سلامة ينتقد اتفاقات السراج ـ إردوغان ويحذّر من «تسريع التدويل»

TT

سلامة ينتقد اتفاقات السراج ـ إردوغان ويحذّر من «تسريع التدويل»

تسارعت، أمس، التحركات والمواقف الدولية مما يحصل في ليبيا، إذ تستعد الجامعة العربية لاجتماع طارئ، فيما أعلن موفد الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة أن الاتفاقين اللذين وقعتهما حكومة «الوفاق» الليبية مع أنقرة أخيراً يشكلان «تصعيداً في النزاع»، ويساهمان في «تسريع تدويله».
ويعقد مجلس الجامعة العربية، اليوم (الثلاثاء)، دورة غير عادية على مستوى المندوبين الدائمين، برئاسة العراق. ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية في مصر عن السفير حسام زكي، الأمين العام المساعد للجامعة، أن مصر طلبت في مذكرة للجامعة «بحث الأوضاع في ليبيا، واحتمالات التصعيد التي تنذر بتهديد استقرار ليبيا واستقرار المنطقة، وسبل تسوية الأزمة على نحو شامل متكامل يتناول جوانبها كافة، ويحافظ على موارد الدولة الليبية ومؤسساتها الوطنية وسيادتها ووحدتها».
وفي الإطار ذاته، قالت القاهرة إن وزير الخارجية المصري سامح شكري، ونظيره الإيطالي لويجي دي مايو، اتفقا في اتصال هاتفي على «رفض التدخلات العسكرية الأجنبية في الساحة الليبية، التي من شأنها عرقلة مسار التوصل لتسوية سياسية شاملة، تتناول معالجة جوانب الأزمة الليبية كافة، وفي إطار مسار برلين السياسي».
وكان لافتاً، أمس، أن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أعرب عن عدم ثقة بلاده بالتزام حلف شمال الأطلسي (الناتو) بأي اتفاق لفرض منطقة حظر طيران فوق ليبيا، مشيراً إلى أن هذه «الفكرة تذكرنا ببدء غزو (الناتو) للبلاد (ليبيا)» عام 2011. ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن لافروف قوله، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف في موسكو: «لا نستطيع أن نثق مرة أخرى في التزام الشركاء في (الناتو) باتفاق كهذا. لذلك، يبدو لي أن الأفضل التأكد من تأثير جميع اللاعبين الدوليين، دون استثناء، على الأطراف الليبية في اتجاه واحد، وهو الوقف الفوري للأعمال القتالية، وإعلان وقف إطلاق النار، والاتفاق فيما بينهم».
وفي غضون ذلك، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن موفد الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة انتقاده، في مقابلة مع صحيفة «لوموند» الفرنسية نشرت الاثنين، الاتفاقات التي وقعتها حكومة فائز السراج مع أنقرة أخيراً.
وقال سلامة إن الاتفاقات «تشكل تصعيداً للنزاع، عبر توسيعه إلى مناطق بعيدة عن ليبيا، لا سيما ما يتعلق بالخلاف بين اليونانيين والأتراك حول ترسيم الحدود البحرية الذي يطرح مشكلات حادة»، وأضاف أن هذا الأمر «ساهم في تسريع تدويل النزاع وتوسعه، لا سيما إلى المجال البحري، وأيضاً في التصعيد العسكري بكل معنى الكلمة».
وتوقف سلامة عند تزايد «التدخل الخارجي» في ليبيا، قائلاً: «لقد خاب أملي، وأنا جد محبط، كون أي قرار لم يصدر عن مجلس الأمن يدعو إلى وقف لإطلاق النار، وذلك بعد 9 أشهر من المعارك في طرابلس». ورأى أن هذا يؤدي إلى «تضاعف التدخلات الخارجية وازديادها خطورة».
وقال سلامة أيضاً: «إننا نرى أيضاً مرتزقة من جنسيات عدة -بينهم روس- يصلون لدعم قوات (المشير خليفة) حفتر في طرابلس. وهناك حديث عن قوات عربية، على الأرجح آتية من سوريا، قد تكون انتشرت في جهة حكومة الوفاق، بالإضافة إلى وصول عدد من الطائرات من سوريا إلى مطار بنغازي». ورداً على سؤال عن عجز مجلس الأمن على فرض قرار حظر السلاح إلى ليبيا، قال سلامة: «ليس اللاعبون الإقليميون فقط هم الذين يخرقون الحظر، بل أعضاء في مجلس الأمن. نحن في مواجهة وضع خطير جداً، حيث مصداقية الأمم المتحدة على المحك».

