إسدال الستار على «العقد الذهبي» لنمو الاقتصاد الألماني

شهد أقل وتيرة توسع منذ 2013

TT

إسدال الستار على «العقد الذهبي» لنمو الاقتصاد الألماني

أظهرت البيانات الرسمية، الأربعاء، انخفاض النمو الاقتصادي الألماني في عام 2019، ما قد يجدد الجدل حول كيفية استخدام الفائض المالي لتعزيز إجمالي الناتج المحلي.
ولم يتجاوز نمو اقتصاد أكبر قوة اقتصادية في أوروبا 0.6 في المائة العام الماضي، مقارنة مع 1.5 في المائة في 2018، بحسب ما أفادت هيئة الإحصاءات «ديستاتيس» في أرقامها الأولية، وهي أقل وتيرة توسع منذ 2013، وتشير إلى تباطؤ عن العام السابق.
وصرح ألبرت براكمان، الخبير في «ديستاتيس»، في مؤتمر صحافي في برلين، بأن «زخم النمو تراجع بشكل كبير» العام الماضي. إلا أن الهيئة أشارت إلى أن النمو الذي استمر لعشر سنوات متتالية كان أطول نمواً منذ توحيد ألمانيا في 1990. بدورها قالت هولغر شميدنغ، من بنك «بيرنبرغ»، إنه بالنظر إلى المستقبل، فإن «العقد الذهبي من النمو الذي شهدته ألمانيا يقترب من نهايته تدريجياً»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
في السنوات الأخيرة، أثرت عدة عوامل، من بينها النزاعات التجارية والأحداث السياسية مثل «بريكست»، وتباطؤ النمو العالمي، ووتيرة التغيير غير المسبوقة تقريباً في قطاع السيارات، على التصنيع الذي يعد العصب الرئيسي للاقتصاد في ألمانيا.
وقالت فريتزي كوهلر - غيب، الاقتصادية البارزة في بنك «كاي إف دبليو» للاستثمار، إن «بيئة التجارة الخارجية الصعبة تعني ضغطاً دائماً على الصناعة الألمانية». وأضافت أنه مع انخفاض معدل البطالة، وزيادة مرونة قطاعات الخدمات «فقد أنقذ الطلب الداخلي القوي وحدة الاقتصاد من الدخول في ركود العام الماضي».
ومع بداية عام 2020، تم التوقيع على «المرحلة الأولى» من اتفاق التجارة بين الولايات المتحدة والصين، الأربعاء، كما اتضحت خطوات «بريكست» بعد فوز رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في الانتخابات البريطانية، الشهر الماضي. وقد يخفف هذان الأمران الضغط على الصناعات الألمانية المعتمدة على التصدير؛ إلا أن وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني حذرت الثلاثاء من «تدهور البيئة العالمية» بشكل «يؤثر على نمو الاقتصادات المفتوحة للدول الأعضاء في منطقة اليورو في 2020».
ويرى البنك المركزي الألماني «بوندزبنك» أن النمو هذا العام سيكون حول مستواه نفسه تقريباً في 2019؛ بينما توقع عدد من المحللين في المؤسسات الفكرية وبعض البنوك انتعاشاً طفيفاً، إلى نحو واحد في المائة.
وقالت «ديستاتيس» إن إجمالي الناتج المحلي سجل «نمواً طفيفاً» في الربع الأخير من 2019، دون الكشف عن أرقام. ووصف المحلل أوليفر راكاو من «أوكسفورد إيكونوميز» ذلك على «تويتر» بأنه «نقطة انطلاق إيجابية نسبياً لعام 2020».
وأدت عدة عوامل - من بينها ضعف النمو المستمر والتحديات الهيكلية الكثيرة، ومن بينها ارتفاع نسبة المسنين من السكان، وتداعي البنى التحتية، وتحول قطاع السيارات إلى الطاقة الكهربائية - إلى انطلاق دعوات لبرلين من داخل البلاد وخارجها لإنفاق المزيد.
ويقول ناقدون إن حكومات المستشارة أنجيلا ميركل المتعاقبة التزمت بشكل صارم بسياسة «لا ديون جديدة». وفي السنوات الأخيرة لم يتم إنفاق مليارات اليوروات من فائض ميزانيات الحكومة، بشكل فعال يعزز النمو بأقصى درجة.
وصرحت هيئة «ديستاتيس» الأربعاء، بأن إجمالي الفائض على جميع مستويات الحكومة - المحلية، الإقليمية والفيدرالية - وصل إلى 49.8 مليار يورو (55.4 مليار دولار)، أو 1.5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، وذلك بعد أن سجل 62.4 مليار يورو، أو 1.9 في المائة في العام السابق. وأضاف المكتب أن الصادرات زادت 0.9 في المائة العام الماضي، بعد زيادة 2.1 في المائة في 2018، بينما ارتفعت الواردات 1.9 في المائة بعدما قفزت 3.6 في المائة. ويعني هذا أن صافي التجارة كان له تأثير سلبي على النمو الاقتصادي الكلي في العام الماضي.
وبدأت بالفعل عملية شد الحبال بين حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي بزعامة ميركل، وشريكه الأصغر في الائتلاف، الحزب الاشتراكي الديمقراطي (يسار الوسط)، حول كيفية إنفاق الفائض.
ويفضل الحزب الاشتراكي الديمقراطي زيادة الاستثمارات والإنفاق الاجتماعي، بينما يرغب كثير من السياسيين في الاتحاد المسيحي الديمقراطي في خفض الضرائب على الأفراد والشركات.
وقال كارستن برجينسكي، الخبير الاقتصادي في «آي إن جي» إن ألمانيا «لا تحتاج بعد إلى صفقة تحفيز قصيرة الأمد. ويجب استخدام الفائض لتكثيف جهود الاستثمار في القطاعات المعروفة، ومن بينها الرقمنة والبنى التحتية والتعليم».
وقالت الحكومة الثلاثاء - ربما رداً على هذه الأقوال - إنها وافقت على ضخ 62 مليار يورو لتحديث نظام السكك الحديدية، في إطار خطة أوسع لتشجيع الركاب على اختيار وسيلة مواصلات عامة، للحد من الأضرار على البيئة.


