تزايد ظاهرة خدمة توصيل الوجبات الخاصة إلى المنازل

أحدث صرعة غذائية في احتفالات نهاية العام

تزايد ظاهرة خدمة توصيل الوجبات الخاصة إلى المنازل
TT

تزايد ظاهرة خدمة توصيل الوجبات الخاصة إلى المنازل

تزايد ظاهرة خدمة توصيل الوجبات الخاصة إلى المنازل

يبدو أن التوجه العام لتناول وجبات نهاية العام الاحتفالية هو طلب توصيلها للمنازل. فالعديد من المحتفلين بموسم عطلة نهاية العام يفضلون هذا العام طلب الوجبات في المنازل بدلاً من تناولها في المطاعم. وتدخل بعض شركات الأطعمة الفاخرة هذا المجال للمرة الأولى وتعلن عن أصناف تناسب العديد من الزبائن من الديك الرومي التقليدي إلى الوجبات النباتية والوجبات الخالية من الغلوتين.
وتصل الوجبات إلى المنازل في صناديق محكمة الإغلاق وبها كافة لوازم الوجبة المخصصة لعدة أفراد، حسب الطلب.
ويتعين طلب هذه الوجبات قبل موعد تسليمها بعدة أيام حتى يتم إعدادها. ومثلما هو الحال مع تصنيف المطاعم من روادها يوفر زبائن هذه الوجبات توصيات لغيرهم على الإنترنت حول نوعية الخدمة وجودة الطعام الذي يتم توصيله إلى المنازل.
هذا التغير الملحوظ في عادات تناول أطعمة مناسبات نهاية العام ظهر لعدة أسباب منها ازدحام المطاعم في هذا الوقت من العام والأسعار الباهظة التي تفرضها لقاء تناول وجبات فيها، خصوصاً أنها تدفع أجوراً مضاعفة للعمال من أجل الخدمة خلال فترة الاعياد التقليدية. أيضاً الطقس شديد البرودة وصعوبة صف السيارات في المدن المزدحمة.
من ناحية أخرى، يوفر طلب الوجبات الفاخرة فرصة لتجمع الأسر في مناخ عائلي مرح حيث المدفأة التقليدية مع الاسترخاء أمام التلفزيون وتبادل أطراف الحديث في خصوصية بعيداً عن الازدحام، مع الاستمتاع أيضاً بوجبه فاخرة أعدها طهاة متخصصون، أو طهيها في المنزل.
وتقليدياً كانت النساء يقمن بمهمة التسوق وتحضير الطعام للأسرة في المناسبات، وهي مهمة شاقة تستغرق الكثير من الوقت والجهد وتحرم الأسر من التجمع سوياً، حيث كان البعض منشغل بشراء الطعام والبعض الآخر في الانتظار. خدمة طلب الطعام الجديدة تتيح لجميع أفراد الأسرة اختيار ما يروق لهم من الوجبات وتوفير وقت الانتظار.
وتزيل هذه الخدمات من هموم تحضير طعام مناسبات نهاية العام من على كاهل النساء أو هؤلاء الذين يتولون هذه المسؤولية. وهناك العديد من المخاطر منها اختيار غير المناسب لبعض الأفراد أو أخطاء إعداد الأطعمة سواء بطهي الأطعمة أقل من الدرجة المطلوبة أو بحرقها في الفرن. ويعني هذا مشكلة كبيرة للأسرة حيث لا تتاح حتى فرصة شراء أطعمة بديلة في موسم أعياد تكون فيه معظم منافذ البيع مغلقة.
وتوصيل الوجبات الجاهزة إلى المنازل يلغي كل هذه المشاكل ويتيح لأفراد الأسرة التمتع بالحديث وقضاء الوقت سوياً. كما أنه يريح الاعصاب ويخفف من تعب وجهد تحضير الوجبات.
الجهات التي توفر توصيل الوجبات الفاخرة لا تقتصر على المطاعم المشهورة وإنما تمتد أيضاً إلى المزارع الريفية التي تجذب الزبائن بتقديم وجبات عضوية من المزرعة إلى المنزل مباشرة. وهي توفر أيضاً الوجبات النباتية والخالية من الغلوتين كما أن أسعارها أرخص من المطاعم.
