تهكم وسخرية حول «السيادة المفقودة»... وعراقيون يعدّون رئيس وزرائهم «ساعي بريد»

الصواريخ الإيرانية {لم تقتل عصفوراً}

موقع سقوط أحد الصواريخ التي أطلقتها إيران في أرض خلاء قرب اربيل (رويترز)
موقع سقوط أحد الصواريخ التي أطلقتها إيران في أرض خلاء قرب اربيل (رويترز)
TT

تهكم وسخرية حول «السيادة المفقودة»... وعراقيون يعدّون رئيس وزرائهم «ساعي بريد»

موقع سقوط أحد الصواريخ التي أطلقتها إيران في أرض خلاء قرب اربيل (رويترز)
موقع سقوط أحد الصواريخ التي أطلقتها إيران في أرض خلاء قرب اربيل (رويترز)

هيمن التهكم والسخرية المريرين، أمس، على التعليقات والردود التي صدرت عن ساسة ومراقبين وناشطين عراقيين، حول الهجوم الصاروخي الذي نفذته إيران، فجر الأربعاء، على قاعدة «عين الأسد» العسكرية في محافظة الأنبار غرب العراق والتي توجد فيها قوات عراقية إلى جانب القوات الأميركية. وفيما تقول طهران إن الهجوم جاء في سياق الرد الانتقامي على مقتل قائد «فيلق القدس» التابع لـ«الحرس الثوري» الإيراني قاسم سليماني الذي استهدفه الطيران الأميركي في بغداد فجر يوم الجمعة الماضي، تنظر قطاعات عراقية غير قليلة إلى الأعمال العسكرية المتبادلة بين طهران وواشنطن بوصفها أعمالاً عدائية أفقدت العراق ما تبقى من سيادته وهيبته بالكامل.
وركزت غالبية التعليقات أمس على الدور «الضعيف» الذي يمارسه رئيس حكومة تصريف الأعمال المستقيل عادل عبد المهدي حيال الضربات المتبادلة بين واشنطن وطهران، وعدّ بعض المعلقين إن دور عبد المهدي هو «ساعي البريد» الذي يقتصر على التبليغ وإيصال الرسائل بين الطرفين فحسب، خصوصاً بعد أن أعلن، لمرتين متتاليتين، أنه أُبلغ بموعد الضربات من الجانبين الأميركي والإيراني.
وفي هذا السياق؛ يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكوفة إياد العنبر: «نسمع بشرطي أو ساعي بريد مهمته إيصال البلاغات والرسائل، لكننا لم نسمع من قبل بأن من مهام رئيس الوزراء تلقي بلاغات بضربات عسكرية بين دولتين على أرض بلاده».
من جهته، عدّ رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي أن ردة الفعل الرسمية حيال القصف الإيراني «مخيبة للآمال». وقال علاوي عبر تغريدة على «تويتر»: «العراق تحوّل بفعل السياسات الخاطئة إلى ساحة حروب ومسرح لتصفية الحسابات. ردة الفعل الرسمية مخيبة للآمال».
وأضاف: «هل علمتم الآن لماذا يتظاهر العراقيون في الساحات، ولماذا يريدون مرشحاً قوياً متحرراً من الضغوط والتأثيرات الخارجية لكي يبعد العراق عن حروب الوكالة التي يدفع ثمنها شعبنا الكريم؟».
وفي حين عدّت البعثة الأممية لدى العراق، في بيان، أن «الهجمات الصاروخية الأخيرة في محافظتي أربيل والأنبار تزيد من حدة الصراع، وتنتهك مرة أخرى السيادة العراقية»، قال النائب عن محافظة نينوى أحمد الجبوري في تغريدة: «لا نريد أحداً في الحكومة والبرلمان يتكلم عن ‎السيادة وأخواتها، لأنها أصبحت من الماضي في ظل حكومة ‎عبد المهدي التي جاءت بها المحاصصة والفساد».
ولم تكتفِ التعليقات العراقية بالحديث عن السيادة المفقودة، بل تعدتها لتصل إلى السخرية من مواقف غالبية القوى والفصائل الشيعية التي لم تحرك ساكناً حيال الانتهاك الإيراني ضد السيادة العراقية، في وقت كانت فيه هذه الفصائل والقوى قد أصدرت كثيراً من البيانات ضد الضربة الأميركية التي استهدفت الجنرال الإيراني قاسم سليماني على الأراضي العراقية.
كما تمحور بعض التعليقات الساخرة حول طبيعة الضربة الصاروخية الإيرانية «المحسوبة» التي لم تحدث أضراراً تذكر في قاعدتي «عين الأسد» وأربيل تجنباً للرد الأميركي المحتمل.
وفي هذا السياق، قال عضو قيادي في «الحشد العشائري» بمحافظة الأنبار، بنوع من السخرية، إن «الضربة الصاروخية التي وجهتها إيران لقاعدة (عين الأسد) العسكرية لم تؤدِّ إلى مقتل عصفور واحد». وقال القيادي العشائري قطري العبيدي لـ«الشرق الأوسط» إن «القوات الأميركية توجد في منطقة (الحلبة) بقاعدة (عين الأسد) وقد قاموا بإخراج قواتهم قبل نحو ساعتين من وقوع الضربة، ثم عادوا إلى القاعدة صباحاً».
ويعتقد العبيدي أن «الضربة متفق عليها بين الجانبين الأميركي والإيراني، وقد نفذت من باب رفع العتب على مقتل قائد (فيلق القدس) الإيراني قاسم سليماني على أيدي القوات الأميركية، يبدو أن سيناريو الضربة كان معداً له بدقة ومخططاً له ألا يُحدث أي إصابات بين صفوف الجنود الأميركيين أو العراقيين الموجودين في القاعدة». ويضيف العبيدي أن «قاعدة (الأسد) كبيرة جداً وبعض الصواريخ وقع على بعض المدرجات التي تمتد لنحو 5 كيلومترات، وبعضها سقط على مسافة نحو 40 كيلومتراً بعيداً عن القاعدة».
أما الخبير الأمني هشام الهاشمي فعدّ أن «إيران استخدمت فخر صناعتها الصاروخية، لكنها بلا أثر». وقال الهاشمي في تغريدة عبر «تويتر»: «بحسب الصور الأولية، فإن الصواريخ التي استخدمت في استهداف قاعدة (عين الأسد) غرب الأنبار، هي من نوع (فاتح 110) و(فاتح 313) و(فاتح مبين)»، موضحاً أن تلك الصواريخ «يفترض أنها فخر الصناعة الصاروخية الإيرانية لصواريخ قصيرة المدى، لكن أخطاءها أكثر من صوابها، صوابها الصحيح كان بلا أثر».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».