مقالات ذات صلة

«الحرب» الكورية الجديدة تعيد إلى الأذهان ما جرى في 25 يونيو 1950

تحليل إخباري رجل يقف أمام الشرطة ويحمل لافتة كُتب عليها: «يون سوك يول... ارحل» في سيول (أ.ف.ب)

«الحرب» الكورية الجديدة تعيد إلى الأذهان ما جرى في 25 يونيو 1950

فجأة اصطخبت مياه البحيرة الكورية الجنوبية وعمّت الفوضى أرجاء سيول وحاصر المتظاهرون البرلمان فيما كان النواب يتصادمون مع قوات الأمن.

شوقي الريّس (بروكسل)
أوروبا روسيا تعتزم تنظيم أكبر احتفال في تاريخها بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية (رويترز)

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أعلنت روسيا اليوم (الثلاثاء) أنها تعتزم تنظيم «أكبر احتفال في تاريخها» بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، في سياق تمجيد القيم الوطنية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية «لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

«لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

مطلع العقد السادس من القرن الماضي شهدت أميركا اللاتينية، بالتزامن مع انتشار حركات التحرر التي توّجها انتصار الثورة الكوبية.

شوقي الريّس (هافانا)
أوروبا رجل يلتقط صورة تذكارية مع ملصق يحمل صورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقول: «لماذا نريد مثل هذا العالم إذا لم تكن روسيا موجودة فيه؟» (رويترز)

«فليحفظ الرب القيصر»... مؤيدون يهنئون بوتين بعيد ميلاده الثاني والسبعين

وصف بعض المؤيدين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ«القيصر»، في عيد ميلاده الثاني والسبعين، الاثنين، وقالوا إنه أعاد لروسيا وضعها، وسينتصر على الغرب بحرب أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم جندي أوكراني يجلس داخل دبابة ألمانية الصنع من نوع «ليوبارد 2 إيه 5» بالقرب من خط المواجهة (أ.ف.ب)

هل انتهى عصر الدبابات «ملكة المعارك» لصالح الطائرات المسيّرة؟

رغم أن الدبابات ساعدت أوكرانيا في التقدم داخل روسيا، تعيد الجيوش التفكير في كيفية صنع ونشر هذه الآليات القوية بعد أدائها المتواضع خلال الفترة الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

منظومة الطيران السعودية تحقق نسبة امتثال تبلغ 94.4 % بمؤشر تطبيق معايير الأمن

عدد من المسؤولين خلال الاجتماع الوزاري المُنعقد في عُمان (واس)
عدد من المسؤولين خلال الاجتماع الوزاري المُنعقد في عُمان (واس)
TT

