وسيطان يرويان لـ «الشرق الأوسط» رحلة «قانون قيصر» إلى الكونغرس

كيف تمكن المصور العسكري السوري من تسريب صور ضحايا التعذيب؟

معاذ مصطفى (إلى اليمين) خلال إحدى جلسات الاستماع (الشرق الأوسط)
معاذ مصطفى (إلى اليمين) خلال إحدى جلسات الاستماع (الشرق الأوسط)
TT

وسيطان يرويان لـ «الشرق الأوسط» رحلة «قانون قيصر» إلى الكونغرس

معاذ مصطفى (إلى اليمين) خلال إحدى جلسات الاستماع (الشرق الأوسط)
معاذ مصطفى (إلى اليمين) خلال إحدى جلسات الاستماع (الشرق الأوسط)

بعد مضي أكثر من 8 سنوات على بدء الحرب في سوريا، تمكن السوريون من الحصول على دعم أكبر وأقوى دولة في العالم، لمساعدتهم على محاكمة مجرمي الحرب الذين ارتكبوا المجازر والفظاعات بحق المدنيين. وصدر ما بات يعرف «بقانون قيصر» الأميركي، نسبة إلى مصور كان يعمل في الشرطة العسكرية السورية، قام بتوثيق صور ما لا يقل عن 56 ألف ضحية.
من هو قيصر، ولماذا لا تزال هويته مجهولة، وكيف تمكن من الخروج من سوريا؟ ما هي طائفته وهل هو محسوب على المعارضة السورية؟ لماذا جاء إلى الولايات المتحدة وهل يقيم فيها؟ وكيف تمكن من الاحتفاظ بصوره وإخراجها من سوريا، ومن ساعده في عمله؟
لماذا تأخر صدور القانون ومن الذي كان يمنع إقراره، وكيف نجحت الجمعيات السورية الأميركية أخيراً في صدوره؟
أسئلة عديدة حملتها «الشرق الأوسط» إلى شخصيتين أميركيتين من أصول سورية، لعبتا دوراً محورياً مع آخرين في «فريق عمل قيصر» وعلى صلة وثيقة به وتواصل مستمر معه. تحدثا عن نجاح الجهود لحث الكونغرس الأميركي على التوقيع على القانون بعد ضمه إلى قانون موازنة وزارة الدفاع، مما سمح للرئيس دونالد ترمب بالتوقيع عليه تلقائياً، بعد فترة مراوحة دامت نحو 5 سنوات.
يقول معاذ مصطفى المدير التنفيذي «لفريق عمل الطوارئ السورية» وهي مؤسسة مرخصة في الولايات المتحدة، وكان عضواً في فريق عمل «قيصر»، إنه تعرف على المصور بعد خروجه من سوريا وقيامه بتوثيق المواد التي تثبت ارتكاب النظام الجرائم بحق المعتقلين المدنيين. لقد قام بهذا العمل البطولي الكبير مع آخرين وخاصة مع شخص آخر يدعى سامي.
«قيصر» كان يعمل مصوراً في الشرطة العسكرية وكانت مهمته قبل الحرب تصوير وتوثيق الأحداث من جرائم وحوادث عادية أو انتحار أو غيرها. ومع اندلاع الثورة طلب منه ومن كل الفريق الذي كان يعمل في التصوير لمصلحة وزارة الدفاع التوجه نحو المستشفيات العسكرية، وخصوصا مستشفى المزة العسكري رقم 601 ومستشفى تشرين العسكري، لتصوير وتوثيق صور القتلى. لكنه اكتشف بعد مدة بسيطة أن غالبية الضحايا هم من المتظاهرين والمعتقلين المدنيين الذين خرجوا في بدايات الثورة عام 2011. يضيف مصطفى أن «قيصر» قبل انشقاقه، كان مصوراً عادياً ولم يكن منخرطاً في الثورة أو المعارضة، لكنه بعد أن شاهد حجم القتل والمجازر التي يرتكبها النظام، قرر البقاء قدر المستطاع والقيام بتصوير القتلى لتمكين عائلات الضحايا من معرفة مصير أبنائهم على الأقل.
كان عملاً روتينياً تابعه قيصر والفريق الذي ساعده في رفع الصور إلى القضاء العسكري، وخلال سنتين ونصف تقريباً كان يقوم بتوثيق الصور ويحفظها على ذاكرة إلكترونية ويسلمها لصديقه سامي الذي كان يحفظها على حاسوبه الخاص، إلى أن تم أخذ القرار بخروجه من سوريا.

