جدل بشأن قصف دقيق «مجهول الهوية» يستهدف الحر وكتائب إسلامية في درعا

مصادر ترجح وقوف التحالف وراءه

جدل بشأن قصف دقيق «مجهول الهوية»  يستهدف الحر وكتائب إسلامية في درعا
TT

جدل بشأن قصف دقيق «مجهول الهوية» يستهدف الحر وكتائب إسلامية في درعا

جدل بشأن قصف دقيق «مجهول الهوية»  يستهدف الحر وكتائب إسلامية في درعا

يتناقل أهالي محافظة درعا، جنوب سوريا، أخباراً تشكك في قدرة نظام الرئيس السوري بشار الأسد على تنفيذ الغارات الجوية التي استهدفت مقرات قيادية للجيش السوري الحر المعارض في مناطق العجمي وعتمان والمزيريب وطفس وتل شهاب واليادودة، في 23 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، وأدت إلى مقتل قياديين من ألوية «المعتز بالله» العاملة في المنطقة الغربية من درعا، الأمر الذي ساهم في ترجيح احتمال أن تكون قوات التحالف الدولي ضد الإرهاب وراء هذا الاستهداف.
وفيما تظهر أشرطة الفيديو، التي انتشرت على مواقع شبكة الإنترنت، بشكل واضح القصف المركز والكثيف الذي نفذ بدقة عالية وحقق إصابات دقيقة، لا تزال هوية الجهة التي تقف خلف هذا الاستهداف مجهولة.
وكانت الغارات طالت مقرات لواء «المعتز بالله» التابع للجبهة الجنوبية للمعارضة، ومقرات «جبهة المثنى السلفية»، كما أشارت بعض المصادر إلى أن العملية استهدفت أيضا مقرا لـ«جبهة النصرة» في منطقة العجمي.
وتراوحت التحليلات بين أن تكون عمليات القصف نفذت بغارات جوية، وبين أن تكون بواسطة صواريخ بعيدة المدى. ورجحت أغلب المصادر أن الضربة كانت «صامتة تماما»، إذ لم يسمع أي صوت لطيران في أجواء المناطق المقصوفة لا سيما في العجمي. وعما إذا كانت هذه الهجمات نفذت بواسطة مقاتلات سوخوي الروسية التي يمتلكها النظام، قال مصدر عسكري معارض لـ«الشرق الأوسط»: «لدينا خبرة طويلة مع غارات النظام، ونستطيع التعرف على طائرات سوخوي من مظهرها ومن شكلها وصوتها. لكن هذه المرة لم تكن هناك طائرات في الأجواء، والأصوات الوحيدة التي ظهرت هي أصوات الانفجارات، وهذا يفتح الباب أمام احتمالات كثيرة حول هوية الجهة التي نفذت العملية».
ونفى المصدر أن تكون المقاتلات الأردنية هي التي نفذت بالغارة حسبما يشاع، وذلك نظرا إلى حرص المملكة على إبقاء نوع من التوازن في علاقتها مع الجيش الحر و«حركة المثنى» تجنبا لأي ردود فعل على حدودها الشمالية.
