كيف باتت هوليوود مهووسة بتصغير أعمار نجومها؟

TT

كيف باتت هوليوود مهووسة بتصغير أعمار نجومها؟

قضى غاي ويليامز وزملاؤه من فناني المؤثرات البصرية وقتاً طويلاً في التحديق في وجه ويل سميث إلى أن حفظوا كل مساماته تقريباً. قال لي ويليامز ضاحكاً: «نمزح أحياناً لأننا ربما بتنا نعرف قسمات وجهه أفضل مما تعرفها زوجته. ويمكنني أن أخبرك بالضبط بشكل ابتسامته. يمكنني أيضاً أن أتكهن بالقسمات المختلفة الـ12 لابتسامة ويل سميث بدقة كبيرة».
لكن الاقتراب بتلك الصورة الحميمية من ملامح الممثل تمثل خطراً مهنياً على ويليامز، المشرف على التأثيرات المرئية لفيلم «جميني مان»، أو رجل الجوزاء، الذي يدور حول قصة من الخيال العلمي بطلها قاتل متقاعد يحارب نسخة مستنسخة منه ولكنها أصغر سناً.
فقد جرى تكليف ويليامز وفريقه في استوديو «ويتا» للمؤثرات المرئية بالمساعدة في استنساخ نسخة رقمية لسميث في أوائل العشرينات من عمره (أطلق عليها اسم جونيور)، التي يمكن أن تتفاعل بشكل معقول مع الممثل صاحب الـ51 عاماً على الشاشة.
وبالاستعانة بالمشرف الآخر للتأثيرات المرئية، بيل ويستنهوفر، قام ويليامز ومئات الفنانين بتتبع حركات الممثل أثناء مرحلة الإعداد، ودرسوا أعماله السابقة لبناء جونيور، وهو شخصية رقمية تشبه سميث في شبابه زمن أفلام «باد بويز».
ومع ذلك، فإن وصفاً كهذا يعد تبسيطاً مفرطاً للعملية التي تطلبت مشاركة نحو 500 فنان على مدار سنتين لإكمال العمل. وعندما يتعلق الأمر بتصغير السن، فإن فناني التأثيرات المرئية لا يهدفون إلى إعادة بناء أو نسخ صورة شخصية الممثل الأصغر سناً فحسب، بل إلى تفسير الشخصية التي يجرى أداؤها أيضاً.
في حالة سميث، تم تدريب النسخة في فيلم «جميني مان» لكي يصبح قاتلاً، لذا لم يكن من الوارد تصميمه بهيئة سميث نفسها الرشيق القامة صاحب العضلات كما ظهر في فيلم «»The Fresh Prince of Bel - Air. علاوة على ذلك، تتطلب تلك التأثيرات حلاً وسطاً. فرغم الإضاءة المظلمة والوقت الطويل والأزياء الراقية التي تساعد على إخفاء العيوب في عرض جونيور، فإنه من غير المعقول تصوير الفيلم في مثل هذه الظروف في كل مشهد.
اعترف «لي» أن النتيجة النهائية لم تكن مثالية، فالمشهد الأخير شديد الإضاءة بضوء النهار جاء سيئاً. غالباً ما كان «لي» يدفع بصناعة الأفلام إلى الأمام، وبالتالي فإن فكرة تقليل السن عن طريق بناء شخصية بالكومبيوتر كانت فكرة جيدة. وأضاف: «نحن في عصر رقمي. لذلك من المنطقي أن أقلل من سن الممثل أمام عينيك من خلال الكومبيوتر».
في الواقع، أصبحت العناصر المؤثرة المستخدمة في تصغير الملامح إلكترونياً هي الوضع الطبيعي الجديد في هوليوود. فرغم أن التلاعب بمظهر الممثل بدلاً من اللجوء للممثلين الملائمين موجود منذ منتصف العقد الأول من القرن العشرين، حيث كان فيلم «حالة غريبة لبنجامين باتون» الذي قام ببطولته براد بيت مثالاً بارزاً، فقد أدى فنانو التأثيرات المرئية عملاً مضاعفاً العام الجاري.
في مارس (آذار) الماضي، شاهدنا التلاعب في ملامح صمويل جاكسون في شخصية «كابتن مارفل» في الأفلام التي تحمل الاسم نفسه، حيث جرى محو تأثير عشرات السنين من ملامحه. وبفضل هذا الفيلم انتشرت هذه التقنية مرة أخرى في أبريل (نيسان)، حيث تضمنت نحو 200 لقطة لزيادة وتقليل السن للكثير من الممثلين بفيلم «أفنجرز».
بعد خمسة أشهر، خضع جميع ممثلي الجزء الثاني من فيلم الرعب «إت تشابتر تو» الذي كان جميع ممثليه من الشباب لعمليات تصغير السن بالكومبيوتر لكي تتطابق هيئاتهم مع ملامحهم السابقة في الجزء الأول من الفيلم. وفي رائعة مارتن سكورسيزي، «ذا أيريشمان»، أو الآيرلندي، نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) شاهدنا تأثير تصغير أعمار جميع نجومه، روبرت دي نيرو، آل باتشينو، وجو بيسكي - جميعهم في السبعينيات من العمر حالياً - لتصوير حياة رجال العصابات على امتداد مراحلهم السنية.
في الوقت الذي يتضاءل فيه عدد نجوم السينما في شباك هوليوود، فإن تصغير ملامح وأعمار النجوم الحاليين مكنهم من أن يولدوا من جديد، أو على الأقل ضمنوا عمراً فنياً أطول. وبالنسبة لصناعة تعتمد على إحياء أسماء ماركات قديمة، فإنه من المنطقي أن يتطلع صناع الأفلام لأن يفعلوا الشيء نفسه مع أسمائهم اللامعة القديمة. فقط فكر في خبر مثل إعادة بعث جيمس دين إلكترونياً من جديد ليصبح نجماً في فيلم جديد، ففكرة إعادة إحياء الممثلين الراحلين عبر تأثيرات مرئية سيكون لها آثارها التي قد تمهد الطريق لعصر جديد من صناعة السينما.
وبحسب أوكون تان، المشرف على التأثيرات المرئية في لوس أنجلوس: «لو أنك فكرت في الأمر سترى أنه شكل من أشكال الخلود»، مشيراً إلى ميكي ماوس، على سبيل المثال، باعتباره النسخة المثلى لـ«نجم سينمائي» استمر بحالة الزخم نفسها، وهو نوع من الشخصيات الخيالية التي تحولت إلى علامة تجارية.
خلال زيارتي لمكاتب شركة «غراديانت إفيكيت» عرض لي تان مقطعاً من فيلم «هالوين» الذي أنتج العام الماضي، حيث تواجه شخصية لوري سترود التي تلعبها الممثلة جايمي لي كيرتيس مهاجمها. المقطع الأول الذي شاهدناه كان من الفيلم حيث نرى كيرتيس كما تبدو اليوم، في المقطع الثاني نرى الشخصية بعد التعديلات الرقمية حيث اختفت التجاعيد من وجه الممثلة وبدت بهيئة مختلفة أكثر شراقاً. وقد يكون ذلك التأثير المطلوب للعين غير المدربة.
لذلك، ولتحقيق شهرة أبدية، قد نرى نجوماً من الماضي يعودون إلى الحياة ليصبحوا شخصيات قابلة لإعادة الاستخدام رقمياً، وهي أداة أخرى في صندوق أدوات صانعي الأفلام.