كيف غادر سوريا؟

يقول مصطفى: «كنت أتمنى الحديث عن تفاصيل خروجه، لكن الأسباب الأمنية تمنعني من الإدلاء بالتفاصيل. لكنه خرج من سوريا إلى بلد مجاور ومن ثم غادر إلى أوروبا وهو الآن يعيش في بلد أوروبي. عمل قيصر وصديقه سامي رغم المخاطر الأمنية على حياتيهما، مع فريق عمل بينهم ستيفن راب السفير الأميركي السابق للجرائم ضد الإنسانية والذي كان أيضاً مدعياً عاماً للتحقيق في جرائم الحرب في رواندا.
عندما خرج قيصر من سوريا، تابع عمله مع القضاء، وقد اهتمينا بإيصال الوثائق إلى المحاكم المعنية حيث تم رفع دعاوى قضائية في خمس بلدان أوروبية هي النرويج وإسبانيا وفرنسا وألمانيا والسويد.
قام قيصر بزيارة الولايات المتحدة للمرة الأولى عام 2014. حيث نظمنا له جلسة استماع مغلقة مع لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأميركي، عندما بدأ العمل على صياغة قانون سمي باسمه وكنت حاضراً معه وتوليت مهمة الترجمة له. وقام هو باستكمال العمل مع النواب والشيوخ والموظفين في الكونغرس وعبر الهاتف ليدفع بصدور القانون، حيث لعب دوراً رئيسياً في صدوره.

كيف تم التأكد من الوثائق؟

كان هناك خبراء وقانونيون ومحققون قمنا بالتعاون معهم في هذا الملف. لكننا لم نكتف بذلك بل قمنا بتسليم الوثائق والصور لمكتب التحقيقات الفيدرالية FPI) ) كونه أفضل جهاز تحقيق في العالم وأكثرها احترافاً، لكي يقوم هو بالتحقق من صحتها والتأكد من عدم وجود أي تلاعب فيها. بعد ذلك أرسل لنا المكتب تقريره الخاص. مرفق في هذا التحقيق صورة عن التقرير الذي لم ينشر بعد، يثبت أن الصور حقيقية ويجري استخدامها في البلدان التي رفعت فيها دعاوى قضائية كألمانيا وغيرها، بعد أن أكد الجميع صحتها. ولمزيد من التأكد قمنا بالتواصل مباشرة وبشكل شخصي مع عائلات بعض الضحايا وعرضنا صورهم عليهم وأكدوا هويتهم.
وبالاستناد إلى هذه الصور نظمنا معارض في نيويورك ودبلن وروما والأمم المتحدة، ومعرضاً مستمراً في متحف المحرقة في واشنطن عرض فيه الأدوات التي استخدمت في التصوير وتبين المسؤولية التي يتحملها الجيش السوري وأجهزة النظام الأمنية عن الجرائم التي ارتكبت.

لماذا لا تزال شخصية قيصر مجهولة؟

يتابع مصطفى قائلاً إن قيصر لم يحصل على أي دعم، وقدومه إلى الولايات المتحدة كان بقرار منه ونحن ساعدناه على الحضور. كان يردد دائماً أنه قام بهذا العمل مثل أي مواطن سوري. هو ليس مهتماً بالشهرة ولا أن يعرفه أحد، مفضلاً عدم الحديث عن وضعه العائلي والشخصي، وعما إذا كان متزوجاً أم لا، لأسباب أمنية. وأضاف: «قيصر» يتمنى أن يعود للحياة العادية ويعيش بشكل طبيعي في سوريا، «وقد يكشف عن هويته عندما يبدأ تطبيق العدالة ويذهب النظام ويحكم الشعب نفسه وليس من قبل عصابة، على حد قوله».
خلال الحوار مع معاذ مصطفى وصلته رسالة من «قيصر» قرأها لي قال فيها: «ما يجري الآن في إدلب من قتل وتشريد للعباد يثبت مرة جديدة شراسة وهمجية هذا النظام الذي تربّى على لغة الغاب وبأن الحياة لا يستحقها إلا الأقوياء والمستبدون، وسفك الدماء وهتك الأعراض من أجل تمكين حكم آل الأسد. للأسف أن نظام الأسد يرتكب أبشع الجرائم بحق شعبه على مرأى من العالم المتخاذل الذي يدّعي كذباً الحرية والإنسانية، ويتلقى دعم أعتى ديكتاتوريات العالم له لمواصلة قتل شعبه الذي لا حول له ولا قوة». يتابع قيصر في رسالته: «سؤالنا اليوم إلى هذا العالم، كم من الشعب السوري يجب أن يقتل وكم من شيخ وطفل سيعتقل ويهجر، وكم امرأة يجب أن تغتصب قبل أن ينصف هذا الشعب؟».
يضيف مصطفى أن هذه الرسالة تظهر شخصيته، وقد عملت معه منذ نحو خمس سنين، ومنذ بدأنا العمل على «قانون قيصر» وحتى في اللقاءات التي جرت مع أعضاء إدارة ترمب وقبلها، لم نسمع أي انتقاد ضده وضد القانون الذي كنا نسعى لإصداره.
إن بقاء شخصية قيصر مجهولة ساهم في اعتبار كل مواطن سوري سواء كان سنياً أو علوياً أو كردياً أو مسيحياً، أنه يمثله، وبالتالي هو ساهم عملياً في إعادة إعطاء بعض العمق الوطني على المشهد السوري بعد الذي جرى في سوريا من انقسام أهلي وطائفي وعرقي. هو كان جزءاً من النظام ويعمل في الشرطة العسكرية وكان مذهولاً مما يشاهده من ممارسات نظام حكم سوريا التي استمرت لأكثر من 40 عاماً ويفرض على الشعب العيش في ظلام.
ويختم مصطفى، بالقول، إن العمل الذي قام به قيصر ليس محسوباً ولا مجيراً لأي جهة في المعارضة السورية، بل هو للسوريين من كل الطوائف والانتماءات والأعراق، والقانون الذي صدر يجمع ولا يفرق من أجل تحقيق العدالة للشعب السوري كله.



