«المهنة جغرافي»... أول كتاب «كوميكس» للأطفال عن سيرة جمال حمدان

يرسم تجربة العالم الجغرافي المصري ويوزع كهدية بمعرض القاهرة للكتاب

غلاف كتاب كوميكس بعنوان «المهنة جغرافي» عن جمال حمدان
غلاف كتاب كوميكس بعنوان «المهنة جغرافي» عن جمال حمدان
TT

«المهنة جغرافي»... أول كتاب «كوميكس» للأطفال عن سيرة جمال حمدان

غلاف كتاب كوميكس بعنوان «المهنة جغرافي» عن جمال حمدان
غلاف كتاب كوميكس بعنوان «المهنة جغرافي» عن جمال حمدان

«الجغرافيا ظل الأرض على الزمان» مقولة شهرية للعالم الجغرافي المصري جمال حمدان الذي اختير ليكون شخصية معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ51. وهو صاحب المؤلف الهام «شخصية مصر» الذي يعد علامة بارزة في المكتبة العربية باعتباره موسوعة جمعت إلى جانب علم الجغرافيا معارف واسعة وتحليلا تاريخيا وحضاريا لأبعاد الوجود المصري في الزمان والمكان وكذلك انعكاساته على السياسة والاجتماع والاقتصاد.
ولأول مرة أعلنت الهيئة المصرية العام للكتاب المنظمة للمعرض عن صدور كتاب كوميكس بعنوان «المهنة جغرافي» يروي سيرته الذاتية بعد 27 عاما على وفاته. وقال عنه الدكتور هيثم الحاج علي، رئيس الهيئة العامة للكتاب، لـ«الشرق الأوسط»، «ستكون حياة جمال حمدان وفكره ومؤلفاته محورا رئيسيا في الدورة الأولى بعد اليوبيل الذهبي للمعرض، وسوف تتضمن العديد من الفعاليات وإعادة إصدار مؤلفاته؛ لذا وجدنا أن نشرك الأطفال في هذا الاحتفاء بتاريخه وعلمه وفكره، باعتباره قدوة مشرفة للصغار».
ولد جمال حمدان في محافظة القليوبية 4 فبراير (شباط) عام 1928، وترك زادا تراثيا ومعرفيا بلغ نحو 39 كتابا و79 بحثا ومقالة، باللغة العربية والإنجليزية، وخلف رحيله في عام 1973 الكثير من علامات الاستفهام، أبرزها تطرقه لمسألة الكيان الصهيوني في كتاب موسوعي، لم ينشر حتى الآن.
لكن كيف يمكن تقديم سيرة جمال حمدان للأطفال؟ كان ذلك التساؤل الذي طرأ على ذهن المؤلف هيثم السيد، وتقدم بالفكرة للهيئة العامة للكتاب التي وافقت عليها وتم تنفيذها بالتعاون مع الفنان أحمد جعيصة. ويقول هيثم السيد لـ«الشرق الأوسط»، «الكتاب خطوة أولى لسد فجوة في نوعية الكتب الموجهة للأطفال والتي تقوم بتبسيط السير الذاتية لكبار الشخصيات التاريخية المصرية العظيمة وقد استجابت الهيئة ليكون الكتاب هدية مجانية لزوار معرض الكتاب»، مضيفاً: «إعداد الكتاب تم عبر 3 مراحل، هي، جمع المادة العلمية البحتة، ثم مرحلة الكتابة، ثم مرحلة الرسم، وهي الأهم في إخراج الكتاب بهذه الصورة، حيث قام الفنان أحمد جعيصة بدور كبير في عرض القصة بأفضل صورة»، مشيرا إلى أنه استكمالا لطموح التجربة لتكون سلسلة كوميكس موجهة للأطفال من عمر 11 عاما إلى 15 عاما، نعد لكتابي: «المهنة كيميائي» عن أحمد زويل، و«المهنة رياضي» عن محمد صلاح، وغيرها.
ويروي الكتاب حكاية حمدان داخل حكاية خلاف فكري بين أب وطفله البالغ من العمر 15 عاما؛ لتصل بالمتلقي إلى قبول الآخر وأن هناك دوما حلولا وسطية لمشكلات اختلاف الفكر بين الأجيال.
أما عن الرسالة الرئيسية لكتاب «المهنة جغرافي» فيقول السيد: «جمال حمدان أحب مصر لكن بالبحث في معرفة قيمتها وهي الرسالة التي يخاطب بها الكتاب الأطفال ويوجههم لأهمية العلم والمعرفة في حماية الأرض والتاريخ».
يأتي الكتاب في الوقت الذي انصرف فيه الكثير من الأطفال عن الكتب منجذبين للعالم الرقمي والوسائط المعرفية الحديثة.
«نحن في صراع مع السوشيال ميديا ونود أن نسبقها والكوميكس وسيلتنا» هكذا يتحدث فنان الكاريكاتير أحمد جعيصة عن تجربته في إعداد رسوم كتاب «المهنة جغرافي» قائلا لـ«الشرق الأوسط»، «هذا هو أول كتاب من نوعه يصدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، ونسعى من خلاله لمخاطبة الطفل وجذبه للكتاب مرة أخرى بدلا عن الموبايل والإنترنت».
يضيف جعيصة: «الكوميكس وسيلة محببة للأطفال لإيصال المعلومة وفرصة نحفزهم بها للبحث عن شخصية جمال حمدان وكتبه ليكون نواة للبحث، كما أنه يفتح آفاق الخيال للطفل ويساعد في بناء الشخصية عبر التعريف بتاريخ علماء مصر».
«الكتاب صدر في 81 صفحة من القطع الكبير وحرصنا جدا أن تكون مواصفاته الفنية جذابة جدا في مواجهة سلاسل الكوميكس العالمية... فن الكوميكس ليس مهمة سهلة وإنما يقوم على ما يشبه البناء الدرامي في السينما حيث يتم تقسيم القصة لمشاهد حوارية بين أبطالها، أي أنه سيناريو بالرسم». ويوضح: «حاولنا عبر مشاهد مرسومة وملونة أن نروي قصة حياة جمال حمدان من الميلاد مرورا برحلته العلمية في بريطانيا وتكريمه في دولة الكويت وحتى وفاته، ونتمنى أن يستمر المشروع ليتناول كبار الشخصيات المصرية في مجالات الفن والسينما والمسرح والرياضة وغيرها». ويرى فنان الكاريكاتير أحمد جعيصة أن «فن الكوميكس يمكنه أن يغرس في الأطفال الكثير من القيم ويجذبهم لحب الفن والرسم من جهة وللقراءة والاطلاع من جهة أخرى، فهو فرصة لتعميق ثقافتهم بدلا عن تصفح السوشيال ميديا».
وحول الفئة المستهدفة من الأطفال، يلفت جعيصة: «هو موجه للأطفال الذين يمكنهم القراءة وهو وسيلة مثالية تمكن الآباء والأمهات من حكي سيرة جمال حمدان لأطفالهم وتقديم الحكم المستفادة من سيرته لهم بشكل مبسط ومحفز يدعمهم في التخطيط لمستقبلهم وحب العلم كقيمة أساسية لبناء الحضارة».
ويتمنى فنان الكاريكاتير بمجلة «صباح الخير» المصرية أن يحظى فن الكوميكس في مصر والعالم العربي بقيمة واهتمام أكبر لدوره الهام في تحفيز مخيلة الأطفال وإلهامهم بتقديم نماذج مشرفة من كبار العلماء والمبدعين.


