السيسي والبرهان يبحثان تطورات «سد النهضة» والملفات الإقليمية

«الري» المصرية تنفي تقديم تنازلات... وإثيوبيا تعتزم توليد الكهرباء العام المقبل

السيسي والبرهان خلال لقاء سابق في القاهرة (الرئاسة المصرية)
السيسي والبرهان خلال لقاء سابق في القاهرة (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي والبرهان يبحثان تطورات «سد النهضة» والملفات الإقليمية

السيسي والبرهان خلال لقاء سابق في القاهرة (الرئاسة المصرية)
السيسي والبرهان خلال لقاء سابق في القاهرة (الرئاسة المصرية)

بحث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مع رئيس مجلس السيادة الحاكم في السودان، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، عدداً من الملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، خاصة مفاوضات «سد النهضة» الإثيوبي، في حين نفت وزارة الري المصرية، أمس، ما تردد على بعض المواقع الإلكترونية، بشأن تقديم تنازلات عن بعض مطالبها بشأن السد الإثيوبي خلال اجتماعات (واشنطن) الأخيرة، مؤكدة أن ما نشر، «مخالف للحقيقة ومجرد ادعاءات».
وأعلنت مصر وإثيوبيا والسودان، في أعقاب مفاوضات ماراثونية، جرت في واشنطن من 13 - 15 يناير (كانون الثاني) الحالي، إحراز تقدم حول محددات رئيسية لملء خزان السد، مؤكدة أنها سوف تجتمع مجدداً يومي 28 و29 يناير الحالي في واشنطن، لتذليل العقبات المتبقية، والتوصل لـ«اتفاق شامل».
وذكر بيان لوزارة الخزانة الأميركية، أن ملء السد سينفذ على مراحل خلال الموسم المطير، وسيأخذ في الحسبان التأثير على المخزون المائي لدى دول المصب. وأضاف البيان أن المرحلة الأولى لملء خزان السد تستهدف الوصول لمستوى 595 متراً فوق مستوى سطح البحر وبدء توليد الكهرباء. وتابع أنه سيجري توفير سبل مناسبة لتخفيف أثر الجفاف على مصر والسودان. وزاد أن مراحل الملء اللاحقة لسد النهضة ستسمح بتصريف المياه خلال فترات الجفاف الطويلة.
من جانبها، اتهمت وزارة الموارد المائية والري بمصر، مواقع إلكترونية - لم تسمها - تناولت معلومات خاطئة عن الجولة الأخيرة لمفاوضات السد بواشنطن والبيان الختامي الصادر عن الاجتماع. وأكدت الوزارة في بيان لها أمس، أن «البيان الختامي تناول العديد من النقاط المهمة، والتي سبق الإشارة لبعضها في اجتماع واشنطن، ديسمبر (كانون الأول) الماضي، حيث تم الحديث عن كميات المياه المراد تخزينها، وسنوات الملء، عبر الإشارة إلى أن عملية الملء ستكون طبقاً لهيدرولوجية النهر، بمعنى أن تتوقف على كميات الفيضان المتغيرة من سنة إلى أخرى، وهذا المفهوم لا يعتمد على عدد السنوات والكميات المخزنة كل عام بشكل محدد أو ثابت، إنما اعتماداً على هيدرولوجية النهر وحالة الفيضان».
وذكرت «الري» أن «البيان الختامي تناول مرحلة الملء الأولى في وقت سريع، وتشغيل التوربينات لتوليد طاقة، مما يحقق الهدف الأساسي للسد، دون تأثير جسيم على دول المصب، للمساهمة في توفير الطاقة للشعب الإثيوبي»، مشيراً إلى أنه «تم التوصل إلى تعريفات وتوصيف للجفاف والجفاف الممتد، وتلتزم إثيوبيا بإجراءات لتخفيف الأضرار المترتبة على ذلك، وسوف يتم استكمال التفاصيل في هذا الإطار في مشاورات الاجتماع القادم».
وأكدت «الري» في بيانها، أن «هناك نقاطاً عديدة ومهمة، سيتم استكمال التباحث الفني والقانوني حولها من خلال إطار زمني محدد خلال الأسبوعين المقبلين، ينتهي باجتماع واشنطن نهاية يناير الحالي... ومن أهمها، التعاون في قواعد التشغيل وآليات التطبيق وكميات التصرفات التي سيتم إطلاقها طبقاً للحالات المختلفة، وكذلك آلية فض المنازعات التي قد تنشأ عن إعادة ضبط سياسة التشغيل بسبب التغيرات في كمية الفيضان من عام لآخر أو من فترة لأخرى، وسيتم أيضاً تدقيق التفاصيل في كل الأطر التي تم التوافق عليها».
وجاءت اجتماعات واشنطن، بحضور وزراء الخارجية والموارد المائية لمصر والسودان وإثيوبيا، ومشاركة وزير الخزانة الأميركي ورئيس البنك الدولي بصفة «مراقبين»، ضمن مفاوضات بدأت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بوساطة أميركية، كان مقرراً لها أن تنتهي 15 يناير؛ لكن الأطراف المعنية قررت التمديد حتى يومي 28 و29 يناير بعد عثرات عدة.
وشددت الدول الثلاث، في بيان مشترك، مع الولايات المتحدة والبنك الدولي، حينها، على أن «جميع النقاط الواردة في هذا الاتفاق المبدئي (تخضع لاتفاق نهائي)، وأن الحل الذي توصلت إليه الأطراف بشأن تعبئة خزان السد يقضي بأن تتم عملية ملئه (على مراحل) وبطريقة (تعاونية)، ولا سيما خلال موسم الأمطار بين يوليو (تموز) وأغسطس (آب)».
وتعول مصادر مطلعة في مصر «على الاجتماع القادم لأهميته الكبرى، حيث يمثل مرحلة أساسية للتوافق حول كل الأمور المعلقة للوصول إلى اتفاق شامل». يأتي هذا وسط تخوفات لمراقبين من «صعوبات فنية وقانونية لا تزال عالقة... ومطالب «بضرورة وجود آليات محددة وضمانات واضحة لتنفيذ الاتفاق النهائي».
وفي هذا السياق، صرح وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي سيليشي بيكيلي بأن بلاده تعتزم البدء في توليد الكهرباء من سد النهضة الإثيوبي الكبير في أوائل عام 2021. ونقلت وكالة «بلومبرغ» أمس عن بيكيلي قوله للصحافيين في واشنطن إنه سوف يتم البدء في تشغيل اثنين من التوربينات في عام 2021، وسوف يتم تشغيل التوربينات الـ11 المتبقية في العام التالي.
وأضاف: «سوف يبدأ الاختبار وإنتاج الكهرباء في عام 2021، وهذا يتوقف فقط على سرعة البناء لدينا». وتابع: «إثيوبيا تخطط لملء السد خلال مدة تتراوح من أربع إلى سبع سنوات اعتمادا على كمية الأمطار».
وتلقى الرئيس السيسي، مساء أول من أمس، اتصالاً هاتفياً من رئيس المجلس السيادي في السودان. وقال السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، إن «الرئيس السيسي أكد على الروابط التاريخية الأزلية التي تجمع شعبي وادي النيل»، مشيراً إلى «متابعته الحثيثة لكل التطورات على الساحة السودانية»، مؤكداً «الموقف المصري الاستراتيجي الثابت الداعم لأمن واستقرار السودان وشعبه الشقيق».
من جانبه، ثمن الفريق أول ركن البرهان، التقارب الشعبي والحكومي المتأصل بين مصر والسودان، والجهود القائمة للارتقاء بأواصر التعاون المشترك بين البلدين، مشيداً بـ«الدعم المصري غير المحدود للحفاظ على سلامة واستقرار السودان». وأضاف المتحدث الرئاسي المصري أن «الاتصال تناول التباحث حول تطورات عدد من الملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، خاصة مفاوضات (سد النهضة)، والأزمة الليبية، حيث تم التوافق بين الجانبين حول استمرار التشاور المكثف والتنسيق المشترك في هذا السياق».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.