مدنيون يرحبون بقرار الإغاثة ومنظمات قلقة من تقليصها

TT

مدنيون يرحبون بقرار الإغاثة ومنظمات قلقة من تقليصها

رحب سكان في محافظة إدلب، التي تؤوي 3 ملايين نسمة نحو نصفهم من النازحين، بحذر بقرار مجلس الأمن الدولي تمديد آلية إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود، فيما نبهت منظمات إغاثة من مخاطر تقليص العمل بها.
ومنذ عام 2014، يجدد مجلس الأمن الدولي سنوياً تفويض إدخال المساعدات عبر 4 معابر حدودية إلى مناطق خارجة عن سيطرة قوات النظام السوري، إلا أنه في 20 ديسمبر (كانون الأول)، واجه تمديد التفويض رفض روسيا والصين.
وبعد مفاوضات، ثم سلسلة من التنازلات بين الدول المعنية، صوت مجلس الأمن، الجمعة، لصالح تمديد التفويض، لكن لمدة 6 أشهر فقط، على أن يقتصر إيصال المساعدات على نقطتين حدوديتين مع تركيا حصراً.
ويربط معبر باب الهوى تركيا بمحافظة إدلب، فيما يربط معبر باب السلامة تركيا بمناطق سيطرة الفصائل الموالية لأنقرة.
وفي إدلب، تنفس سكان يعتمدون بشكل كبير على المساعدات الدولية الصعداء.
وقال أبو عبدو (36 عاماً)، الوالد لـ4 أطفال النازح منذ 7 أشهر من جنوب إدلب: «كنت خائفاً جداً من أن يمنعوا المساعدات، وبدأت أفكر فيما عليّ أن أفعل، أنا وأطفالي، فنحن نعيش بفضل المساعدات». وأضاف أستاذ المدرسة سابقاً، الذي يسكن حالياً في بلدة بنش: «فرحت كثيراً بالخبر الذي سمعته صباحاً (...) استمرار المساعدات يمنع موتنا من الجوع».
وتعد إدلب ومحيطها أبرز منطقة خارجة عن سيطرة النظام، التي تتعرض لقصف بين الحين والآخرما يدفع بموجات نزوح تزيد من حجم وعدد المخيمات المنتشرة فيها. ووفق الأمم المتحدة دفع أكثر من 310 آلاف شخص إلى النزوح من ريف إدلب الجنوبي. ويحتاج هؤلاء إلى مساعدات ملحة، بينما يفاقم الشتاء معاناة نزوحهم.
وقال محمد أبو سعيد (29 عاماً)، النازح من ريف إدلب الجنوبي ويسكن حالياً في بلدة بنش: «غالبيتنا يعيش على المساعدات الإنسانية، فليس هناك عمل أو دخل».
ورغم فرحه بتمديد العمل بالمساعدات، أعرب إبراهيم (40 عاماً)، النازح من حماة إلى أحد مخيمات إدلب، عن خشيته من تقليص مدة العمل بها في منطقة تتعرض دائماً لتصعيد عسكري.
وقال: «المساعدات ستصبح بالقطارة في منطقة تكثر فيها المخيمات والعائلات النازحة».
يستفيد من المساعدات العابرة عن الحدود، بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، 4 ملايين سورياً، بينهم 2.7 مليون في شمال غربي سوريا، و1.3 مليون في شمال شرقي البلاد.
وعدت منظمة «سايف ذي شيلدرن» أن اليوم ليس الوقت المناسب لتقليص العمل بالمساعدات العابرة للحدود. وقالت المديرة التنفيذية للمنظمة إينغر آيشينغ: «نرحب بالتمديد، لكن ليس هناك أي تبرير لتقليص نطاق القرار (الدولي) في وقت يعيش فيه آلاف المدنيين السوريين في العراء، وتتواصل الاعتداءات على المنشآت التحتية المدنية»، في إشارة إلى إدلب، وأضافت أن القرار الأخير يظهر أن «سياسات الدول الأعضاء أهم من تأمين سقف ينام الأطفال تحته».
ويلغي قرار مجلس الأمن الأخير إيصال المساعدات عبر معبرين، أبرزهما معبر اليعربية مع العراق، الذي عادة ما كان يُعتمد لإيصال المساعدات إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة المقاتلين الأكراد في شمال شرقي البلاد، حيث تنتشر أيضاً مخيمات نازحين عدة.
وأعربت لجنة الإغاثة الدولية، الجمعة، عن «خشيتها» من تقليص العمل بالتفويض الذي عدت أنه ليس له «أي تبرير إنساني»، خصوصاً لناحية إغلاق المعبر مع العراق، كونه سيؤدي «سريعاً إلى وقف إمدادات صحية ضرورية»، ويعطل العمل في الرعاية الصحية بشمال شرقي سوريا. وقال رئيس مجلس إدارة المنظمة ديفيد ميليباند إن «شبكات الإمدادات داخل سوريا لا يمكنها ببساطة ملء الفراغ».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.