«فيوري» فيلم آخر حول الحرب العالمية الثانية.. وسؤال حول المبادئ

اختتام مهرجان لندن السينمائي

براد بت في «فيوري»
براد بت في «فيوري»
TT

«فيوري» فيلم آخر حول الحرب العالمية الثانية.. وسؤال حول المبادئ

براد بت في «فيوري»
براد بت في «فيوري»

اليوم، الأحد، ينجز مهرجان لندن السينمائي مهام دورته الجديدة ويختتم بإعلان الحرب. لا الحرب على الإرهاب، بل على الحرب العالمية الثانية لا غيرها. تلك التي انتهت قبل 69 سنة لكنها لا زالت تحت مجهر السينما. كل عام، منذ سنة 1945 وإلى اليوم هناك فيلم واحد على الأقل يدور عنها، أو حولها أو يستمد منها. «فيوري» Fury الذي اختاره مهرجان لندن لختام برامجه هذا العام، هو آخرها.
الفيلم من إخراج وكتابة ديفيد آير (Ayer) الذي شاهدنا له مطلع هذا العام «تخريب» (Sabotage) بطولة أرنولد شوارتزنيغر، الذي لم يكن فيلما جيّدا شأنه في ذلك شأن فيلم آير الأسبق «نهاية مراقبة».
ككاتب سيناريو، أحسن صنعا في السيناريو الأول الذي كتبه سنة 2000 تحت عنوان U‪-‬571 الذي أخرجه، جيدا، جوناثان موستو. هناك دراما تدور داخل غواصة. في «فيوري» الدراما تدور داخل دبّابة كما في محيطها وبسببها.
«فيوري» هو اسم دبابة ألمانية (U‪-‬571 كانت غواصة ألمانية) استولى عليها جنود أميركيون يقودهم دون «ووردادي» كوليير (براد بت) بعد حرب طاحنة. إنهم 5 أفراد وجدوا أنفسهم خلف خطوط العدو منعزلين ومهددين. الدبابة قد تكون وسيلة نجاتهم أو المصيدة التي ستقضي عليهم.
لدينا غوردو (الجيد دوما مايكل بينا) الذي يقود الدبابة ويميل لتعاطي الكحول، و«كون آس» (جون برنثول) الآتي من الجنوب الأميركي بمفاهيمه العنصرية، وبايبل (شايا لابوف) المتدين وراء بندقيته، ثم ذلك الشاب نورمان (لوغان نورمان) الذي يؤمن بالسلم ويرفض القتال، ولو أن ذلك لم يمنعه ومثالياته من أن يجد نفسه في هذا الموقع.
ليس هناك الكثير من العمق في رسم هذه الشخصيات. هي، في النهاية، ليست غريبة جيء بها من أفلام حربية سابقة وجرى ضمها في فيلم واضح النيات. لكن ليست الشخصيات وحدها هي النمطية، بل أيضا المعالجة الأحادية التي يتحرك بمقتضاها الفيلم. مرّة أخرى، هناك نحن، أبطال الفيلم، وهناك «هم» أشراره. ثم هؤلاء الأشرار معدومو الشخصيات. الحفنة الأميركية هي أكثر مهارة وخبرة قتال وهي تقتل من الألمان أضعاف عددهم.
هذا ما دارت عليه وقدّمته العديد من أفلام هوليوود السابقة حيثما كانت هناك حرب ضارية في أتون الأربعينات والخمسينات، كانت القلة هي التي تحقق النصر. الألمان ثم اليابانيون ثم الكوريون دوما ما حاربوا على الشاشة ليخسروا. يقفون حيث عليهم الانبطاح. يتقدّمون حيث كان يجب التراجع. يظهرون حيث كان من الأسلم لهم الاختفاء.
على ذلك، يقف «فيوري» على خط الوسط بين الترفيه والطرح المفيد. فيه بعض من المواقف الكاشفة لصراع وأزمات أخلاقية، من نوع إذا ما كانت الحرب، بالمطلق، ضرورية أو إذا ما كان القتل منافيا للدين. يلاحظ هنا أن المتدين «بايبل» يقوم بالقتل من دون تساؤل يؤرقه. ليس على شاكلة نورمان الذي يرفض الحرب كمبدأ بصرف النظر عن المبررات وهوية الآخر. سيتطلب الأمر من قائد هذا الفريق، ووردادي، الكثير من صلابة الموقف لكي يتوجه بهذا الفريق المتناقض إلى حد، صوب الأمان. براد بت هنا يكرر بعضا من ملامح دوره في فيلم كوينتين تارانتينو «أوغاد غير ممجدين» ويضيف عليها جدية لم تكن متاحة له هناك.
لكن هذه حسنات معدودات في نهاية المطاف. لجانب أن المنطلق المعتمد للحدث (توجه الدبابة، بين دبابات أخرى في مطلع الفيلم) لتجاوز الخط الفاصل بين الحلفاء والأعداء غير واضح السبب، هناك الرغبة في الاستفادة من الحرب. سواء أكانت هناك أزمة مواقف أخلاقية ومبدئية من الحرب أم لا، فإن الكاتب والمخرج آير يريد استغلال المناسبة لتحقيق فيلم حربي بالكامل. لا يبدو أنه يطمح لأن يُضيف على ما سبق، بل الانضمام إليه.
هذه الرغبة تحقق نجاحها. في نهاية المطاف فإن الأرقام الأولى لإيرادات نهاية الأسبوع تشي بأنه سيكسب حرب الإيرادات أيضا.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».