الدولار يكسر موجة خسائره «مؤقتاً» مع «مخاوف مستمرة»

مؤشر بلومبرغ يرشحه لمزيد من الهبوط في 2020

فئات نقدية من العملة الأميركية (أ.ف.ب)
فئات نقدية من العملة الأميركية (أ.ف.ب)
TT

الدولار يكسر موجة خسائره «مؤقتاً» مع «مخاوف مستمرة»

فئات نقدية من العملة الأميركية (أ.ف.ب)
فئات نقدية من العملة الأميركية (أ.ف.ب)

كسر الدولار موجة خسائر استمرت ستة أيام، إذ ارتفع 0.2 في المائة الخميس في أولى جلسات 2020. مزيحا اليورو عن ذروته في خمسة أشهر، بينما تجاهل اليوان في تعاملاته الخارجية خفض المركزي الصيني نسبة الاحتياطي الإلزامي للبنوك بما قد يضخ سيولة بنحو 115 مليار دولار.
ومن المتوقع أن تبقى التعاملات هزيلة حتى يوم الثلاثاء عندما تعود أغلب الدول الأوروبية لفتح أسواقها بعد عطلة عيد الغطاس يوم الاثنين. لكن أغلب المتعاملين سيشعرون بالارتياح لتمكن الدولار من تخطي فترة العطلات التي تقل فيها السيولة دون حدوث أزمات شح في أسواق النقد كان البعض يخشى منها.
لكن المخاوف مستمرة من تكرار ما حدث في يناير (كانون الثاني) الماضي الذي شهد «انهيارا خاطفا» بسبب موجة بيع ضخمة لوقف الخسائر في خضم معاملات هزيلة بسبب العطلات. وبدا أن المستثمرين الأفراد اليابانيين قد بدأوا العطلة في طوكيو على مراكز مدينة في الين والعملات ذات العائد المرتفع مثل الليرة التركية. وعادة ما تتسبب مثل تلك التحركات في الين في تأرجحات حادة للدولار أيضا، لكن المتعاملين ربما أفضل استعدادا عن العام الماضي.
وقال لاوري هاليكا خبير أسواق الصرف لدى «إس.إي.بي في ستوكهولم»: «كان هناك بعض الحديث عن نقص محتمل في الدولار، لكن الأسعار الأميركية لم تتغير، وظل مسؤولو مجلس الاحتياطي الفيدرالي مسيطرين على الوضع ووفروا سيولة كافية. بالتالي يتماشى سعر الدولار مقابل الين مع شهية المخاطرة عموما».
وبعد أن ختم الدولار ديسمبر (كانون الأول) بانخفاض قارب 2 في المائة أمام سلة من العملات، بدأ مؤشره في الارتفاع قليلا إلى 96.55، بينما استقرت العملة مقابل اليورو عند 1.12095 دولار بفارق ضئيل عن ذروة أوائل أغسطس (آب) البالغة 1.1249 دولار. وأنهى اليورو 2019 دون تغير يذكر تقريبا.
وأغلق اليوان مسجلا 6.9631 للدولار في أقوى إغلاق له منذ الثاني من أغسطس الماضي، كما استقر في تعاملات الأسواق الخارجية بعد تراجع مبدئي إثر خفض الصين يوم الأربعاء نسبة الاحتياطي الإلزامي التي يجب على البنوك الاحتفاظ بها، وهو ما يتيح سيولة 115 مليار دولار لدعم الاقتصاد.
وانخفض الدولار الأسترالي 0.2 في المائة، بينما اقترب الدولار الكندي من أعلى مستوى له في شهرين ونصف الشهر. وتراجع الجنيه الإسترليني 0.2 في المائة أيضا بعد مكاسب بلغت 2.5 في المائة على مدار ديسمبر (كانون الأول).
ومن جانبها، ذكرت وكالة «بلومبرغ» أن الدولار الأميركي مرشح لمزيد من الخسائر خلال العام الجديد، تحت ضغط تراجع الطلب على الملاذات الآمنة في ضوء هدوء التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين وتحسن آفاق النمو الاقتصادي العالمي.
ونقلت بلومبرغ عن جورجيت بويل، كبير محللي العملات الأجنبية لدى مصرف «إيه بي إن أمرو» قوله: «إن الدولار في طريقه لمعايشة ضعف طويل الأمد بفعل تراجع الطلب على الملاذات الآمنة، مقابل زيادة الإقبال على أسواق الأسهم، مدفوعا بتحسن العلاقات التجارية بين الاقتصادين الأكبر على مستوى العالم».
وأشارت بلومبرغ، إلى أن مؤشرها لرصد أداء العملة الأميركية أمام مجموعة من العملات العالمية الرئيسية سجل تراجعا بنحو 2 في المائة خلال ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وهو أكبر تراجع شهري في قرابة عامين، موضحة أن علامات الضعف بدأت تظهر على العملة الخضراء بالفعل منذ شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي تزامنا مع مساعي الجانبين الأميركي والصيني لإتمام المرحلة الأولية من اتفاق تجاري يحسم الخلافات بين البلدين وتعيد الاستقرار لنظام التجارة العالمي.
ورأت بلومبرغ أن التحول اللافت في السياسات النقدية للبنك المركزي الأميركي صوب تدابير التيسير النقدي وإقدامه على خفض سعر الفائدة لثلاث مرات متتالية في 2019 ساهم بشكل ما أيضا في الحد من المكاسب التي حققها الدولار بداية العام الماضي لينهي تعاملات العام متراجعا.
وقال جين لافيس، رئيس إدارة استثمارات الدخول الثابتة لدى مجموعة «إم أند جي» الاستثمارية: «أتوقع مزيدا من الضعف في أداء العملة الأميركية خلال العام الجديد حيث تظل احتمالات خفض سعر الفائدة الأميركية قائمة إذا ما استشعر الفيدرالي الأميركي ضرورة تطبيقها لمجابهة تباطؤ النمو».


