«التحالف الدولي» يخفض عملياته في العراق لأسباب أمنية

نفى تنفيذ ضربة جوية قرب معسكر التاجي

عدد من قوات مشاة البحرية الأميركية (المارينز) في العراق (رويترز)
عدد من قوات مشاة البحرية الأميركية (المارينز) في العراق (رويترز)
TT

«التحالف الدولي» يخفض عملياته في العراق لأسباب أمنية

عدد من قوات مشاة البحرية الأميركية (المارينز) في العراق (رويترز)
عدد من قوات مشاة البحرية الأميركية (المارينز) في العراق (رويترز)

قرّر التحالف الدولي لمحاربة «داعش» تقليص عملياته العسكرية في العراق غداة الضربة الأميركية التي استهدفت قائد فيلق القدس الإيراني، قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي، أبو مهدي المهندس، في بغداد، بحسب ما أفاد مسؤول عسكري أميركي وكالة الصحافة الفرنسية اليوم (السبت). 
وقال المسؤول «سنقوم بعمليات محدودة ضد تنظيم (داعش) مع شركائنا حيث تدعم بشكل متبادل جهودنا لحماية قواتنا»، مضيفا «عزّزنا الإجراءات الأمنية والدفاعية في القواعد العراقية التي تستضيف قوات التحالف».
وتابع المسؤول نفسه أن التغيير جاء بعد سلسلة من الهجمات الصاروخية من الفصائل الموالية لإيران على القوات الأميركية في الأشهر الأخيرة، موضحا أن جهود المراقبة ستتركز الآن على هجمات جديدة محتملة بدلاً من التركيز على تنظيم «داعش».
وأسفرت الهجمات الصاورخية الأخيرة عن مقتل مقاول أميركي الشهر الماضي ما عزز المخاوف من اندلاع حرب بالوكالة بين الولايات المتحدة وإيران على الأراضي العراقية.
وتعززت هذه المخاوف الجمعة بعد الغارة الأميركية التي أدت في بغداد إلى مقتل سليماني والمهندس نائب رئيس هيئة «الحشد الشعبي» العراقي وهي فصائل مسلحة موالية لإيران تم دمجها في قوات الأمن. 
وكان التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة قد أعلن في وقت سابق اليوم أنه لم ينفذ أي ضربات جوية قرب معسكر التاجي شمال العاصمة العراقية بغداد، بعدما ذكرت قوات «الحشد الشعبي» العراقية أن ستة أشخاص قُتِلوا بينما أُصيب ثلاثة بجروح بالغة في ضربات جوية قرب معسكر التاجي. وقال التلفزيون الرسمي العراقي إنها كانت ضربات جوية أميركية.
وقال متحدث باسم التحالف في تغريدة على «تويتر»: «التحالف لم ينفذ ضربات جوية قرب معسكر التاجي (شمالي بغداد) خلال الأيام الماضية»، حسب ما ذكرت وكالة «رويترز» للأنباء.
وذكرت قوات «الحشد الشعبي» أن الهجمات استهدفت موكب مسعفين، وليس قادة كباراً مثلما ذكرت بعض وسائل الإعلام.
وأسفرت ضربة جوية أميركية في مطار بغداد الدولي، أمس (الجمعة)، عن مقتل قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني وأبو مهدي المهندس القيادي في الحشد الشعبي.
وتقيم قوات «الحشد الشعبي» جنازة كبيرة للرجلين ومَن قُتلوا معهما في الضربة الجوية نفسها؛ تبدأ من المنطقة الخضراء شديدة التحصين في بغداد، وتتحرك نحو مدينة كربلاء، وتنتهي في مدينة النجف.
وتجمع الآلاف بالفعل في بغداد قبيل بدء مراسم الجنازة، في وقت مبكر، اليوم (السبت)، ولوّح بعضهم بالأعلام العراقية ورايات فصائل.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم