الحقيقة الخفية لمفهوم الذكاء

يضم مهارات محددة تشمل قدرات العقل والتعلم والخطط لحل المشاكل

الحقيقة الخفية لمفهوم الذكاء
TT

الحقيقة الخفية لمفهوم الذكاء

الحقيقة الخفية لمفهوم الذكاء

هل الذكاء شيء ما، أنت ولدت وتمتلكه؟ أم أنه مهارة يمكنك صقلها وتطويرها طوال الحياة؟ هل أن الشخص الذي يكون دماغه مليئاً بالحقائق أكثر ذكاءً من فنان يناشد الناس لرؤية العالم بشكل مختلف، أو من عالم رياضيات يصمم تصاميم خوارزمية تمكن الكومبيوتر من التغلب على الإنسان في لعبة الشطرنج؟ هل الكومبيوتر أذكى من الإنسان؟
- جوانب غامضة
الذكاء هو مفهوم غامض حتى أن كتب علم النفس حول موضوع الذكاء مليئة بالأساطير والأخطاء. مع ذلك، فإن البحوث الحديثة تشير إلى أننا توصلنا أخيراً إلى السيطرة على بعض الأسئلة الرئيسية حول الذكاء.
الذكاء هو سرعة في الفهم والبديهة، ونشاط فكري ومعرفي يقوم به العقل، وليس شرطاً أن يكون الذكاء مرتبطاً مع التحصيل الأكاديمي أو المنهجي كما هو معروف عند البعض، فقد يتعدّاه إلى جوانب أخرى كالذكاء الاجتماعي، واللغوي، والرياضي، فيتميز كل شخص بنوعٍ أو أكثر من أنواع الذكاء. ويقول يون في كتابه الموسوم «معجم الحقيقة» Truth lexicon المنشور عام 2017، إن الحقيقة حول الذكاء هي أن الذكاء لا يتحرك أبداً... بل إنه ترقب لكل حركة، وبالتالي فهو خالٍ من أي حركة. لا يمكن أبداً أن يتحرك ولا يحتاج إلى التحرك. الأفكار والمشاعر والعواطف تتحرك دائماً، وبالتالي هي ليست ذكية.
ويعرف جاستن باريسو، مؤلف «الحاصل العاطفي» emotional quotien EQ في مجلة «نيويورك تايمز» الأميركية في يوليو (تموز) 2019، الذكاء العاطفي على أنه قدرة الإنسان على التعرف على العواطف وإدارتها، سواءً كانت عواطفه الخاصة، أو عواطف الأشخاص المُحيطين به،، أما الذكاء الصناعي فهو قدرة الآلة على محاكاة العقل البشري وطريقة عمله، مثل قدرته على التفكير، والاكتشاف والاستفادة من التجارب السابقة.
- مفهوم الذكاء
عندما يتحدث الباحثون عن الذكاء فإنهم يشيرون إلى مجموعة محددة من المهارات التي تشمل قدرات العقل والتعلم والخطط لحل المشاكل. الشيء المثير للاهتمام هو أن الناس الذين يجيدون واحدة من تلك المهارات يجيدون بقية المهارات. يبدو أن هذه المهارات تعكس قدرة عقلية واسعة لُقّبت بالذكاء العام.
يقول ستيوارت ريتشي، باحث في الذكاء من جامعة إدنبرة في المملكة المتحدة في بحثه المنشور في سبتمبر (أيلول) 2019 في مجلة Intelligence، إن هذا لا يعني أن الناس لا يمكن أن يتخصصوا في مجالات مختلفة؛ فبعضهم جيدون بشكل خاص في حل المشاكل الحسابية، والبعض الآخر لديهم قدرات لفظية أو قدرات فضائية، أي التعرف على الفضاء المحيط بهم، وهكذا.
جادل عالم النفس هاورد غاردنر من جامعة هارفارد في الولايات المتحدة في كتابه الموسوم «نظرية غاردنر في الذكاء المتعدد» Gardner›s Theory of Multiple Intelligence المنشور في يوليو 2019 حول الذكاء المتعدد بما في ذلك القدرة الحركية والقدرة على حل المسائل الحسابية أو حتى القدرة الموسيقية. ومع ذلك، فإن معظم الباحثين يعتقدون أن هذه الفئات من الناس تعكس مزيجاً مختلفاً من القدرات والمهارات والسمات الشخصية ولا ترتبط جميعها بالقدرة المعرفية. وبطريقة مماثلة تشير الأبحاث الحديثة إلى أن ما يسمى الذكاء العاطفي هي القدرة على تنظيم عواطف شخص ما وربطها بأشخاص آخرين هو مجرد مزيج من الذكاء العام والشخصية.
أما ريكس جونغ، من جامعة نيومكسيكو، في بحثه المنشور عام 2018 في مجلة «الذكاء» أيضاً فيقول إن فكرة أنك تكون خلاقاً دون أن تكون ذكياً هي أسطورة، فهناك حاجة إلى مستوى معين من الذكاء لاكتساب البيانات الخام لكي تكون خلاقاً. إن ارتفاع معدل الذكاء لدى بعض الناس يبدو أنه يستخدم طاقة أقل عند أداء المهام العقلية، وأن خلاياهم العصبية تنقل الإشارات العصبية أسرع ربما لأن الأدمغة الذكية هي أكثر كفاءة. فكرة أخرى، هي أن الناس الأذكياء لديهم ذكريات أكثر في العمل؛ لذلك يمكن أن يتعاملوا مع المزيد من المعلومات في وقت واحد.