مقالات ذات صلة

قبيل بيانات التضخم... الدولار قرب أعلى مستوى في أسبوعين

الاقتصاد أوراق نقدية من فئة الدولار الأميركي (رويترز)

قبيل بيانات التضخم... الدولار قرب أعلى مستوى في أسبوعين

تداول الدولار بالقرب من أعلى مستوى له في أسبوعين مقابل الين، قبيل صدور بيانات التضخم الأميركي المنتظرة التي قد تكشف عن مؤشرات حول وتيرة خفض الفائدة.

«الشرق الأوسط» (طوكيو )
الاقتصاد سبائك ذهبية معروضة في مكتب «غولد سيلفر سنترال» بسنغافورة (رويترز)

توقعات باستمرار تألق الذهب حتى 2025 ليصل إلى 2950 دولاراً

مع عودة دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة، من المحتمل أن يكون هناك مزيد من عدم اليقين بشأن التجارة والتعريفات الجمركية، مما سيدعم أيضاً سعر الذهب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد لقاء بين الرئيس الصيني شي جينبينغ ورئيس وزراء الهند ناريندرا مودي على هامش قمة «بريكس» في قازان (أرشيفية - رويترز)

الهند: لا مصلحة لدول «بريكس» في إضعاف الدولار الأميركي

قال وزير الخارجية الهندي سوبراهامانيام جايشانكار يوم السبت إن دول «بريكس» ليست لديها مصلحة في إضعاف الدولار الأميركي.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
الاقتصاد أوراق نقدية من فئة اليورو (رويترز)

اليورو تحت الضغط وسط أزمة فرنسا السياسية

ظل اليورو ضعيفاً يوم الخميس بعد الانهيار المتوقع للحكومة الفرنسية، ما أثار المخاوف بشأن ثاني أكبر اقتصاد في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يحضر جلسة عامة في منتدى «في تي بي» للاستثمار في موسكو (رويترز)

بوتين: لماذا نراكم الاحتياطيات إذا كانت سهلة المصادرة؟

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأربعاء، إنه يطرح تساؤلاً بشأن ضرورة الاحتفاظ بالاحتياطيات الحكومية بالعملات الأجنبية، في ظل إمكانية مصادرتها بسهولة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