ميركل تعرب عن حزنها لعودة ترمب إلى الرئاسة الأميركية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)
TT

ميركل تعرب عن حزنها لعودة ترمب إلى الرئاسة الأميركية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)

أعربت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل عن «حزنها» لعودة دونالد ترمب إلى السلطة وتذكرت أن كل اجتماع معه كان بمثابة «منافسة: أنت أو أنا».

وفي مقابلة مع مجلة «دير شبيغل» الألمانية الأسبوعية، نشرتها اليوم الجمعة، قالت ميركل إن ترمب «تحد للعالم، خاصة للتعددية».

وقالت: «في الحقيقة، الذي ينتظرنا الآن ليس سهلا»، لأن «أقوى اقتصاد في العالم يقف خلف هذا الرئيس»، حيث إن الدولار عملة مهيمنة، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس».

وعملت ميركل مع أربعة رؤساء أميركيين عندما كانت تشغل منصب مستشار ألمانيا. وكانت في السلطة طوال ولاية ترمب الأولى، والتي كانت بسهولة أكثر فترة متوترة للعلاقات الألمانية الأمريكية خلال 16 عاما، قضتها في المنصب، والتي انتهت أواخر 2021.

وتذكرت ميركل لحظة «غريبة» عندما التقت ترمب للمرة الأولى، في البيت الأبيض خلال شهر مارس (آذار) 2017، وردد المصورون: «مصافحة»، وسألت ميركل ترمب بهدوء: «هل تريد أن نتصافح؟» ولكنه لم يرد وكان ينظر إلى الأمام وهو مشبك اليدين.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والمستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل يحضران حلقة نقاشية في اليوم الثاني من قمة مجموعة العشرين في هامبورغ بألمانيا... 8 يوليو 2017 (أ.ف.ب)

ونقلت المجلة عن ميركل القول: «حاولت إقناعه بالمصافحة بناء على طلب من المصورين لأنني اعتقدت أنه ربما لم يلحظ أنهم يريدون التقاط مثل تلك الصورة... بالطبع، رفضه كان محسوبا».

ولكن الاثنان تصافحا في لقاءات أخرى خلال الزيارة.

ولدى سؤالها ما الذي يجب أن يعرفه أي مستشار ألماني بشأن التعامل مع ترمب، قالت ميركل إنه كان فضوليا للغاية وأراد معرفة التفاصيل، «ولكن فقط لقراءتها وإيجاد الحجج التي تقويه وتضعف الآخرين».

وأضافت: «كلما كان هناك أشخاص في الغرفة، زاد دافعه في أن يكون الفائز... لا يمكنك الدردشة معه. كان كل اجتماع بمثابة منافسة: أنت أو أنا».

وقالت ميركل إنها «حزينة» لفوز ترمب على كامالا هاريس في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني). وقالت: «لقد كانت خيبة أمل لي بالفعل لعدم فوز هيلاري كلينتون في 2016. كنت سأفضل نتيجة مختلفة».