ويتم تسويق طعام المزارع في المناطق المحيطة على أساس أنه طعام طازج. ويتم طلب الطعام الذي يختاره زبائن المزرعة وتسليمه في اليوم نفسه خلال ثلاث ساعات من طلبه أو ساعة واحدة وفق طلب الزبون لقاء رسوم رمزية أو حتى مجاناً إذا تخطى الطلب ما يعادل 100 دولار في القيمة. ويقوم عامل التوصيل بفتح صناديق المأكولات والتخلص من الأغطية البلاستيكية والورقية وفق رغبة الزبائن.
هذه المزارع كانت في الماضي تبيع منتجاتها إلى شركات السوبر ماركت التي كانت تبيعها بعد ذلك بثلاثة أضعاف القيمة إلى المستهلك. ولكن وجود الإنترنت والاتصالات السريعة مهدت الطريق لهذه المزارع أن تلغي الوسيط وأن تبيع إلى المستهلك مباشرة سواء في مجال الأطعمة الطازجة أو المحاصيل أو توصيل الوجبات الفاخرة بعد إعدادها.
وبالإضافة إلى وجود منفذ بيع في المزارع يمكن أيضاً طلب الأطعمة المختلفة من مواقعها الإلكترونية فيما يشبه السوبر ماركت على الإنترنت.
من وسائل الجذب للمستهلك من هذه المزارع أنها تعمل وفق أصول أخلاقية في مجالات معاملة الحيوانات. فكل المنتجات الحيوانية تأتي من مصادر عضوية حيث تتاح للحيوانات والطيور فرصة الحياة الطبيعية في الحقول وليس في عنابر مغلقة عديمة الضوء والمساحات الخضراء.
وتعمل المزارع على أسس الزراعة المستدامة والمحافظة على البيئة مع منع الاستعانة بالكيماويات في المحاصيل. وتدفع المزارع أجوراً عادلة للعاملين فيها.
وأخيراً، تهتم المزارع بزبائنها من خلال الأسعار العادلة لقاء الحصول على أطعمة ووجبات طازجة ذات قيمة غذائية أفضل. وفي معظم الأحوال تتعادل هذه الأسعار أو تقل عن أسعار السوبر ماركت.
ومع الإقبال على هذه الخدمة الجديدة، دخلت شركات التوصيل السريع إلى المجال ووعدت بالتوصيل في مواعيد محددة لا تتعدى ساعة أو ساعتين، حتى لا يضيع وقت الزبائن في الانتظار. وتمتد ساعات التوصيل من الصباح الباكر وحتى المساء طوال سبعة أيام أسبوعياً. وعند وصول قيمة الطلبات إلى حد سعري معين، يكون التوصيل مجاناً.
- تجارب عملية
قامت إحدى الشركات في بريطانيا بقياس مدى رضا الزبائن عن هذه الخدمات المتاحة في الأسواق قبيل موسم الأعياد وكانت النتائج متفاوتة. ولم تكن النتائج جيدة في كل الأحوال، ولذلك يتعين الاختيار الجيد عند تجربة طلب الوجبات الفاخرة إلى المنازل. الاختبار الأول كان لشركة «ماركس أند سبنسر» الشهيرة التي أرسلت وجبة لستة أفراد بثمن مائة جنيه إسترليني (130 دولاراً). وتضع الشركة حداً زمنياً أقصى لطلب وجبات الكريسماس هو منتصف شهر ديسمبر (كانون الأول). من جهة التوصيل تم تسليم الوجبة متأخرة يوماً كاملاً في انتظار وصول الخضراوات، ولكنها وصلت طازجة وفي حالة جيدة. وجاءت الوجبة بشرح مفصل حول طرق الحفظ وشملت أنواعاً متعددة مثل الديك الرومي والسجق والبطاطس والخضراوات والصلصات والجبن والخبز والشوكولاته والكعك. وكان إعداد الوجبة سهلاً سواء في الفرن أو المايكرويف كما كان الطعم جيداً لكل المكونات.
الصلصات كانت دون المستوى ولم تكن بالكثافة المطلوبة كما كان السكر الزائد في الحلويات من السلبيات التي لم تعجب الأسرة. الجبن أيضاً لم يكن بالتنوع المطلوب وكان كله من النوع الصلب مثل الشيدر مع عدم وجود أنوع لينة. ومنحت الأسرة هذه الوجبة 3.5 درجة من خمس درجات وأثنت على كمية الطعام وقيمته مقابل المبلغ المدفوع.