كذلك، أكد مصدر معارض آخر، أن الأسلحة المستخدمة هي أسلحة ذات دقة عالية تستخدم للمرة الأولى في العمليات العسكرية في الجنوب، مرجحا أن يكون النظام تزود بها حديثا من إيران أو روسيا، لكن ذلك الاحتمال لا ينفي أن تكون الغارات نفذتها قوات التحالف الدولي أو حتى إسرائيل في إطار استهدافها للتنظيمات المتطرفة، وفق قوله، خصوصا بعد تصريحاتها الرسمية مؤخراً حول انضمامها للتحالف الدولي. لكن اللافت في هذه الضربات أنها تركزت على مقرات «لواء المعتز» التابع للجبهة الجنوبية، وهو تشكيل عسكري يعتبر من القوى العسكرية المعتدلة حسب التصنيف الأميركي للقوى العسكرية المناهضة للنظام السوري.
ولعل التسريبات حول المقرات البديلة لـ«جبهة النصرة» والتي بدأت الأخيرة باللجوء إليها بعد انطلاق عمليات التحالف الدولي في سوريا، ساهمت في خلط أوراق التشكيلات العسكرية في درعا أكثر من أي وقت مضى. فقد نفذت «النصرة» و«حركة المثنى» مناورة لتبديل مقراتهما هربا من غارات التحالف الدولي. وعلى الأرجح اختارت «النصرة» مقرات قريبة أو ملاصقة لمقرات الجيش الحر المكشوفة، باعتبارها مقرات آمنة لن يطالها قصف التحالف. مع العلم، أنه ووفق مصادر معارضة أصدر الجيش الحر، يوم تنفيذ الغارة نداءات إلى كل القطاعات التابعة له بتغيير مواقعها تحسبا لأي ضربة أو غارات مماثلة.
وفيما لم يتسن التأكد من أي مصدر فيما إذا كان هناك أية بقايا لأسلحة القصف في المناطق المستهدفة، يلفت أحد المصادر المعارضة إلى أنه لا يجب النظر إلى هذه العمليات على أنها نوع من الخطأ في بنك الأهداف، نظرا لدقتها العالية ولمناطق تدميرها الواسعة.
ووسط هذا الجو من الالتباس حول هوية منفذ الغارة، زعمت مصادر أن يكون هناك «تنسيق على المستوى الأمني بين قوات التحالف والنظام السوري».
وفي غضون ذلك، أشارت مصادر معارضة لـ«الشرق الأوسط» أن عمليات قصف مماثلة نفذت في أوقات سابقة، لكن لم يلق الضوء عليها إعلامياً على الرغم من أنها حققت إصاباتها 100 في المائة، لكنها لم تكن بهذا الحجم وهذا الاتساع. وهذا ما يفتح الباب أمام احتمال تلقي النظام مساعدات عسكرية حديثة تشمل أسلحة دقة عالية ومن بينها معلومات مسربة لـ«لواء المعتز» تحدثت عن وصول خمس طائرات حديثة للنظام في الآونة الأخيرة.
وتعتبر «ألوية المعتز» التابعة للجبهة الجنوبية في الجيش الحر من أكبر الألوية وأقدمها في منطقة ريف درعا الغربي وشمال مدينة درعا. وتعمل على إقفال الممر الاستراتيجي للنظام في منطقة عتمان، الذي إذا استطاع النظام السيطرة عليه سيفتح الطريق أمامه لاستعادة مدينتي طفس وداعل، إضافة إلى تأمين طرق الإمداد إلى مدينة درعا وإعادة السيطرة على الجزء المحرر منها.



