدخال مفهوم التربية الرقمية مع مناهج الفصول الأولية، بعد أن ارتفع الاعتماد على التقنية في حياتنا». وأضاف أنّ وزارة التعليم كان أمامها 4 أشهر فقط لتعديل المناهج وطباعة الكتب، واستطاعت النجاح في هذا التحدي، وانتهت فعلياً من مراجعة مناهج الفصل الدراسي الأول، وستُعتمد للطباعة خلال أسبوعين، وبدأت فرق أخرى بمراجعة مناهج الفصل الثاني.
وتابع آل الشيخ: «لا بدّ للطالب من دراسة المواد الحقوقية، ويمكن أن تُدرس داخل المواد الشرعية، ونركز على تزويد الطالب بمهارات الفكر الناقد والاستنباط وبناء الحجة، كما ستُدرّس اللغة الإنجليزية بداية من الصف الأول الابتدائي خلال عامين، فالتركيز على الطفولة المبكرة من أهم أولوياتنا في هذه المرحلة».
وتحدث آل الشيخ عن إمكانية التحول إلى نظام 3 فصول دراسية، بدلاً من الفصلين، موضحاً أن الدراسة الآن تقول إن هناك هدراً على مستوى العام الدراسي، وإن إيجاد 3 فصول يزيد من عدد الأيام الفعلية للتعلم، وأيضاً يزيد كفاءة منظومة التعليم الداخلية والخارجية.
ولفت إلى قرب الجمع بين نظام المقررات والفصول الدراسية، بحيث يكون هناك فصل صيفي يمكن الطالب من مواد، للتغيير من مسار لمسار حسب رغبته، مشدداً على أنه ليس شرطاً أن يُطبّق نظام الفصول الثلاثة في كل المدارس، بل يكون ذلك حسب الكثافة الطلابية في كل مدرسة.
وكشف وزير التعليم عن فتح باب القبول لحركة النقل الخارجي للمعلمين والمعلمات للعام الدراسي الحالي، اعتباراً من أمس، مشدداً على أن إعداد المعلمين المؤهلين الشغوفين بعملهم من أهم أولويات الوزارة، ووعد بفتح برنامج إعداد المعلم العام المقبل. وتابع: «جلّ معلمينا - إن لم يكن كلهم - مؤهلون لاجتياز اختبار كفايات، ويجب ألا يقلق المعلمون، وأن يثقوا في أنّ وزارتهم ستقف معهم». كما أوضح أن الوزارة لم تحدّد إلى الآن، بداية وقت الاختبار في رمضان المقبل، مؤكداً أنّ منظومة الوزارة لن تتردد في اختيار ما يناسب الطلاب وأولياء أمورهم ويحقق لهم الاستقرار النفسي.
وشدد آل الشيخ على أنّ المجتمع شريك أساسي في قرارات الوزارة، مبيناً أن الطالب هو محور العملية التعليمية، وكل عمل أو جهد لا يؤدي إلى تحسين مستوى المعرفة والمهارة والطالب فلا قيمة له.
وعن الخطة الجديدة لتطوير التعليم الثانوي ونظام المسارات الجديدة، قال آل الشيخ: «من أهم أولوياتنا تطوير الثانويات بما يتواءم مع التغير العالمي في فلسفة ورسالة وأهداف التعليم الثانوي، وسيُصنّف الطلاب في الأول الثانوي وفق ميولهم وإمكاناتهم، وتوجيهم إلى مجموعة مسارات جديدة، وهي تقني وهندسي - شرعي أو حقوقي - مسار أدبي - إدارة الأعمال. ولدينا خطأ استراتيجي مستمر، وهو أنّ 100 في المائة من طلاب الثانوي يعدون من أجل الجامعة، و80 في المائة منهم يذهبون للجامعات بالفعل، و80 في المائة من هؤلاء يدرسون تخصصات نظرية وأدبية، وهذا عكس متطلبات سوق العمل».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».