- شحذ الذكاء
هل يمكن أن أكون أكثر ذكاءً؟ البحوث التي نشرت في التسعينات من القرن الماضي في مجلة «نيتشر» أشارت إلى أن أداء الطلاب كان أفضل في اختبارات الذكاء عند استماعهم للموسيقى الكلاسيكية، لكن ذلك لم يقنع الباحثين الآخرين، بل إن دراسات ألعاب الكومبيوتر التي تهدف إلى تحسين العقلية أنتجت نتائج مختلطة جداً، كما يقول ستيورت ريتشي.
في دراسة أخرى، يضيف ريتشي وجماعته، أن استحداث سنة دراسية إضافية من التعليم قد عزز معدل الذكاء من 1 - 5 نقاط، ولا يعني ذلك أننا إذا تركنا الطلاب في المدرسة إلى الأبد سوف يصبحون جميعاً عباقرة في مرحلة ما. لكن بالنظر إلى التباين في التعليم في الوقت الحاضر فإنه يوفر درجه من الدعم؛ إذ إن دراسة الرياضيات وتراكم المعرفة العامة هو تدريب جيد لهذا النوع من التفكير يحتاج إليه الطالب لأداء جيد في اختبارات الذكاء.
التعليم قد يساعد الأطفال أيضاً في الحفاظ على تركيزهم. لكن تأثير ذلك غير واضح تماماً في الكبار؛ إذ ليس بالضرورة أن يكون التعليم في قاعة الدراسة، ففي إحدى الدراسات التي قارنت درجات ذكاء الناس في الأعمار بين سن 11 و70 وجدت أن وجود الشخص في وظيفة أكثر تعقيداً سوف يكون أكثر ذكاء في وقت لاحق حتى لو لم يكن الشخص ذكياً في بداية عمله.
- قياسات واختبارات الذكاء
> هل يمكن قياس مستوى الذكاء؟ أمضى رسل ويم في بحثه المنشور في 2018 في مجلة «أرشيفات علم وظائف الأعضاء العلمية» Archives of Scientific Physiology وقتاً طويلاً في التدقيق في الكتب الجامعية لعلم النفس بصفته أستاذاً لعلم النفس في جامعة يوتا فالي في الولايات المتحدة، وهو لم يكن يبحث عن البصيرة، بل عن الأخطاء. ووجد الكثير منها ثم توصل إلى قناعة بأن من الصعب قياس مستوى الذكاء لدى أي شخص.
• هل تصلح اختبارات الذكاء في الحصول على وظيفة؟ واجهت التطبيقات الخاصة لاختبارات الذكاء أيضاً تفحصاً دقيقاً من الباحثين، وانتقدت كثيراً عند استخدامها لفحص المتقدمين للعمل، حيث يتم اختبار مجموعة فرعية من المهارات المعرفية، فمثلاً لأنها لا تقيس الإبداع ولا السمات البارزة في الشخصية، مثل الاجتهاد أو الضمير أو القدرة على المضي قدماً مع الأشخاص الآخرين. وبناءً على ما تقدم، يفضل إعطاء المتقدمين للعمل فحص اختبار الشخصية وتمريناً عملياً لتقييم مهاراتهم المتعلقة بالوظيفة.
• ما الذي يجعل شخصاً أكثر ذكاءً من الآخر؟ من أسباب عدم مناقشة الكثير من الناس للذكاء هو الاعتقاد بأنه شيء أنت ولدت هكذا معه، ولا تستطيع فعل شيء للتأثير عليه، وهو ما يضعف المساواة الاجتماعية. ومع ذلك، لا يمكن الهرب من حقيقة أن الذكاء موروث إلى حد ما، فقد وجد الباحثون أن معدل ذكاء الأطفال المتبنين عند الولادة قليلي الارتباط مع والديهم بالتبني، لكنهم يرتبطون بعلاقة قوية بوالديهم الحقيقيين، وما هو أكثر من ذلك تصبح هذه العلاقة أقوى كلما كبر الأطفال. وهذا غير بديهي بالنسبة لمعظم الناس.
يقول روبرت بولمن من كينغز كوليدج - لندن في بحثه المنشور في عام 2019 في مجلة «بحوث التوائم والوراثة» Twin Research and Human genetics، إن الناس يعتقدون مع تقدم العمر بمفهوم فظيع، وهو أن الاختلافات البيئية تصبح أكثر أهمية لاعتقادهم أن الجينات تؤثر فقط على ما يحدث أثناء الحمل، وهذا غير صحيح بالطبع. وفي الحقيقة، تشير مئات الدراسات إلى الاتجاه نفسه، وهو أن 50 في المائة من الفرق في الذكاء بين الناس هو بسبب الوراثة.
• هل أصبحت الإنسانية أكثر غباءً؟ على العكس، يبدو أن البشر أصبحوا أكثر ذكاءً، وهي ظاهرة معروفة باسم «تأثير فلين» Flynn effect بعد الدراسة التي أنجزت عام 2015 والتي تم فيها فحص نتائج الاختبار من 48 دولة، وجد أن معدل الذكاء زاد بمعدل 20 نقطة منذ عام 1950، وأكبر المكاسب كانت في البلدان النامية بما فيها الهند والصين. هذا يشير إلى أن تأثير فلين يرتبط بتحسن في الظروف الاجتماعية بما في ذلك التغذية والتعليم.


