«التشاركية»... عنوان التحول الاقتصادي السعودي

المرحلة الحالية لتكامل القطاعين العام والخاص

شدد وزير التجارة والاستثمار السعودي الدكتور ماجد القصبي في أكثر من مناسبة على ضرورة التشارك بين القطاعين العام والخاص (الشرق الأوسط)
شدد وزير التجارة والاستثمار السعودي الدكتور ماجد القصبي في أكثر من مناسبة على ضرورة التشارك بين القطاعين العام والخاص (الشرق الأوسط)
TT

«التشاركية»... عنوان التحول الاقتصادي السعودي

شدد وزير التجارة والاستثمار السعودي الدكتور ماجد القصبي في أكثر من مناسبة على ضرورة التشارك بين القطاعين العام والخاص (الشرق الأوسط)
شدد وزير التجارة والاستثمار السعودي الدكتور ماجد القصبي في أكثر من مناسبة على ضرورة التشارك بين القطاعين العام والخاص (الشرق الأوسط)

برزت مؤخراً تصريحات لمسؤول حكومي رفيع في السعودية عن توجه صريح تبديه الحكومة في المملكة نحو تحقيق تشاركية جادة بين القطاع الخاص وأجهزة الدولة، في خطوة تؤيّدها السياسة العامة الماضية حالياً في تولي القطاع الخاص جانباً من قيادة الاقتصاد الوطني للمرحلة المقبلة.
وتنظر المملكة عملياً لأن يتولى القطاع الخاص بمحركاته من شركات ومصانع ومؤسسات وقطاع خدمي، دوراً محورياً للتنمية الاقتصادية في البلاد في ظل وجود هدف رئيس من مستهدفات «رؤية المملكة 2030» الرامية إلى التحرر من مصدر النفط كمورد وحيد لدخل البلاد، والدفع بدماء جديدة في شريان الاقتصاد الوطني من خلال إعطاء أدوار مضاعفة لقطاعات الصناعة والتجارة والاستثمار وفتح قنوات موارد جديدة في الترفيه والسياحة والرياضة.
وحسب جلسات عُقدت مؤخراً بحضور وزير التجارة والاستثمار الدكتور ماجد القصبي، أكد تلميحاً وتصريحاً، ضرورة التقارب بين القطاعين الحكومي والخاص في هذه المرحلة والدفع لمزيد من التشاركية لا سيما مع وجود رؤية السعودية التي تحدد هدف بوصلة تحرك اقتصاد البلاد، مشيراً أكثر من مرة إلى أهمية الذهاب إلى أجهزة الدولة وعقد الاجتماعات ورفع التوصيات والمقترحات والتصويبات إلى الوزارات دون تردد.
وإلى تفاصيل أدق لمؤشرات التشاركية المنتظرة بين القطاعين الخاص والعام في المملكة:
- مشروع استراتيجي
في السابع عشر من ديسمبر (كانون الأول) المنصرم، التقى القصبي مجاميع رجال الأعمال في العاصمة السعودية الرياض، في حفل إطلاق مجلس التجار الذي أطلقته الغرفة التجارية الصناعية بالرياض ممثلةً باللجنة التجارية، كان مفاد كلام الوزير حينها أن القطاع الخاص لاعب جوهري لا يزال ينتظر منه المزيد.
وأفصح وزير التجارة والاستثمار بوضوح تام عن أن العمل حالياً قائم للانتهاء من مشروع تحولي لدفع القطاع الخاص لدور فعال في الاقتصاد الوطني، كاشفاً عن قرب إقرار برنامج تنمية القطاع الخاص في المملكة، دون تحديد موعد محدد.
ووفقاً للقصبي، فإن الموافقة العليا وشيكة بعد إجراء اجتماعات موسعة مع فئات وشرائح وأنشطة القطاع الخاص المختلفة للاطلاع على التحديات والحلول وحيثيات تتعلق بتفاصيل من شأنها أن تعزز من دور القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني السعودي.
وطالب القصبي القطاع الخاص بفئات أعماله كافة بما فيها شريحة التجار، التفاعل مع توجه الدولة إلى مزيد من تفعيل القطاع الخاص عبر تحضير مقترحات تفصيلية تشمل التحديات والحلول والتصورات، لوضع المسؤول في صورة الموقف القائم، للوصول إلى وضع يخدم القطاع الخاص.
وتأتي هذه الدعوة المستمرة إلى التشارك بين القطاعين لما لفت إليه الوزير من أن المملكة تشهد تحولاً تاريخياً يخلق فرصاً استثمارية هائلة في شتى القطاعات الصناعية والتجارية والخدماتية، مؤكداً حرص الوزارة على تسهيل الإجراءات وتعزيز جاذبية الاستثمارات.
- جهود للتمكين
وخلال متابعة القصبي لعملية أول انتخابات إلكترونية تشهدها «غرفة عرعر» –شمال المملكة- استخدم عبارة «المشاركة» كذلك، حيث قال في تغريدة له على موقع الرسائل القصيرة «تويتر» نُشرت في السادس عشر من ديسمبر الماضي: «تمكيناً للقطاع الخاص وتوفيراً للوقت والجهد، التصويت لانتخابات الغرف التجارية والصناعية أصبح إلكترونياً بالكامل عن بُعد، دون الحاجة إلى الحضور في الغرف التجارية للتصويت، ومستمرون في شراكتنا وتقديم التسهيلات لكل ما من شأنه تحفيز القطاع الخاص وتعزيز مسيرته».