«المركزي اليمني» يستعد لإجراءات أشد قسوة بحق البنوك المخالفة

من داخل مقر البنك المركزي اليمني في عدن (أ.ف.ب)
من داخل مقر البنك المركزي اليمني في عدن (أ.ف.ب)
TT

«المركزي اليمني» يستعد لإجراءات أشد قسوة بحق البنوك المخالفة

من داخل مقر البنك المركزي اليمني في عدن (أ.ف.ب)
من داخل مقر البنك المركزي اليمني في عدن (أ.ف.ب)

أكد مصدر في البنك المركزي اليمني أن رئاسة البنك بصدد الإعداد لقرار أشد قسوة يمكن اتخاذه في أي لحظة ضد البنوك التجارية المخالفة تعليماته وقراراته في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، إذا لم تبدأ هذه البنوك في اتخاذ خطوات الاستجابة والانصياع لقراراته السابقة.

وبحسب المصدر الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» طالباً عدم الإفصاح عن هويته، فإن البنك المركزي يعدّ لقرار سحب «السويفت» من البنوك المخالفة والرافضة قراراته، وإلغاء تراخيص عملها نهائياً؛ ما سيؤدي إلى وقف أنشطتها بالكامل خارج مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، ويحولها مكاتب صرافة داخلية صغيرة عاجزة عن تقديم أي خدمات بنكية للأفراد والشركات والمؤسسات.

من المتوقع أن تتوقف التحويلات المالية إلى مناطق سيطرة الحوثيين حتى الرضوخ لقرارات البنك المركزي اليمني (رويترز)

وبيّن المصدر أن البنك المركزي لا يزال يراعي مصالح المودعين والمتعاملين كافة مع هذه البنوك، ويأمل أن تكون القرارات السابقة كافية لإظهار جديته في ضبط القطاع المصرفي والسيطرة على عملياته وإدارتها وفق القانون، إلى جانب مساعيه لاستمالة البنوك إلى صفه بدلاً من استخدام الجماعة الحوثية لها.

وكان البنك واصل إجراءاته لتشديد الخناق المصرفي على الجماعة الحوثية، وألغى بقرار صدر الجمعة، تراخيص ثلاث شركات صرافة، وأمر بإغلاق فروعها إلى أجل غير مسمى بعد مخالفتها تعليماته.

وذكر البنك المركزي في بيان أن محافظه أحمد غالب أصدر ثلاثة قرارات بإيقاف تراخيص شركتي «المري» و«المجربي» وفروعهما، ومنشأة «ثمر» للصرافة، وإغلاقها حتى إشعار آخر؛ لمخالفتها قرارات وتعليمات البنك، بعد التحقق من خلال تقارير ميدانية من ثبوت المخالفات المرفوعة من قطاع الرقابة على البنوك خلال الفترة من 24 وحتى 27 يونيو (حزيران).

وجاء هذا القرار بعد قرارين سابقين، بفرض شبكة موحدة للحوالات الداخلية، وحظر التعامل مع 12 كياناً للدفع الإلكتروني غير المرخص، ووقف العمل نهائياً في شبكات الحوالات المالية المحلية المملوكة للبنوك والمصارف أو شركات ومنشآت الصرافة العاملة في اليمن.

حظر الأموال المنهوبة

يعدّ قرار البنك المركزي الخاص بإلزام جميع البنوك وشركات ومنشآت الصرافة العاملة في اليمن وحظر التعامل مع 12 كياناً ومحفظة وخدمة دفع إلكتروني غير مرخصة، حدثاً مهماً واستثنائياً بحد ذاته؛ نظراً لانفلات سوق هذا القطاع عن السيطرة، وإمكانية استخدامه في ممارسات خطيرة.

«المركزي اليمني» برّر قراره بمزاولة هذه الكيانات خدماتها في الدفع والترويج وتنفيذ تحويلات مالية إلكترونية دون تراخيص رسمية منه، وفي مخالفة للقوانين والتعليمات النافذة، والضوابط والإجراءات المعتمدة لتقديم خدمات وأنشطة الدفع الإلكتروني.

الجماعة الحوثية تمنع تداول الأوراق النقدية التي أصدرها البنك المركزي اليمني (أ.ف.ب)

ويرى الباحث الاقتصادي نجيب العدوفي أن المحافظ الإلكترونية في اليمن ما زالت تجربة حديثة وغير خاضعة للضوابط والإجراءات القانونية، كما أنها بعيدة تماماً عن الرقابة العليا من الجهة السيادية المعنية بتنظيم العمليات المالية والمصرفية، وهي البنك المركزي اليمني.

ويوضح العدوفي لـ«الشرق الأوسط»، أنه وفي حين أصبحت هذه المحافظ وسيلة عصرية عالمية تتجاوز الحدود وفق ضوابط وإجراءات رقابة تمنع استخدامها في أي أعمال إجرامية؛ ظلت في اليمن بعيدة عن رقابة البنك المركزي، وتعمل تحت إدارة وسيطرة الجماعة الحوثية، والتي يمكن لها استخدامها في جرائم مالية كغسل الأموال وتمويل الإرهاب.