كوريا الجنوبية تتعهد بالحفاظ على استقرار الأسواق بعد عزل يون

مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)
مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)
TT

كوريا الجنوبية تتعهد بالحفاظ على استقرار الأسواق بعد عزل يون

مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)
مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)

تعهدت وزارة المالية في كوريا الجنوبية، يوم الأحد، بمواصلة اتخاذ تدابير استقرار السوق بسرعة وفعالية لدعم الاقتصاد، في أعقاب إقالة الرئيس يون سوك-يول، بسبب فرضه الأحكام العرفية بشكل مؤقت.

وأكدت الوزارة أنها ستستمر في التواصل بنشاط مع البرلمان للحفاظ على استقرار الاقتصاد، مشيرة إلى أنها تخطط للإعلان عن خطتها السياسية نصف السنوية قبل نهاية العام الحالي، وفق «رويترز».

وفي هذا السياق، دعا زعيم الحزب الديمقراطي المعارض، لي جاي-ميونغ، إلى تشكيل «مجلس استقرار وطني» يضم الحكومة والبرلمان لمناقشة القضايا المالية والاقتصادية وسبل تحسين مستوى معيشة المواطنين. وأشار إلى أن التحدي الأكثر إلحاحاً هو تراجع الاستهلاك بسبب الطلب المحلي غير الكافي، وتقلص دور الحكومة المالي. وأضاف لي أن معالجة هذا الأمر تتطلب مناقشة عاجلة لموازنة إضافية يمكن أن تشمل تمويلاً لدعم الشركات الصغيرة، بالإضافة إلى استثمارات في الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية، لمواجهة تحديات نقص الطاقة.

وكان البرلمان الذي يسيطر عليه الحزب المعارض، قد مرر مشروع موازنة 2025 بقيمة 673.3 تريليون وون، متجاوزاً اقتراح الحكومة الذي بلغ 677.4 تريليون وون، وذلك دون التوصل إلى اتفاق مع حزب «قوة الشعب» الذي ينتمي إليه الرئيس يون والحكومة.

من جهته، أعلن بنك كوريا -في بيان- أنه سيعتمد على كافة الأدوات السياسية المتاحة بالتعاون مع الحكومة، للرد على التحديات الاقتصادية، وتفادي تصاعد التقلبات في الأسواق المالية وأسواق العملات الأجنبية. وأكد البنك ضرورة اتخاذ استجابة أكثر نشاطاً مقارنة بالفترات السابقة من الإقالات الرئاسية، نظراً للتحديات المتزايدة في الظروف الخارجية، مثل تصاعد عدم اليقين في بيئة التجارة، وازدياد المنافسة العالمية في الصناعات الأساسية.

كما أكدت الهيئة التنظيمية المالية في كوريا الجنوبية أن الأسواق المالية قد تشهد استقراراً على المدى القصير، باعتبار الأحداث السياسية الأخيرة صدمات مؤقتة؛ لكنها ستوسع من الموارد المخصصة لاستقرار السوق إذا لزم الأمر.

من جهة أخرى، شهدت أسواق الأسهم في كوريا الجنوبية ارتفاعاً للجلسة الرابعة على التوالي يوم الجمعة؛ حيث بدأ المستثمرون يتوقعون تراجع حالة عدم اليقين السياسي بعد تصويت البرلمان على إقالة الرئيس يون. كما لم يتوقع المستثمرون الأجانب أن تؤثر الاضطرابات السياسية الأخيرة بشكل كبير على نمو الاقتصاد أو تصنيفه الائتماني لعام 2025، إلا أنهم أشاروا إلى تأثيرات سلبية محتملة على معنويات السوق، مما قد يؤدي إلى زيادة في سعر صرف الوون مقابل الدولار الأميركي، واستمرار عمليات بيع الأجانب للأسواق المحلية.

