قمة المناخ تختتم أعمالها في غياب مؤشرات تقدّم ملموس

خلافات أوروبية في لقاء بروكسل حول «الميثاق الأخضر»

رئيسة وزراء الدنمارك ميتي فريدريكسن (يمين) مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيسة وزراء فنلندا سينا مارين...  وإلى اليسار تقف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل (أ.ب)
رئيسة وزراء الدنمارك ميتي فريدريكسن (يمين) مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيسة وزراء فنلندا سينا مارين... وإلى اليسار تقف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل (أ.ب)
TT

قمة المناخ تختتم أعمالها في غياب مؤشرات تقدّم ملموس

رئيسة وزراء الدنمارك ميتي فريدريكسن (يمين) مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيسة وزراء فنلندا سينا مارين...  وإلى اليسار تقف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل (أ.ب)
رئيسة وزراء الدنمارك ميتي فريدريكسن (يمين) مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيسة وزراء فنلندا سينا مارين... وإلى اليسار تقف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل (أ.ب)

«ثمّة فجوة هائلة بين ما يحصل داخل هذه القاعة وخارجها». بهذه العبارات خاطبت المديرة التنفيذية لمنظمة «غرين بيس» الدول المشاركة في قمّة المناخ عشيّة اختتام أعمالها في العاصمة الإسبانية من غير أن تظهر أي مؤشرات على إحراز تقدّم ملموس في التزامات البلدان الرئيسية باتخاذ إجراءات فاعلة لتخفيف انبعاثاتها من غازات الدفيئة ضمن المواعيد المحددة في اتفاقية باريس.
وقالت جينيفر مورغان، التي اشتهرت منظمتها بالقيام بأعمال جريئة ضد الحكومات والشركات الخاصة للدفاع عن البيئة في مناطق عديدة من العالم: «أشارك في مثل هذه المؤتمرات الدولية منذ خمسة وعشرين عاماً، ولم أشهد مثل هذا التباين الكبير بين ما يحصل في شوارع العالم وساحاته من مظاهرات يقودها الشباب الناشطون في الحركات المناخية، والمفاوضات المتعثّرة التي تدور هنا من غير قيادة واضحة لمواجهة هذه الأزمة الخطيرة التي تخيّم على مستقبل البشرية».
ويقول خبراء الأمم المتحدة الذين يديرون المفاوضات حول اتفاق مقايضة الكربون بين الدول الصناعية والدول النامية، ونصّ البيان الختامي الذي سيصدر عن القمة، على أن الدول الملوّثة الرئيسية لم تبدِ حتى الآن أي استعداد للالتزام باتخاذ التدابير التي وردت في توصيات المجموعات العلمية والوكالات الدولية المتخصصة. ويذكر أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش كان قد دعا مؤخراً إلى تشكيل تحالف دولي انضمّت إليه 68 دولة التزمت زيادة جهودها لخفض الانبعاثات الغازية في العقد المقبل بما يتجاوز المستويات المحددة في اتفاق باريس. وقد انضمت 16 دولة أخرى إلى هذا التحالف منذ بداية قمّة مدريد مطلع الأسبوع الماضي، من بينها المملكة المتحدة والسويد وباكستان. لكن أربعة من البلدان الرئيسية الملوِّثة المسؤولة عن 60 في المائة من الانبعاثات العالمية من الغازات، وهي الولايات المتحدة والصين والهند وروسيا، ما زالت ترفض الانضمام إلى هذا التحالف والالتزام بتشديد إجراءاتها للحد من التغيّر المناخي.
وزيرة البيئة التشيلية ورئيسة القمّة كارولينا شميدت قالت إن ما قامت به الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لتغيّر المناخ حتى الآن ليس كافياً «وإذا استمرّ العمل على هذه الوتيرة فسيفوت الأوان قريباً، ولن نتمكّن من ترميم الأضرار التي ستنجم عن الكارثة المناخية».