ويتابع: «إن الأموال التي تتدفق عبر هذه المحافظ الإلكترونية، هي أموال تعود في الغالب إلى خصوم الجماعة الحوثية من أحزاب ومؤسسات وقادة وناشطين سياسيين، سيطرت عليها الجماعة الحوثية، وتستخدمها في الهروب من الرقابة على أنشطتها المالية وممارساتها المشبوهة».

ويضمن قرار البنك المركزي وقف أنشطة هذه المحافظ حماية أموال المتعاملين ومعالجة التشوهات في القطاع المصرفي.

12 محفظة إلكترونية أوقفها البنك المركزي اليمني تستخدمها الجماعة الحوثية لتداول أموال مجهولة المصدر (إعلام حوثي)

من جهته، ينوّه الباحث الاقتصادي اليمني وحيد الفودعي إلى أنه كان ينبغي إيقاف المحافظ الإلكترونية منذ فترة طويلة؛ كونها تملك تراخيص مزاولة نشاط من الجماعة الحوثية في صنعاء، دون أن تملك أي ترخيص من البنك المركزي في عدن.

ويشير الفودعي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن قرار إيقاف هذه المحافظ سيكون قابلاً للنفاذ فقط في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، لكنها ستظل تعمل في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية.

إخضاع الجماعة الحوثية

يأتي القرار الأخير للبنك المركزي اليمني بإيقاف ثلاث شركات ومؤسسات صرافة ضمن مساعيه لتنظيم الصرافة وتشديد الرقابة عليها، إلا أنه لم يوضح السبب الرئيسي للإيقاف؛ واكتفى بالإشارة إلى أنه جاء بناءً على نتائج التفتيش الميداني والرفع من قطاع الرقابة؛ ما يعني وجود مخالفات لتعليماته والقوانين المنظمة، طبقاً للفودعي.

ويضيف الفودعي أن توحيد الشبكات تحت شبكة واحدة يؤدي إلى زيادة الشفافية والرقابة على التحويلات المالية، ويسهل سيطرة البنك المركزي عليها؛ ما قد يساعد في تقليل الأنشطة المالية غير القانونية، ويقلل من عمليات غسل الأموال، ويحسن من كفاءة النظام المالي.

ويتوقع أن تمكن هذه القرارات من القضاء على عمليات المضاربة بالعملة التي كانت تتم عبر الشبكات؛ مما يساهم في استقرار سعر الصرف، وأن تجبر هذه المؤسسات المصرفية على استخدام شبكة موحدة، وتحسين الكفاءة والسرعة في عمليات التحويلات المالية.

عنصر حوثي في محافظة ريمة يعلق إعلاناً لإحدى المحافظ الإلكترونية (إعلام حوثي)

وتعتمد إمكانية تطبيق هذه القرارات ونجاحها على البنية التحتية التقنية المتمثلة بتوافر وتطوير التكنولوجيا اللازمة لتشغيل الشبكة الموحدة بكفاءة، والتعاون والامتثال، ومدى استعداد البنوك وشركات الصرافة للتعاون مع البنك المركزي والامتثال للقرار، والتدريب والتوعية الفنيين للموظفين والعملاء؛ لضمان سهولة الانتقال للنظام الجديد.

ويرجح الباحث نجيب العدوفي أن الشبكة الموحدة للتحويلات ستمكن البنك المركزي من معرفة كمية النقد الأجنبي الموجود داخل اليمن والكتلة النقدية المحلية وحجم التعاملات المصرفية وضبطها، ومنع المضاربة بالعملة الأجنبية التي تلحق الضرر بالعملة المحلية، كما ستجبر الجماعة الحوثية على الرضوخ والقبول بخضوع تعاملاتها المالية لرقابة البنك المركزي والحكومة الشرعية.