الإفراج عن زوج نانسي عجرم ومنعه من السفر لاستكمال التحقيقات

عائلة القتيل ترفض تسلم جثته استنكاراً للقرار

نانسي وزوجها ووالدها والإعلامية دارين شاهين
نانسي وزوجها ووالدها والإعلامية دارين شاهين
TT

الإفراج عن زوج نانسي عجرم ومنعه من السفر لاستكمال التحقيقات

نانسي وزوجها ووالدها والإعلامية دارين شاهين
نانسي وزوجها ووالدها والإعلامية دارين شاهين

في أول صورة فوتوغرافية تجمعهما معاً بعيد الحادثة التي مرا بها، بدا كل من نانسي عجرم وزوجها فادي الهاشم متعبين، وبالكاد ترتسم ابتسامة مفتعلة على وجه الأولى، ويقف إلى جانبيهما والدها نبيل عجرم والإعلامية دارين شاهين.
وكان والد عجرم قد صرّح مؤخراً لأحد التلفزيونات اللبنانية بأنّ «فادي، زوج نانسي، نفسيته مضايقة، ونانسي عندها انهيار عصبي، وكتر خير الله».
وكانت عجرم قد تحدّثت إلى إحدى المحطات التلفزيونية (الجديد) لأول مرة بعيد الإفراج عن زوجها الهاشم، وعودته إلى المنزل، وأكّدت بشكل صارم أنّها لا تعرف الشخص الذي تسلّل إلى منزلها، ولم تره من قبل، إضافة إلى أنّه كان ملثماً. وعن الإصابة في قدمها، أشارت إلى أنّ شظية أصابتها من دون أن تعرف كيف، بسبب الخوف الذي كانت تشعر به. كما قالت إنّ والدها كان الشخص الأول الذي اتصلت به فور شعورها بتسلّل شخص غريب إلى منزلها.
وكانت النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان، القاضية غادة عون، قد أصدرت ظهر أمس (الثلاثاء) قراراً يقضي بترك الدكتور فادي الهاشم، زوج الفنانة نانسي عجرم، وذلك بعد توقيفه على ذمة التحقيق لمدى 48 ساعة. وعلم أنّ قرار القاضية عون جاء بعدما استمعت إلى إفادته، في إطار التوسع بالتحقيق لكشف ملابسات الحادثة التي وقعت في منزله، وأدت إلى مقتل المتسلّل بهدف السرقة. كما ألحق القرار بمنع الهاشم من السفر لاستكمال التحقيقات في القضية لدى قاضي التحقيق نقولا منصور.
وكان الدكتور فادي الهاشم قد أطلق النار على لص دخل منزله بهدف السرقة في منطقة نيو سهيلة، فجر الأحد الماضي الواقع في 5 يناير (كانون الثاني) الحالي. وأوقف إثر ذلك على ذمة التحقيق، ليُنقل بعدها إلى مستشفى «الحياة» في بيروت مساء، نتيجة إصابته بعارض صحّي تردّد أنّه جاء بعد حالة انهيار نفسي أصيب بها.
واكتسح خبر الإفراج عن الهاشم وسائل التواصل الاجتماعي، فاحتل «التراند» الأول على موقع «تويتر» الإلكتروني. وتضمنت التغريدات والتعليقات على الخبر التهنئة والتضامن معه، معتبرين أنّ قرار القاضية عون كان عادلاً، لا سيما أنّه جاء إثر اطّلاعها على كل ملف التحقيق وأفلام كاميرات المراقبة في منزل نانسي عجرم. وتشكلت لدى القاضية عون قناعة بأنّ ما قام به الهاشم كان دفاعاً مشروعاً عن النفس. وكانت أخبار غير دقيقة، تمّ تداولها عبر مواقع إلكترونية، تفيد بأنّ اللص الضحية كان يعمل مساعد بستاني في فيلا الفنانة، ولم يتم سداد المبالغ المستحقة له من قبل الجنيناتي المسؤول لدى عجرم، فيما أكد كل من شقيق فادي الهاشم ومحامي العائلة أنّ أحداً لم يتعرف على الضحية، وأنّ الأخبار المنتشرة مغلوطة بالكامل، ويحاول أصحابها من خلالها النيل من سمعة نانسي عجرم وزوجها.
وفي المقابل، شنّ مواطنون سوريون، ولا سيما أهل الضحية، هجوماً عنيفاً على قرار القاضية عون، واعتبروه ظالماً. وأفاد وكيلا الضحية المحاميان أشرف الموسوي وقاسم الضيقة بأنّ عائلة القتيل السوري (محمد حسن الموسى) ترفض تسلم الجثة استنكاراً لقرار الإفراج، فيما اعتبر مواطنون سوريون عاديون علقوا على مواقع التواصل الاجتماعي أن الأضواء سُلّطت على الفنانة عجرم وزوجها كونهما من المشاهير، فيما الضحية ولأنه غير معروف وفقير الحال تم إهماله وظلمه.
ومن ناحية ثانية، نشرت الممثلة السورية شكران مرتجى رسالة توعوية ضد العنصرية وبث الفتن عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك ردّاً منها على تعليقات نشرها بعض اللبنانيين يطالبون فيها بترحيل السوريين من لبنان بعيد معرفتهم بجنسية اللص الذي دخل فيلا نانسي عجرم. وبدأت كلمتها بموقف واضح من الحادثة التي تعرض لها منزل نانسي عجرم: «أنا ضد الجريمة، وأكيد ضد التعدي على الآخرين، وبتمنى السلامة للنجمة نانسي وعائلتها الكريمة، وأنا بحب لبنان ورفقاتي أغلبهم لبنانيين غاليين، ودايما فاتحين قلوبهن مو بس بيوتن، وبحبهم كلّن كلّن»، وأضافت: «مو كل شغلة ينسبوا للسوريين كلن. وعزيزتي وعزيزي اللي عم بتشتمو بأبشع الكلمات، وخليهم ينقلعوا من عنا، والله رح ينقلعو والله هانت... أنا مع العدالة ومع الحق، بس مو مع التعميم»، وختمت: «أكيد أنا أيضاً لا أعمم، عم إحكي على اللي عم يحكوا».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».