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«البنزول» مادة مسرطنة تنتشر في منتجات العناية الشخصية

«البنزول» مادة مسرطنة تنتشر في منتجات العناية الشخصية
TT

«البنزول» مادة مسرطنة تنتشر في منتجات العناية الشخصية

«البنزول» مادة مسرطنة تنتشر في منتجات العناية الشخصية

​يبدو أن مركب «البنزول» المسمَّى أيضاً «البنزول الحلقي» ظهر في كل مكان خلال السنوات الأخيرة.

معقِّمات بمواد مسرطنة

أولاً، كانت معقمات اليدين التي تحتوي على «مستويات غير مقبولة» من هذه المادة المسرطنة. ثم كانت هناك عمليات سحب من السوق لرذاذات القدم المضادة للفطريات، إضافة إلى ظهور تقارير مثيرة للقلق عن وجوده في مزيلات العرق والشامبو الجاف وكريمات الوقاية من الشمس الملوثة، كما كتب كنفول شيخ، وجانا مانديل*.

وأدت بعض هذه النتائج إلى ظهور عناوين الأخبار المذعورة، ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي؛ إذ حذَّر المؤثرون في مجال العافية - على «تيك توك» - الناس من التوقف عن ارتداء واقيات الشمس. وذهب أحد الأطباء على المنصة إلى مقارنة استخدام الشامبو الجاف المنتج بمادة البنزول بعملية التدخين. كما تم رفع كثير من الدعاوى القضائية الجماعية بشأن تأثيراته.

رُصد البنزول في واقيات الشمس

«تسلل» البنزول الطبيعي

يوجد «البنزول» (Benzene)، بشكل طبيعي في النفط الخام. ولا يضاف عمداً إلى هذه المنتجات؛ بل إنه يُستخدم لتصنيع المواد الكيميائية، مثل الأصباغ والمنظفات والدهانات والبلاستيك. وقد ينتهي به الأمر إلى التسلل إلى منتجات العناية الشخصية، عندما لا تتم تنقية المواد الكيميائية التي يوجد البنزول فيها بشكل كافٍ، أو عندما تتفاعل بعض المكونات النشطة في المنتجات بعضها مع بعض أو تتحلل.

