تشق الطاقة الفوتوضوئية المُنتجة من أشعة الشمس طريقها بنجاح باهر في الأسواق الأوروبية. مع ذلك، ينبغي على دول الاتحاد الأوروبي اتخاذ تدابير إضافية لمكافحة الاحتباس الحراري. ففي الوقت الراهن، يحتاج توليد الطاقة الكهربائية عبر الوسائل التقليدية كالنفط والغاز والفحم الحجري إلى كميات طائلة من الماء، يومياً، يُقدّرها الخبراء الألمان في العاصمة برلين بمئات ملايين اللترات التي يُمكن تخصيصها للقطاع الزراعي.
يقول الخبير الألماني الطاقوي ريكو هاسلر، في جامعة آخن، إن القدرة الإنتاجية للطاقة المُتجدّدة، وعلى رأسها الطاقة الفوتوضوئية، ستقفز 50% في الأعوام الخمسة المقبلة أوروبياً. فموضة تركيب الألواح الشمسية على أسطح المنازل والأبنية الصناعية، في دول الاتحاد الأوروبي، أضحت في أوجها بفضل تراجع أسعارها.
ويضيف أن صُنّاع القرارات المالية والسياسية في الاتحاد الأوروبي يواجهون ملفات أخرى، صعبة نسبياً، مثل ضرورة تقنين استعمال الماء لتوليد الطاقة، ينبغي فكّ عُقدتها لتسريع تفعيل إجراءات مكافحة الاحتباس الحراري. فكمية الماء المُستعملة لتأمين الكهرباء لكل مواطن أوروبي ترسو عند 1300 لتر كل يوم، ما يعني أن كمية الماء المُخصصة يومياً لتجهيز المواطنين الأوروبيين بالكهرباء هائلة جداً جراء مصادر أخرى، ملوّثة للبيئة، تدخل على الخط لتأمين الطاقة وهي المحطات العاملة بالفحم والغاز والطاقة النووية.
ويختم: «تستأثر محطات توليد الكهرباء العاملة بأنواع الوقود الأحفوري والنووي بنحو 30% من كمية الماء المُستهلكة يومياً على الأراضي الأوروبية. في حين تحتاج محطات توليد الطاقة المُتجدّدة، أي الشمسية والريحية والكهرومائية، إلى 1.7% فقط من هذه الكمية. ونتيجة لهذا الفارق الاستهلاكي المائي الضخم تواجه الحكومات الأوروبية ضغوطاً دولية متعاظمة بشأن إعادة صوغ سياساتها الطاقوية للتخفيف من استعمال الماء». في سياق متصل، يشير الخبير دافي فانهام من مركز الأبحاث المشتركة التابع للمفوضية الأوروبية في بروكسل، إلى أن توليد الكهرباء، على الصعيد العالمي، من مصادر الطاقة المُتجدّدة سيقفز إلى 3.7 تيراواط/ ساعة في عام 2024 مقارنةً بنحو 2.5 تيراواط/ ساعة تم إنتاجها في عام 2018.
وستستأثر الطاقة الشمسية بأكثر من 60% مما سيتم إنتاجه لغاية عام 2024 مقارنةً بـ25% لصالح الطاقة الريحية. هكذا، ستقف الطاقة المُتجدّدة وراء توليد 30% من الكهرباء في العالم في الأعوام الخمسة القادمة، مقارنةً بحصتها الحالية التي ترسو عند 26%. وهذا حدث تاريخي في عالم الطاقة.
ويضيف أن تراجع تكاليف الإنتاج كان العامل الأبرز في اللجوء إلى مصادر الطاقة الصديقة للبيئة. لولاها، لكان العديد من الدول الأوروبية غير قادرة على تفعيل سياساتها البيئية التي بدأت تأخذ دوراً اقتصادياً طليعياً برز مفعوله في أسواق العمل لا سيما تلك الواقعة شمال أوروبا. وإلى جانب منافع تجنيد جيوش من الموظفين والاختصاصيين في أسواق الاقتصاد البيئي، بدأت عدة شركات أوروبية ناشئة تسويق ما تُعرف باسم الأسهم والسندات الخضراء التي لاقت ترحيباً واسعاً في صفوف المستثمرين الدوليين، الخاصين والمؤسساتيين.
ويختم بأنه «لدى العديد من دول العالم كالولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية، صارت تكلفة إنتاج الكهرباء من الألواح الشمسية أدنى من تلك المُنتجة بواسطة شبكات توليد الكهرباء التقليدية الملوّثة للبيئة. وبحلول عام 2024 ستهوي تكلفة توليد الطاقة عبر الألواح الشمسية بنسبة 15 إلى 35% إضافية. مما سيجعل مستقبل تكنولوجيا الطاقة المتجدّدة واعداً. وبالطبع، تتجه الأنظار إلى شمس القارة الأفريقية القادرة على إرضاء مواطنيها والمستثمرين الدوليين معاً. وعدا عن تأمين مئات آلاف الوظائف لسُكّان القارة الأفريقية، سيتمكّن هؤلاء المستثمرون من تصدير الكهرباء إلى وطنهم الأم ضمن سياسة تجارية طاقوية ناجحة».
أوروبا تبحث آلية لترشيد الماء المهدر في توليد الكهرباء
أوروبا تبحث آلية لترشيد الماء المهدر في توليد الكهرباء
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة