غموض حول هوية «القرشي»

عدم ظهوره حتى الآن جدد تساؤل من يقود «داعش»؟

TT

غموض حول هوية «القرشي»

أثار عدم ظهور زعيم «داعش» الجديد، أبو إبراهيم الهاشمي القرشي حتى الآن، منذ تنصيبه، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حالة من الغموض حول شخصيته. وجدد ذلك التساؤل حول من يقود التنظيم الإرهابي الآن. خبراء أكدوا أن «التنظيم يعاني الآن من غياب المركزية في صناعة القرار». مرجحين أن «يكون التنظيم قد قرر إخفاء هوية (القرشي) تماماً كمحاولة لحمايته». كما شكك الخبراء في «وجود شخصية (القرشي) من الأساس».
وأعلن «داعش» في تسجيل صوتي بثه موقع «الفرقان»، الذراع الإعلامية للتنظيم، تنصيب «القرشي» خلفاً لأبو بكر البغدادي، الذي قتل في أعقاب غارة أميركية قبل شهرين، وتعيين أبو حمزة القرشي متحدثاً باسم التنظيم، خلفاً لأبو الحسن المهاجر الذي قتل مع البغدادي... وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب، قد أعلن عن مقتل البغدادي في عملية عسكرية أميركية شمال غربي سوريا.
ورغم أن مراقبين أكدوا أن «(القرشي) هو القاضي الأول في التنظيم، وكان يرأس اللجنة الشرعية». ذكرت مصادر أميركية أن «(القرشي) عُرف بلقب الحاج عبد الله، وعُرف أيضاً باسم محمد سعيد عبد الرحمن المولى، وكان أحد قادة تنظيم (القاعدة) في العراق، وقاتل ضد الأميركيين».
لكن عمرو عبد المنعم، الباحث في شؤون الحركات الأصولية بمصر، «شكك في وجود (القرشي) من الأساس»، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «(القرشي) شخصية غير حقيقية، وهناك أكثر من إدارة تدير (داعش) الآن».
وأرجع الخبراء «سبب إخفاء (داعش) لهوية (القرشي) خوفاً من الانشقاقات التي قد تضرب التنظيم»، لافتين إلى أن «نهج إخفاء المعلومات والتفاصيل عن قادة (داعش) استخدمه التنظيم من قبل، حين تم تعيين أبو حمزة المهاجر، وزيراً للحرب في زمن البغدادي؛ وتم الكشف عن اسمه لاحقاً».
وقاد البغدادي (داعش) بعد استيلائه على مناطق شاسعة في العراق وسوريا عام 2014، قبل أن يتهاوى التنظيم خلال الأشهر الماضية، نتيجة خسائره في سوريا والعراق، وفرار عدد كبير من عناصره.
وقال عبد المنعم إن «هوية (القرشي) لا بد أن تختفي تماماً لحمايته»، مستنداً إلى أنه «في ثمانينيات القرن الماضي، كانت التنظيمات الإرهابية تعلن عن أكثر من اسم للقيادة، حتى تحميه من التتبع الأمني»، لافتاً إلى أن «(داعش) فقد مركزية صناعة القرار الآن، وهناك عملية (انشطار) في المرحلة المقبلة للتنظيم، ولن يكرر التنظيم عملية المركزية من جديد، لذلك لم يظهر (القرشي) على الإطلاق حتى الآن، لو كان له وجود حقيقي، على عكس ما كان يظهر البغدادي، ويحث العناصر دائماً على الثبات».
وحث أبو حمزة القرشي، متحدث «داعش» أتباعه في رسالته الصوتية الأخيرة على الالتزام بما أصدره البغدادي في رسالته سبتمبر (أيلول) الماضي، التي طالب فيها بـ«تحرير أنصار التنظيم من السجون، وتجنيد أتباع جدد لاستكمال المهمة، والوعيد والتهديد لأميركا، وتأكيد مواصلة التنظيم تمدده في الشرق الأوسط وخارجه».
من جهته، أضاف عبد المنعم أن «التنظيم دشن قبل أيام كتيبة أطلق عليها (الثأر للبغدادي والمهاجر) بهدف الانتقام لمقتلهما، كما جرى سجن عدد من القيادات المتورطة في تسريب معلومات بطريقة غير مباشرة للعناصر في (حراس الدين)»، موضحاً أن «المركز الإعلامي للتنظيم يعاني حالياً من عدم وجود اتصال مع باقي المراكز التابعة للتنظيم، ويعاني من حالة ارتباك».
وهدد المتحدث باسم التنظيم الجديد، الولايات المتحدة، قائلاً: «لا تفرحوا بمقتل الشيخ البغدادي». وقال عبد المنعم: «يبدو أن (داعش) قرر عدم التعامل التقليدي في التسجيلات والظهور، مثلما كان يحدث مع البغدادي»، لافتاً إلى أن «عمليات (داعش) منذ تولي (القرشي) لم تشهد أي حراك، على عكس شهري أبريل (نيسان)، وسبتمبر الماضيين، اللذين شهدا حراكاً عقب بث تسجيلين للبغدادي».
وكان البغدادي قد حرض بشكل مباشر في سبتمبر الماضي على مهاجمة السجون في سوريا والعراق، لإنقاذ ما عدهم «مقاتلي التنظيم وعائلاتهم المحتجزين والمحتجزات في السجون والمخيمات». وقال البغدادي في حديثه حينها، إن «تنظيمه لا يزال موجوداً رغم توسعه في البداية، ومن ثم الانكماش»، عاداً ذلك «اختباراً من الله»، على حد زعمه.
وحذر عمرو عبد المنعم في الوقت ذاته من «خطوة من (حرب العصابات) التي قد يشنها التنظيم، وقتال الشوارع واستنزاف القوى الكبرى، وهي الاستراتيجية القديمة نفسها مع زيادة العنصر (الانفرادي) الذي يعرف بـ(الذئاب المنفردة)».



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.