معالم القاهرة الأثرية إلهام العدسات رغم آلاف اللقطات

جولات ميدانية لتوثيق التراث

شارع المعز بالقاهرة وجهة المصورين المصريين المفضلة (الشرق الأوسط)
شارع المعز بالقاهرة وجهة المصورين المصريين المفضلة (الشرق الأوسط)
TT

معالم القاهرة الأثرية إلهام العدسات رغم آلاف اللقطات

شارع المعز بالقاهرة وجهة المصورين المصريين المفضلة (الشرق الأوسط)
شارع المعز بالقاهرة وجهة المصورين المصريين المفضلة (الشرق الأوسط)

رغم آلاف اللقطات التي أبدعها المصورون المصريون والأجانب لمعالم القاهرة الأثرية في السنوات السابقة، فإن تلك المباني النادرة لا تزال تلهم شباب المصورين الذين وقعوا في عشق التراث، إذ شهدت الآونة الأخيرة اتجاهاً فنياً جديداً بين الفوتوغرافيين المصريين، وخاصة جيل الشباب؛ خصوصاً بعد تدشين مجموعات وصفحات للفنانين الشباب على «السوشيال ميديا» لتنسيق جولات التصوير الجماعية بالمعالم الأثرية بشكل أسبوعي.
جولات الفوتوغرافيين المصريين للمعالم الإسلامية وغيرها من المباني الأثرية الأخرى، تستمر يوماً كاملاً؛ حيث يبحثون بعدساتهم عن مواطن جديدة للجمال، بجانب الاستفادة من نصائح زملائهم الأكثر خبرة بهذه الأماكن.
المصور الشاب مصطفى محمود الحسيني يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «الجولات الفنية الميدانية التي نقوم بها تجمع ما بين كونها رحلات ترفيهية وزيارات عمل؛ حيث نختار منطقة أثرية مختلفة في كل مرة، نتجول في معالمها ونجلس على المقاهي المجاورة لها، ونسجل بعدساتنا تفاصيل المنطقة وجمالياتها، ويعد شارع المُعز بالقاهرة الفاطمية من أكثر الأماكن التي تشهد بشكل شبه يومي تجمعات كبيرة للمصورين».
وتضم العاصمة المصرية القاهرة، عدداً من المناطق الأثرية الإسلامية المفتوحة ذات الطرز المعمارية المميزة والمتنوعة، والتي تستقطب كثيراً من السائحين ومحبي التصوير والتوثيق الأثري، منها «القاهرة الفاطمية» وغيرها من المعالم التي تنتشر بالمنطقة في الحارات الضيقة والشوارع القديمة بأحياء السيدة زينب والجمالية والخليفة والظاهر.
وعلى غرار المعالم الأثرية، تجتذب الحرف اليدوية التراثية أيضاً كثيراً من الفوتوغرافيين المصريين، كما يقوم كثير من المتاحف بتبني برامج، تتضمن ورشاً تدريبية ومعارض فنية لتشجيع الحرفيين الشباب.
الفنان طارق الصغير، أحد الفوتوغرافيين الذين وقعوا في عشق تصوير المعالم الأثرية، والحرف اليدوية منذ سنوات عدة، ويعمل في الوقت الراهن على إعداد أطلس مصور لتوثيق الحرف التراثية المصرية، ويتجول بشكل شبه دائم بمفرده في المناطق الأثرية التي تضم ورش الحرف التراثية، ويتولى كذلك تنظيم جولات ميدانية وورشاً تدريبية للمصورين الشباب في هذه الأماكن.
يقول الصغير لـ«الشرق الأوسط» إن «تصوير الحرف اليدوية التراثية يتطلب مهارات فنية مختلفة عن تصوير الآثار التي تكون في مناطق مفتوحة تتيح وجود زوايا تصوير كثيرة، فتصوير الحرف اليدوية يكون في مكان ضيق لا يتيح خيارات كثيرة في زوايا التصوير». مشيراً إلى أن «الصورة تعتمد على مفردات فنية مختلفة؛ حيث يجب أن نقوم بتصوير الحرفي وهو مندمج في عمله، وتكون زاوية التصوير مناسبة لإظهار المنتجات والحرفي نفسه، ومن أهم المكونات الجيدة للصورة أن تبرز تلك العلاقة بين الحرفي والمنتج، وتسجل تأثير الحرفة على ملامح وتعابير وجهه، وتبرز انفعالاته خلال الاندماج في العمل».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».