لبنان: الادعاء على فادي الهاشم وتحويل ملفه إلى قاضي التحقيق الأول

محامي الدفاع عن زوج الفنانة نانسي عجرم يصدر بياناً توضيحياً

أحدث صورة لنانسي عجرم وزوجها الدكتور فادي الهاشم بعيد تعرض منزلهما للسرقة
أحدث صورة لنانسي عجرم وزوجها الدكتور فادي الهاشم بعيد تعرض منزلهما للسرقة
TT

لبنان: الادعاء على فادي الهاشم وتحويل ملفه إلى قاضي التحقيق الأول

أحدث صورة لنانسي عجرم وزوجها الدكتور فادي الهاشم بعيد تعرض منزلهما للسرقة
أحدث صورة لنانسي عجرم وزوجها الدكتور فادي الهاشم بعيد تعرض منزلهما للسرقة

تعود قضية حادثة سرقة منزل الفنانة نانسي عجرم إلى الواجهة مرة جديدة بعدما ختمت القاضية غادة عون التحقيقات في ملفها.
فقد ادعت النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون على الدكتور فادي الهاشم زوج الفنانة عجرم بجناية القتل القصد ومنحته حالة الضرورة، وذلك من خلال المادة 547 معطوفة على المادة 229 من قانون العقوبات. وأحالت الملف إلى قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان نقولا منصور.
وتصل عقوبة المادة الأولى إلى الحبس والأشغال الشاقة لمدة تتراوح بين 15 و20 سنة. فيما تعفي المادة الثانية مرتكب الجناية من أي عقاب لأن فعله ألجأته الضرورة إليه دفاعاً عن نفسه. وتقول هذه المادة من قانون العقوبات: «لا يعاقب الفاعل على فعل ألجأته الضرورة إلى أن يدافع به عن نفسه أو غيره أو عن ملكه أو ملك غيره خطراً جسيماً محدقاً لم يتسبب هو فيه قصداً، شرط أن يكون الفعل متناسباً والخطر».
وأكد محامي عائلة القتيل أشرف موسوي في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن القاضية عون وبعيد انتهائها من التحقيق في هذا الملف حوّلته إلى قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان نقولا منصور، كي يبت فيه بناء على تحقيقات موسعة سيقوم بها بدوره تتضمن استجواب الهاشم مرة جديدة». ويضيف الموسوي في سياق حديثه: «الموضوع اليوم هو بعهدة القاضي منصور وعندما ينتهي من التحقيقات اللازمة في هذا الملف والتي تتطلب الاستماع مرة جديدة إلى الدكتور فادي الهاشم سيصدر قراره الظني الذي سيحدد مسار هذه القضية. فإما يسدل الستارة عليها وإما تدخل في مسار عدلي آخر». وأكد المحامي الموسوي التزامه بعدم التصريح للإعلام في هذه القضية بناء على تعميم أصدرته نقابة المحامين في لبنان. ولكنه أشار من ناحية ثانية أنه حاضر لتفسير التطور القانوني للقضية من دون الدخول في أي تفاصيل أخرى. وعندما استوضحناه عن سبب ادعاء القاضية عون على الهاشم بموجب المادة 547 بجناية القتل القصدي وإذا هو يتعلق بعدد الطلقات النارية التي أطلقها على السارق أجاب: «هذا الأمر يعود إلى تقدير القاضية ولا يمكننا البحث فيه».
أما محامي الدكتور فادي الهاشم غابي جرمانوس فاعتبر في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن ما قامت به القاضية عون يندرج على لائحة المسار الطبيعي للملف. وحول عدم توقيف المدعى عليه، إثر الادعاء عليه من قبل القاضية عون، يؤكد أن فعل الدكتور الهاشم يوصّف بالدفاع المشروع عن النفس؟ أجاب موضحاً: «إن تركه من قبل النائب العام الاستئنافي تم بعد التثبت من توافر شروط الدفاع المشروع».
وفور انتشار خبر الادعاء من قبل القاضية عون على الدكتور فادي الهاشم زوج الفنانة نانسي عجرم أصدر محاميه غابي جرمانوس البيان التالي: «لم نستغرب الادعاء الراهن بحق الدكتور فادي الهاشم كون المسار الطبيعي هو أن يتحول الملف إلى قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان مع تأكيدنا أن قاضي التحقيق سيصدر قراراً باعتبار فعل الدكتور فادي الهاشم دفاعاً مشروعاً عن النفس».
يضيف البيان: «من الطبيعي أن يتمّ الادّعاء وتحويل الملف إلى قاضي التحقيق الأول في بعبدا الذي بدوره سيُتابع التحقيقات وسيتثبّت من صحّة كلّ ما أدلى به الدكتور الهاشم ويتمّ توصيف فعل الدكتور الهاشم بالدفاع المشروع وفقاً لما هو منصوص عنه في قانون العقوبات اللبناني. وأن ترك الدكتور فادي من قبل النائب العام الاستئنافي تم بعد التثبت من توفر شروط الدفاع المشروع وأن هذا هو المسار الطبيعي للملف القضائي».
ومن المتوقع أن يجري القاضي نقولا منصور تحقيقاته في الموضوع ليصدر قراره الظني فيه بعد إتمام جميع تحقيقاته الضرورية في الملف والتي يمكن أن تستغرق مدة طويلة أو العكس وذلك حسب مساره القانوني. وبحسب أحد المحامين المطلعين على القضية فإن حالة الضرورة التي عطفتها القاضية عون على الادعاء يمكن أن يعتمدها قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان أو أن يعتمد توصيفاً آخر كالدفاع المشروع المنصوص عليه في المادة 228 من قانون العقوبات اللبناني. مع العلم أن النيابة العامة تعد الجهة العدلية الأعلى التي تقوم بالادعاء أو بالتوصيف أو بالجرم الأقصى. وتجدر الإشارة إلى أن حالة الضرورة يمكن لقضاء الحكم بعد الانتهاء من التحقيقات أن يحكم فيها بالتعويضات المدنية في حالة الضرورة المنصوص عليها في المادة 229 دون تنفيذ العقوبة الجزائية بحق الدكتور فادي الهاشم.
يذكر أن الدكتور فادي الهاشم لم يتم توقيفه إثر ادعاء القاضية عون عليه. وكان قد صدر قرار في السابق بسحب جواز سفره منه بعد منعه من السفر إلى حين انتهاء التحقيقات وإقفال الملف.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».