«القبر المجهول» للقذافي يجدد الأسئلة حول مكان دفنه

محكمة في بنغازي تحدد يناير المقبل للنظر في دعوى بشأنه

TT

«القبر المجهول» للقذافي يجدد الأسئلة حول مكان دفنه

أعاد القبر، غير المعروف موقعه، والمفترض أن العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، قد دُفن فيه بعد قتله عام 2011، طرح مزيد من الأسئلة في ليبيا، خصوصاً من أنصار النظام السابق الذين يطالبون بالكشف عنه، وتسليم رفاته هو ونجله المعتصم، ووزير دفاعه أبو بكر يونس، كي يتم دفن رفاتهم في مكان معلوم لأسرهم.
وقال المحامي الليبي عدنان إرجيعة العرفي، في حديث إلى «الشرق الأوسط»، أمس، إنه تقدم الأسبوع الماضي بدعوى قضائية إلى محكمة جنوب بنغازي الابتدائية، اختصم فيها مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الوطني الانتقالي السابق، الذي تولى إدارة شؤون البلاد عقب إسقاط النظام عام 2011، بالإضافة إلى الليبي المدعوم من تركيا وقطر علي الصلابي، وصلاح بادي قائد ميليشيا ما يعرف بـ«لواء الصمود» المُدرج على قائمة عقوبات مجلس الأمن الدولي.
وظل المكان، الذي وري فيه القذافي وابنه ووزير دفاعه بالصحراء الليبية سراً لا يعلمه إلا قادة ميليشيات في مصراتة، لكن بادي، الذي يحارب الآن ضمن صفوف قوات «الوفاق» في العاصمة طرابلس، سبق واعترف بمعرفته بمكانهم.
وأوضح العرفي، الذي اتهم أجهزة سيادية في شرق ليبيا بتهديده بالاعتقال، أن المحكمة حددت جلسة في الثامن من يناير (كانون الثاني) المقبل، للنظر في الدعوى، واستدعت المدعى عليهم للحضور. وأبلغ المحامي الليبي، الذي ينتمي إلى مدينة بنغازي، «الشرق الأوسط»، بأنه يتوقع القبض عليه، وبأنه أبلغ نقابة المحامين بتهديدات تلقاها، مستكملاً: «ما يحيّرني أن القضية لا تضم عبد الجليل فقط، لكنني اختصمت الصلابي وبادي والصادق الغرياني المفتي المعزول، وجميعهم محسوبون على التطرف والإرهاب، و(الجيش الوطني) يحاربهم... الأمر محير فعلاً!».
وقُتل القذافي ونجله المعتصم في مدينة سرت، لكن أفراداً من مصراتة نقلوا جثتيهما إلى مدينتهم قبل أن يدفنوهما في مكان غير معلوم. ومنذ ذلك الحين وأنصار النظام السابق، يطالبون بالكشف عن قبور القذافي ونجله وأبو بكر يونس، ويحركون دعاوى قضائية من أجل ذلك، لكنها لا تؤدي إلى نتيجة.
وعدّ أحمد عبد الحكيم حمزة رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، إخفاء جثامين الثلاثة وآخرين، وعدم دفنهم في أماكن معلومة «جريمة، تمثل انتهاكاً جسيماً بحق أسرهم، وغيرهم ممن لا يزالون مجهولي المصير»، مضيفاً أنها «منافية للقيم الدينية والإنسانية والقانونية التي تكفلها كافة الأعراف والمواثيق الدولية». ورأى حمزة لـ«الشرق الأوسط»، أنه «يحق لأسرهم تحريك دعاوى أمام القضاء الليبي والدولي ضد مرتكبي هذه الجريمة النكراء، وملاحقة الذين نفذوها ومحاسبتهم».
وتواجه أسرة القذافي مصيراً غامضاً، بعد مقتل ثلاثة من أبنائها التسعة خلال «انتفاضة فبراير»، لكن الأحياء منهم تشتتوا في أقطار مختلفة، ما بين مسجون في العاصمة طرابلس مثل الساعدي، أو موقوف في لبنان مثل هانيبال، أو توارى عن الأنظار عقب إطلاق سراحه كسيف الإسلام. بالإضافة إلى والدتهم صفية فركاش، التي تقيم في القاهرة، وابنتها عائشة، ومحمد الابن البكر للقذافي من زوجته الأولى فتحية نوري خالد (في سلطنة عمان).



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.