تصاعد الرفض للتدخل التركي... وجولة خارجية لحفتر

«الجيش الوطني» يتقدم في معارك طرابلس

قوات أمن تنتشر أمس في ضاحية تاجوراء شرق طرابلس الخاضعة لسيطرة حكومة «الوفاق» (رويترز)
قوات أمن تنتشر أمس في ضاحية تاجوراء شرق طرابلس الخاضعة لسيطرة حكومة «الوفاق» (رويترز)
TT

تصاعد الرفض للتدخل التركي... وجولة خارجية لحفتر

قوات أمن تنتشر أمس في ضاحية تاجوراء شرق طرابلس الخاضعة لسيطرة حكومة «الوفاق» (رويترز)
قوات أمن تنتشر أمس في ضاحية تاجوراء شرق طرابلس الخاضعة لسيطرة حكومة «الوفاق» (رويترز)

بدأ المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني الليبي، زيارة مفاجئة لمصر، أمس، ضمن جولة خارجية تشمل أيضاً اليونان وقبرص، على الأرجح، لتنسيق المواقف مع الدول الثلاث حيال الاتفاق المثير للجدل، الذي أبرمه فائز السراج رئيس حكومة «الوفاق» في طرابلس، مع تركيا، وسط تصاعد الرفض الشعبي لتدخل أنقرة في الشؤون الداخلية لليبيا.
وقال مسؤول في مكتب حفتر، إن قائد الجيش الوطني يبحث مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وكبار مساعديه في القاهرة، «تطورات الوضع العسكري والسياسي في ليبيا».
وأوضح مصدر ليبي مطلع، أن الزيارة «ستتصدى للأحدث الحالية ضمن مفهوم الأمن المصري - الليبي المشترك»، موضحاً أن أي خلل في أمن ليبيا غير مسموح به، في الوقت الراهن، وأن «لوجود الإرهاب في ليبيا تأثيراً مباشراً على أمن مصر». وتابع: «إن ما تفعله قوات الجيش الوطني على الأرض يحتاج إلى الدعم القوي من مصر». وكان السيسي استبق لقاءه حفتر باتصال هاتفي مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، جدد فيه تأكيد ثوابت الموقف المصري الهادف إلى استعادة الأمن والاستقرار في ليبيا، ودعم جهود مكافحة الإرهاب، وتقويض نشاط الميليشيات المسلحة، وكذلك وضع حد للتدخلات الخارجية غير المشروعة في ليبيا التي من شأنها زيادة تفاقم الوضع.
ميدانياً، اتهمت عملية «بركان الغضب»، التي تشنها الميليشيات الموالية لحكومة السراج، قوات الجيش الوطني، بقصف منطقة شرفة الملاحة خلف مطار معيتيقة الدولي المغلق منذ شهور في طرابلس، ما تسبب في وفاة سيدة وإصابة شخصين من العمالة الوافدة، كحصيلة أولية.
في المقابل، قصف الجيش الوطني، للمرة الأولى، مجموعة من «المقاتلين المرتزقة» التابعين لتركيا في مدينة مصراتة، غرب البلاد، حسب ما أعلن بيان مقتضب للمركز الإعلامي لغرفة «عمليات الكرامة» التابع للجيش، مشيراً إلى توجيه ما وصفه بضربة مباشرة حققت «إصابة دقيقة».
وهذه المرة الأولى التي يعلن فيها الجيش الوطني بقيادة حفتر، استهداف مقاتلين تابعين لتركيا على الأراضي الليبية، منذ بدء عملية تحرير العاصمة طرابلس في الرابع من أبريل (نيسان) الماضي، علماً بأنه سبق للجيش أن أسقط طائرة تركية مسيرة في مصراتة وطرابلس، كما دمر مخازن أسلحة تركية لميليشيات مرتبطة بحكومة «الوفاق».
بالإضافة إلى ذلك، أكد مصدر عسكري ليبي أن الجيش الوطني حقق تقدماً ميدانياً في معارك طرابلس، وأمّن بعض المناطق التي سيطر عليها مؤخراً.
من جانبها، اعتبرت تجمعات وطنية ليبية، في بيان، أن التهديد بإنزال قوات تركية على الأرض الليبية يعد «غزواً وانتهاكاً لسيادة دولة مستقلة وعضو في الأمم المتحدة، وكل المنظمات القارية والإقليمية». وطالبت باتخاذ خطوات قانونية عاجلة لمنع التدخل التركي العسكري في ليبيا.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».