شركة أخرى اسمها «ميلروز أند مورغان» أرسلت صندوقها المعد للأعياد بمبلغ 100 جنيه إسترليني أيضاً ووصل في الموعد المتفق عليه مع ابتسامة وتحية من المرأة التي سلمت الصندوق. وكان تقديم الطعام جيداً مع بطاقات صغيرة لطرق الإعداد. وكان يتعين طهي كل الأطعمة. واجتمعت آراء الأسرة التي جربت هذه الوجبة أنها من أفضل الوجبات التي يمكن اختيارها خلال موسم الأعياد. وهي وجبة مثالية لمن ليس لديه الوقت لكي يتسوق من مواقع مختلفة لوازم وجبة الأعياد. وكانت الملاحظة الوحيدة على الوجبة أنها غالية الثمن بعض الشيء. ومنحت الأسرة خمس درجات من خمس لهذه الوجبة.
الوجبة التالية كانت من محلات ميسون في مقاطعة كنت وحصلت على أربع درجات من خمس، وهي وجبة يتم تسليمها مجمدة للطهي في المنزل. وبمتابعة الإرشادات المكتوبة يتم طهي المحتويات بالتوالي في الفرن. ولم يعجب الأسرة طعم البطاطس ولكن اللحوم كانت جيدة وكذلك الحلويات. وكان الانطباع العام جيداً.
تجربة أخرى كانت من تقديم مزرعة عضوية حصلت على تقدير أربع درجات من خمس لأنها لم تضع في صندوق الأغذية أي حلوى. ولكن السعر كان منخفضاً عن العروض الأخرى بنسبة 20 في المائة.
الملاحظة الأولية أن كل الأطعمة كانت طازجة ومن إنتاج المزرعة. حتى الديك الرومي كان من إنتاج المزرعة. وكان بين محتوى الوجبات طرق التحضير والطهي. الكميات كانت تكفي لثمانية أشخاص. ونالت الوجبة إعجاب الجميع من الجدة التي يبلغ عمرها 75 عاماً إلى طفل عمره أربع سنوات. العديد من المحال والمزارع الأخرى توفر الأغذية النباتية التي تستغنى تماماً عن اللحوم وتشمل أنواعاً من الخضراوات والبقول والمكسرات، بالإضافة إلى الحلويات التقليدية. وهي في الغالب من أرخص الوجبات التي يمكن شراؤها في موسم الأعياد.
- طعام النخبة من «فورتنوم أند ميسون»: التوصيل لمنازل لندن منذ عام 1707
> من ضمن أشهى المأكولات تلك التي تباع في محلات «فورتنوم أند ميسون» القريبة من ميدان بيكاديللي في لندن وتأتي في صندوق خشبي مخصص للرحلات أو للمنازل يبيعه بمبلغ 125 جنيهاً (نحو 160 دولاراً) ويخصص ليوم 26 ديسمبر (كانون الأول) والذي يسمى في بريطانيا «بوكسينغ داي». وهي صناديق تحتوي على وجبات بها كل ما يشتهى من المذاق الإنجليزي. وتقليدياً كان الإنجليز يشترون هذه الصناديق التي تسمى «هامبرز» لتناولها في الحدائق والرحلات النهرية. ويمكن للشركة أن توصل الوجبات إلى المنازل في المناسبات ولكنها تقتصر على لندن والمناطق المحيطة حتى يصل الطعام في حالة جيدة. ويحتفظ المشترون بصناديق «فورتنوم أند ميسون» المطبوع عليها حرفي «إف وإم» للاستخدام في أغراض أخرى بعد تناول ما في داخلها. وتحتوي منازل الأرستقراطيين البريطانيين نماذج لهذه الصناديق منذ أجيال سابقة حيث يشتهر محل «فورتنوم أند ميسون» في لندن منذ عام 1707. وهو من المحلات التاريخية التي تتمتع بصك الجودة الملكي حيث تعتبر العائلة المالكة من ضمن الزبائن. ويشتهر بأجود أنواع الأطعمة المحفوظة ويبيع أفضل أنواع المربى في بريطانيا. ويشتهر «فورتنوم أند ميسون» بين السياح الذين يشترون أطعمة محفوظة لتناولها في بلدانهم الأصلية.


مقالات ذات صلة

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق رهاب الموز قد يسبب أعراضاً خطيرة مثل القلق والغثيان (رويترز)

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

كشفت تقارير أن رهاب وزيرة سويدية من الموز دفع المسؤولين إلى الإصرار على أن تكون الغرف خالية من الفاكهة قبل أي اجتماع أو زيارة.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
صحتك رجل يشتري الطعام في إحدى الأسواق الشعبية في بانكوك (إ.ب.أ)

دراسة: 3 خلايا عصبية فقط قد تدفعك إلى تناول الطعام

اكتشف باحثون أميركيون دائرة دماغية بسيطة بشكل مذهل تتكوّن من ثلاثة أنواع فقط من الخلايا العصبية تتحكم في حركات المضغ لدى الفئران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق خبراء ينصحون بتجنب الوجبات المالحة والدهنية في مبنى المطار (رويترز)

حتى في الدرجة الأولى... لماذا يجب عليك الامتناع عن تناول الطعام على متن الطائرات؟

كشف مدرب لياقة بدنية مؤخراً أنه لا يتناول الطعام مطلقاً على متن الطائرات، حتى إذا جلس في قسم الدرجة الأولى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق قطع من الجبن عُثر عليها ملفوفة حول رقبة امرأة (معهد الآثار الثقافية في شينغيانغ)

الأقدم في العالم... باحثون يكتشفون جبناً يعود إلى 3600 عام في مقبرة صينية

اكتشف العلماء أخيراً أقدم قطعة جبن في العالم، وُجدت ملقاة حول رقبة مومياء.

«الشرق الأوسط» (بكين)

المؤثرة «ماما الطبّاخة» نموذج للمرأة العربية العصامية

تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
TT

المؤثرة «ماما الطبّاخة» نموذج للمرأة العربية العصامية

تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)

تلتصق بالأرض كجذور شجرة منتصبة تصارع العواصف بصلابة بانتظار الربيع. زينب الهواري تمثل نموذجاً للمرأة العربية المتمكنّة. فهي تطهو وتزرع وتحصد المواسم، كما تربّي طفلتها الوحيدة المقيمة معها في إحدى البلدات النائية في شمال لبنان. غادرت زينب بلدها مصر وتوجّهت إلى لبنان، ملتحقة بجذور زوجها الذي رحل وتركها وحيدة مع ابنتها جومانا. تركت كل شيء خلفها بدءاً من عملها في وزارة الثقافة هناك، وصولاً إلى عائلتها التي تحب. «كنت أرغب في بداية جديدة لحياتي. لم أفكّر سوى بابنتي وكيف أستطيع إعالتها وحيدة. أرض لبنان جذبتني وصارت مصدر رزقي. هنا كافحت وجاهدت، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي رحت أنشر ما أقوم به. توسّع جمهوري ليطول الشرق والغرب. اليوم تنتظرني آلاف النساء كي يتعلمّن مني وصفة طعام لذيذة. وكذلك يكتسبن من منشوراتي الإلكترونية كيفية تحضير المونة من موسم لآخر».

"ماما الطبّاخة" تزرع وتسعد بحصاد موسم الخرشوف (ماما طباّخة)

تروي زينب لـ«الشرق الأوسط» قصة حياتها المليئة بمواقف صعبة. «كانت ابنة أختي التي رحلت في زمن (كورونا) هي ملهمتي. قبلها كنت أجهل كيف أتدبّر أمري. فتحت لي حساباً إلكترونياً، ونصحتني بأن أزود المشاهدين بوصفات طعام. وانطلقت في مشواري الجديد. لعلّ جارتي أولغا هي التي لعبت الدور الأكبر في تقدمي وتطوري. علّمتني طبخات لبنانية أصيلة. كما عرّفتني على أنواع المونة اللبنانية اللذيذة. كل ما أقوم به أصنعه من مكونات طبيعية بعيداً عن أي مواد كيمائية. أزرع وأحصد وأطهو على الحطب. أعيش بسلام في قرية نائية مع ابنتي. هنا اكتشفت معنى الحياة الهانئة والحقيقية».

تحب تحضير الطعام كي تسعد الناس حولها (ماما طباّخة)

قصتها مع الطبخ بدأت منذ كانت في الـ13 من عمرها. «كانت والدتي تعمل فأقوم بمهام المطبخ كاملة. صحيح أنني درست الفنون الجميلة، ولكن موهبة الطهي أسرتني. في لبنان بدأت من الصفر عملت في مطعم وتابعت دورات مع شيف عالمي. اكتسبت الخبرة وتعلّمت أصول المطبخ الإيطالي والصيني. ولكنني عشقت المطبخ اللبناني وتخصصت به».

