«داعش» يسعى لـ«فك حصاره» عبر تطبيق إلكتروني جديد

يتميز بالخصوصية والأمان وتشفير الرسائل

TT

«داعش» يسعى لـ«فك حصاره» عبر تطبيق إلكتروني جديد

فيما عدّه مراقبون بأنه «مسعى جديد لـ(داعش) الإرهابي، لتعويض خسائره على مواقع التواصل الاجتماعي، فضلاً عن استقطاب عناصر جديدة»، يختبر التنظيم تطبيقاً جديداً يسمى «بي سي إم» ويعني «لأن التواصل يهم»، وسط تحذيرات من «خطورة إقبال التنظيم على ابتكار تطبيقات ووسائل تواصل جديدة لنشر أفكاره».
وقال طارق أبو هشيمة، مدير «المؤشر العالمي للفتوى» بدار الإفتاء المصرية، رئيس وحدة «الدراسات الاستراتيجية»، لـ«الشرق الأوسط»، إن «التطبيق يسمح لمستخدميه بإنشاء مجموعات عملاقة للتواصل تسع 100 ألف شخص، فضلاً عن أنه مُتعدد اللغات بالعربية، والإنجليزية، والهندية، والصينية، والروسية، وهذا يسمح له بالانتشار في نطاقات جغرافية متعددة، ويضمن مزيداً من الأتباع»، موضحاً أن «التطبيق لا يتطلب أي معلومات عن الخصوصية مثل، الإيميل الشخصي، أو رقم الهاتف، علاوة على أنه يخفي الـ(آي بي) الخاص بالجهاز»، مضيفاً أن «حالة الحصار و(الخنق) التي وقعت على (داعش) بإغلاق آلاف الحسابات الإلكترونية على وسائل التواصل الاجتماعي، أوقعته في عزلة كبيرة، ما جعله يبحث عن وسائل جديدة أكثر أماناً، تضمن له تواصلاً جيداً، وتتمتع بدرجة عالية من السرية، يكون من خلالها بمأمن عن أنظار الدول، خصوصاً بعد اختفاء التنظيم من على (تليغرام)».
وقال مراقبون إن «الغرض من التطبيق، هو مشاركة العمليات التي ينفذها التنظيم ومشاركة فيديوهات تقطيع الرؤوس». وبث «داعش» قبل أيام فيديو مصوراً لعملية ذبح مواطنين ليبيين سقطوا أسرى في أيدي التنظيم. كما بث مشاهد لعمليات إعدام جماعية بالرصاص، في منطقة الفقهاء جنوب ليبيا.
ولفت أبو هشيمة إلى أن «مثل هذا التطبيق يضمن له خصوصية شديدة، فالتطبيق يتمتع بأعلى خصائص الأمان التي تتيح التواصل الآمن وتشفير الرسائل، وعدم القدرة على التتبع من قبل الجهات الأمنية، وخصائص تصعب على أي مخترق، القيام بفك شفرات محتوى الرسائل، وله القدرة على تخزين مقاطع الفيديو، ونقل المعلومات المشفرة في أي مكان بالعالم... وبالتالي يضمن التواصل الآمن مع أعضائه، علاوة على ترويج المحتوى الفكري والعلمي والاستخباراتي للتنظيم بين أعضائه، وهو ما حدث أخيراً في نشر أحداث أفريقيا».
وسبق أن ذكرت دار الإفتاء المصرية أخيراً، أن «التطبيق الجديد ظهر عقب نجاح أكبر حملة إلكترونية ضد التنظيم منذ عام 2015، التي أدت لإغلاق نحو 26 ألف حساب ومنصة تابعة للتنظيم على مواقع التواصل».
من جهته، قال أبو هشيمة، إنه «لا شك أن إجراءات محاربة الإرهاب التي اعتمدتها الدول أخيراً حيال التنظيمات التي تمارس التطرف العنيف، أفقدتها كثيراً من أدوات الدعم اللوجيستي، ومن أهم هذه الأدوات، التكنولوجيا الحديثة، التي تشكل قنوات الاتصال بين التنظيمات وأتباعها»، مضيفاً أن «(داعش) لجأ أخيراً لاستخدام التطبيق الأكثر أماناً وخصوصية... كما ذكر المتحدث الرسمي باسم التطبيق (قائلاً إن هدف الشركة المالكة للتطبيق، هو توفير قناة اتصال آمنة، وحماية الاتصال الرقمي لمستخدميه، والشركة ملتزمة بقوانين وأنظمة الحكومات؛ لكنها تحت أي ظرف من الظروف، سوف تفعل ما في وسعها لفك التشفير لمراقبة المحتوى)». ووفق أبو هشيمة: «أعتقد أن هذا هو ما يبحث عنه (داعش) وغيره في مثل هذه الوسائل، لأن الشركة، ربما لا تفهم خطاب (داعش) في البداية، وهذا سيضمن وقوع كثير من الضحايا لهذا التنظيم المتطرف».
يشار إلى أن «تليغرام» كان هو التطبيق الذي يتم استعماله من قبل أعضاء التنظيم والجماعات الإرهابية الأخرى؛ حيث إن التطبيق لا يستلزم صفات تعريفية دقيقة لمستخدميه.
وأضاف مدير «المؤشر العالمي للفتوى»، أمس، أن «من بين الرسائل المنشورة على التطبيق، كانت من شخص بإحدى الدول، يطالب بعدد من الأسلحة، وأنه مستعد (للتعهد بالولاء للتنظيم)»، موضحاً أن «هذا الرسالة تكشف عن خطورة ما يسمى (الذئاب المنفردة) التي ممكن أن تستعين بالتطبيق للحصول على دعم من التنظيم في نطاقات مختلفة، وهذا أمر شديد الخطورة»، لافتاً إلى أن «من الأمور الخطيرة للتطبيق، وأحد الجوانب الرئيسية التي يوفرها، محفظة تتيح للمستخدمين إرسال وتخزين وتسلم عملات مشفرة مثل (البيتكوين)، ما يسهل إرسال عملات مجهولة المصدر حول العالم، وهذا أمر شديد الخطورة في عمليات الدعم».