منظومة الطيران السعودية تحقق نسبة امتثال تبلغ 94.4 % بمؤشر تطبيق معايير الأمن

عدد من المسؤولين خلال الاجتماع الوزاري المُنعقد في عُمان (واس)
عدد من المسؤولين خلال الاجتماع الوزاري المُنعقد في عُمان (واس)

أكد رئيس «الهيئة العامة للطيران المدني السعودي»، عبد العزيز الدعيلج، أن السعودية حريصة على التعاون الإقليمي والدولي لمواجهة التحديات الأمنية التي تواجه القطاع، مشيراً إلى أن المنظومة حققت نسبة امتثال بلغت 94.4 في المائة في تطبيق معايير الأمن، وذلك ضمن تقرير «التدقيق الشامل لأمن الطيران» الذي أصدرته «منظمة الطيران المدني الدولي (إيكاو)»؛ مما يضع البلاد في مصافّ الدول الرائدة عالميّاً بهذا المجال.

جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال الاجتماع الوزاري المُنعقد تزامناً مع «أسبوع الأمن لمنظمة الطيران المدني الدولي 2024»، الذي تستضيفه حالياً عُمان خلال الفترة من 9 إلى 12 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بالتعاون مع منظمة «إيكاو»، وبمشاركة قادة ورؤساء منظمات وهيئات الطيران المدني بالعالم.

وأفاد الدعيلج بأن «التحديات الأمنية المتصاعدة التي تواجه القطاع حالياً تتسم بالتعقيد والتنوع، كالهجمات السيبرانية واستخدام الطائرات من دون طيار في أعمال تهدد الأمن، بالإضافة إلى التهديدات الناشئة عن التقنيات الحديثة، مثل الهجمات الإلكترونية على الأنظمة الرقمية للطيران»، مشيراً إلى أن «هذه التهديدات أصبحت تُشكّل خطراً جديداً يحتاج إلى استراتيجيات مبتكرة للتصدي لها».

وأوضح الدعيلج أن «جهود السعودية في مجال أمن الطيران المدني، تتمحور حول مجموعة من المحاور الأساسية التي تهدف إلى تعزيز الجاهزية الأمنية وضمان سلامة القطاع على جميع الأصعدة».

ووفق الدعيلج، فإن بلاده «عملت على تحديث وتطوير الأنظمة الأمنية بما يتماشى مع أحدث المعايير الدولية، عبر تعزيز أنظمة الكشف والمراقبة في المطارات باستخدام تقنيات متقدمة، إضافة إلى توظيف الذكاء الاصطناعي لتحليل المخاطر وتقديم استجابات سريعة وفعالة للتهديدات المحتملة».

وأضاف الدعيلج أن السعودية «أولت اهتماماً كبيراً بالأمن السيبراني في ظل التحديات التكنولوجية الراهنة؛ إذ طورت برامج مختصة لحماية الأنظمة الرقمية ومنصات الحجز والعمليات التشغيلية للطيران، مما يعزز قدرة القطاع على التصدي للهجمات الإلكترونية».

وأشار الدعيلج إلى أن السعودية تسعى إلى بناء قدرات بشرية متميزة في هذا المجال، «عبر إطلاق برامج تدريبية متطورة بالتعاون مع المنظمات الدولية، بهدف تأهيل الكوادر الوطنية وتعزيز جاهزيتها للتعامل مع مختلف السيناريوهات الأمنية».

وقال الدعيلج إن السعودية «ساهمت بشكلٍ كبير في دعم المبادرات الإقليمية والدولية الرامية إلى تعزيز الأمان في هذا القطاع الحيوي، وأسهمت بشكل فعال في تطوير استراتيجيات أمنية مشتركة مع دول مجلس التعاون الخليجي؛ بهدف تعزيز التنسيق الأمني بين الدول، وهو ما يضمن استجابة سريعة وفعالة للتحديات الأمنية».

وواصل أن بلاده «شريك رئيسي في المبادرات الدولية التي تقودها (منظمة الطيران المدني الدولي - إيكاو)، وأسهمت في صياغة سياسات أمن الطيران وتنفيذ برامج تهدف إلى تحسين مستوى الأمن في جميع أنحاء العالم، من ذلك استضافة المملكة المقر الدائم لـ(البرنامج التعاوني لأمن الطيران المدني في منطقة الشرق الأوسط CASP - MID) التابع لـ(إيكاو)، ودعم (منظمة الطيران المدني الدولي) من خلال مبادرة (عدم ترك أي بلد خلف الركب)».