وتأتي جهود الدولة لدعم التحولات الاقتصادية من بينها التغير التقني ومواكبة مستجدات التكنولوجيا، في وقت واصلت مؤشرات الاقتصاد غير النفطي مسارها الإيجابي في ديسمبر الماضي، حيث كشف تقرير صدر عن شركة «جدوى للاستثمار»، تسجيل القطاع غير النفطي ارتفاعاً بنسبة 4.3%، ونمو الناتج الإجمالي المحلي للقطاع الخاص غير النفطي بنسبة 4.2%، وهي النسبة التي تعادل 40% من الناتج الإجمالي المحلي الكلي، يقابله نمو الناتج المحلي للقطاع الحكومي بنسبة 4.6% (تعادل 18% من الناتج الإجمالي المحلي الكلي).
- سوق العمل
وفي وقت استمرت السعودية فيه خلال السنوات الماضية بحملات واسعة لتصفية سوق العمل من العمالة المخالفة، أدت معها إلى تسفير ملايين العاملين المخالفين لأنظمة الإقامة والعمل في المملكة، مما أدى إلى فجوة في الأيدي العاملة حينها، تأتي عملية إصلاح سوق العمل المتعلقة بالعمالة الأجنبية، كأحد مؤشرات عناية المملكة بالقطاع الخاص ورغبة المشاركة من خلال عودة أفواج العمالة لكن هذه المرة بصورة نظامية تلبي الاشتراطات والالتزامات الرسمية كافة، إذ وفقاً لوزير العمل والتنمية الاجتماعية المهندس أحمد الراجحي، فقد تزايد منح تأشيرة العمل بالسعودية بواقع 100% خلال 2019 إلى 1.2 مليون عامل، بينما كانت قد أصدرت 600 ألف تأشيرة عمل في 2018، في وقت تتواصل جهود الدولة لتوطين قوة العمل البالغة حالياً 1.8 مليون مواطن.
- تسابق حتمي
وحسبما ألمح إليه القصبي، فإن الأجهزة الحكومية قد شهدت نوعاً من التقدم والسباق على القطاع الخاص بيد أن ذلك يأتي في سياق التحول والتغيير الذي تتطلبه مرحلة رؤية المملكة والمعالجة المتوقعة لهذه الفترة.
وجاء في حفل أقامته الغرفة التجارية والصناعية بالرياض بمناسبة مرور 15 عاماً على تأسيس لجنة شباب الأعمال أواخر ديسمبر الماضي، تأكيد القصبي أن «رؤية المملكة 2030» هي صورة نهائية وعمل لكل القطاعات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والبيئية والتجارية، مشدداً على أن «القطاع الحكومي تسابق مع القطاع الخاص»، لكنّ ذلك جزء من التغيير المنتظر حينها واستجابة للتطوير اللازم.
- مرحلة التكامل
وعودة إلى تشاركية القطاعين العام والخاص، شدد وزير التجارة والاستثمار في الثالث والعشرين من ديسمبر الماضي مجدداً على ضرورة تلاحم القطاعين العام والخاص كلٌّ في مجاله لتكوين تكامل ضروري لتنمية الاقتصاد الوطني.
لكن القصبي عاد ليؤكد أن التغيير والتصحيح مرحلة لا بد منها، وعليه فالقطاع الخاص شريك أساسي في هذه المرحلة بالآراء والمقترحات والحلول، مؤكداً اهتمام الوزارة بما يرد من ملاحظات ومقترحات حول القرارات والأنظمة الصادرة.
وأضاف القصبي أن الوقت حان فعلياً لتحرك القطاع الخاص نحو التكامل مع القطاع الحكومي عبر استفادة كل منهما من الآخر، بالتوجيه والنصح والتصحيح والتصويب والاقتراح وتعديل المسار. وقال: «أرجو الاهتمام بالشراكة والتصويب والتصحيح».
- وقود التغيير
ودعا وزير التجارة والاستثمار القصبي، خلال لقائه رجال الأعمال وقتها، إلى أن الحاجة ماسّة إلى التشارك مع القطاع الخاص لأنه ببساطة سيفرز فرص عمل وأعمالاً تنعكس في نمو الاقتصاد الوطني، مشيراً إلى أن دور الغرف التجارية والصناعية مهم جداً في هذا الإطار، واصفاً الغرف التجارية بأنها «وقود التغيير».
وشدد القصبي على أن لدى قطاع الأعمال والصناعيين تحت مظلات الغرف التجارية في البلاد مسارات عدة لعمل التشارك مع أجهزة الدولة، بينها القيام بعمل دراسات علمية واقعية ورفعها إلى الوزارة، على سبيل المثال: دراسة استراتيجية الفرص الجديدة وعمل تحليل لها والتوصية بتطبيقها.
وأشار إلى أن الغرف التجارية لديها دور جوهري، ضمن مسار التشارك، بالتصويب على القرارات التي تقوم عليها الوزارات، لافتاً إلى أن الوقت حان لمرحلة التحول والتغيير للوصول إلى أنظمة وسياسات لتنمية القطاع الخاص في المملكة.