غرفة تداول بأحد البنوك في سيول (رويترز)

وفي استطلاع أجرته «بلومبرغ»، أفاد 18 في المائة فقط من المشاركين بأنهم يعتزمون تعديل توقعاتهم بشأن نمو الاقتصاد الكوري الجنوبي لعام 2025، بسبب الأحداث السياسية الأخيرة، بينما أكد 82 في المائة أن توقعاتهم ستظل دون تغيير. كما توقع 64 في المائة من المشاركين أن يظل التصنيف الائتماني السيادي كما هو، في حين توقع 27 في المائة خفضاً طفيفاً. ووفقاً للاستطلاع، يُتوقع أن يتراوح سعر صرف الوون مقابل الدولار الأميركي بين 1.350 و1.450 وون بنهاية الربع الأول من 2025.

أما فيما يتعلق بأسعار الفائدة، فقد زادت التوقعات بتخفيضات مسبقة من قبل بنك كوريا؛ حيث توقع 55 في المائة من المشاركين عدم حدوث تغييرات، بينما توقع 27 في المائة تخفيضاً في الأسعار قريباً. وتوقع 18 في المائة تخفيضات أكبر. وأشار كيم سونغ-نو، الباحث في «بي إن كي للأوراق المالية»، إلى أن تحركات السوق ستعتمد بشكل كبير على قرارات لجنة السوق الفيدرالية الأميركية في ديسمبر (كانون الأول)؛ حيث قد يسهم أي تخفيض لأسعار الفائدة من جانب الولايات المتحدة في تعزيز توقعات تخفيض الفائدة في كوريا الجنوبية في الربع الأول من 2025.

وقد أكد كيم أن العوامل السياسية ليست المحرك الرئيسي للأسواق المالية؛ مشيراً إلى أن الاضطرابات السياسية عادة ما تكون لها تأثيرات قصيرة الأجل على الأسواق. وأضاف أن الركود الاقتصادي -وليس الأحداث السياسية- هو المصدر الرئيس للصدمات المالية الكبيرة.

كما أشار كثير من المسؤولين الماليين إلى أن إقالة الرئيس يون قد تعود بالفائدة على الاقتصاد الكوري الجنوبي. وفي مقابلة إعلامية، أكد محافظ هيئة الرقابة المالية، لي بوك هيون، أن عزل الرئيس سيكون خطوة إيجابية للاستقرار الاقتصادي في البلاد، معرباً عن اعتقاده بأن القضاء على حالة عدم اليقين السياسي أمر بالغ الأهمية لتحقيق استقرار الاقتصاد، وفق صحيفة «كوريا تايمز».

وفيما يخص التوقعات المستقبلية، أشار صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير في نوفمبر (تشرين الثاني) إلى أن النمو الاقتصادي في كوريا الجنوبية من المتوقع أن يصل إلى 2.2 في المائة في 2024 بدعم من صادرات أشباه الموصلات، في حين يُتوقع أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي نمواً بنسبة 2 في المائة في 2025 مع اقتراب الاقتصاد من إمكاناته الكاملة. وأكد الصندوق أن حالة عدم اليقين لا تزال مرتفعة، والمخاطر تميل إلى الاتجاه السلبي.

وبينما يظل التضخم قريباً من هدف بنك كوريا البالغ 2 في المائة، شدد الصندوق على ضرورة تطبيع السياسة النقدية تدريجياً في ظل هذه الظروف، مع الحفاظ على تدخلات محدودة في سوق الصرف الأجنبي لمنع الفوضى. كما أشار إلى أهمية تعزيز التوحيد المالي في موازنة 2025 لمواجهة ضغوط الإنفاق الطويلة الأجل، مع التركيز على السياسات المتعلقة بمخاطر العقارات.

كما أشار إلى أهمية الإصلاحات الاقتصادية على المدى المتوسط والطويل لدعم النمو وسط التحولات الهيكلية؛ مشيراً إلى ضرورة معالجة تراجع القوة العاملة من خلال تحسين الخصوبة، وزيادة مشاركة النساء في العمل، وجذب المواهب الأجنبية، بالإضافة إلى تعزيز تخصيص رأس المال، وتحسين مرونة المؤسسات المالية.