مقالات ذات صلة

بين أنقرة ودمشق… مساع أردنية لإعادة بناء قدرات «سوريا الجديدة»

المشرق العربي قائد الجيش الأردني اللواء يوسف الحنيطي مستقبلاً وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة (التلفزيون الأردني)

بين أنقرة ودمشق… مساع أردنية لإعادة بناء قدرات «سوريا الجديدة»

هناك رأي داخل مركز القرار الأردني ينادي بدور عربي وإقليمي لتخفيف العقوبات على الشعب السوري و«دعم وإسناد المرحلة الجديدة والانتقالية».

محمد خير الرواشدة (عمّان)
المشرق العربي فيدان والصفدي خلال المؤتمر الصحافي في أنقرة (الخارجية التركية)

تنسيق تركي - أردني حول دعم المرحلة الانتقالية في سوريا... وعودة اللاجئين

أبدت تركيا توافقاً مع الأردن على العمل لضمان وحدة وسيادة سوريا ودعم إدارتها الجديدة في استعادة الاستقرار وبناء مستقبل يشارك فيه جميع السوريين من دون تفرقة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي عبد القادر مؤمن

كيف أصبح ممول صومالي غامض الرجل الأقوى في تنظيم «داعش»؟

يرجّح بأن الزعيم الصومالي لتنظيم «داعش» عبد القادر مؤمن صاحب اللحية برتقالية اللون المصبوغة بالحناء بات الرجل الأقوى في التنظيم

«الشرق الأوسط» (باريس)
آسيا سائقو الشاحنات يتجمعون بجوار شاحنات إمدادات المساعدات المتوقفة على جانب الطريق في هانجو يوم 4 يناير 2025 بعد أن نصب مسلحون كميناً لقافلة مساعدات باكستانية (أ.ف.ب)

مقتل 6 أشخاص جرَّاء هجوم انتحاري جنوب غربي باكستان

لقي 6 أشخاص مصرعهم، وأصيب أكثر من أربعين بجروح، جراء هجوم انتحاري استهدف موكباً لقوات الأمن في منطقة تُربت، بإقليم بلوشستان، جنوب غربي باكستان.

الولايات المتحدة​ حاكم ولاية لويزيانا جيف لاندري (الثاني من اليمين) يتفقد شارع بوربون في الحي الفرنسي بنيو أورليانز بعد هجوم إرهابي في 1 يناير (أ.ف.ب)

منفذ هجوم الدهس في نيو أورليانز امتلك مواد تستخدم لصنع قنابل

أفاد مسؤولون في أجهزة الأمن بأن الرجل الذي صدم حشدا من المحتفلين برأس السنة في نيو أورليانز كان يمتلك في منزله مواد يشتبه في استخدامها لصنع قنابل.

«الشرق الأوسط» (نيو أورليانز)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.