«الشرق الأوسط» في موسم الجوائز (2): حفلة «غولدن غلوبز» تتوج السينما وتترك «نتفليكس» بعيداً

رامي مالك ولوسي بوينتون على السجادة الحمراء قبيل الحفل أول من أمس (أ.ف.ب)
رامي مالك ولوسي بوينتون على السجادة الحمراء قبيل الحفل أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

«الشرق الأوسط» في موسم الجوائز (2): حفلة «غولدن غلوبز» تتوج السينما وتترك «نتفليكس» بعيداً

رامي مالك ولوسي بوينتون على السجادة الحمراء قبيل الحفل أول من أمس (أ.ف.ب)
رامي مالك ولوسي بوينتون على السجادة الحمراء قبيل الحفل أول من أمس (أ.ف.ب)

لم يتوقع معظم المتابعين من النقاد والصحافيين وحتى بعض السينمائيين أن يفوز فيلم «1917» بجائزة أفضل فيلم درامي في حفل «جمعية صحافة هوليوود الأجنبية» الذي أقيم ليلة يوم الأحد وبثته محطة NBC لنحو ثلاث ساعات. نقاد «النيويورك تايمز» و«فاراياتي» و«ذا هوليوود ريبورتر» و«لوس أنجيليس تايمز» شاركوا «الشرق الأوسط» في أن تتجه الجائزة صوب «الآيرلندي»، وإن لم تفعل فستكون من نصيب «حكاية زواج».
لكن ما لم يكن متوقعاً حدث بالفعل. الفيلم الحربي نال الجائزة الأولى كذلك فعل مخرجه سام منديز الذي نال جائزة أفضل مخرج عنوة عن مارتن سكورسيزي مخرج «الآيرلندي» أو كوينتن تارنتينو «ذات مرة في هوليوود».
الرائع في هذا الوضع أن «1917» تحفة فنية تستحق التمييز. مما جعل معظم التوقعات تتجه صوب فيلم سكورسيزي هو حجم الفيلم الأميركي كدراما وكتاريخ عمل وكحرفة فنية. كذلك تاريخ المخرج بحد ذاته الأكثر باعاً من سواه في ميدانه.
يتحدث «1917» عن مهمّة خطرة ينطلق بها جنديان بريطانيان لتحذير قائد على جبهة الحرب العالمية الأولى من عدم مهاجمة القوات المعادية لأنها حضّرت له كميناً سيبيده ورجاله. الرحلة طويلة وخطرة ومصوّرة بلقطات طويلة مسترسلة (المزيد عن الفيلم في صفحة السينما يوم الجمعة المقبل). الجهد المبذول إخراجاً واحترافاً وفناً يتوازى وذاك الذي شهده «الآيرلندي» ويتجاوز ذاك الذي عرفه أي فيلم متسابق في إطار أفضل فيلم درامي بما فيها «جوكر» و«حكايج زواج» و«البابوان».