لا توجد بيانات حتى الآن تشير إلى أن المستويات المنخفضة من التعرض للبنزول من منتجات العناية الشخصية تحمل مخاطر صحية كبيرة. وحذَّر بعض الخبراء من أن كثيراً من النتائج الأكثر إثارة للقلق حول البنزول، جاءت من مختبر واحد تعرّض لانتقادات؛ لانحرافه عن طرق الاختبار القياسية.

ومع ذلك؛ ونظراً لارتباط مستويات عالية من التعرض للبنزول بالسرطان، يقول الخبراء إنه من الجدير إلقاء نظرة فاحصة على الشامبو الجاف وواقي الشمس، وغيرهما.

ويشعر الباحثون بالقلق من أن المكونات التي تساعد المستحضرات الواقية من الشمس على الذوبان في الجلد، قد تسرّع من امتصاص الجسم له.

تنشُّق البنزول

نظراً لأن البنزول يمكن أن يتبخر بسهولة؛ فقد يستنشق الأشخاص أيضاً بعض المواد الكيميائية أثناء وضع المنتج موضعياً، ما يعني أنهم قد يتعرّضون له من خلال الطريقتين كلتيهما، كما قال لوبينغ تشانغ، عالم السموم في جامعة كاليفورنيا، بيركلي. لكن حقيقة تبخره بسرعة تشير إلى أن التعرُّض الجلدي ليس مصدر قلق كبيراً مثل تعرض العمال للبنزول بانتظام في الهواء.

أبحاث محدودة

ولا تشير الأبحاث المحدودة حول هذا الأمر حتى الآن إلى أي خطر كبير. في إحدى الدراسات، فحصت مجموعة من الباحثين الأكاديميين بيانات من أكثر من 27 ألف شخص استخدموا كريمات طبية تحتوي على «بيروكسيد البنزويل» (benzoyl peroxide) الذي يعمل مطهِّراً. وعندما قارنوها ببيانات من مرضى لم يتعرضوا لبيروكسيد البنزويل، لم يجد الباحثون أي خطر متزايد للإصابة بالسرطان المرتبط بالبنزول بين أولئك الذين يستخدمون الكريمات.

ومع ذلك، قال بعض الخبراء إنهم قلقون بشأن هذه التعرضات المحتملة؛ نظراً لأن هذه المنتجات يتم استخدامها مباشرة على الجسم – يومياً عادةً - وفي أماكن صغيرة سيئة التهوية، مثل الحمامات.

ارتفاع مستويات البنزول في الجسم

وفي حين تظهر الدراسات الاستقصائية الأميركية أن مستويات البنزول في الهواء قد انخفضت - بفضل القيود الأكثر صرامة على البنزول - فقد زادت مستويات البنزول في عيّنات البول من الأميركيين في العقود الأخيرة. في الوقت نفسه، وجد العلماء أن مزيداً من المنتجات قد تحتوي على البنزول، بما في ذلك الحفاضات والمناديل التي تستخدم لمرة واحدة، والسدادات القطنية، والفوط الصحية.

وقالت إمي زوتا، الأستاذة المساعدة في علوم الصحة البيئية في كلية ميلمان للصحة العامة بجامعة كولومبيا، إن اكتشاف البنزول في هذه المنتجات يسلّط الضوء على الفجوات في الرقابة التنظيمية على سلامة منتجات العناية الشخصية. وأضافت أن كثيراً من اختبارات سلامة المنتجات طوعية: «لذا؛ فإن الصناعة تضع معاييرها الخاصة».

تلوث منتجات العناية بالبنزول

كان كثير من الاهتمام حول التلوث بالبنزول في منتجات العناية الشخصية مدفوعاً بشركة اختبار مخدرات صغيرة، مقرّها في نيوهافن بولاية كونيتيكت. فقد أفادت شركة «فاليشور» (Valisure)، بالعثور على تلوث بالبنزول في معقمات اليدين، وبخاخات الجسم، وكريمات الوقاية من الشمس، والشامبو الجاف، وأدوية حب الشباب التي تحتوي على بيروكسيد البنزويل. وانتشرت بعض هذه النتائج على نطاق واسع على منصات التواصل الاجتماعي، مثل «تيك توك» و«تروث سوشيال».