حكومة إردوغان تطلب تفويضاً من البرلمان لإرسال قوات إلى ليبيا

أنقرة: سعيد عبد الرازق

تقدمت الحكومة التركية، أمس (الاثنين)، بمذكرة إلى البرلمان موقعة من الرئيس رجب طيب إردوغان تطلب فيها منحها تفويضاً لإرسال قوات عسكرية إلى ليبيا استجابة لطلب رسمي تقدمت به حكومة «الوفاق» بطرابلس برئاسة فائز السراج. لكن المعارضة التركية سارعت إلى إعلان رفضها إرسال جنود إلى ليبيا للقيام بـ«حرب بالوكالة» هناك.
وبالتزامن مع ذلك نقلت وكالة «رويترز» عن أربعة مصادر تركية قولها إن أنقرة تدرس إرسال مقاتلين سوريين متحالفين معها إلى ليبيا في إطار دعمها العسكري المزمع لحكومة طرابلس. وأبلغت المصادر «رويترز» شرطة عدم كشف هويتها أن أنقرة لم ترسل بعد مقاتلين سوريين في إطار النشر المزمع.
وقال مسؤول تركي كبير بحسب ما أوردت «رويترز»: «تركيا لا ترسل حالياً (مقاتلين من المعارضة السورية) إلى ليبيا. لكن يجري حاليا إعداد تقييم، وتنعقد اجتماعات في هذا الصدد، وتوجد رغبة نحو المضي قدماً في هذا الاتجاه». وأضاف المسؤول «لم يتم بعد اتخاذ قرار نهائي بشأن عدد الأفراد الذين سيتم إرسالهم إلى هناك».
وجاءت معلومات «رويترز» في وقت أرسلت الحكومة التركية مذكرة إلى البرلمان تطلب فيها تفويضاً لإرسال قوات إلى ليبيا. وفي هذا الإطار، قام وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو بجولة على أحزاب المعارضة شملت حزب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة، وحزب «الجيد»، والتقى رئيسي الحزبين كمال كليتشدار أوغلو وميرال أكشينار لتقديم معلومات حول مذكرة الحكومة وأسباب طلب إرسال قوات إلى ليبيا. وقال جاويش أوغلو، في تصريحات عقب اللقاءين، إنه أطلع رئيسي الحزبين وقياداتهما على حيثيات مذكرة التفويض المرسلة إلى البرلمان وأسباب الحاجة لاستصدارها نظراً إلى المصالح القومية لتركيا وللتصدي لـ«تهديدات» تواجهها البلاد، مضيفاً أن التقدير في النهاية يعود إلى قادة الحزبين فيما يتعلق بالتصويت لصالح المذكرة في البرلمان من عدمه.
وتسعى حكومة إردوغان للإسراع بالحصول على التفويض في جلسة تصويت تعقد بعد غد (الخميس) بعد أن طلب حزب «العدالة والتنمية» الحاكم من البرلمان قطع إجازته التي كانت ستمتد حتى 7 يناير (كانون الثاني) المقبل من أجل العودة للانعقاد وتمرير المذكرة.
ويعوّل الحزب الحاكم على أغلبيته البرلمانية إضافة إلى أصوات حليفه حزب «الحركة القومية» الذي أعلن رئيسه دولت بهشلي أول من أمس أن نواب الحزب (49 نائباً) سيصوتون لصالح المذكرة. لكن، في المقابل، أعلن نائب رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، أونال تشيفيك غوز، إنهم ينظرون «سلباً» إلى مذكرة التفويض المطروحة على البرلمان من جانب الحكومة. وأضاف أن حزبه يرى أن إرسال جنود إلى ليبيا من شأنه زيادة حدة التوتر وتوسيع نطاق الصراعات في المنطقة، في الوقت الذي يتعين فيه تسريع «مسار برلين» لإحياء العملية السياسية في ليبيا. وشدد على أنه يتعين على تركيا أن تولي الأهمية للعمل الدبلوماسي بالدرجة الأولى، للحيلولة دون إراقة دماء المسلمين في ليبيا، قائلاً: «لا نقبل إطلاقاً أن تكون تركيا طرفاً في حروب الوكالة بليبيا، وأن تنحاز لأحد الأطراف وتتسبب في سفك دماء المسلمين».
وعقب لقائه مع جاويش أوغلو، قام رئيس حزب «الشعب الجمهوري» كمال كليتشدار أوغلو بتحرك مفاجئ حيث توجه إلى حزب «السعادة» المعارض والتقى رئيسه تمال كارامولا أوغلو لبحث الموقف من مذكرة الحكومة والتطورات في ليبيا وموقف تركيا منها.
ويرفض الحزبان التورط في الصراع الدائر في ليبيا. كما أن حزب «الشعب الجمهوري» متحالف مع حزب «الجيد» (قومي) برئاسة ميرال أكشنار. وينتظر أن يتخذ الحزبان موقفاً موحداً وأن يرفضا مذكرة التفويض إلى جانب حزب «الشعوب الديمقراطي» (مؤيد للأكراد) والذي لم تشمله زيارة جاويش أوغلو. وكان كليتشدار أوغلو أعلن في تصريحات أول من أمس رفض حزبه إرسال قوات إلى ليبيا، وانتقد السياسة الخارجية لتركيا، قائلاً إنها ستجلب للبلاد الضرر وليس النفع.
في السياق ذاته، أكد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن تركيا تواصل تجنيد مقاتلين من جماعات موالية لها في سوريا لإرسالهم للقتال في ليبيا. وقال «المرصد»، أمس، إن ما لا يقل عن 1600 من مقاتلي فصائل «السلطان مراد» و«سليمان شاه» و«فرقة المعتصم» الموالية لتركيا وصلت إلى معسكرات تدريب على أراضيها تمهيداً لإرسالهم إلى ليبيا.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.