الفنانة الكردية بفرين رشيد: فلسفتي في الرسم إظهار جماليات المرأة

عادت إلى كردستان العراق بعد الهجرة إلى بريطانيا في نهاية التسعينات

بفرين رشيد حيث تضع اللمسات الأخيرة على احد أعمالها
بفرين رشيد حيث تضع اللمسات الأخيرة على احد أعمالها
TT

الفنانة الكردية بفرين رشيد: فلسفتي في الرسم إظهار جماليات المرأة

بفرين رشيد حيث تضع اللمسات الأخيرة على احد أعمالها
بفرين رشيد حيث تضع اللمسات الأخيرة على احد أعمالها

تواصل الفنانة الكردية بفرين رشيد مسيرتها الفنية من مدينتها السليمانية في كردستان العراق، بعد عودتها من لندن قبل عام بعد أن هاجرت إليها عام 1999 مع عائلتها إلى بريطانيا. بفرين بدأت ومنذ العودة إلى وطنها بتدريس الأطفال الأكراد الرسم في إحدى مدارس مدينتها.
وقالت بفرين في لقاء مع «الشرق الأوسط»: «عندما وصلت إلى لندن كنت أمارس الرسم في المنزل، لأنني لم أكن أعرف هذه المدينة الكبيرة، وبعد مدة من الزمن وجدت معهدا للرسم المباشر في وسط لندن انضممت إليه».
وتجدر الإشارة إلى كثير من الأكراد تركوا كردستان العراق خلال القرن المنصرم وتوجهوا إلى أوروبا، بسبب الظروف القلقة لمنطقتهم آنذاك، إضافة إلى الحالة الاقتصادية الصعبة، والحروب، وكانت الفنانة التشكيلية بفرين وعائلتها واحدة من هؤلاء. وتضيف بفرين: «بدأت الدراسة هناك لمدة عامين، درست فيها تخطيط جسم الإنسان والألوان الزيتية، وشاركت في المعارض التي يقيمها المعهد في كل عام دراسي، أتذكر أنه في أحد المرات رسمت جسد امرأة بطريقة الكولاج، وحاز عملي على إعجاب أساتذة المعهد والطلبة». وتابعت: «بعد التخرج رأيت أنه من الضروري التفكير بالعودة إلى الوطن الذي اشتقت إليه، ومع استقرار الوضع في كردستان، حملنا حقائبنا وعدت إلى مدينتي الجميلة السليمانية، التي تحمل في طياتها الكثير من ذكريات الطفولة والشباب».
وعن فلسفتها في الرسم، قالت بفرين: «حقيقة فلسفتي هي إظهار جماليات المرأة، كما تعلمون المرأة كائن جميل، وهي التي تلون الكون بجمالها وخفة روحها، أما الرجل فقد حاز هو الآخر على مساحة واسعة في إنتاجي، فالرجل يعني الأب، وأنا أعتز بالأب المخلص لأطفاله، فمكانته لا تعوض بأي شيء».وأشارت بفرين إلى حبها للألوان النارية أكثر من كل الألوان الأخرى، مفضلة في حبها هذا اللون الأحمر، وقالت: «أحب الألوان النارية لأنها تجذب المشاهد، لكنني، أفضل من بينها اللون الأحمر، فهو مليء بالحرارة والجمال وهو لون العشق، لذا أفضله حتى في حياتي اليومية أيضا». أما عن طقوسها أثناء البدء بالرسم، فتقول بفرين: «أنا أختار الليل لإنجاز لوحاتي، فالليل يمتاز بالسكينة والهدوء، أدخل إلى مرسمي الصغير، بعد أن تنضج فكرة اللوحة في مخيلتي بالكامل، قبل البدء، أشغل موسيقى كلاسيكية أوروبية لأبدأ على أنغامها برقصة من صنع فرشاتي على اللوحة، فمن دون هذه الموسيقى لا أستطيع أن أرسم، الموسيقى لها معان كثيرة عندي، فهي مكملة للرسم».
وتشير بفرين إلى أنها ولدت في أسرة فنية «فعمي كان نحاتا، وجدتي كانت نحاتة، إذن في هذا الجو الفني ولدت أنا وعشقت الفن من الصغر، وأنا متواصلة في هذا المشوار».
وحول حبها للنحت، قالت بفرين: «أحببت النحت منذ وصولي إلى أوروبا، بفعل زيارة المتاحف، وإشباع عيني بمناظر التماثيل اليونانية، لذا بعد العودة للسليمانية بدأت بدراسة النحت على يد عدد من النحاتين الأكراد، وخصوصا الأستاذ جينر نزار، الذي يعلمني هذا الفن حاليا».
ولفتت بفرين إلى أن «الفن في إقليم كردستان يشهد حاليا تطورا سريعا، فهناك عدد كبير من الفنانين لكنهم توقفوا عن الإنتاج الفني بسبب نقص الدعم المادي، أما في أوروبا فهناك دعم مادي كبير للفنان من قبل كل الاتجاهات».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».