باتت مشروعات التخرج لطلاب الكليات الفنية في مصر بمثابة بوابة لعبورهم إلى الحياة العملية، إذ تعد أولى إرهاصات تجاربهم الفنية التي يشتبكون خلالها مع قضايا مجتمعهم برؤية جيل جديد يسعى إلى تقديم نفسه إلى الأوساط الفنية والثقافية والاجتماعية، ويظل مشروع التخرج أحد أهم مكونات السيرة الذاتية المهنية للطلاب، التي تتحول إلى «تذكرة مرور» تؤهلهم للتقدم إلى الوظائف التي يرغبون في الالتحاق بها، وترسم ملامح شخصياتهم الفنية، وتحقق بعض مشروعات التخرج شهرة واسعة في الأوساط الفنية تفتح لأصحابها آفاقاً أوسع وفرصاً فنية متنوعة.
وتوجد كليات وأقسام الفنون الجميلة والتطبيقية في محافظات القاهرة، والمنيا، والإسكندرية، والأقصر، وتعد من أقل الكليات عدداً من حيث الانتشار في الجامعات الحكومية، وتقبل طلابها بعد اختبارات عملية وفنية.
هدير حسن تخرجت العام الماضي ضمن أحدث دُفعات كلية الفنون الجميلة في جامعة حلوان، ورغم أنه لم يمضِ على تخرجها سوى بضعة أشهر فإنّها وجدت فرصة عمل «مصمم غرافيك» في إحدى شركات الإعلانات الكبرى، وكان مشروع تخرجها الذي حصل على الترتيب الثالث على مستوى دفعتها هو تذكرة مرورها الفنية إلى الحياة العملية، والمكون الوحيد في سيرتها الذاتية المهنية التي تقدمت بها للشركة.
تقول هدير لـ«الشرق الأوسط» إنّ «مشروع تخرجي فتح لي آفاق العمل فور إنهاء دراستي، وكان المشروع عبارة عن لوحتين حاولت خلالهما تصوير فكرة القلق والتوتر لدى الإنسان في العصر الحديث، فالجميع قلق ومتوتر سواء كان شخصاً فاشلاً أم ناجحاً، فالأول يعيش توتر السعي إلى النجاح، والثاني قلق لأنّه يحاول الحفاظ على نجاحه، لذلك يظل القلق والتوتر ملاصقين للإنسان بغض النظر عن وضعه وما يحققه في حياته».
المُتغيرات الاجتماعية والثقافية وثورة الاتصالات فرضت نفسها بقوة على مشروعات التخرج في الآونة الأخيرة، بما تتضمنه من أفكار تمثل رؤية جيل جديد نشأ في ظل ثقافة تكنولوجية أثّرت على الكثير من المفاهيم والثوابت المجتمعية، وهو ما يجعل تناول مشروعات التخرج للقضايا المجتمعية تعبيراً عن رؤية جيل جديد يحمل مفردات ثقافية مختلفة.
الدكتور إيهاب كشكوشة المدرس المساعد بكلية الفنون الجميلة جامعة حلوان، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «ثورة تكنولوجيا الاتصالات فرضت قضايا جديدة يسعى الطلاب إلى تناولها، كما أن تغير الكثير من مفردات الثقافة المجتمعية أدى إلى وجود رؤية مغايرة للقضايا القديمة، ومن بين القضايا الحاضرة دائماً قضية الحريات بمفهومها الشامل، والتحرش والإدمان وتأخر سن الزواج، وتطور مفاهيم حرية المرأة، ومن السمات الواضحة في معظم مشروعات التخرج ميل الطلاب إلى الكثير من الجرأة والتجريب بشكل أكبر مما كانوا عليه خلال سنوات الدراسة».
وتعد المُشاركة في المعارض والمهرجانات الفنية فرصة للطلاب للترويج لمشروعات تخرجهم بما يمنحهم مساحات أوسع للتفاعل مع الحياة العملية واختبار وقع أعمالهم على الأوساط الفنية، فقبل نحو 7 سنوات كانت أحد المهرجانات الفنية عبارة عن بوابة عبور الشاب فريد ناجي، الذي تخرج في كلية الفنون الجميلة بجامعة حلوان دفعة عام 2012، بعدما شارك بمشروع تخرجه في الملتقى العربي للرسوم المتحركة، وحصل فيلمه «عَبرني شكراً» على المركز الأول في فئة «العمل الأول» المُخصصة لشباب الفنانين الذين يشاركون بعملهم الأول، وهو ما فتح أمامه آفاقاً واسعة في الوسط الفني.
يقول فريد ناجي، 30 سنة، لـ«الشرق الأوسط»: «فور تخرجي شاركت بمشروعي في الملتقى العربي للرسوم المتحركة، والذي يضم فنانين من جميع الدول العربية، وكان فوزي بالمركز الأول وثيقة اعتماد ومرور فني فتحت أمامي فرصاً كثيرة للعمل في العديد من الشركات، وعلى الرغم من أنني ركزت أكثر خلال السنوات الماضية على فن (الكوميكس) لأني أحب الحكي، إلا أن مشروع تخرجي هو الذي قدمني بشكل جيد إلى الوسط الفني، إذ أقوم برسم القصص المصورة والأغلفة في العديد من مجلات الأطفال الشهيرة، منها مجلتا (سمير) و(نور)، كما أقوم بالرسوم التوضيحية للدروس بالعديد من الكتب التعليمية».
ويتناول فيلم الرسوم المتحركة «عَبرني شكراً» الذي تبلغ مدته 5 دقائق في إطار كوميدي قضية التأثير السلبي لتكنولوجيا الاتصالات والتواصل الاجتماعي على العلاقات العائلية بين أفراد الأسرة، والتي يرى صانع الفيلم أنها أصبحت مفككة وفقدت الكثير من مساحات ومفردات التواصل الإنساني المباشر، فالجميع يُمسك بهاتفه الذكي طوال الوقت.
مشروعات الطلاب الفنية بوابة عبورهم إلى العمل في مصر
تركز على القضايا المجتمعية برؤية حديثة
مشروعات الطلاب الفنية بوابة عبورهم إلى العمل في مصر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة