لافروف والمعلم بحثا الوضع حول إدلب وشرق الفرات

موسكو تتعهد مواصلة العمل لـ«بسط سيطرة الحكومة السورية على كل أراضيها»

لافروف والمعلم يدخلان إلى قاعة الاجتماعات في مقر الخارجية الروسية أمس (أ.ف.ب)
لافروف والمعلم يدخلان إلى قاعة الاجتماعات في مقر الخارجية الروسية أمس (أ.ف.ب)
TT

لافروف والمعلم بحثا الوضع حول إدلب وشرق الفرات

لافروف والمعلم يدخلان إلى قاعة الاجتماعات في مقر الخارجية الروسية أمس (أ.ف.ب)
لافروف والمعلم يدخلان إلى قاعة الاجتماعات في مقر الخارجية الروسية أمس (أ.ف.ب)

وجهت موسكو، أمس، إشارة تؤكد عزمها على مواصلة دعم العملية العسكرية في إدلب، رغم تجنب وزارة الدفاع الروسية الإعلان عن مشاركة مباشرة للعسكريين الروس في العمليات الجارية.
وأعلن وزير الخارجية الروسية أن بلاده «ستواصل العمل لبسط سيطرة الحكومة السورية على كل أراضيها»، ورأى أن هذا المدخل يوفر «الظروف المناسبة لضمان حقوق كل مكونات الشعب السوري». وأجرى لافروف جلسة محادثات مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم، تركز البحث خلالها، بالإضافة إلى الوضع حول إدلب، على التحركات التركية في الشمال السوري، والوضع في شرق الفرات، وملف دفع عمل اللجنة الدستورية. وتزامنت المحادثات مع وصول وفد حكومي تركي إلى موسكو لبحث ملف إدلب.
ورغم أن المحادثات مع المعلم جرت خلف أبواب مغلقة، فإن لافروف حدد في الشق المعلن في بدايتها العناصر الرئيسية التي ينوي الجانب الروسي التركيز عليها، إذ جدد تأكيد بلاده عزمها مواصلة العمل لـ«استكمال عملية استعادة سيطرة دمشق على كافة أراضي سوريا»، مشيراً إلى أن ذلك يعد شرطاً أساسياً لتوفير أنسب الظروف التي تضمن حقوق كل مكونات المجتمع السوري العرقية والدينية.
وقال لافروف: «بالطبع، جزء لا يتجزأ من جهودنا المشتركة استمرار صراع لا هوادة فيه مع فلول الجماعات الإرهابية في الجمهورية العربية السورية»، وأضاف أن «روسيا تبذل قصارى جهدها للمساعدة في استعادة سيادة سوريا ووحدة أراضيها»، مشيراً إلى أن سوريا «تعيش حالياً مرحلة الانتقال إلى الحياة السلمية، ويجب على المجتمع الدولي أن يأخذ الحقائق الجديدة في الاعتبار لدى التخطيط لدعم سوريا في عودتها إلى السلام»
وأعرب لافروف عن ارتياح روسيا لانطلاق أعمال اللجنة الدستورية، وقال للمعلم إنه «بالطبع، لا يسعنا إلا أن نعرب عن ارتياحنا لحقيقة أنه بعد محاولات كثيرة لعرقلة هذا المسار، بدأت العملية السياسية، وبدأت اللجنة الدستورية أداء عملها»، لافتاً إلى أهمية أن يناقش الطرفان «كيف يمكن للبلدين التفاعل بشكل أكثر فاعلية لتحقيق تقدم مستدام في هذه المجالات». وعكست هذا الإشارة رغبة روسية في مناقشة العراقيل التي أدت إلى تعثر الاجتماعات الأولى للجنة، خصوصاً أن إشارات كانت قد صدرت عن أطراف روسية حول استياء روسي من أداء دمشق في هذا الملف، ورغبة بأن تبذل السلطات السورية جهداً أكبر لدفع عمل «الدستورية». وبدوره، عبر المعلم عن امتنان الحكومة السورية لروسيا والصين لاستخدامهما قبل يومين حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي، ورأى فيه خطوة «تكرس موقف البلدين الذي يعترف بسيادة سوريا وحرمة أراضيها، ضد مشروع قرار غربي ينتهك هذه السيادة، بذريعة إدخال مساعدات إنسانية عبر الحدود».
وأكد أن «التآمر الأميركي التركي الإسرائيلي، بالإضافة إلى بعض دول المنطقة، مستمر لعرقلة جهودنا المشتركة للقضاء على الإرهاب»، كما ندد بـ«العدوان التركي المستمر في الشمال السوري، والسرقة المنظمة لثروات سوريا النفطية من قبل الولايات المتحدة»، واصفاً هذه التصرفات بأنها قرصنة، كونها تمارس بقوة السلاح.
واتهم المعلم الولايات المتحدة بأنها استخدمت قاعدتها في منطقة التنف لـ«إرسال طائرات مسيرة لقصف منشآت نفطية في مدينة حمص قبل 4 أيام، ونحن في فصل الشتاء نحتاج للنفط وللغاز».
وفي إشارة إلى عمل اللجنة الحكومية المشتركة، أكد «ضرورة أن ترتقي العلاقات الاقتصادية بين روسيا وسوريا إلى مستوى التعاون السياسي والعسكري بينهما»، مذكراً بقرار دمشق إعطاء الأولوية للشركات الروسية، تقديراً لوقوف روسيا إلى جانب سوريا في مكافحة الإرهاب.
وحملت إشارة المعلم تأكيداً على النتائج المنتظرة من اجتماع اللجنة الحكومية المشتركة التي تناقش رزمة اتفاقات وعقود ينتظر أن يتم توقيعها، بينها اتفاقات حملت طابعاً «استراتيجياً»، وفقاً لوصف مصادر من الطرفين، بينها اتفاق على استخدام ميناء طرطوس السوري لمدة طويلة، فضلاً عن اتفاقات تتعلق بمد طرق وإنشاء خطوط للسكك الحديدية.
وفي غضون ذلك، أصدرت الخارجية الروسية، أمس، بياناً حمل توضيحاً للموقف الروسي حيال المشروع الدولي الذي تم إفشاله قبل يومين باستخدام الفيتو.
وأشارت الخارجية الروسية، في بيانها، إلى ضرورة أن «يأخذ المجتمع الدولي في الاعتبار طلب دمشق بوقف هذه المساعدة»، وأوضح التعليق الرسمي: «لقد طلبت حكومة الجمهورية العربية السورية رسمياً من الأمم المتحدة وقف المساعدات الإنسانية عبر الحدود، كجزء من التزامها بسيادة سوريا واستقلالها ووحدتها وسلامتها الإقليمية؛ يجب على المجتمع الدولي أن يأخذ في الاعتبار ويحترم هذا النداء الصادر عن السلطات السورية».
وزاد البيان أنه في الوقت نفسه، التزم الممثلون الروس بموقف واضح متسق، في محاولة لجعل الآلية تتماشى مع الوضع على أرض الواقع، ومع قواعد القانون الإنساني الدولي. وذكرت الخارجية الروسية أنه «منذ إطلاق الآلية (المساعدات الإنسانية في 2014)، تغير الوضع بشكل جذري: لقد هُزمت الجماعات الإرهابية تقريباً، والسلطات السورية تعيد بناء الدولة، وتعمل على تقديم مساعدات إنسانية عاجلة».
وميدانياً، تجاهلت وزارة الدفاع الروسية العمليات العسكرية الجارية حول إدلب، وأعلنت في إيجاز دوري، أمس، حصيلة مراقبة الانتهاكات التي سجلها الجانب الروسي لنظام وقف النار في إدلب خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية. ووفقاً للبيان الروسي، فقد تم تسجيل 61 انتهاكاً في مختلف المناطق السورية، بينها 25 انتهاكاً لنظام وفق النار في إدلب، و16 في اللاذقية، و11 في حلب، و9 انتهاكات في مدينة حماة.



غارات إسرائيلية تحرق مستودعات وقود في الحديدة... واستنفار حوثي

دخان كثيف شاهده السكان من منطقة بعيدة عن موقع الهجوم الإسرائيلي على الحديدة السبت (أ.ف.ب)
دخان كثيف شاهده السكان من منطقة بعيدة عن موقع الهجوم الإسرائيلي على الحديدة السبت (أ.ف.ب)
TT

غارات إسرائيلية تحرق مستودعات وقود في الحديدة... واستنفار حوثي

دخان كثيف شاهده السكان من منطقة بعيدة عن موقع الهجوم الإسرائيلي على الحديدة السبت (أ.ف.ب)
دخان كثيف شاهده السكان من منطقة بعيدة عن موقع الهجوم الإسرائيلي على الحديدة السبت (أ.ف.ب)

شنت إسرائيل سلسلة غارات استهدفت مواقع من بينها مستودعات الوقود في ميناء الحديدة اليمني الخاضع للحوثيين، يوم السبت، مما تسبب في قتلى وجرحى بحسب وسائل إعلام تابعة للجماعة المدعومة من إيران.

وذكرت قناة «المسيرة» أن ثلاثة أشخاص قُتلوا و87 أصيبوا في الضربات الجوية الإسرائيلية.

يأتي ذلك غداة مقتل شخص وإصابة آخرين في تل أبيب إثر هجوم بطائرة مسيّرة تبنته الجماعة التي تزعم أنها تساند الفلسطينيين في غزة.

وتبنت الجماعة الحوثية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي العديد من الهجمات ضد إسرائيل، دون أي تأثير يذكر، كما تبنت مهاجمة أكثر من 170 سفينة في البحرين الأحمر والعربي، وادعت مهاجمة سفن في موانئ إسرائيلية منفردة ومشتركة مع فصائل عراقية موالية لإيران.

لهب ودخان كثيف يتصاعد من موقع قصف إسرائيلي لموقع قرب ميناء الحديدة يوم السبت (أ.ف.ب)

وفي حين أكد الجيش الإسرائيلي أن الغارات التي استهدفت منشآت تخزين الوقود في ميناء الحديدة، أدت الضربات إلى إشعال حريق ضخم وتحدثت وسائل إعلام الجماعة الحوثية عن سقوط قتلى وجرحى لم تحدد عددهم على الفور.

ووفق ما أفاد به سكان في الحديدة لـ«الشرق الأوسط» استنفر الحوثيون في أرجاء المدينة كافة، فيما التزم أغلب السكان منازلهم مع القصف الذي وصف بأنه الأعنف منذ بدء الضربات الأميركية والبريطانية على مواقع الحوثيين في المدينة.

وقال وكيل محافظة الحديدة في الحكومة الشرعية، وليد القديمي لـ«الشرق الأوسط»: «إن الحوثيين وضعوا السكان عرضة للاستهدافات الأميركية والبريطانية المتكررة وأخيراً الإسرائيلية».

وأضاف القديمي أن هدف الحوثيين «تحقيق أطماع إيران في المنطقة والسيطرة على الممر التجاري بالبحر الأحمر». مشيراً إلى نزوح السكان من منازلهم في الحديدة إلى خارج المدينة وإلى المحافظات المجاورة.

ويرى ماجد المذحجي رئيس مركز صنعاء للدراسات أن هذه المرحلة أكثر تقدماً في الاشتباك الدولي مع الحوثيين تدخل بها إسرائيل في المعادلة بطريقة صريحة، مرجحاً أن يأخذ المشهد منحى آخر في الاشتباك بين الجانبين.

ويعتقد رئيس مركز صنعاء للدراسات أن تبني الجماعة الهجوم بطائرة مسيّرة ضد إسرائيل تحول كبير في معادلة المواجهة التي تجمع المجتمع الدولي مع الحوثيين، وقال: «هذا الهجوم هو محطة أخرى في حرب اليمن ومحطة كبيرة ويمكن وصفه بالتحول الكبير (....) الضربات الأولى للحوثيين تجاه إسرائيل أدت إلى التدخل الأميركي والبريطاني وبالتأكيد ذلك يترافق مع الهجمات على البحر الأحمر ولكن في الجانب الآخر هذا يحرك عادة البعد الحمائي الدولي لإسرائيل وينقل مستوى التدخل إلى مستويات أعلى».

تأكيد إسرائيلي

أكد متحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن طائرات الجيش شنت غارات ضربت أهدافاً «لنظام الحوثي الإرهابي» في ميناء الحديدة في اليمن. وأوضح في تغريدة على «إكس» أن الغارات جاءت رداً على «مئات الهجمات ضد دولة إسرائيل طوال الأشهر الأخيرة».

وقال إن مهاجمة ميناء الحديدة سببها أنه معبر نقل الأسلحة والذخيرة من إيران إلى الحوثيين، بينما ذكر وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت في بيان أن «دماء المواطنين الإسرائيليين لها ثمن».

يمنيون يشاهدون النيران من منطقة بعيدة عن موقع الاستهداف في الحديدة السبت (أ.ف.ب)

وفي أول تعليق للجماعة الحوثية، وصف المتحدث باسمها محمد عبد السلام، في تغريدة على منصة «إكس» الغارات بأنها «عدوان غاشم استهدف منشآت مدنية وخزانات النفط ومحطة الكهرباء في الحديدة بهدف مضاعفة معاناة الناس» والضغط على الجماعة للتوقف عن مساندة غزة وفق ادعائه. متوعداً بالاستمرار في تنفيذ المزيد من الهجمات.

وبحسب إفادات السكان تركز القصف على شمال الحديدة حيث يوجد الميناء، ومستودعات الوقود، إضافة إلى محطة لتعبئة الغاز، كما استهدفت الضربات مبنى قيادة الشرطة العسكرية الخاضع للحوثيين في المدينة.

وقال الإعلام الموالي للحوثيين إن الغارات أدت إلى انفجارات ضخمة، في منشآت تخزين الوقود والغاز وتصاعد الدخان بشكل كثيف، حيث شوهد من مسافات بعيدة، زاعماً أن الضربات نفذت بطائرات من طراز «إف 35». ونقلت قناة «المسيرة» الحوثية عن مصادر طبية أن عدداً من الأشخاص قتلوا وأصيبوا.

خوف وأزمة وقود

ذكر سكان في الحديدة وفي صنعاء وعدد من المناطق الخاضعة للحوثيين لـ«الشرق الأوسط» أن محطات تعبئة الوقود أغلقت أبوابها عقب الغارات مباشرة وأن طوابير طويلة من السيارات تشكلت عند محطات شركة النفط وسط مخاوف من أزمة خانقة في وقود السيارات وارتفاع أسعارها.

ويتعمد الحوثيون - بحسب السكان - افتعال مثل هذه الأزمات لبيع الوقود بأضعاف سعره، كما أنهم يغلقون المحطات الرسمية ويديرون أسواق سوداء للبيع، كذلك يخشى السكان من أزمة خانقة في غاز الطهي بعد الأنباء التي وردت عن استهداف محطة تعبئة الأسطوانات خلال الغارات الإسرائيلية.

وأفادت مصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط» بأن السكان في الحديدة يعيشون حالة من الذعر مع عودة تحليق المقاتلات في سماء المدينة، وأنهم يخشون تجدد الضربات.

وعجز الحوثيون - وفق المصادر - عن السيطرة على حريق مخازن الوقود الذي شكل سحابة داكنة في أجواء المدينة، وأكدت سقوط ضحايا في هذه الضربات لكن الإجراءات المشددة التي فرضها الحوثيون على المواقع المستهدفة وفي محيط المستشفيات حالت دون معرفة العدد الدقيق للقتلى والجرحى.

ويقول المسؤولون في الحكومة اليمنية إن الجماعة الحوثية وجدت منذ أحداث السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي فرصة لتبييض جرائمها ضد اليمنيين ومحاولة التحول إلى لاعب إقليمي تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين، مع الهروب من استحقاقات السلام واستغلال التطورات لتجنيد مئات الآلاف بذريعة الاستعداد لمحاربة إسرائيل فيما أعين قادة الجماعة مصوبة على بقية المناطق اليمنية المحررة.

أول هجوم ناجح

مع سقوط أول قتيل إسرائيلي في هجمات الحوثيين، الجمعة، كان المسؤولون الإسرائيليون، صرحوا بأنهم «يعملون على تعزيز فوري لمجمل منظومات الدفاع، وسيقومون بمحاسبة أي أحد يستهدف دولة إسرائيل أو يرسل إرهاباً ضدها».

وتدعي الجماعة أنها تشن منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) هجماتها في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي؛ لمنع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل بغضّ النظر عن جنسيتها، وكذا السفن الأميركية والبريطانية، كما تزعم أنها تقوم بهجمات في البحر المتوسط وموانئ إسرائيلية بالاشتراك مع فصائل عراقية مسلحة.

جانب من الدخان الذي خلفه الهجوم الإسرائيلي على مواقع في الحديدة السبت (أ.ف.ب)

ولم تؤكد أي تقارير غربية أو إسرائيلية الهجمات السابقة المزعومة، باستثناء هجوم الجمعة، حيث بدا الأمر مختلفاً مع إفاقة السكان في تل أبيب على دوي انفجار المسيّرة التي يرجح الجيش الإسرائيلي أنها مطورة من طائرة «صماد 3» ذات المكونات الإيرانية.

وقال المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع في بيان متلفز، إن جماعته استهدفت أحد الأهداف المهمة في منطقة يافا المحتلة (تل أبيب) بواسطة طائرة مسيّرة جديدة اسمها «يافا»، زاعماً أنها قادرة على تجاوز المنظومات الاعتراضية وأنها حققت أهدافها بنجاح.

وهدد المتحدث الحوثي بأن تل أبيب ستكون منطقة غير آمنة وستكون هدفاً أساسياً في مرمى جماعته التي ستركز على الوصول إلى العمق الإسرائيلي، مدعياً وجود بنك أهداف عسكرية وأمنية حساسة.

وتبنت الجماعة الحوثية في الأسابيع الماضية، منفردة ومشتركة مع فصائل عراقية مدعومة من إيران هجمات سابقة ضد سفن في ميناء حيفا وأخرى في البحر المتوسط، دون أن يكون لها أي أثر، وذلك ضمن ما تسميه الجماعة المرحلة الرابعة من التصعيد.

ويشكك مراقبون يمنيون في قدرة الجماعة الحوثية على تنفيذ هجمات مؤثرة في إسرائيل، ولا يستبعدون أن يكون الهجوم الأخير تم تنفيذه من مناطق أخرى غير يمنية، بتخطيط إيراني، فيما قامت الجماعة بتبنيه لدرء خطر الرد الإسرائيلي على طهران.

تصعيد مستمر

تبنى زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي في خطبته الأسبوعية، الخميس، مهاجمة 170 سفينة في البحر الأحمر وخليج عدن منذ بدء التصعيد في نوفمبر الماضي، كما أقر بتلقي أكثر من 570 غارة منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، معترفاً بسقوط 57 قتيلاً و87 جريحاً، من جراء الضربات التي تشنها واشنطن ومعها بريطانيا في أربع مناسبات لتحجيم قدرات الجماعة.

مشهد آخر للدخان المتصاعد من موقع استهدفته إسرائيل في الحديدة يوم السبت (أ.ف.ب)

وأصابت الهجمات الحوثية، حتى الآن، نحو 30 سفينة منذ بدء التصعيد، غرقت منها اثنتان؛ إذ أدى هجوم في 18 فبراير (شباط) إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور»، التي استهدفت في 12 يونيو (حزيران) الماضي.

كما أدى هجوم صاروخي في 6 مارس (آذار) الماضي إلى مقتل 3 بحارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية.

وإلى جانب الإصابات التي لحقت بالسفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر» التي قرصنتها في 19 نوفمبر الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.

وتسبّب تصعيد الحوثيين في إصابة مساعي السلام اليمني، التي يقودها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ بالجمود؛ إذ تسود المخاوف من انهيار التهدئة الهشّة المستمرة منذ عامين، وعودة القتال على نطاق أوسع.

وتقول الحكومة اليمنية إن الحل ليس في الضربات الغربية الدفاعية ضد الحوثيين، وإن الوسيلة الأنجع هي دعم قواتها المسلحة لاستعادة الحديدة وموانئها وكل مؤسسات الدولة المختطفة وإنهاء الانقلاب المدعوم إيرانياً.

ألسنة اللهب والدخان تتصاعد من انفجار في ناقلة نفط بعد هجوم في البحر الأحمر باليمن (إ.ب.أ)

وفي أحدث تصريحات لمجلس القيادة الرئاسي اليمني (الخميس) دعا الجماعة الحوثية إلى «تحكيم العقل والتعاطي الإيجابي مع المساعي الحميدة لإحلال السلام، (...) والتوقف عن المتاجرة المكشوفة بأوجاع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة».

وبالعودة إلى ماجد المذحجي، يقول رئيس مركز صنعاء للدراسات: «الآن مع بدء أولى الضربات الحوثية هناك؛ ظلت الوتيرة ذات طابع دفاعي في البحر الأحمر وفي مواجهة الحوثيين، والنقلة الحقيقية حين سقط هذا القتيل في تل أبيب. هذا يغير القواعد وينقل مستوى الخطر الى أعلى وهو الدفعة الإضافية التي تنتظرها المؤسسات العسكرية في البلدان المتداخلة في اليمن لتدفع بالسياسيين لاتخاذ قرار على ضربات أكثر تأثيراً على الحوثيين».

ومن ثم، يعتقد المذحجي أنها مرحلة «أكثر تقدماً من اشتباك المجتمع الدولي مع الحوثيين، تدخل فيها إسرائيل بطريقة صريحة»، مضيفاً: «أعتقد أن المشهد يأخذ منحى مختلفاً تماماً في الاشتباك بين المجتمع الدولي والحوثيين».