مقالات ذات صلة

القطاع الخاص السعودي يختتم عام 2024 بأقوى نمو في المبيعات

الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (أ.ف.ب)

القطاع الخاص السعودي يختتم عام 2024 بأقوى نمو في المبيعات

اختتم اقتصاد القطاع الخاص غير المنتج للنفط بالسعودية عام 2024 على نحو قوي حيث تحسنت ظروف الأعمال بشكل ملحوظ مدفوعة بزيادة كبيرة في الطلبات الجديدة

زينب علي (الرياض)
الاقتصاد من معرض سيتي سكيب 2024 الأكبر عقارياً في العالم (واس)

سوق الرهن العقاري بالسعودية... محرك رئيسي في النمو والتنويع المالي

يأتي توجه السعودية نحو تطوير سوق الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري من ضمن التطورات المتسارعة التي يشهدها التمويل العقاري في السعودية.

محمد المطيري
الاقتصاد المشروع استخدم مخلفات البناء والهدم في طبقات الرصف الأسفلتية (هيئة الطرق)

الأول عالمياً... السعودية تُنفِّذ طريقاً باستخدام ناتج هدم المباني

نفَّذت السعودية أول طريق في العالم يستخدم ناتج هدم المباني في الخلطات الأسفلتية على سطح الطريق، بهدف تعزيز الاستدامة البيئية، وتطوير بنية تحتية أكثر كفاءة.

«الشرق الأوسط» (الأحساء)
الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (واس)

السعودية تُرتب تسهيلات ائتمانية بـ2.5 مليار دولار لتمويل الميزانية

أعلن المركز الوطني لإدارة الدين في السعودية إتمام ترتيب اتفاقية تسهيلات ائتمانية دوّارة متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية بهدف تمويل احتياجات الميزانية العامة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد تصدرت مجموعة الدول الآسيوية عدا العربية والإسلامية مجموعات الدول المُصدَّر لها من السعودية في أكتوبر 2024 (الشرق الأوسط)

الميزان التجاري السعودي ينمو 30 % في أكتوبر الماضي

سجّل الميزان التجاري في السعودية نمواً على أساس شهري بنسبة 30 في المائة، بزيادة تجاوزت 4 مليارات ريال (1.06 مليار دولار) في شهر أكتوبر 2024.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«المركزي الأردني»: نمو صافي الاستثمار الأجنبي 3.7 % في الربع الثالث

البنك المركزي الأردني (رويترز)
البنك المركزي الأردني (رويترز)
TT

«المركزي الأردني»: نمو صافي الاستثمار الأجنبي 3.7 % في الربع الثالث

البنك المركزي الأردني (رويترز)
البنك المركزي الأردني (رويترز)

قال البنك المركزي الأردني، الأحد، إن البيانات الأولية لميزان المدفوعات أظهرت ارتفاع صافي الاستثمار الأجنبي المباشر المتدفق إلى الأردن خلال الربع الثالث من عام 2024، بمقدار 3.7 في المائة إلى 457.8 مليون دولار مقارنة مع الربع نفسه من 2023.

وأضاف البنك في بيان صحافي، أن إجمالي الاستثمار الأجنبي خلال الأرباع الثلاثة الأولى من 2024 انخفض، على الرغم من ذلك إلى 1.3 مليار دولار من 1.6 مليار خلال الفترة نفسها من العام الذي سبقه.

وذكر البنك أنه على الرغم من ذلك الانخفاض، فقد تجاوز حجم هذه التدفقات ما تم تسجيله خلال عامي 2021 و2022 كاملين.

وبلغ نصيب الدول العربية 49.1 في المائة من إجمالي التدفقات، وفي مقدمتها دول مجلس التعاون الخليجي التي أسهمت بما قدره 31.7 في المائة من إجمالي هذه الاستثمارات.