لكن بعض العلماء شكّكوا في منهجية شركة «فاليشور»، زاعمين أن بروتوكول الاختبار الخاص بها ينطوي في كثير من الأحيان على تسخين المنتجات إلى درجات حرارة تتجاوز درجات الحرارة التي قد تصل إليها في الحياة العادية؛ وهو ما قد يؤدي إلى تسريع تحلل المكونات، ويشير إلى خطر أعلى للتعرّض للبنزين مما قد يواجهه المستهلكون بالفعل.

أدلة تاريخية حول «سرطان البنزول»

ينظر كثير من الأبحاث حول البنزول بشكل خاص - حتى الآن - إلى التعرّض المنتظم لمستويات عالية من المادة الكيميائية في البيئات المهنية.

تأتي الأدلة على أن البنزول قد يسبب السرطان لدى البشر، من ملاحظات العمال في الصناعات الدوائية والبترولية التي تعود إلى عشرينات القرن العشرين. في عام 1987، قالت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان، إن هناك «أدلة كافية» على أن البنزول مسبب للسرطان لدى البشر والحيوانات. واليوم، تتفق منظمة الصحة العالمية، ووكالة حماية البيئة الأميركية، وبرنامج علم السموم الوطني الأميركي، على أن البنزول يمكن أن يسبب السرطان، وخصوصاً سرطان الدم.

هناك أيضاً أدلة على أن استنشاق مستويات عالية من البنزول لفترات طويلة من الزمن يرتبط بسرطانات الدم الأخرى، وسرطان الرئة، فضلاً عن فقر الدم، وانخفاض القدرة على محاربة العدوى، وعدم انتظام الدورة الشهرية.

توصيات دولية

يوصي مسؤولو السلامة المهنية في جميع أنحاء العالم عموماً، بأن يقتصر التعرض في مكان العمل على جزء واحد من البنزول لكل مليون جزء من الهواء، أو جزء واحد في المليون على مدار يوم عمل مدته 8 ساعات.

ويتعرض كثير منا للبنزول أيضاً - من خلال انبعاثات المركبات ودخان السجائر ومواقد الغاز - ولكن بمستويات أقل بكثير.

وقد قدَّرت إحدى الدراسات أن التعرض البيئي للشخص العادي ينبغي أن يكون أقل من 0.015 جزء في المليون في اليوم، أو أقل بنحو مائة مرة من الحد المهني المذكور أعلاه.

خطوات لتقليل التعرض للبنزول

أظهرت حفنة من الدراسات المختبرية أن كمية معينة من البنزول على الأقل يمكن أن تخترق حاجز الجلد.

أكد الخبراء أنه لا داعي للذعر بشأن البنزول في منتجات العناية الشخصية؛ لكن اقترح كثير منهم التأكد من تخزين هذه العناصر بشكل صحيح لتجنب تحللها.

وفيما يلي بعض الخطوات البسيطة لتقليل تعرضك:

- واقي الشمس: لم يقترح أي من الخبراء الذين تمت مقابلتهم التخلص من واقي الشمس خوفاً من البنزول. حتى في الاختبارات التي أجرتها شركة «فاليشور»، لم يكن لدى غالبية واقيات الشمس مستويات يمكن اكتشافها. وقال تشانغ: «فوائد واقيات الشمس معروفة جيداً». ولكن إذا كنت تريد أن تكون حذراً، فيجب عليك تجنب تخزين واقي الشمس في سيارتك، والابتعاد عن الهباء الجوي. فكثير من المنتجات التي وُجد أنها تحتوي على البنزول هي عبارة عن رشاشات للرذاذ.

- الشامبو الجاف: إذا كنت قلقاً بشأن التعرض المحتمل للبنزين، فحاول التبديل إلى الشامبو الجاف الذي يأتي في تركيبات مسحوقة بدلاً من منتجات مرشاشات الرذاذ.

- كريمات حب الشباب: إذا كنت ترغب في الاستمرار في استخدام منتجات بيروكسيد البنزويل، فخزِّنها في مكان بارد ومظلم، مثل خِزانة أو ثلاجة، فسيساعد ذلك في بقاء مكوناتها مستقرة لفترة أطول. يمكنك أيضاً التحدث مع طبيب حول بدائل بيروكسيد البنزويل التي قد تناسبك. ويجب عليك دائماً التحقق من منتجاتك من خلال قائمة إدارة الغذاء والدواء القابلة للبحث للمنتجات التي تم سحبها من الأسواق، وتنبيهات السلامة.

* خدمة «نيويورك تايمز»