المغرب بالنسبة لكثيرين شمس ودفء فحسب. يأتون إليه في فصل الشتاء هرباً من البرد ومن الازدحام، فضلاً عن أملهم في الحصول على تذاكر وحجوزات. وقلما يتوقعون أن شتاءه لا يقل جمالاً عن ربيعه وصيفه. فكما أن هناك بحراً، هناك جبال تكسوها الثلوج، الأمر الذي يجعل الصورة مختلفة ومميزة.
لا يختلف اثنان على أن شتاء المغرب ليس كأي مكان آخر في العالم، إذ على الزائر أن يدرك أنه لن يجد طقساً موحداً في كل أرجائه. فبينما هناك طقس شديد البرودة يروق لمحبي الرياضات الشتوية في الجبال والمرتفعات، هناك آخر معتدل في وسط البلاد، يلبي رغبة سائح هارب من قرص البرد في بلاده، ويلوذ بالمغرب بحثاً عن الشمس في مدن الجنوب. ما يجعل السياحة في فصل الشتاء متنوعة أنه لا تفصل بين الثلج والشمس سوى ساعات قليلة بالسيارة.
- جبال الأطلس
لا شيء يضاهي جمال جبال الأطلس شتاء وهي مكسوة ببياض الثلج. تتحول فجأة إلى لوحة فنية تزينها أشجار الأرز، ووجوه ترتدي زياً تقليدياً عبارة عن جلابيب صوفية يدوية الصنع، بنقوش أمازيغية تُذكر السائح بأنه ليس في بلد أوروبي، وأن بإمكانه أن يستمتع بالتزلج في قلب أفريقيا. وهنا يمكن للزائر أيضاً زيارة جبل توبقال، أعلى قمة جبلية في أفريقيا، وتعتبر مقصد عشاق تسلق القمم الجبلية؛ لكنها تُشكل أيضاً فرصة لمحبي الاستكشاف. والأجمل في الأمر أن المنطقة تبعد ساعتين فقط عبر الطريق السيار عن مدينة مراكش، التي ستقدم لك طقساً معتدلاً أو دافئاً، يعيدك إلى أجواء الصيف المشمسة.
- مدينة إفران
في أجواء مكسوة ببياض الثلج في هذا الفصل، تقدم مدينة إفران (وسط المغرب) صورة مختلفة لوجه المغرب. فهي من أكثر المناطق جاذبية شتاء بالنسبة للمغاربة، لما تتمتع به من مميزات طبيعية جعلتها تلقب بسويسرا المغرب، بدءاً من معمارها إلى توفرها على محطة جبلية متطورة للتزلج، بالإضافة للشلالات والبحيرات التي يتلاقى بعضها مع بعض. وحتى بالنسبة للعازفين عن التزلج، فهي ملاذ مثالي للراغبين في الاستجمام، في أجواء مفعمة بالهدوء والسكينة.
- الصحراء
تتنوع الوجهات في الصحراء وتختلف. لكن سواء كانت الوجهة إلى مدينة ورزازات أو زاكورة، أو إلى كُثبان عرق شبي الرملية الشهيرة، الواقعة بصحراء مرزوكة، جنوب شرقي المغرب، فإنها تعد الوجهة المفضلة للسياح في فصل الشتاء، نظراً لدفء طقسها واعتداله؛ خصوصاً لمن لا يحتمل حرارة الصيف. السائح إليها هذه الأيام لن يتمتع بأشعة الشمس وهي تُدغدغ عظامه فحسب؛ بل أيضاً بالحمامات الرملية التي ستتغلغل فيها، نظراً لمزاياها الصحية وشعبيتها المتزايدة. وإذا لم تكن مناظرها وهدوؤها هما الغاية من الرحلة بالنسبة لمحبي المغامرات، فإنهم سيجدون ضالتهم في كثبان عرق شبي الرملية. فهي تقدم مناظر خلابة جعلتها تصنف كأجمل كثبان رملية في العالم، وتُكسبها شهرة لدى محبي التزلج على الرمال.
وكأن هذا لا يكفي، فإنها توفر أنشطة أخرى، مثل ركوب الجمال والسهرات الليلية حول اللهب النارية في جو شرقي لا ينسى، يُنهونها بالمبيت في الخيام.
- مدينة مراكش
وجهة مفضلة للسياح طوال أشهر السنة، نظراً لطقسها المعتدل وإتقانها لفنون الضيافة والسياحة. ولأن فصل الصيف تصل فيه الحرارة درجات لا يطيقها الكل، فإنها تزداد جاذبية في فصل الشتاء، الذي يعتبر موسماً سياحياً مهماً.
لكن السائح لا يجب أن ينسيه دفء مراكش أنه على بعد مسافة قصيرة جداً يوجد جبل أوكايمدن الذي يكتسي حلة بيضاء ساحرة، بحيث يمكن الاستمتاع بيوم كامل في التزلج على الجليد واللعب بالثلوج، والعودة في مساء اليوم نفسه إلى دفء المدينة وحياتها الصاخبة بالحياة والأنشطة الترفيهية.
- قصبة آيت بن حدو
على بعد ثلاثين كيلومتراً من مدينة ورزازات، تقع هذه القصبة التي يعود تاريخ بنائها إلى مئات السنين. هي عبارة عن قلعة مشيدة بالطين، وصنفت كتراث إنساني من طرف منظمة اليونيسكو، وهذا ما يجعلها وجهة مفضلة لمحبي السياحة التراثية والأجواء الصحراوية، التي تعيد الزائر إلى زمن بعيد وحياة بسيطة.
تحيط بها أشجار اللوز والنخيل، وتعود شهرتها في العقود الأخيرة إلى اهتمام صناع السينما بها. فهي تستقبل المئات من السياح يومياً، لا سيما أنها تتمتع أيضاً بطقس صحراوي دافئ.
- مدينة الداخلة
تقع في أقصى الجنوب المغربي، وتقدم جواً صيفياً رائعاً للذين يتمنون استمرار فصل الصيف أطول مدة ممكنة. هنا في مدينة الداخلة يمكن للزائر في فصل الشتاء الاستمتاع بالشواطئ الذهبية، والسباحة في مياه لازوردية، بحيث يمكن أن تنسى تماماً أننا في فصل الشتاء. ولأنها مشهورة بشواطئها الممتدة رفقة الكثبان الرملية، فإنها مقصد محبي الرياضات المائية بكل أشكالها.