تصف حياتها بالبسيطة وبأنها تعيش ع «البركة» كما يقولون في القرى اللبنانية. وعن منشوراتها تقول: «أحضّر الطبق مباشرة أمام مشاهديّ. وكذلك أي نوع مونة يرغبون في تعلّم كيفية تحضيرها. أمضي وقتي بين الأرض والحصاد والطبخ. أجد سعادتي هنا وبقربي ابنتي التي صارت اليوم تفضّل الاعتناء بالدجاج وقطف المحصول على أن تنتقل إلى بيروت. إنها ذكية وتحقق النجاح في دراستها. أتمنى أن تصل إلى كل ما تحلم به عندما تكبر. فكل ما أقوم به هو من أجل عينيها».

مع ابنتها جومانا التي تساعدها في تحضير منشوراتها الإلكترونية (ماما طباّخة)

وعن سرّ أطباقها اللذيذة ووصفاتها التي وصلت الشرق والغرب تقول: «أحب عملي، والنجاح هو نتيجة هذا الحبّ. لطالما كنت أبحث عما يسرّ من هم حولي. ومع الطبق اللذيذ والشهي كنت أدخل الفرح لمن يحيط بي. اليوم كبرت دائرة معارفي من الجمهور الإلكتروني، وتوسّعت حلقة الفرح التي أنثرها. وأسعد عندما يرسلون إلي نجاحهم في وصفة قلّدونني فيها. برأيي أن لكل ربّة منزل أسلوبها وطريقتها في تحضير الطعام. وأنصح النساء بأن تحضّرن الطعام لعائلتهن بحبّ. وتكتشفن مدى نجاحهن وما يتميّزن به».

لقبها «ماما الطبّاخة» لم يأتِ عن عبث. وتخبر «الشرق الأوسط» قصّتها: «كانت جومانا لا تزال طفلة صغيرة عندما كان أطفال الحي يدعونها لتناول الطعام معهم. ترفض الأمر وتقول لهم: سأنتظر مجيء والدتي فماما طباخة وأحب أن آكل من يديها. وهكذا صار لقب (ماما الطباخة) يرافقني كاسم محبب لقلبي».

ببساطة تخبرك زينب كيف تزرع وتحصد الباذنجان لتحوّله إلى مكدوس بالجوز وزيت الزيتون. وكذلك صارت لديها خبرة في التعرّف إلى الزعتر اللذيذ الذي لا تدخله مواد مصطنعة. حتى صلصة البيتزا تحضّرها بإتقان، أمام كاميرا جهازها المحمول، وتعطي متابعيها النصائح اللازمة حول كيفية التفريق بين زيت زيتون مغشوش وعكسه.

تحلم زينب بافتتاح مطعم خاص بها ولكنها تستدرك: «لا أملك المبلغ المالي المطلوب، إمكانياتي المادية بالكاد تكفيني لأعيل ابنتي وأنفّذ منشوراتي الإلكترونية. فشراء المكونات وزرع المحصول وحصاده والاعتناء بالأرض عمليات مكلفة مادياً. والأهم هو تفرّغي الكامل لعملي ولابنتي. فأنا لا أحب المشاركة في صبحيات النساء وتضييع الوقت. وعندما أخلد إلى النوم حلم واحد يراودني هو سعادة ابنتي».

مؤخراً صارت «ماما الطبّاخة» كما تعرّف عن نفسها على صفحة «تيك توك»، تصدّر المونة اللبنانية إلى الخارج: «زبائني يتوزعون على مختلف بقاع الأرض. بينهم من هو موجود في الإمارات العربية والسعودية ومصر، وغيرهم يقيمون في أستراليا وأوروبا وأميركا وبلجيكا وأوكرانيا. أتأثر إلى حدّ البكاء عندما ألمس هذا النجاح الذي حققته وحدي. واليوم صرت عنواناً يقصده كل من يرغب في الحصول على منتجاتي. وأحياناً سيدة واحدة تأخذ على عاتقها حمل كل طلبات جاراتها في بلاد الاغتراب. إنه أمر يعزيني ويحفزّني على القيام بالأفضل».

لا تنقل أو تنسخ زينب الهواري وصفات طعام من موقع إلكتروني أو من سيدة التقتها بالصدفة. «أتكّل على نفسي وأستمر في المحاولات إلى أن أنجح بالطبق الذي أحضّره. لا أتفلسف في وصفاتي، فهي بسيطة وسريعة التحضير. أدرك أن مهنتي صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء. ولكنني استطعت أن أتحدّى نفسي وأقوم بكل شيء بحب وشغف».