مقالات ذات صلة

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق كاميلا ملكة بريطانيا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الأدب بحضور الأميرة آن (رويترز)

قدمتها لها الأميرة آن... الملكة كاميلا تحصل على دكتوراه فخرية في الأدب

حصلت الملكة البريطانية كاميلا، زوجة الملك تشارلز، على الدكتوراه الفخرية؛ تقديراً لـ«مهمتها الشخصية» في تعزيز محو الأمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
كتب سوزان بلاكمور وابنتها أميلي تروسيانكو  أثناء حفل توقيع كتاب "الوعي: مقدمة"

الشبحُ في الآلة

شغل موضوع أصل الأشياء The Origin مكانة مركزية في التفكير البشري منذ أن عرف البشر قيمة التفلسف والتفكّر في الكينونة الوجودية.

لطفية الدليمي
كتب سيمون سكاما

قصة اليهود... من وادي النيل حتى النفي من إسبانيا

يروي الكاتب البريطاني اليهودي «سيمون سكاما»، في كتابه «قصة اليهود»، تفاصيل حياة اليهود ابتداءً من استقرارهم في منطقة الألفنتين

سولافة الماغوط (لندن)
ثقافة وفنون العالم الجغرافي والمحقق اللغوي الكويتي د. عبد الله الغنيم شخصية معرض الكتاب لهذا العام

معرض الكويت الدولي للكتاب ينطلق غداً... وعبد الله الغنيم «شخصية العام»

ينطلق غداً (الأربعاء) معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الـ47، بمشاركة 544 دار نشر، من 31 دولة، منها 19 دولة عربية و12 أجنبية.

«الشرق الأوسط» (الكويت)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».