- خدمات تريبيون ميديا


مقالات ذات صلة

السينما المستقلة تسطع في ليلة الأوسكار

يوميات الشرق شون بيكر يحمل أربع جوائز أوسكار نالها شخصيا عن فيلمه "أنورا" (أ.ب)

السينما المستقلة تسطع في ليلة الأوسكار

سطعت السينما المستقلة في ليلة الأوسكار بهوليوود وخرج «أنورا» بجائزة أفضل فيلم، تاركاً الأفلام التسعة الأخرى، من بينها منافِسه الأشد «ذَا بروتاليست»، في حسرة.

محمد رُضا (هوليوود)
يوميات الشرق باسل ويوفال في مشهد من الفيلم (مهرجان برلين)

«لا أرض أخرى» يجدد الجدل حول «التطبيع الفني»

جدد فوز الفيلم الوثائقي الفلسطيني «لا أرض أخرى» بجائزة «الأوسكار» لأفضل فيلم وثائقي طويل الجدل حول «التطبيع الفني» لمشاركة مخرج فلسطيني وآخر إسرائيلي فيه.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق ملصق فيلم «لا أرض أخرى» الحائز على أوسكار أفضل وثائقي (إنستغرام)

«لا أرض أخرى»... الفيلم الفلسطيني - الإسرائيلي الذي خرق جدار الأوسكار

مَن يوفال إبراهام وباسل عدرا مخرجا فيلم «لا أرض أخرى»؟ وكيف اجتمع الشابّان على الشراكة الفنية والصداقة الإنسانية رغم عداوة شعبَيهما؟

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق فريق فيلم Anora الحائز على 5 جوائز أوسكار (أ.ب) وأوسكار أفضل وثائقي للفيلم الفلسطيني الإسرائيلي No Other Land  (أ.ف.ب)

أوسكار 2025: 5 نجوم للسينما المستقلّة ونَصرٌ فلسطيني إسرائيلي مشترك

مفاجأتان في ليلة الأوسكار. الأولى عنوانها «أنورا»، الفيلم الذي حقق انتصاراً للسينما المستقلّة. والثانية فوزٌ فلسطيني إسرائيلي مشترك لفيلم «لا أرض أخرى».

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق تماثيل الأوسكار خلف الكواليس في حفل توزيع جوائز الأوسكار الـ97 (د.ب.أ)

السينما المستقلة خطفت نتائج الأوسكار

خطف فيلم شون بيكر جوائز أفضل مخرج، وأفضل سيناريو أصلي، وأفضل توليف (مونتاج) وكان المخرج قد كتب السيناريو وولّفه، وشارك في إنتاج الفيلم، مما جعل فوزه رُباعياً.

محمد رُضا (هوليوود)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.