آثار مرض السكري لدى الأطفال على الأسرة

تلافي المضاعفات باتباع نظام صحي لكامل أفرادها

آثار مرض السكري لدى الأطفال على الأسرة
TT

آثار مرض السكري لدى الأطفال على الأسرة

آثار مرض السكري لدى الأطفال على الأسرة

مرض السكري من النوع الأول (Type 1 Diabetes)، يعتبر من أشهر الأمراض المزمنة التي تصيب الأطفال، الذي يتطلب علاج الطفل بـ«الأنسولين» طيلة حياته. وعلى الرغم من وجود آلاف الدراسات التي ناقشت أثر المرض على الطفل، سواءً بشكل عضوي أو نفسي، ومن جميع الجوانب تقريباً، سواءً أثر العلاج بالأنسولين والمضاعفات التي يمكن أن تحدث جراء المرض أو العلاج، وكذلك النظام الغذائي الخاص بالطفل، أو ممارسته الرياضة، لا شك أن الدراسات التي شملت أثر إصابة الأطفال بمرض السكرى على أسرته لا تزال قليلة، وغير كافية، خصوصاً وأن المرض يبدأ في بعض الأحيان في الطفولة المبكرة، ويقع العبء النفسي له، والاهتمام بعلاجه على عاتق الأسرة بشكل كامل.
في بداية تشخيص المرض، يحدث للآباء نوع من الصدمة، لمعرفتهم أن المرض لا شفاء منه، ثم يتم التعايش مع الواقع الجديد، ويتغير أسلوب الحياة، ويختلف ذلك تبعاً لعمر الطفل. وفي بعض الأحيان التي يكون فيها الطفل صغيراً جداً يصبح مجرد توفير وقت كافٍ للعناية بالطفل المريض مشكلة حقيقية تواجه الآباء، حيث يجب أن يتم حقن الطفل بالأنسولين مرتين يومياً، والتحكم في كمية وكيفية الطعام الذي يتناوله الطفل، ما يضع ضغوطاً نفسية إضافية عليهم، جانب الضغط الأصلي الناتج من إصابة الابن بالمرض.
وينتج القلق من عدة أمور؛ منها احتمالية إصابة طفل آخر بالسكري، وأيضاً القلق حول إذا كان الطفل سوف يحيا بشكل طبيعي من عدمه، وإلى أي مدى سيكون متوسط العمر المتوقع لديه. والحقيقة أنه على الرغم من أن الوراثة تلعب دوراً مهماً في الإصابة بمرض السكري، ولكن ليس بالضرورة لمجرد وجود طفل مصاب بالمرض أن يؤدي ذلك إلى إصابة بقية أخوته. وفي حالة الالتزام بالعلاج والتعليمات الطبية، وتجنب المضاعفات، يتساوى متوسط العمر لدى المصابين مع الأقران الآخرين.
أما الآثار النفسية للمرض، فتمتد لتشمل الإخوة. وتبعاً لعمر الطفل المصاب وعمر أخوته تختلف المشاعر، وتتباين بشكل كبير، وتتراوح بين التعاطف مع الأخ المريض بطبيعة الحال، والخوف من الإصابة بالمرض نفسه في حالة أن يكون الأخوة أكبر عمراً وأكثر دراية.
ويكون الخوف نتيجة لتصور المعاناة من الحقن، بشكل يومي، وأخذ عينات لقياس مستوى الغلوكوز بشكل أسبوعي، والمضاعفات في حالة حدوثها مثل هبوط مستوى الغلوكوز (hypoglycemia) بالجسم، التي يمكن أن تصل إلى تغير في مستوى الوعى، وفي بعض الأحيان تؤدي إلى فقدان الوعي، بشكل كامل، وحدوث غيبوبة، وهو الأمر الذي يصيب الأطفال بصدمة نفسية عنيفة، وفي بعض الأحيان، وفي المراحل العمرية الأصغر، يمكن أن يشعر الإخوة بالغيرة من الأخ المصاب، وذلك لأن الطفل المصاب يصبح محور اهتمام الآباء، بشكل كامل، ويسعون دائماً لمحاولات إرضائه. ونتيجة لذلك يقل اهتمامهم ببقية الأخوة الأصحاء، وهو الأمر الذي يمكن أن يؤثر بالسلب على علاقة الطفل ببقية أخوته، فضلاً عن شعور الإخوة بالذنب لغيرتهم من الأخ المريض.
يعتبر النظام الغذائي من أهم مشكلات الطفل المصاب في مرض السكري، التي يمكن أن تسبب حساسية له، أو للآخرين، نظراً لاختلافه عن الطعام العادي، الذي يمكن للأطفال أن يتناولوه، خصوصاً أن كثرة المحاذير من الدهون والكربوهيدرات والكميات الأقل، وضرورة تناول الخضراوات والفاكهة والابتعاد عن الحلويات والفواكه التي تحتوي على سكريات بشكل مكثف مثل التين والبلح والعنب التي يستلزمها التوازن الصحي.
وفي بعض الأحيان، يترك الآباء الطفل يتناول الطعام من دون محاذير، حتى لا يشعر بالاختلاف عن أخوته أو بقية أقرانه، مقابل أن تتم زيادة جرعة الأنسولين، أو يقوموا بتحضير غذاء خاص للطفل المريض، ما يمكن أن يؤثر بالسلب عليه، حيث يشعر أنه مختلف عن بقية أخوته. وتفادياً لذلك ينصح الخبراء بضرورة أن يتم تغيير النظام الغذائي للعائلة بالكامل، والتأكيد من الآباء لجميع أفراد الأسرة على أن الالتزام بهذا النظام، لأنه الأكثر صحة وفائدة، وليس فقط للإصابة بالمرض، ويمكن في أحيان نادرة بالطبع السماح بتناول بعض الكربوهيدرات، ولكن يجب أن يتم مراعاة ذلك في بقية الوجبات ونسبة الأنسولين.
لتخفيف التوتر والقلق عن الآباء، يجب أن يتم إخبارهم بالمعلومات الكافية عن المرض، والتوضيح أن المضاعفات لا تحدث إلا في حالة عدم الانتظام في العلاج، وعدم المتابعة بشكل دوري مع الأطباء، وأن الطفل يمكن أن يعيش حياة طبيعية تماماً مثل الأقران، ويمارس الرياضة، ويستطيع النجاح بتفوق في الدراسة طالما التزم بالنظام الغذائي، وأن فترة الإصابة بالمرض في وقت الطفولة تلعب دوراً كبيراً لاحقاً، في تحديد حدوث مضاعفات من عدمه، لذلك كلما نجح الآباء في خلق نموذج حياة متكاملة للتعايش مع المرض لطفلهم، كلما كان انعكس ذلك بالإيجاب عليه لاحقاً في مرحلة البلوغ.
ويجب أن تكون هناك جلسات نفسية للآباء للتوعية بأهمية الدور، الذي يمكن أن تلعبه الأسرة في مساعدة طفلها في تنظيم مستوى الغلوكوز في الدم، والسيطرة على المرض للدرجة التي يطلق العلماء على هذه الأسر العائلات النفس جسدية (psychosomatic family)، حيث يتم التعامل مع الطفل والعائلة كوحدة متكاملة، وتكون بمثابة شريك أساسي في العلاج، ومن المهم أن يدرك الآباء ذلك، خصوصاً في مرحلة المراهقة، حيث يضيق المراهق بالنظم الموضوعة، ويمكن أن يتسبب ذلك في رفض العلاج، أو عدم الالتزام، وفي بعض الأوقات مجرد تحدٍ لسلطة الآباء، ويجب أن يتحلى الآباء بالحكمة، واللجوء إلى الطبيب النفسي الذي يكون قادراً على التعامل مع المراهق بنجاح.
* استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