وفي مداخلته الثانية أمام القمّة عاد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى التحذير من أن «ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية بات أخطر بكثير مما كنا نعتقد حتى الآن»، وعرض استنتاجات الدراسات العلمية التي توصي الدول الأطراف، وبخاصة الدول الصناعية الكبرى، بتشديد إجراءاتها الوقائية للحد من تغيّر المناخ واتخاذ تدابير تحفيزية للانتقال إلى اقتصادات مستديمة بيئياً. وتجدر الإشارة أن الدول الموقعة على اتفاقية باريس ينبغي أن تقدّم خططاً لخفض الانبعاثات الغازية تؤدي، مجتمعة، إلى عدم ارتفاع درجة حرارة الأرض فوق المعدلات الملحوظة في الاتفاقية. لكن الأمم المتحدة حذّرت من أن الخطط التي قدّمتها الدول حتى الآن، لا بد من مضاعفتها خمس مرات لتحقيق أهداف الاتفاقية. وبعد قرار الإدارة الأميركية الانسحاب من اتفاقية باريس، تتجّه الأنظار الآن إلى الصين التي لم تبدِ حتى الآن أي استعداد لزيادة التزاماتها المناخية، علما بأنها الملوِّث الأول في العالم. وكان وزير البيئة الصيني ينغمين زاو قد أعلن أمام القمة أن بلاده ليست حالياً في وارد الإعلان عن التزامات تتجاوز تلك الملحوظة في اتفاقية باريس التي ستنجز واشنطن الإجراءات القانونية للخروج منها مطلع الصيف المقبل. لكن لا يستبعد المراقبون أن تقوم بكّين بمبادرة في اللحظة الأخيرة لخطف الأضواء في هذه القمّة التي كرّست انسحاب الإدارة الأميركية من المسار الدولي لمكافحة تغيّر المناخ.
الاتحاد الأوروبي من جهته، أعلن عن استراتيجية مناخية طموح في إطار «الميثاق الأخضر» الذي اعتمدته المفوضية الأوروبية يوم الأربعاء الماضي، من المنتظر أن يصدّق عليه المجلس الأوروبي في القمة الأوروبية التي تنهي أعمالها اليوم في العاصمة البلجيكية. وللمرة الثانية خلال هذا العام، يُطلب من قادة التكتل الأوروبي الالتزام بتحقيق أهداف الحد من انبعاثات الكربون بحلول 2050، وفقا لاتفاقية باريس.
ويدفع رئيس المجلس الأوروبي تشارلز ميشيل ورئيسة المفوضية الأوروبية أورزولا فون دير لاين، اللذان توليا منصبيهما هذا الشهر، لتبني أجندة مناخية طموح.
قال ميشيل إن نتائج المباحثات بين قادة الاتحاد الأوروبي بشأن إلزام الاتحاد الأوروبي لكي يصبح حيادي المناخ بحلول عام 2050 ما زالت غير واضحة. وأضاف: «لا نستطيع توقع نتيجة هذا الاجتماع السياسي». وأوضح: «هناك مشاورات ما زالت جارية وضرورية مع عدد من الدول الأعضاء بشأن قضية التغير المناخي». واعترف بأن ليس كل الدول الأوروبية لديها نقطة البداية نفسها فيما يتعلق بوضعها الاقتصادي أو طموحها البيئي.
وتعارض كل من بولندا والمجر وجمهورية التشيك هذا الهدف، الذي يشمل خفض انبعاثات الكربون الناجم عن الوقود الأحفوري، بالإضافة إلى التوصل لسبل لخفض أو موازنة الانبعاثات المتبقية.
واعتمدت المفوضية الأوروبية استثمارات بقيمة مائة مليار يورو في إطار «آلية التحول العادل»، موجهة إلى المناطق والقطاعات التي ستكون الأكثر تضررا جراء الميثاق، غير أنه من غير المؤكد أن تكون كافية لإقناع هذه الدول الثلاث. وقال مصدر بولندي، كما نقلت عنه الصحافة الفرنسية، إن عملية التحول الأخضر إلى مصادر الطاقة المراعية للبيئة ستطرح «تكاليف كبرى وتحديات لاقتصاداتنا»، مضيفا أن «مثل هذا التحول يجب أن يكون عادلا ومتوازنا من وجهة نظر اجتماعية وأن يأخذ بالاعتبار وضع الدول الخاص».
كذلك أشار رئيس الوزراء التشيكي الشعبوي أندري بابيس إلى «التكاليف الباهظة» المترتبة على الانتقال إلى تحييد الكربون، مقدرا حصة بلاده منها بـ26.5 مليار يورو. وكتب في تغريدة: «نريد أن يأخذ الاتحاد الأوروبي ذلك بالاعتبار». ودعا بروكسل إلى اعتبار النووي مصدر طاقة يمكن دعمه بواسطة التمويل الأخضر، وهو موقف تجمع عليه الدول التي تستخدم الطاقة النووية من ضمن مصادرها للطاقة مثل فرنسا، غير أنه يلقى معارضة دول مثل ألمانيا ولوكسمبورغ والنمسا. وفي حال عدم التوصل إلى توافق حول مسألة تحييد الكربون، فستكون هذه إشارة سيئة للغاية تصدر عن الاتحاد الأوروبي بالتزامن مع انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ في مدريد وغداة طرح «الميثاق الأخضر».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».