- المقدّم حين ينتقد
قام الممثل الكوميدي ريكي جرفيز بتقديم الحفل وذلك للمرة الخامسة و(إذا صدق وعده) والأخيرة. وربما هذا الوعد، لو تحقق، أفضل له وأفضل للجمعية التي تعاقدت معه على تقديم الفقرات. ريكي ما زال غاضباً على نحو مفاجئ. نحو من يوحي بأنه يقول شيئاً لكنه لا يحدد، في كثير من الأحيان كنهه وسبب عداوته له. يصطاد نقداً يعلم أنه سيزعج الحاضرين. يستخدم الشتيمة (The F‪…‬ Word) على نحو متكرر فينال التصفيق هنا ويحصد التأثير العكسي هناك وبعضه يتبدّى على وجوه الحاضرين.
تفلت منه انتقادات شخصية وحادة في كثير من الأحيان. مثل ما ورد في مقدّمته حين توجيه الكلام إلى من قد يفوز حين الصعود إلى المنصة على نحو لا يخلو من الازدراء: «قل كلمتك. لا تستخدم المناسبة كمنصة سياسية. أنت لست في وضع مناسب لإلقاء محاضرة على الجمهور حول أمر لا تعرف عنه شيئاً لأنك لا تعرف شيئاً عن العالم الحقيقي. معظمكم أمضى في المدرسة وقتاً أقل مما فعلت غريتا ثونبيرغ (إعلامية شابة طرحت نفسها مؤخراً متحدثة في شؤون البيئة). إذا ربحت. اصعد المنصة. اقبل جائزتك الصغيرة، اشكر ربك ووكيل أعمالك».
انتقد جرفيز كذلك أداء جودي دنش وجيمس كوردن في «كاتس» علماً بأن هذا الفيلم الموسيقي لم يدخل الترشيحات وانتقد الجمع بأسره ثم انفرد بشركة نتفليكس وانتشارها قبل أن يكشف عن نهاية الجزء الثاني من مسلسل يقوم ببطولته (ومن إنتاج نتفليكس ذاتها) هو «بعد الحياة» (Afterlife) ومن خلاله هوى بالمطرقة على (المنتج) جفري إبستين، الذي انتحر (في العام الماضي) بعدما زكمت الأنوف فضائحه الجنسية.
في المبدأ محق وفي التطبيق مثير للإعجاب لدى البعض وللازدراء لدى البعض الآخر الذي يتمنى ألا يتم ذكر اسمه على لسانه اللاذع. في الوقت ذاته يدرك جرفيز أن تقديم الحفلات بات أكثر صعوبة من ذي قبل. في لقاء قصير قبل أيام من الحفل سألته عن حجم الصعوبة التي يواجهها خلال التحضير لكلماته. أجاب:
«لا أحضر كثيراً. هذه الحفلة بالذات منفتحة وغير رسمية كثيراً. ليست كحفل الأوسكار. لذلك عندي نقاط أكتبها وقد أحذفها لاحقاً أو أبقيها. أقرأ وأشاهد الأفلام التي قد تفوز سواء أتيت على ذكرها أو لا».
ثم أضاف بعد ابتسامة موجزة:
«المهمة باتت صعبة في المحافل الملتزمة الأخرى، هل تذكر ما حدث مع (الممثل) كيفن هارت؟».
ما حدث مع كيفن هارت أن أكاديمية العلوم والفنون السينمائية، موزّعة الأوسكار، كانت عيّنته لتقديم حفل الأوسكار في العام الماضي، ثم سحبت طلبها عندما بث أحدهم نصّ رسالة هاتفية تحتوي على شتائم ضد المثليين علماً بأن هذه الرسالة تعود إلى عشر سنوات مضت وأن الممثل الكوميدي اعتذر عنها في حينها.
بعيداً عن كل هذا، يتمحور الوضع حول كيف وجد فيلم «الآيرلندي» نفسه مرشحاً لخمس جوائز «غولدن غلوبز» لينتهي إلى لا شيء. كذلك حال الشركة المنتجة «نتفليكس».
دخول القاعة قبل موعد الاحتفال يكشف عن أن بعض أفضل طاولات الضيوف خصصت للشركة التي تبتلع حالياً المناسبات والفرص لكي تتبوأ القمّة بين الشركات المنتجة للأفلام. لكن مع نهاية الحفل، تمخض هذا التخصيص عن فعل الحضور وحده إذ خرجت «نتفليكس» بجائزة واحدة فقط من بين 17 ترشيحاً. هذه خسارة كبيرة (معنوية واحتفالية كما إنتاجية) قد تترك بصماتها على ما سيلي في موسم الجوائز هذا وصولاً للأوسكار ذاته.
لكن «الآيرلندي» ليس وحده لناحية عدم نيله أي «غولدن غلوب»، هناك أفلام أخرى سقطت في وحول المنافسة ولم تحز على أي جائزة في أي قسم من بينها «نساء صغيرات» (ترشيحان) و«ألم ومجد» (ترشيحان) و«سكاكين مسلولة» (3 ترشيحات) و«فروزن 2» (ترشيحان) والفيلم غير المستحق أساساً ترشيحه «جوجو رابِت» (ترشيحان).
أما «ذات مرة في هوليوود» فقد خرج أقل توعكاً، إذ نال ثلاثة جوائز من أصل خمسة ترشيحات، فهو فاز بـ«غولدن غلوب» أفضل فيلم كوميدي وأفضل سيناريو (كوينتن تارنتينو) وأفضل ممثل مساند (براد بت).


مقالات ذات صلة

الوثائقي «ملفات بيبي» في مهرجان تورونتو يثير غضب نتنياهو

شؤون إقليمية الوثائقي «ملفات بيبي» في مهرجان تورونتو يثير غضب نتنياهو

الوثائقي «ملفات بيبي» في مهرجان تورونتو يثير غضب نتنياهو

يتناول الفيلم تأثير فساد نتنياهو على قراراته السياسية والاستراتيجية، بما في ذلك من تخريب عملية السلام، والمساس بحقوق الإنسان للشعب الفلسطيني.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
يوميات الشرق المخرج الإيراني أصغر فرهادي الحائز جائزتَي أوسكار عامَي 2012 و2017 (إدارة مهرجان عمّان السينمائي الدولي)

أصغر فرهادي... عن أسرار المهنة ومجد الأوسكار من تحت سماء عمّان

المخرج الإيراني الحائز جائزتَي أوسكار، أصغر فرهادي، يحلّ ضيفاً على مهرجان عمّان السينمائي، ويبوح بتفاصيل كثيرة عن رحلته السينمائية الحافلة.

كريستين حبيب (عمّان)
يوميات الشرق تمثال «الأوسكار» يظهر خارج مسرح في لوس أنجليس (أرشيفية - أ.ب)

«الأوسكار» تهدف لجمع تبرعات بقيمة 500 مليون دولار

أطلقت أكاديمية فنون السينما وعلومها الجمعة حملة واسعة لجمع تبرعات بقيمة 500 مليون دولار.

«الشرق الأوسط» (لوس انجليس)
يوميات الشرق الممثل الشهير ويل سميث وزوجته جادا (رويترز)

«صفعة الأوسكار» تلاحقهما... مؤسسة «ويل وجادا سميث» الخيرية تُغلق أبوابها

من المقرر إغلاق مؤسسة «ويل وجادا سميث» الخيرية بعدما شهدت انخفاضاً في التبرعات فيما يظهر أنه أحدث تداعيات «صفعة الأوسكار» الشهيرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق أبطال المنصات (مارتن سكورسيزي وبرادلي كوبر) يغادران «أوسكار» 2024 بوفاضٍ خالٍ

هل تخلّت «الأوسكار» عن أفلام «نتفليكس» وأخواتها؟

مع أنها حظيت بـ32 ترشيحاً إلى «أوسكار» 2024 فإن أفلام منصات البث العالمية مثل «نتفليكس» و«أبل» عادت أدراجها من دون جوائز... فما هي الأسباب؟

كريستين حبيب (بيروت)

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».