7 حقائق قد تُدهشك عن «الخل البلسمي» وتأثيراته الصحية

صحتك 7 حقائق قد تُدهشك عن «الخل البلسمي» وتأثيراته الصحية

7 حقائق قد تُدهشك عن «الخل البلسمي» وتأثيراته الصحية

خل البلسميك خل عطري مُعتّق ومركّز، داكن اللون وذو نكهة قوية، مصنوع من عصير كامل عناقيد العنب الأبيض الطازج المطحون، أي مع جميع القشور والبذور والسيقان.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

كشفت دراسة عصبية حديثة، عن احتمالية أن يكون لشكل المخ وتكوينه الخارجي دور مهم في التوجه إلى تجربة المواد المضرة في سن مبكرة، ثم إدمانها لاحقاً في مرحلة الشباب.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك التمر كنز غذائي ودوائي يعزز الصحة

آفاق جديدة للابتكار في أبحاث الطب النبوي

تنطلق في مدينة بريدة بمنطقة القصيم، صباح يوم غدٍ السبت الحادي عشر من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي 2025 فعاليات «المؤتمر العالمي السادس للطب النبوي»

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (بريدة - منطقة القصيم)
صحتك هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟

هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟

ما سبب مرض ألزهايمر؟ أجاب رودولف تانزي، مدير مركز ماكانس لصحة الدماغ بمستشفى ماساتشوستس قائلاً: قضيت معظم حياتي المهنية في محاولة الإجابة عن هذا السؤال».

