الجزائر: تمديد سجن ناشط بارز يبدد آمال المتظاهرين بتجاوز الانسداد السياسي

توقعات ببدء مشاورات تشكيل حكومة الرئيس الجديد

TT

الجزائر: تمديد سجن ناشط بارز يبدد آمال المتظاهرين بتجاوز الانسداد السياسي

خابت آمال نشطاء الحراك الشعبي في الجزائر، التي عقدوها على «غرفة الاتهام» بمحكمة الاستئناف، بعد أن أجلت دراسة طلب الإفراج عن الناشط السياسي البارز كريم طابو إلى 25 من الشهر الجاري.
وتوقع مراقبون إطلاق سراحه، أمس، كبداية انفراج لأزمة معتقلي الحراك، بعد أن دعا الرئيس الجديد عبد المجيد تبون المتظاهرين إلى الحوار، بهدف تجاوز الانسداد السياسي. وقال المحامي المدافع عن المعتقلين، عبد الغني بادي لـ«الشرق الأوسط»، إن السلطات «لا تملك استعداداً، على ما يبدو، لحل أزمة معتقلي الحراك، بدليل أنها رفضت الإفراج عن أحد أشهرهم». مؤكداً أن الأجهزة الأمنية «ما زالت تحكم قبضتها على قضية المساجين السياسيين، ولا يبدو أن الوضع سيتغير»، في إشارة ضمناً إلى أن الرئيس المنتخب لا يملك هامش حرية واسعاً للتصرف في هذا الملف، الذي يتعامل معه المتظاهرون كشرط قبل إحداث أي تقارب مع السلطة الجديدة.
وبدا المحامي متشائماً بشأن مصير طلبات الإفراج عن بقية المعتقلين السياسيين، التي ستدرسها المحاكم في الأسابيع المقبلة، وأهمهم رجل الثورة الثمانيني لخضر بورقعة، والكاتب الصحافي فضيل بومالة، والناشط سمير بلعربي. وكلهم جرى اتهامهم مع طابو بـ«إضعاف معنويات الجيش»، بسبب تصريحات لوسائل الإعلام حول دور الجيش وقيادته في ترتيب الشأن السياسي، عدت مسيئة للمؤسسة العسكرية، التي استخلفت الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة في تسيير البلاد، بعد أن دفعته إلى الاستقالة في الثاني من أبريل (نيسان) الماضي.
وتتوجه الأنظار إلى تبون وأول القرارات التي سيعلن عنها، بعد أن يؤدي «اليمين الدستورية»، اليوم، وذلك إيذاناً ببداية مهمته كثامن رئيس للبلاد رسمياً، إذ يترقب الملاحظون إصدار أوامر للقضاء بالإفراج عن مئات النشطاء، أغلبهم يوجد في الحبس الاحتياطي، وحكم على العديد بالسجن مع التنفيذ. وقد اعتقل بعضهم بسبب التظاهر في الشارع، واتهموا بـ«المس بالوحدة الوطنية». فيما اعتقل آخرون بسبب حمل الراية الأمازيغية في المظاهرات، وسجن قطاع آخر بسبب مواقفهم من الجيش، التي لم تعجب قائدها الجنرال أحمد قايد صالح.
وسئل تبون في مؤتمر صحافي عقده الجمعة الماضية، بعد إعلان نتائج الاستحقاق، عن مصير هؤلاء المعتقلين فقال: «سأتشاور مع الإخوة لنرى ما يمكن أن نفعله». وفهم حديثه عن «الإخوة» بأن الأمر يتوقف على مدى موافقة الجيش على إطلاق سراحهم. علماً بأنه خلال حملة الانتخابات التي دامت 21 يوماً لم يتعهد تبون بمعالجة ملف المعتقلين بالطريقة، التي يريدها المتظاهرون وأفراد عائلاتهم.
وأظهر قطاع واسع من المتظاهرين في حراك الجمعة الماضي، وفي احتجاجات طلاب الجامعات يوم الثلاثاء، رفضاً قاطعاً لأي تقارب مع الرئيس الجديد، إن لم يبادر بالإفراج عن رفاقهم. وأطلق تبون مساعي باتجاه الحراك بحثاً عن ناطقين باسمه، تحسباً لبدء حوار معهم.
يشار إلى أن العديد من المحتجين تم اعتقالهم في اليوم، الذي أعلنت فيه «سلطة الانتخابات» عن فوز تبون، الذي وصف الحراك بـ«المبارك». وعد ذلك من طرف مراقبين مؤشراً غير إيجابي من جانب السلطات، بخصوص أحد أهم عناصر الأزمة التي تمر بها البلاد منذ 10 أشهر.
من جهة أخرى، أفادت مصادر مقربة من الرئيس الجديد بأنه سيبدأ غداً مشاورات مع أحزاب وشخصيات سياسية وتنظيمات من المجتمع المدني، لتشكيل حكومة جديدة. وبحسب هؤلاء، فإن محمد الأمين ميساعيد، مدير حملته الانتخابية، يملك حظوظاً قوية لتسلم رئاسة الوزراء. وذكرت نفس المصادر أن كوادر غير معروفين في الساحة السياسية سيعينون وزراء، خاصة في قطاعات الاقتصاد والمالية. كما أكدت أنه سيتم استحداث وزارات جديدة، مرتبطة بالتخطيط والاستشراف والرقمنة.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.