هايدي غودمان (كمبردج - ولاية ماساتشوستس الأميركية)
صحتك التعرض للضوضاء الصادرة عن الطائرات قد يزيد احتمالات الإصابة بالنوبات القلبية (رويترز)

العيش بالقرب من المطارات يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب

كشفت دراسة جديدة أن الأشخاص الذين يعيشون بالقرب من المطارات قد يكونون أكثر عُرضة لخطر ضعف صحة القلب.

«الشرق الأوسط» (لندن)

تناول الحبوب المنومة قد يمنع دماغك من «تنظيف» نفسه (دراسة)

الحبوب المنومة قد تعوق عملية التخلص من السموم المتراكمة في الدماغ (رويترز)
الحبوب المنومة قد تعوق عملية التخلص من السموم المتراكمة في الدماغ (رويترز)
TT

تناول الحبوب المنومة قد يمنع دماغك من «تنظيف» نفسه (دراسة)

الحبوب المنومة قد تعوق عملية التخلص من السموم المتراكمة في الدماغ (رويترز)
الحبوب المنومة قد تعوق عملية التخلص من السموم المتراكمة في الدماغ (رويترز)

أكدت دراسة جديدة أن تناول الحبوب المنومة قد يعوق عمل الجهاز الغليمفاوي الذي يطرد السموم المتراكمة في الدماغ أثناء النوم.

ويتخلص دماغنا من النفايات السامة عندما نكون نائمين أكثر مما يتخلص منها عندما نكون مستيقظين. وهذه العملية ضرورية لوظائف المخ الصحية والوقاية المحتملة من اضطرابات مثل مرض ألزهايمر.

ويمكن تعطيل هذه العملية عند تناول الحبوب المنومة، وفقاً للدراسة جديدة، التي نقلتها صحيفة «نيويورك بوست» الأميركية.

وقالت المؤلفة الرئيسية للدراسة، مايكين نيدرغارد، من جامعة كوبنهاغن، إن طريقة عمل الجهاز الغليمفاوي تشبه «تشغيل غسالة الصحون قبل الذهاب إلى الفراش والاستيقاظ بدماغ نظيف».

وقد فحصت نيدرغارد وفريقها عدداً من الفئران لمعرفة ما يحدث داخل أدمغتهم أثناء نومهم. ووجدوا أن جذع الدماغ لديهم يطلق موجات صغيرة من جزيء النورإبينفرين مرة واحدة كل 50 ثانية أثناء النوم العميق.

ويلعب النورإبينفرين دوراً رئيسياً في استجابتنا «للقتال أو الهروب» من خلال تحفيز انكماش الأوعية الدموية، مما يزيد من ضغط الدم ويجهز الجسم للرد على المواقف العصيبة.

يعمل التوسع والانكماش الإيقاعي للأوعية الدموية أيضاً على دفع السوائل المحيطة لحمل النفايات بعيداً عن الدماغ.

وبمجرد أن تأكد الفريق من أن النورإبينفرين يحفز تنظيف الدماغ، أراد معرفة ما إذا كانت الحبوب المنومة تؤثر على هذه العملية.

وأعطى الباحثون الفئران دواء الأرق «زولبيديم» الذي يباع تحت الاسم التجاري «أمبيان».

وعلى الرغم من أن الفئران المعالجة بالزولبيديم نامت بشكل أسرع، فإن نشاط موجة النورإبينفرين لديها أثناء النوم العميق كان أقل بنسبة النصف، ونقل السوائل الدماغية بنسبة 30 في المائة أقل مقارنة بالفئران التي تنام بشكل طبيعي.

وتشير النتائج التي نُشرت يوم الأربعاء في مجلة «Cell Press» إلى أن هذه الحبوب قد تعطل نظام تنقية الدماغ أثناء النوم.

وكتب الباحثون: «يستخدم المزيد والمزيد من الناس الحبوب المنومة، ومن المهم حقاً معرفة تأثيرها الكامل على أدمغتهم».

إلا أن الفريق أكد الحاجة إلى المزيد من الاختبارات على البشر للتأكد من النتائج.